الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلتسقط ” بنت سلطح بابا “

عمرو إمام عمر

2024 / 4 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


لا أعرف لماذا كلما شاهدت أحد هؤلاء النخبة و هم يتحدثون على شاشات التلفزيون أتذكر الفنان الكبير يوسف وهبى فى فيلم ”إشاعة حب“ و هو يهتف غاضبا من زوجته ذات الأصول الأناضولية ”فلتسقط بنت سلطح بابا“ ، فخلال الفترة الأخيرة خرج علينا بعض النخبة على شاشات التلفزيون يتحدثون عن فشل المنظومة التعليمية فى مصر ، توقعت فى البداية أن يتطرق النقاش إلى تحديث العملية التعليمية و أساليب الامتحان و حذف الحشو الزائد و ما شابه من الموضوعات الخاصة بتطوير العملية التعليمية فى مصر ، لكن الغريب في الأمر كان التركيز على مجانية التعليم و أنه السبب الأساسى فى فشل المنظومة بالكامل فى رؤية ضيقة تعكس نظرة طبقية استشرت خلال السنوات الأخيرة ، متناسين فى وسط رؤيتهم المتعالية للمجتمع أن غالبية الشعب المصرى يعيش على خط الفقر تقريباً ، فانت تحجر بهذا الرأى على أكثر من 70٪ من هذا الشعب ، فمجانية التعليم هى أكثر الآليات نفعا و إيجابية فى زيادة مدخلات الأسر الفقيرة و المعدمة فهى تمثل بالنسبة لهم مورد مستقبلى بعد نهاية تعليم أولادهم ، ثم يأتى البعض ليحطم تلك الآمال بهدم مستقبل تلك الأسر بدعوى عدم جدوى مجانية التعليم.

مازال هؤلاء يحاولون وضع السم لنا فى العسل ، بأن يكون التعليم مجانيا فقط للمتفوقين ، متناسين أن المنظومة التعليمية لا تزال تعتمد على مدى إمكانية الأسر على توفير الكتب الخارجية و الدروس الخصوصية لأولادهم ، فالتفوق هنا أيضا سيكون شبه محصور في فئة الأغنياء ، ليتحول التعليم إلى منظومة طبقية جديدة فى تضاد واضح لأحد المبادئ الأساسية لثورة 25 يناير و من قبلها ثورة 23 يوليو و هى العدالة الاجتماعية ؛ التساؤل إلى متى ينظر هؤلاء المسمين بالنخبة إلى باقى البشر كأنهم حقراء لا يستحقون الحياة ، لم يحاول أياً منهم التطرق إلى المنظومة التعليمية وكيف أصبحت عبء على الأسرة المصرية ، فمنذ تطبيق نظام الفصلين الدراسيين تحملت الأسرة المصرية تكاليف أكثر مما تنفقه الحكومة على التعليم ، فآخر إحصاء نشر مؤخرا أن الأسر المصرية تتحمل سنويا ما بين 37 إلى 53 مليار جنيه يذهبون إلى الكتب الخارجية و الدروس الخصوصية بالإضافة إلى مصروف الجيب و الانتقالات و الملابس ، فتحويل النظام التعليمى من نظام الفصل الدراسى الواحد إلى الفصلين الدراسيين ذاد بسببه معدل الإنفاق على الدروس الخصوصية و الكتب الخارجية ، فعامل الوقت أصبح فى غير صالح الطالب ، لم يعد لديه الوقت الكافى للمذاكرة و البحث و التدقيق و أصبحت الجامعات المصرية خارج تقيم الجامعات العريقة فى العالم ، على العكس عندما كانت تلك الجامعات تأخذ بنظام الفصل الدراسى الواحد الذى أدعى هؤلاء النخبة أنه لا يساعد على تطوير العملية التعليمية ، متناسين أنه يجب أولا قبل تطبيق هذا النظام أن يتم تطوير العملية التعليمية من الأساس ، فى المناهج التعليمية و الامتحانات لكننا للأسف الشديد أخذنا جزء صغير ناقص بدون استكمال باقى الشروط ، فنظام التعليم بقى كما هو يعتمد على التلقين و الحفظ ، ليغفل أهم جزء وهو البحث و التطوير …

ابتليت الدولة فى الفترة الأخيرة بمنظومة فساد أخرى و هى التعليم الأجنبى ، فانتشرت فى مصر العديد من المدارس و الجامعات الأجنبية و التى لا تقبل إلا أبناء الأغنياء فقط ، فمصاريف الانتساب لتلك المؤسسات التعليمية لا يستطيع المواطن العادى البسيط أن يتحملها فهى تصل إلى عشرات الألوف من الجنيهات لتنشئ الدولة بكامل إرادتها رؤية طبقية للمنظومة التعليمية ، لن أتحدث عن المستوى التعليمى الذى تقدمه تلك المؤسسات و لكن الأخطر من ذلك هو المفهوم الاجتماعى الذى تؤصله هو حالة من الترفع و التعالى الطبقى بين طلبة تلك المدارس و الجامعات أمام المدارس و الجامعات الحكومية ، كذلك فرص العمل متاحة لهم و لما لا فهم أبناء ”بنت سلطح بابا“ المدللة الجميلة الغنية ، و فى المقابل يعانى أبناء المدارس و الجامعات الحكومية من صعوبات فى الحصول على نفس الفرص ، هذا فضلا عن كارثة أخرى ابتلينا بها داخل الجامعات الحكومية و هي ما سميت باسم ”البرامج المتميزة“ و التى تتميز بأنها مخصصة فقط للقادرين ماليا لمصاريفها العالية فهى تتميز ببرامج تعليمية متطورة حتى يضمن هذا الخريج المتميز بالحصول على وظيفة سريعا ، و بينما الطالب الفقير الأكثر أحتياجا للوظيفة لا يجد أمامه سوى البرامج المعتادة مما يكرس مفهوم التمايز و لعنصرية الطبقية ، و إذا تحدثنا عن الجامعات الأهلية و التى أعطت الفرصة للطالب الفاشل صاحب المال أن يلتحق بكليات القمة بدون وجه حق فحدث و لا حرج …

فساد و طبقية و عنصرية للأسف الشديد العديد منا رأى فى ثورة 25 يناير فرصة للتخلص من كل ذلك ، لكننا لا نزال فى حاجة إلى ثورات أخرى ضـد هؤلاء النخب المنتشية بأموالها و ليس بثقافتها و فكرها و عدالتها ، لا أيتها النخبة لن أهتف لكم و لكنى سأظل أهتف ضدكم فلتسقط ”بنت سلطح بابا“ …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة