الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة كلوت بك !!

حسن مدبولى

2024 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شارع كلوت بك هو أحد الشوارع الشهيرة بمدينة القاهرة،و يعود تاريخه الى ماقبل الحملة الفرنسية عام 1798 وكان يسمى بشارع الأزبكية، وهو يبدأ من منطقة العتبة بوسط القاهرة، ويمتد حتى ميدان رمسيس.
وقد كان شارع كلوت بك أحد أهم أسواق (الغلال والحبوب) في مصر قبل الإحتلال الفرنسى،لكن وبعد دخول قوات نابليون بونابرت وقتل المصريين واحتلال بلادهم ، تم اختيار ذلك الشارع محلا لإقامة جنود الغزاة،وذلك بسبب موقعه الهام، وقربه من ميدان رمسيس الذي يربط بين القاهرة وكل أحيائها،
وفور اختيارهم لشارع كلوت بك مقرا لجنودهم قام الفرنساويةالمجرمين بإنشاء العديد من الحانات ودور اللهو ومواخير السكر والعربدةوبيوت الدعارة بكل إنحاء الشارع،مع منح تلك المواخير التراخيص اللازمة، وسرعان ما تحول الشارع إلى مركز للفحش ونشر الفجور بكافة مناطق البلاد، حيث بدأ الأجانب يرتادونه بالإضافة لجنود الإحتلال،ثم تسلل إليه بعض المصريين من ذوى النفوس الوضيعة الذين كان الإحتلال يسمح لهم و يستدرجهم للرذيلة لزيادة قاعدة الخونة والعملاء التابعين له،
وظل الأمر هكذا حتى انسحاب الفرنسيين من البلاد،لكن وبعد اندحار الحملة الفرنسية أستمرت بؤر الفساد تعمل بنفس آلياتها القديمة، إلى أن تم انشاء العديد من البنايات الفخمة عام 1873وأعاد الخديو إسماعيل إفتتاح الشارع وأطلق عليه اسم كلوت بك نسبة إلى الطبيب الذي جاء إلى مصر لإنشاء مدرسة للطب أنذاك ؟
لكن مع ذلك ظل شارع كلوت بك واجهة لتسويق الفسق والدعارة المقننة وبعض الأنشطة التجارية والسياحية خاصة بعد مجئ الغزو الإنجليزى لمصر 1882 وإستمر الأمر على هذا المنوال حتى عام 1951، عندما تم إصدار قرار بمنع الدعارة الرسمية فى مصر،ثم وقع بعدها حريق القاهرة في يناير 1952 ليقضي على البقية الباقية من أماكن اللهو ودور ترويج الفساد المقنن بكافة أنواعه في هذا الشارع،
لكن آلة الإفساد لم تيأس رغم المنع الرسمى والكراهية الشعبية، فانتشرت بؤر الفساد والانحدار الأخلاقى فى أماكن وشوارع اخرى بكافة محافظات المحروسة،كان من أشهرها شارع الهرم الذى دمره المصريون ثلاث مرات، مرة فى انتفاضة يناير عام 1977، ومرة فى انتفاضة الأمن المركزى فى فبراير عام 1986 ،ومرة أثناء ثورة 25 يناير 2011، وبسبب الموقف الشعبى الصلب الرافض لكل انواع الفساد الأخلاقى والتصدى لها و محاصرتها جغرافيا، وإفلاس معظم علب الليل المشبوهة،تم إستحداث بدائل جديدة متطورة للحفاظ على إستمرار عمليات الإفساد المستدام ، حيث يتم من خلال تلك البدائل إستخدام الوسائط التكنولوجية ووسائل التواصل الحديثة لتمرير مسلسلات وأفلام سينمائية وأعمال فنية دنسةهابطة تحمل قيم منحرفة، وتدشين ثقافات تافهة، وتدوير معانى مسفة مسيئة لتحقيق نفس أهداف أنشطة شارع كلوت بك القديمة،و لكن بشكل ومضمون جديد ،وبإستخدام أدوات ونجوم لامعة شديدة الجاذبيةوبطرق لا يتم تجريمها قانونا تحدث أثرا إفساديا أشمل وأعمق وأكثر تأثيرا،حيث تنتهج بخبث تطبيقا عمليا - مع الفارق - للقاعدة التى تقول أن تعليم الشخص الجائع فنون الصيد( اللا أخلاقى) أفضل مليون مرة واجدى من إعطائه سمكة (فتاة دعارة ) !؟
حيث بات من الواضح أن إفساد شعوب بأكملها، بواسطة أغنية مسفة،أو فيلم منحرف،أو مسلسل مزيف بغيض،أو برنامج سمج شاذ، مع إستخدام الهوس والتعصب الكروى وثقافة التغييب و الإنحطاط القيمى، وترويج فوبيا الإقتراب من السياسة والثقافةالرفيعةالجادة،أرخص تكلفة وأنجع بكثير من إفتتاح مائة كلوت بك قد يرميها الناس بالنار والحجارة !؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي