الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا مع - التدين بالفطرة - وتضخم - التدين المغروس - انحدرت الأخلاق ؟؟

منى نوال حلمى

2024 / 4 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا مع " التدين بالفطرة " وتضخم " التدين المغروس " انحدرت الأخلاق ؟
==================================================

وهكذا ، ومرة أخرى ، يظهر 8 أبريل ، وقد نفض عنه تراب السفر الطويل ، ليذكرنى أننى فى مثل اليوم ، أخرجونى من رحم أمى .
كالعواصف المجنونة ، يمر الوقت ، اشراقات شمسه وغروبها ، وينسى أن يعطى
" الفرح " ، خريطة سهلة للوصول الى مدينتى ، وعنوان اقامتى ، وغرفة نومى . لا يخبره بألوانى المفضلة ، وأغنياتى المحببة ، وذكريات تمنيت عبورها بالذاكرة ، ولا يفشى سر الرجل ، الذى كتبت له توكيلا عاما ، للعيش نيابة عنى .
8 أبريل ، جاء كعهدى به ، بالضبط فى التوقيت نفسه ، ليؤكد أنه منحوت على جلدى ، وملامح وجهى ، وأوراقى الرسمية ، منحنى فصيلة دمى ، وجيناتى الوراثية . لا يمل المجئ ، وترديد الأكذوبة القائلة ، أننى وهو فى عناق دائم حميم ، وأن لولاه ، لكنت حتى الآن كتلة من
العدم ، سابحة فى الفضاء .
كل سنة ، أحاول أقناع 8 أبريل ، أنه مخطئ .
كيف يُعقل أننى وأنا جنين ، محاط بالراحة والأمان ، يأتيه ما لذ ، وطاب من الطعام والشراب ، يقضى الوقت فيما يريد ، ومتى يشاء ، أن أترك كل هذا النعيم ، الى المجهول ؟.
عندى جواسيس ، يحملون لى أخبار العالم ، خارج رحم أمى . حروب ، ومؤامرات ،
شتائم ، اشاعات ، تهديدات بالقتل والرجم والجلد ، وافشاء الأسرار ، التلصص على شهيق وزفير النساء ، حراس أمن غشاء البكارة ، يتنابون الورديات ، وفى آخر الليل يسلمون التقرير المنتظر من الجميع ، يعلن البشرى .. " كله تمام ، سلم الشرف الرفيع من الأذى ، ناموا فى اطمئنان واسعدوا بالأحلام ".
كيف يُعقل أننى ، وأنا جنين ، قبل أن يشتهى لبن العصفور ، كان يأتيه ، فيضا متدفقا ، أن أهجر حضارة العصافير بحنانها ، وغنائها ، وتحليقها فى كل الأرجاء ، لأرتمى على حضارة الصحراء الموحشة ، لا يسكنها الا الغربان والخفافيش والغنم والمعيز .
هل فقدت صوابى ، لأخرج الى غابة من اللصوص ؟؟. كل لص ، له تخصصه الدقيق ، وخبرته المتفردة . لص يسرق الكحل من العين ، لص يسرق راحة البال ، لص يسرق البيوت والغسيل المرفرف على السطوح ، لص يسرق لقمة العيش ، آخر يسرق لقمة الحرية .. لص يسرق ماء الفرح ، لص متخصص فى سرقة ماء الشرب ، وآخر تكمن خبرته الطويلة فى سرقة ماء الوجه .غابة شعارها : " الفقر يغنيك عن كل الأشياء " ، و " البطش سيد الأخلاق ".
الثامن من أبريل ، يطفئ سيجارته ، يودعنى : " برضه هاقولك كل سنة وأنتِ كما أنتِ "؟.
**********************************
هناك تساؤلات تفرضها مقولة : " الشعب المصرى متدين بفطرته ".
أولا ، اذا كان الشعب المصرى " متدين بالفطرة " ، اذن هو لا يحتاج أية جرعات اضافية " صناعية " ، " خارجية " ، من التدين ، والوعظ الدينى ، والحث على الايمان . لكن الواقع يشهد تضخما فى البرامج والارشادات والأوامر والنواهى .. الصلوات تُذاع على الهواء مباشرة ، والميكرفونات فى المساجد والجوامع تدخل آذان منْ هم خارج الوطن . واطلالات الشيوخ ، ورجال الدين ، لهم ساعات مخصصة لهم . واعلانات الصابون والزيت والشاى والأكل ، تستخدم الآيات الدينية ، والأزياء الدينية ، لسحب الفلوس من الجيوب . هذا غير تحفيز الناس للتبرعات ، والصدقات ، لعلاج الأمراض ، وبناء مساجد ، أو تقديم مساعدات لضحايا الزلازل ، والحروب .
ثانيا ، اذا كان الشعب المصرى " متدينا بفطرته " ، كان من المفروض أن نصبح مجتمعا ، خاليا من الجرائم داخل البيوت وخارجها . ومع " التدين المضاعف " ، الذى أغرق كل شبر فى مصر ، منذ غزوات " الاسلام هو الحل " ، كنا تحولنا الى " واحة أخلاقية " عالمية . ولكن الواقع يشهد خاصة بعد " تديين " ، و" أسلمة " مصر ، تكاثرا فى الكم والكيف ، بشكل غير مسبوق .
هذا معناه أن " التدين " ، ليس طرفا أصيلا فى معادلة الأخلاق ، محاسنها أو مساوئها ، وأن " التدين " سواء كان فطريا أو مغروسا ، يؤدى الى نتيجة عكسية تماما . واذا كان هكذا الأمر ، لماذا فشل " التدين "، المخترق الاعلام والثقافة ، والتعليم ، فى السمو بالأخلاق ؟؟.
فى أفلامنا ، نشاهد اللص ، أو القاتل ، يستعد لتنفيذ جريمته ، ويطلب الدعاء من أفراد عصابته . وعادى جدا أن نسمع : " اتوكل على الله .. ربنا معاك .. ربنا يجيبك بالسلامة ". يرد المجرم : " هاخطفلى ركعتين عالسريع " . ربما هو مشهد يثير الضحك ، من تناقضه . لكنه أبلغ تعبير عن اهتراء الواقع ، وازدواجياته الأخلاقية الصارخة ، واستغلال الدين للتغطية على الأجواء الفاسدة .
حين ينصحنى الناس بمتابعة طبيب ، يقولون عنه : " متدين وبيخاف ربنا " ، أعرف أننى لن أكون بمأمن .
لن نتقدم فى مجالات التعليم والاعلام والثقافة والاقتصاد والاكتشافات العلمية والطبية والقانون والتشريعات ، الا اذا استقامت أخلاقنا ، وتركيبة شخصيتنا .
لا تكلمونى عن " تنظيف البيئة " ، والأخلاق " ملوثة " بعادم المبادئ ، وتحلل الضمائر المدفونة تحت الجلد ، وقمامة آلاف السنوات ، وغبار أزمنة لم يبق منها ، الا الهيكل العظمى .
لا نحتل المراكز الأولى ، الا فى " الكلام دون الفعل " ، و" الأطفال حفظة القرآن " .
لا يوجد مجتمع يتكلم طول الوقت ، عن الأخلاق والشرف والدين والتدين ، مثل مجتمعاتنا .
ان فاقد الشئ ، هو منْ يعوض غيابه ، بالكلام ، والزعيق ، والشكليات المفرغة من الجوهر .
نحتاج أن " نفعل " الأخلاق والشرف ، لا أن تكون كلمات على شفاهنا .
ان الصين يبلغ تعداده مليارا ونصف مليون تقريبا ، أى 18 % من عدد سكان العالم ، وهو يفتخر بأنه " بلا دين " ، وأن الديانة الرسمية للبلد ، هى الالحاد ، هل يمكن أن يصفه أحد ب" الانحلال والتدنى والخزى الأخلاقى " ، مع كل انجازاته المتتالية ؟؟.
لابد من فتح ملف الأخلاق علنا ، واعادة التساؤل عن معنى الأخلاق ، ومعنى التدين ، والعلاقة بينهما . ولابد أن يصبح مشروعا قوميا ، واضح المعالم ، تقوده التيارات المستنيرة فكريا ، وحضاريا ، المؤيدة للدولة المدنية .
أسوأ ما يصيب شعبا ، أو مجتمعا ، أو فردا ، هو " الافلاس الأخلاقى " ، وليس " الافلاس النقدى أو المالى ".
صدق " أحمد شوقى " : صلاح أمرك للأخلاق مرجعهُ .. فقوِم النفس بالأخلاق تستقمُ
انما الأممُ الأخلاق ما بقيت ... فان همُ ذهبت أخلاقُهم ذهبوا
========================================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_