الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهم ما يميز الزرادشتية

إلياس شتواني

2024 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تزعم الزرادشتية أن "أهرمن" خلق في زمن بعيد جدا الكتاب الأعلى المقدس من ملكوته خلقا روحيا. وبعد مضي ثلاثة آلاف سنة، قرر خلق صورة الانسان (مشيا ومشيانا كأوّل البشر) وأحاطه بسبعين من الملائكة النورانيين وخلق بعد ذلك الشمس والقمر والكواكب والأرض، ثم جعل بعد ذلك روح زرادشت في شجرة (شجرة الهوم المقدسة) أنشأها في أعالي عليين.

تتفق الرواية التاريخية على أن زرادشت قد عاش بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، وكان مسقط رأسه «ميديا» (أذربيجان حاليا) مكان عيش وتجمع المجوس. كانت حياة زرادشت مليئة بالمخاريق والمعجزات، ولذلك حاول السحرة قتله مرارا دون جدوى. لما بلغ زرادشت العشرين سنة اعتزل الناس وأضحى يتهيأ للرسالة التي شعر أنه موكل بها. وفي الثلاثين من عمره نزل عليه الوحي على ضفة نهر دائيتيا التي تزعم الرواية أنه في أذربيجان. وكان رئيس الملائكة «فوهو- منو» (Vohu-Mano) هو الذي ظهر له وسما به إلى عرش الإله النوراني.

تعتقد الزرادشتية بصراع مستمر بين عالمي الخير والشر. يمثل عالم الخير عالم الملائكة، وهم صنفان: صنف سماوي وصنف أرضي. «أهورا - مازدا» هو أعظم اليزتات السماوية، في حين يرأس زرادشت اليزتات الأرضية. الملائكة الأرضية موكلون بالشمس والقمر والكواكب والنجوم والهواء والماء والنار، وهم أيضا يمثلون تجليا لمثل الزرادشتية من صدق وسلام وأمانة.. وفي المقابل، يوجد «أهرمن»، روح الشر وقائد الشياطين «الديوات». في دهاليز الجحيم يقطن «الديوات» و«الدروجات» و«الدرفنتات» والتنانين والمسوخ، خلقهم جميعا «أهرمن» لمحاربة قوى الخير التي خلقها عدوه «أهورا - مازدا».

يؤمن الزرادشتيون بخلود الروح ويرون أن الروح تحوم حول جسد المتوفي ثلاثة أيام، فهي إما تنعم أو تشقى كما كانت في الحياة، ثم يحملها ملاك الريح إلى أمام جسر «جنفات» وهناك يقوم بمحاكمتها ثلاثة قضاة من اليزتات وهم: ميثرا، اسرائوشا، ورشنو. يزن القضاة بالميزان أعمال الانسان التي قام بها في حياته ويحكمون بناء على حركة لسان الميزان. يلي بعد ذلك المرور من على جسر «جنفات»، حيث يكون سهلا على الروح الصالحة، ولكن ضيقا وعسيرا على الأرواح الشريرة والطالحة، فتتعثر وتسقط في أعماق الجحيم. أما الروح الطيبة فيكون مآلها «بهشت» الجنة والراحة الأبدية. وبين الجنة والجحيم يوجد ال«هامه شتكان»، حيث يتنظر البعث أولئك الذين تتساوى أوزانهم (أي تتساوى حسناتهم مع سيئاتهم).

الزرادشتيون لا يعبدون النار (وهذا خطأ شائع!)، بل يرون فيها تجليا لقوى الخير (أي أنها حارسة للزرادشتي) وأيضا قدسية تضاهي قدسية «أهورا - مازدا» خالق عالم الخير. الزرادشتيون لا يدفنون أجساد الموتى ولا يحرقونهم، ولكن كما جاء في الفنديداد، فإن الجثث تكفن ثم تلقى في العراء لتفترس. الزرادشتيون يحرمون الصوم، ويرون في الدم (خصوصا دم المرأة الحائض) والقيء والمني أنجاسا وجب التطهر منها (ببول الثور لأنه عنصر مقدس!). الزرادشتيون يعظمون أيضا من شأن زواج الأقارب (لأن أهرمن يهاب من هذا الزواج!). تشدد الزرادشتية جدا على أهمية الايمانين القولي والفعلي، حيث يوجب الأول قول شهادة الدين وهي:أعلن أني أعبد مزدا، وأتبع زرادشت، وأعادي الديوات، وأني من أتباع دين أهورا، بينما الثاني يشدد على عنصر التحلي بالفضائل من صدق وأمانة وطهر جسدي وروحي. تبقى الزرادشتية في صميمها، بالرغم من حضور فعلي وقوي للجانب التشريعي، عقيدة شعائرية، حيث يغلب عليها بشكل واضح طابع الطقوس والأدعية والتعويذات، وذلك لما يراه فيها الزرادشتي من دروع ضد قوى الشر والظلام.

تعتبر الزرادشتية أنه من أشراط الأيام الأخيرة مجيء المسيح المخلص «ساأوشيانت» (ابن زرادشت والذي لم يولد بعد)، حيث يجدد العالم بعد البعث ويكون مجيئه قبل الدينونة الأخيرة. عند ذلك تقع المعركة الملحمية الحاسمة بين أهرمن وهرمزد (بين الخير والشر)، وتنتهي بانتصار هرمزد وهزيمة أهرمن بشكل نهائي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي