الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء التاسع عشر) –عادة الخِتان المصرية و المعنى الأسطوري لطقس الختان–

ابرام لويس حنا

2024 / 4 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ذكر سيلسوس ان اليهود سرقوا تقاليد المصريين في الختان كالتالي:-

(بعد تلك الاشياء إنتقد سيلسوس ختان الأجزاء الخصوصية التي كان يقوم بها اليهود قائلاَ: "انها جاءت من المصريين مصدقاَ المصريين بدلاَ عن موسى الذي قال ان اول البشر المختونين كان ابراهيم" (التكوين 17: 24)") (1).

ومن قبل سيلسوس ذِكر المؤرخ اليوناني ثيودور الصقلي Diodorus Siculus (القرن الاول ق.م) أن عادة الختان اليهودية هي عادة مسروقة من المصريين، كالتالي:-

(يقول المصريون إن جاليات كثيرة خرجت من مصر منذ ذلك العهد، وانتشرت في جميع أنحاء المعمورة، فقد قاد بيلوس belus ...جالية إلى بلاد بابل و بعد أن أنزلها على شاطئ نهر الفرات نصّب فيها كهنة على نمط كهنة مصر معفيين من الضرائب ومن جميع الواجبات العامة؛ وهؤلاء الكهنة يسميهم البابليون الكلدانيين، و يرصدون النجوم مقتفيين في ذلك آثار كهنة مصر؛ وهم فلاسفة طبيعيون وفلكيون...وكذلك اليهود فيما بين بلاد العرب وسوريا وهم جاليتان نزحتا عن مصر واستقرتا هناك توارثا من قديم الزمن عادة ختان الأطفال عند الولادة؛ وهي عادة مأخوذة عن مصر...) (2).

فقام أوريجانوس بالرد على سيلسوس مُستغرباً لصدقه المصريين وتكذيب موسي الذي قال بأن اول إنسان أختتن هو ابراهيم، مُدعياَ أن المصريون يـردون جملة (إله ابراهيم) في تعاويذهم بالرغم انهم لا يدرون من هو ابراهيم (3)، يُعتبر هذا الجدال أحد الامثلة على "الحروب الثقافية culture wars" قديماَ في أي الثقافة هي الأقدم؟

يُمكن القول بأن عادة الختان حتى وإن أخذها اليهود، فقد كان لها معنى ودلالة أسطورية أو رمزية، يُمكن توضيح تلك الرمزية مِن خلال قوله:

(وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً، وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ، ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ، وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا، وَمَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ، تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِلَى الْكَاهِنِ، فَيُقَدِّمُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا، فَتَطْهُرُ مِنْ يَنْبُوعِ دَمِهَا. هذِهِ شَرِيعَةُ الَّتِي تَلِدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) (اللاويين 12: 1- 7).

ومن خلال مَعرفتنا بالفكر القديم لليهود، فنجد أن الذكر كان يُشبه كالشمس التي تخرج من ظُلمتها لتُنير وتَشع على ظُلمتها نوراً، هكذا الذكر يَمكث في رحم الأم (المُظلم) تسع أشهر أو ما يَقرب ثم يخرج من ظلمته كالشمس ليُنير الظلمة وتبدأ دورة حياته وعلى هذا فإنه يلزم أن المرأة تتطهر 40 يوماً وهو ( 360 دورة الشمس / 9 أشهر = 40 يوماً أو درجة) وهي :

أ) فترة النور التي تعوض فترة الظلمة التي كان الطفل فيها في الظلمة قبل الخروج والإشراق للنور، وعلى هذا فإن فترة (النور) وهي (40) عندما تطغي على فترات (الظلمة) وهي (9 أشهر) يُصبح الطفل كاملاً (360) كدورة الشمس كاملة.

الجدير بالذكر أيضاً ان فترة التطهير هي كذلك تُطهر المرأة من فقدانها (للنور) أي تُطهرها من ظلمتها، وعلى هذا فإن (فترة النور ) وهي (40 يوماً) تطغي على فترة خلو رحمها من النور وخروج شمسها من رحمها لحين بثق زوجها نوراً بداخلها مرة أخرى بعد فترة التطهير فـ (360 / 9 = 40/ 1) فالاربعين هم (فترة النور) و الواحد هو (فترة الظلمة) التي أصبح حل على رحمها بعد خروج إبنها/ شسمها من رحمها كأنما لو كان (فارغاً) بدون (حياة) أو (شمس)، وعلى هذا يجب أن تتطهر المرأة (40) يوماً كفترة تعويض لها عن (فترة الظلمة والموت وفراغ رحمها من النور)، لهذا كان يجب على المولود أن يُختن في اليوم (الثامن) كقوله (وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ) (لا 12: 3) فلحم الُغرلة هو كالغطاء الذي يُغطي نوره لهذا يجب إزالته، واختاروا اليوم الثامن، للدلالة على إكتمال نوره وقوته وإنفصاله عن غطاءه وظلامه.

ب) في حين يجب على المرأة أن تتطهر ثمانون يوماً إن ولدت فتاة، ولذلك لكي تطغي فترة (النور) وهي (80 يوماً) فترة (الظلمة التي كانت فيها الفتاة في الرحم أي في الظلمة) وبالتالي يصبح لدينا (80 * 9= 720)، وذلك لأن الفتاة هي (كالسماء) تحوي على دورتي (الموت والحياة ولكل مِنهما 360 درجة أي 720 درجة لكِلاهما)، لهذا الفتاة لا تُختتن فهي كالسماء.



المراجع والحواشي:
=============
(1) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الاول، الفصل 22.
(2) ثيودور الصقلي، خزانة التاريخ/ مكتبة التاريخ Bibliotheca Historica، الكتاب الاول، المقطع 28، نقله من اليونانية وهيب كامل (2013)، تحت عنوان "ديودور الصقلي في مصر" ، دار المعارف، ص 56.
(3) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الاول، الفصل 22.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي