الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل حان وقت الرحيل؟
شروق أحمد
فنانة و كاتبة
(Shorok)
2024 / 4 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من هنا بدأت الفكرة ومن هنا بدأت الأحلام، ولكن كيف ستنتهي بنا الحياة لا أحد يعلم.
عندما كنت طفلة صغيرة و لم تكن الحياة بعد بهذه الجدية كنت أرى كل شيء وردي و جميل و الابتسامة التي ترتسم على شفاه أبي و أمي هي الحياة، لم تكن الحياة أكثر من لعبة جميلة تنام معي في السرير والسعادة في انتظار الهدية الثمينة في يوم الخميس من كل أسبوع عندما استيقظ لأخذها من أبي و هي عبارة عن علبة شوكولاتة ودفتر تلوين بل إلى اليوم مازالت تلك أجمل المفاجآت لأنها هي من تسعدني إلى اليوم والهدايا الصغيرة المعبرة تفرحني ولكن ثمنها هي تلك الفرحة التي تعتلي وجه أبي وهو يشعر بالفخر بأنه هو من صنع تلك الابتسامة على وجهي ووجه أخوتي، ولكن الحياة فجأة تأخذك بكل قوتها وبكل رياحها القوية وترمي بك في عالم البالغين، ولكن هناك الحياة وهناك الأحلام التي حرمها الكبار في المجتمعات المغلقة الرجعية المتخلفة و التي تأخذ فتاة بعمر الورد وتقول لها أنتِ الآن امرأة لا يمكنك أن تكوني حالمة أو حرة، تأخذ تلك البراءة وتقوم بتلويثها بالأفكار السامة و تشوه الأحلام الصغيرة و تبني مكانها امرأة بجسد طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها لمجرد أن الطبيعة قامت و مبكراً بغزو طفولتها من خلال الدورة الشهرية وتصبح هذه الطبيعة البشرية التي تشكل مرحلة من مراحل حياة أي امرأة ولكن الفرق هنا ان الحياة لا تتدخل في ردة فعل المجتمعات التي تقوم برسم الطريق لطفلة لا تعلم حتى ماذا أصابها أو لماذا هذه الدورة أصلاَ نزلت على جسدها مثل الجبل الجليدي عندما اصطدم بالتايتانيك، ومن هنا تبدأ رحلة العذاب وموت أحلام الطفولة إلى أن تصبح هذه الطفلة امرأة في السبعين من عمرها ولاتزال تخاف من المجتمع و النظرات التي تأكلها منذ نعومة اظافرها.
أنا كنت محظوظة بل السماء اهدتني أبي الذي وقف سدًا منيعًا أمام تلك العقول المتعفنة التي أصابها العث ولم يدع تلك الأفواه و الأجساد تقترب مني ولا حتى شبر رغم كل شيء علمني كيف ادافع عن نفسي وأن أكون عنيدة في وجه الرياح التي جاءت لتكسرني وتذلني، علمني كيف أن الأنسان عندما يفقد المجتمع و أفكاره الميتة بل هو أقوى انتصار للمرء والمرأة التي تقف صامدة شامخة والتي تعرف نفسها وتعرف قوتها وتعرف مدى نظافة روحها حتى لو قام العالم كله بقتل وسحل كرامتها لن تنحني ولن تنكسر بل تقوم وتمشي على هذه الأرض مثل آلهة إغريقية بكل شموخها وعزها.
ولكن عندما تصطدم العقيدة و الدين والموروثات والدكتاتورية بحريتي وحرية معتقدي وحرية رأي وحرية الحب والعلاقات مع الآخرين بل وعندما تصبح القوانين المجتمعية أقوى من القوانين الدكتاتورية أقوى بل أكثر خنقاً من ذلك تصبح الحديقة المزهرة و الأحلام الغير محدودة مخنوقة و تموت تدريجياً، وعندما يصبح القانون اللاهوتي هو من يسيطر على حياة الفتاة وبمن ترتبط ومن تحب وكيف تحب وكيف تغني وكيف تمشي ومتى تتلكم ومتى وحتى أين تذهب ووصف الفنانة بالعاهرة و وصف الفتاة الحرة المتعلمة والتي تقرأ فلسفة بامرأة بالية وكأنها آتية من العالم السفلي و احياناً تشعر بعض الفنانات بالخجل من عملهن يقومن بوضع الشال على رؤوسهن وتلاوة القرآن على العالي لإثبات أنهن غير ذلك هنا تصبح المشكلة أكبر وأكبر لو قامت فيرجينيا ولف في زمانها بالخجل من نفسها ومن كتاباتها وفكرها المتحرر لما كنا سمعنا اليوم عنها، ولماذا الخجل من الفن والموسيقى بل لماذا الخجل من الحب والعشق ولماذا الخجل من التعاطف مع الديانات الاخرى ولماذا تحريم كل شيء حتى الهواء النقي أصبح له فتوى بل وصل الأمر إلى اخراج فتوى لليلة الدخلة وحتى أسمها مقرف وشكلها مقرف، في زمن الفتاة أصبحت عالة وأثم وزمن أصبحت المرأة تخجل من حبها للحياة وحبها للفن ولبس الملابس التي تريدها والمجتمع أصبح لا يسير إلى الوراء فقط بل أصبح الغالبية من الكتاب و المبدعين والفنانين والعلماء يتجهون نحو الهاوية الدينية ومحاولة الفوز بعطف المجتمع لكي يتقبلهم بينهم أو تصبح منبوذ من الجميع.
لقد بدأت الهجرة الحديثة الثانية فهناك الموجة الأولى التي هاجر فيها العلماء والكتاب والمفكرين والأطباء منهم جبران خليل جبران أحمد زويل وفاروق الباز ومجدي يعقوب وغيرهم من الفنانين مثل عمر الشريف، لقد عدنا إلى زمن وكأنه زمن الخلافة، المرأة لها حدود والرجل بلا حدود وهو من ينسقها سواء كان حاكم أو معلم وأب وأخ له كل الوسائل متاحة ليستعرض عضلات القوة والهمجية الفكرية ولقد رأينا بأعيننا عندما أصبح نظام الملالي على بعد مسافة من السقوط ليأتي نظام علماني متحرر ومتقدم قامت كل الدول الإسلامية بما فيها المعادية لإيران بإنقاذ نظام ديني متهالك لأنه لو نجح هذا السقوط لسقطت اقنعة الجميع ولكن خوف هذه المجتمعات من فقد السطوة الدينية وبمجرد انفتاح العقل سوف تهوي كل الخرافات في بأر من النار إلى الأبد. اعتقد ان زمن الرحيل قد بدأ وأن العقل الواعي لم يعد يتحمل خوض الحرب بشكل آحادي لأن حتى المحسوبين على الانفتاح والتقدم أصبحوا يهادنون رجال الدين ويخجلون من معتقداتهم أمام هذه الحشود.
وفي النهاية اريد ان أقول إني لن ولم أخجل يوماً من نفسي ومن ما أحب، لو رفضني أهل بيتي وحتى المجتمع سوف أعيش حرة بالفكر والعقيدة، لن أخجل من حبي للفن والموسيقى أعشق الموسيقى و أعبد الفن، وسوف أعيش للحب وأموت من أجل الحب وسوف أحب من روحي تهواه سواء كان مسيحي أو يهودي أو حتى ملحد فالحب والعشق كيف تعامل من تحب ومن لا تحب و ما تفعل بدينك ومعتقدك هو من يحدد هويتك، لن ولم أستسلم في حياتي إلا للحرية والحب والموسيقى لأنها أسمى من أي خلق على الأرض، إذا كان ثمن الحرية مغادرة هذه السفينة البالية فليكن.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال