الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتزان الانفعالي ‏

سعد سوسه

2024 / 4 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اعداد د . سعد سوسه .‏
لأهمية سمة الاتزان الانفعالي نرى انه ليس هناك من نظرية في علم النفس إلا وتناولته ‏واعتبرته أحد الأهداف المهمة التي يسعى علم النفس إلى ترسيخها في شخصية الفرد . وقد أعطته ‏عدة تسميات مثل ( قوة الأنا ، النضج الانفعالي ، الاتزان الانفعالي ، الذات والصحة النفسية وغيرها) ‏
وأن دراسة الاتزان الانفعالي تأتي أهميتها من خلال مواجهة الفرد (الطالب ) لمشكلات الحياة ‏حيث يشير هلجرد ‏Hilgard‏ أن ظروف عصرنا أصعب من ظروف العصور الماضية حتى أصبح ‏القلق سمة يكنى بهاهذا العصر ( عصر القلق ) .‏
ويتعرض الاتزان الانفعالي إلى الاختلال حينما لايستطيع الأنا ‏ego‏ التوفيق بين مطالب ‏القوى النفسية ( الهو والأنا الأعلى) وهذا ما يؤثر على صحة الفرد . أما التوفيق بين تلك المطالب ‏يؤدي إلى السلوك المتزن. ومن ثم إلى الاتزان الانفعالي وهذا من دعائم صحة الفرد النفسية .‏
ان أهمية الاتزان الانفعالي وخاصةً مع الطلبة إذ عدَّ سمة الاتزان الانفعالي تساعد الطالب على تأدية ‏وظائفه العقلية بنظام وتنسيق . وانها تمهد لتغلب العقل في السيطرة على النزوات وكبح جماح النفس ‏والحد من شططها وهذا ما يساعد الطالب على أن يكون ميالاً إلى العمل والتفكير النشط ، واكثر ‏قبولاً من قبل الجماعة واكثر نجاحاً في التأثير فيهم ويزيد من قدرته على أقامة علاقات موفقه اما ‏عدم الاتزان الانفعالي يجعل الانسان ( الطالب ) يخرج عن حدوده ويشل تفكيره مما يؤدي إلى هبوط ‏مستوى ذكاءه ويعطل أرادته .‏
ويؤكد سيموندز ‏Symonds‏ على أن أحد معايير قوة الأنا هو القدرة على تحمل التهديدات ‏الخارجية كما أن قوة الأنا تعد الاساس الجيد للتعامل الصحيح مع البيئة من خلال ضبط الانفعالات ‏والتوافق مع العالم الخارجي .‏
ويرى رونزويج ‏RosenZweig‏ إلى أن قدرة الافراد على تحمل الضغوط الخارجية يعتمد ‏على قدراتهم العالية . والتي تعد مؤشراً للاتزان الانفعالي . فالفرد المتزن له القدرة العالية على تحمل ‏الاحباط .‏
ويشير ( السيد وآخرون ) إلى أن الشخص غير المتزن يتميز بعدم قدرته على التوافق مع ‏نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه بل يمثل خطراً على نفسه وعلى مجتمعه . وبشكل عام فأنه ‏يتصف بالتعاسة وعدم الواقعية في السلوك واضافة إلى ذلك تظهر عليه جملة من الاعراض منها ‏القلق والوسواس القهري ) .‏
وما يزيد من أهمية هذا البحث هو محاولة الباحث في التعرف على الفروق الإحصائية ‏للاتزان الانفعالي وفق متغيري ( الجنس – الاختصاص ) فبعض من الدراسات اشارت إلى وجود تلك ‏الفروق ، وبعضها الآخر لم تظهر لها تلك الفروق من خلال النتائج التي توصلت إليها فعلى سبيل ‏المثال دراسة العبيدي التي توصلت إلى عدم وجود فروق إحصائية في الاتزان الانفعالي وفق متغير ‏الجنـــس . كما توصلت دراسة البهادلي إلى نفس النتيجة .‏
اما من ناحية متغير الاختصاص ( علمي – انساني ) فلم يجد الباحث دراسة محلية ضمن ‏تلك الدراسات التي تناولت الاتزان الانفعالي تشير إلى ذلك المتغير ( الاختصاص ) وهذا ما سيحققه ‏البحث الحالي.‏
للاتزان الانفعالي تعريف كثير منها :-‏
‏- الاتزان الانفعالي يتمثل بالشخص الذي تكون لديه رؤية موضوعية لذاته ، ويشعر بالراحة في ‏المواقف المختلفة كما ويكون خالياً من رؤية أنانية يكون منها حساسية انفعالية زائدة لملاحظة ‏الاخرين ‏
‏- الاتزان الانفعالي يتمثل بالشخص الهادي الذي يتسم بالثبات الانفعالي وتظهر عليه علامات قليلة ‏من التهيج الانفعالي ازاء أي نوع من المعارضة والغضب كما ويكون واقعياً في الحياة منضبطاً ذاتياً ‏ومثابراً .‏
‏- الاتزان الانفعالي هو الحالة التي يستطيع فيها الشخص ادراك الجوانب المختلفة للمواقف التي ‏تواجهه . ثم الربط بين هذه الجوانب وما لديه من دوافع وخبرات وتجارب سابقة من النجاح والفشل ‏تساعده على تعيين وتحديد نوع الاستجابة وطبيعتها بحيث تتفق ومقتضيات الموقف الراهن وتسمح ‏بإظهار استجابة ملائمة تنتهي بالفرد إلى التوافق مع البيئة والمساهمة الايجابية في نشاطها وفي ‏الوقت نفسه تمنح الفرد حالة من الشعور بالرضا والسعادة . ‏
‏- الاتزان الانفعالي هو قدرة الفرد على ضبط انفعالاته والتعبير عنها بصورة ناضجة متزنة بعيدة ‏عن تعبيرات الطفولة وعن التهور والاندفاع ولايتسم سلوك الفرد على انه مذعور أو واقع تحت ضغط ‏شديد ، وأن تكون حياته الانفعالية رزينة لاتتذبذب وتتقلب لاسباب تافهه بين المرح والانقباض ، ‏وبين الحزن والفرح ، وبين الضحك والبكاء وبين الزهو والخنوع وبين التحسس والفتور .‏
‏- الاتزان الانفعالي هو ذلك الاساس أو المحور الذي ينظم جميع جوانب النشاط النفسي الذي اعتدنا ‏أن نسميه بالانفعالات أو التقلبات الوجدانية ، من حيث تحقيقها لشعور الشخص بالاستقرار النفسي ، ‏أو باختلال هذا الاستقرار وبالرضا عن نفسه أو باختلال هذا الرضا وبقدرته على التحكم في مشاعرهِ ‏أو بافلات زمام السيطرة من يديه . ‏
‏- الاتزان الانفعالي هو انموذج يتمثل في الثبات الانفعالي ، من حيث أن هذا الأنموذج يمثل سلسلة ‏متصلة من الكميات على بعد واحد ، يوجد في أطرافه ، غير المتزن انفعالياً ، وهو الشخص المتردد، ‏القلق ، صاحب الميول العصابية ، المرتاب ، المكتئب ، المتقلب انفعالياً ضعيف الحساسية بالمواقف ‏الاجتماعية الذي لا يهتم بمشاعر الآخرين . ‏
‏- الاتزان الانفعالي هو هدوء الطبع لدى الفرد وتحكمه بأنفعالاته و بنفسه وصعوبة استثارته وعدم ‏معاناته من انواع الوساوس والمقلقات المختلفة .‏
‏- الاتزان الانفعالي يتمثل في قدرة الفرد على تناول الامور باناة وصبر لا يستفز أو يستثار من ‏الاحداث التافهه، ويتسم بالهدوء والرزانة ، عقلاني في مواجهة الامور ، يتحكم في انفعالاته خصوصاً ‏‏( الغضب ، الخوف ، الغيرة ) .‏
من خلال الاطلاع على التعاريف التي تناولت سمة الاتزان الانفعالي سواءاً تلك التي عدّته ‏بعداً أو سمة وجد أنها جميعاً تتفق على أن أهم جوانبه هو قدرة الفرد على الضبط أو السيطرة على ‏انفعالاته في المواقف كافة ،
فقد أكد فرويد مؤسس نظرية التحليل النفسي على نظام الأنا ( ‏ego‏ ) باعتباره الجهاز ‏الإداري والمسيطر والمنظم للشخصية . وأن لهذا الجهاز قدرة كبير في السيطرة على منافذ السلوك ‏وملائمته مع الجوانب البيئية المناسبة له . وإشباع الغرائز بطريقة متوازنة ومقبولة بالشكل الذي يتم ‏فيه أرضاء مطالب نظام الأنا الأعلى ونظام الهو . ويعتقد فرويد انه كلما كان نظام الأنا قوياً ‏Ego ‎Strength‏ كان الفرد أكثر اتزاناً وأكثر توافقاً مع نفسه وبيئته .‏
وأكد كارل روجرز على أهمية سمة الاتزان الانفعالي من خلال تأكيده على وجود جهازين ‏لتنظيم السلوك ( الذات – الكائن الحي ) وأن هذين الجهازان يعملان بتعاون وانسجام . والاتزان ‏الانفعالي يحدث نتيجة لهذا التعاون بين الجهازين .‏
أما ماسلو الذي يعد زعيم حركة علم النفس الإنساني فقد أكد على أهمية سمة الاتزان ‏الانفعالي من خلال آراءه التي يؤكد فيها أن للإنسان طبيعة جوهرية . وهي أما ان تكون طبيعة خيرة ‏أو محايدة ولكنها ليست شريرة . وأن النمو الصحيح يقوم على تحقيق هذه الطبيعة باتجاه النضج كما ‏انه يحتاج إلى ظروف بيئية سليمة . فالبيئة غير السليمة أو التي تعيق الفرد ولاتسمح له بتحقيق ‏رغباته وتطلعاته واختياراته قد تجعله عرضة لانهيار الصحة النفسية .‏
وأشار البورت مؤسس نظرية السمات إلى ان الأهداف بعيدة المدى هي التي تميز الشخصية ‏السوية عن الشخصية الانفعالية المضطربة باعتبار ان هذه الأهداف تعد أمراً جوهرياً لشخصية ‏المتزن أما آيزنك ‏Eey Senk‏ فقد عدَّ الاتزان الانفعالي بعدا من الأبعاد الأساسية في الشخصية. ‏حيث يقول ( يشكل بعد الاتزان الانفعالي خطاً متصلاً مستمراً يمتد بين نقطتين من القطب الموجب ‏الذي يمثله الاتزان الانفعالي إلى القطب السالب الذي تمثله العصابية ، وأن أي شخص يمكن أن ‏يكون في أي مكان على هذا المتصل ويمكننا أن نضعه طبقاً لمكانه ، وأن جميع المواقع محتملة ، ‏ويمثل الاتزان الانفعالي الشخص الهاديء ، الرزين ، الثابت ، المنضبط ، المسالم ، المتفائل ، ‏الدقيق، أما الشخص الغير متزن (العصابي) فهو سريع الغضب ، غير المستقر ، العدواني ، المنثار ‏، المتقلب ، المندفع ) .وفي ثلاثينات القرن العشرين حاول كاتل ‏Cattel‏ قياس السمات الأساسية ‏للشخصية باعتماد أسلوب التحليل العاملي وقد توصل من خلال دراساته إلى أن هناك عاملاً هو ( ‏C‏ ) قوة الانا ( ‏Ego Strength‏ ) من بين الستة عشر عاملاً التي توصل إليها والتي تشكل حجر ‏الأساس في الشخصية . كما أنها تتصف بالثبات والاستقرار النفسي .‏
كما أن هناك الكثير من الدراسات المحلية والعربية والأجنبية التي تناولت موضوع الاتزان ‏الانفعالي وأعطته أهمية بالغة كونه أحد السمات المهمة في شخصية الإنسان .‏
ويرى كفافي ان للاتزان الانفعالي أهمية كبيرة باعتباره صفة لأولئك الذين يتسمون بالقدرة ‏والكفاءة على التعامل مع البيئة الاجتماعية والمادية واستفادتهم من قدراتهم وطاقاتهم والذين ‏لايشعرون بالذنب ولديهم تقدير عالي للذات .‏
وأكد برنهارت ‏Brnhart‏ على أهمية الاتزان الانفعالي وعده شرط من شروط السعادة والكفاءة ‏في التعامل مع البيئة المحيطة بالفرد . حيث اشار إلى أن هناك نوع من الموازنة بين العقل والانفعال ‏‏. ففي حين يرتفع أحدهما ينخفض الآخر وكلما كان الفرد اكثر انفعالاً كان أقل كفاءة . فالعمل ‏الابداعي ينخفض بشكل كبير عندما يرتفع التوتر النفسي عند مستوى معين ( إذ ان الاضطرابات ‏الانفعالية حين تحصل يستحيل معها العمل بتعقل وذكاء وكفاءة ) ويرمز لهذه الموازنة بالشكل الآتي ‏رقم (1) .‏

‏ العقل ___________________________الانفعال

‏ ‏
‏ الموازنة بين العقل والانفعال
‏ الشكل رقم ( 1 ) يوضح الموازنة بين العقل والانفعال‏
ويرى ‏Felson‏ أن اداء الفرد وقدراته تعزز بوساطة عدة عوامل منها ضبط النفس .‏
وقد أشارت بعض الابحاث إلى أن الاتزان الانفعالي وتحمل المسؤولية يرتبطان إرتباطاً وثيقاً ‏بالمستوى التحصيلي للطالب ، فكلما كان الطالب يتمتع باتزان انفعالي وقادر على تحمل المسؤولية ‏كلما كان مستواه التحصيلي عالياً ( حسن ، 1989 ، ص87).‏
ان الاتزان الانفعالي هو أحد سمات الوجود البشري الاصيل والوجود البشري هو الانسان ‏
والأصيل : هو السلوك الذي يعد هدفاً مثالياً ، والذي يمارس فيه الفرد قدراته وإمكاناته ‏ومسؤوليته في إختياراته المقبولة إجتماعياً التي يسعى من خلالها إلى تحقيق ذاته والتوحد معها ( ‏الشخص المتزن ) الذي يتصف بالشجاعة في مواجهة المستقبل وعزمه على اتخاذ القرارات المهمة ، ‏وقدرته على السيطرة والضبط في تعبيره الاصيل عن انفعالاته وامتلاكه وجوداً أصيلاً مع الآخرين ‏قائم على الحب والتفاعل الذي لايلغي خصوصية وتفرده معهم ) .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد