الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراجعة ستيفن بورتر دن لكُتب سيرجي توكاريف

مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)

2024 / 4 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المؤلف: ستيفن بورتر دن*

ترجمة: مالك أبوعليا

مُقدمة المُترجم:
تُعتَبَر الكُتُب التي أصدرها سيرجي توكاريف حدثاً رئيسياً في الأدب العلمي المُختص بتاريخ الأديان(1). على الرغم أنه من حيث الشكل، الأول منها، أكثر شعبيةً الى حدٍّ ما، ويُقدم عدداً أقل من المراجع والأدبيات المُتخصصة، الا أنهما يُكملان بعضهما البعض عضوياً. كلاهما علميٌّ تماماً، ومكتوبين بحيث لا تقتصر جاذبيتهما على المُتخصصين. انهما مُجلدين من عملٍ واحد، خاصةً أنهما ظهرا في نفس العام.
الكتاب الأول، مبني على الأساس التاريخي والجُغرافي. وهو يحتوي على 3 أقسام رئيسية: 1- أديان المُجتمع ما قبل الطبقي ومرحلة الانتقال الى المُجتمع الطبقي. 2- أديان المُجتمع الطبقي (الأديان القومية). 3- الأديان العالمية
في كُل قسم، يصف المؤلف ديانات الشعوب التاريخية والمُعاصرة في جميع القارات، ويُرتب البيانات ويُنظمها تصاعدياً، من الأنظمة الاجتماعية الأكثر بدائيةً، الى الأنظمة الاجتماعية الأكثر تعقيداً وتطوراً، وهو يُرتب الأديان تبعاً لذلك أيضاً.
يتوافق الكتاب الثاني بالنسبة لنطاقه التاريخي، مع النصف الأول من الكتاب السابق، لكنه لا يطرح المادة للقارئ في تسلسلٍ اثنوغرافيٍّ أو تاريخي، ولكن في شكل تصنيفٍ للأشكال الباكرة من الدين. وقد سعى المؤلف هُنا أيضاً الى ترتيب الأشكال المُختلفة بتسلسلٍ يتوافق تقريباً مع تسلسل الصعود من الأسفل الى الأعلى. يصف أولاً أشكال الدين التي لوحِظَت في أدنى مراحل التطور الاجتماعي (الطوطمية، الطقوس المؤذية، الشعوذة، الطقوس الايروتيكية، والطقوس الجنائزية)، ثم تأتي عبادات المرحلة القَبَلية الباكرة (طقوس المرور، عبادة الصيد، عبادات العشائر الأُمومية، عبادة أسلاف العشيرة الأبوية). تأتي أخيراً أشكال الأديان المُرتبطة في المقام الأول بالبُنية القَبَلية: (الشامانية والناغوالية nagualism، وعبادات المُجتمعات السرية، عبادة الزعماء وعبادة الاله القَبَلي، والعبادات الزراعية).

أثارَ هذين الكتابين مُناقشاتٍ علمية واسعة في الغرب، وفي الاتحاد السوفييتي. وبما أنه لا يسعني أن أُترجم جميع المقالات والطروحات المُتعلقة بهذه النقاشات، لأنني لا أحوز منها سوى القليل، ولأنه لا يُسعفني الوقت لذلك أيضاً، لذلك اخترت أن أُترجِمَ فقط مُراجعة ستيفن دن لكتابيّ سيرجي توكاريف، والنقاش الذي دار بينهما بعدها.

مُراجعة ستيفن دَن لكتابيّ سيرجي توكاريف
يمنحنا هذين الكتابين المُهمين الصادرين عن عالمٍ اثنوغرافيٍ سوفييتي بارز، فُرصةً كبيرةً لتقييم الوضع الحالي الذي تعيشه النظرية الاثنوغرافية السوفييتية، في واحدة من أكثر مجالات بحثها حساسيةً من الناحية الايديولوجية، أي الدين البدائي وارتباطاته بالبُنية الاجتماعية. هذا الوضع، كما كَشَفَت عنه كُتُب توكاريف، لا يخلو من التناقضات، والوضع بأكمله لا يُمكن اعتبارهُ مُشجعاً.
أول الكتابين، وهو (الأديان في تاريخ شعوب العالَم)، هو كتاب مدرسي عام في مُقارنة الأديان، مُخصص لاستخدام "المُدرسين والمُحاضرين في الأندية والجامعات والمراكز المُعادية للدين وجميع الأشخاص المُهتمين بالأدب العلمي الالحادي". وهو يُحاول تقديم مسحٍ شاملٍ لأديان العالَم، مع بعض الثغرات الجُغرافية المهمة، والتي يعرفها المؤلف جيداً. وما نقصده، أنه لا تُوجد بيانات عن ديانات ميكرونيزيا Micronesia في أوقيانوسيا، وكوريا، ووسط وجنوب شرق آسيا ما قبل البوذية ومُعظم أمريكا الجنوبية. يتم ترتيب البيانات عن الديانات الأُخرى وفقاً لمُخطط يُحاول الجمع بين العوامل الاجتماعية-التطورية والجُغرافية. وبالتالي: "أديان المُجتمع ما قبل الطبقي ومرحلة الانتقال الى المُجتمع الطبقي (العبادات القَبَلية)" مُقسمة جُغرافياً، أي موضوعة في فصول تختص بالمنطقة الجُغرافية للدين. و" أديان المُجتمع الطبقي (الأديان القومية)" مُقسمة جُغرفياً واثنياً. و"الديانات العالمية" تشتمل على البوذية والمسيحية والاسلام. يبدأ القسم الأول بمسحٍ سريع للأدلة الأركيولوجية للتطور الباكر للدين، وينتهي الكتاب بخاتمةٍ من عشرين صفحة، تُشير الى الجانب الأخلاقي للدين.
أما بالنسبة للمعلومات الواردة في الفصول نفسها، فيبدو أنها سليمة بما فيه الكفاية، بالقدر الذي أستطيع أن أقول ذلك: ان توكاريف هو باحثٌ بارعٌ ودقيق.
التوثيق متناثر، ربما بسبب اضطراره أن يُراعي غرض الكتاب أن يكون شعبياً. وأُدرِجَت المصادر الغربية الببلوغرافيا في الخاتمة، واعتمدَت بشكلٍ كبير على الكلاسيكيات الانثروبولوجية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
يُمكن أن يكون هُناك بعض الشكوك حول اتساقية المؤلف وصحة مُخططه المفاهيمي، حتى من وجهة نظر ماركسية صرف. اتُّهِم توكاريف على صفحات مجلة (الاثنوغرافيا السوفييتية) بالتحيّز الاثنوغرافي الواضح (على سبيل المثال، خصص مساحةً كبيرةً لأديان السكان الاصليين في استراليا والأديان الهندية والاسلام). وكما أشار المُراجعون، هُناك بعض المُبررات لفعل ذلك من وجهة نظر نظرية، ولكن سيكون فعل هذا خاطئ تماماً عندما يحدث في كتابٍ شعبي. أشارَ المُراجعون السوفييت مثل بيرتا اسحاقونوفا شاريفسكايا Sharevskaya Berta Isaakovna مُتهمين توكاريف بتبني وجهة نظر حول الفيتيشية الافريقية التي تتعارض مع وجهة نظر مُعظم باحثي الدين الماركسيين. يدَّعي توكاريف أن الفيتيشية مُقتصرة على غرب افريقيا، ولكن لم تُشِر شاريفسكايا الى تفاصيل هذا النزاع بين الماركسيين.
إن الحُجج التي يوردها توكاريف في "الخاتمة" قريبةً من آراء المُلحدين السُذج، كما يُوضح الاقتباس التالي: "ومن هنا جاء الدور المُحافظ الهائل والواضح الذي لعبه الدين دائماً في حياة الناس، ليس فقط في الأمور الايديولوجية الصرف وحسب، بل وأيضاً في الشؤون اليومية والقانون والسياسة والاقتصاد. كان هناك الكثير من الحروب الدينية الدموية وطويلة الأمد، وكثير من الاضطهادات واعدام المُخالفين، وقتل الأشخاص المُشتبه بهم في ممارسة السحر. صحيح أن هذه الحروب والاضطهادات الرهيبة قد نشأت بشكلٍ رئيسي بسبب المصالح المادية، الا أنها كانت كذلك مُستوحاة من الأفكار الدينية، وكانت الدوافع الدينية هي التي جعلتها في كثيرٍ من الأحيان قاسية وشرسة بشكلٍ خاص: "اقتلوا الكفار" "الموت للزنادقة الملعونين!"، "اقضوا على أعداء الله!". وهكذا فان الدين في النهاية لا يوحد الناس بقدر ما يفرقهم. ان التقاليد الدينية تُثقل كاهل الانسانية بأعباء اقتصادية هائلة. من أجل الحصول على رعاية القوى الخارقة للطبيعة ومن أجل الحصول على مساعدتها في المساعي الاقتصادية، يتقدّم الناس المؤمنون بالخرافات أُضحيات، أُضحيات بالمعنى الحرفي للكلمة، ويتم بناء المعابد وصرف طاقات هائلة من أجلها. ان قوة العادات والخوف الخرافي تُجبر الانسان على التخلي عن كل ما لديه تقريباً مع آمال غير مُجدية بالحصول على مُكافئاتٍ مادية"(2).
أما الكتاب الثاني، فهو الأكثر اثارةً للاهتمام من وجهة نظر انثروبولوجية، لأنه مُوجه الى جمهورٍ أكاديمي، ويُناقش المسائل على مستوىً أعلى. في مُقدمة الكتاب المُعنونة (تصنيف الأديان)، ينظر المؤلف الى تخطيطات تصنيف الأديان المُتنوعة (فولني، لابوك، جيرارد ليو van der Leeuw، واليس وغيرهم) ويرفضها جميعها، ويقترح تصنيفه الخاص. الجزء النقدي من حُجج توكاريف ليس بعيدة عن أن تكون ذكية: فهو يرفض تصنيف الأديان وفقاً لمُحتوى المُعتقدات أو مواضيع العبادة الملموسة على أساس أن مثل هذه المعايير فضفاضة وغامضة للغاية، وأن استخدامها (حيثما أمكَنَ ذلك) في التصنيف، من شأنه، أن يؤدي الى جَمع الظواهر الدينية الأكثر تنوعاً معاً. ولأسباب مُماثلة، يرفض المؤلف مفاهيماً مثل السحر والارواحية والفيتيشية كأدواتٍ تصنيفية. يَشرَعُ توكاريف، بعد الانتهاء من مُلاحظاته النقدية، في وضع مُتطلباتٍ وشروطٍ مُعينة، يجب أن يستوفيها أي تصنيفٍ للدين، وهي باختصار، ما يلي:
1- يجب أن يُبنى التصنيف على أساس عوامل هامة بالنسبة للدين
2- يجب أن تكون معايير التصنيف الرئيسية واضحةً جداً وسهلة المراقبة وخاضعةً للتحليل الموضوعي.
3- يجب أن يكون تصنيف الأديان مُقارباً للدين كظاهرة اجتماعية.
4- يجب أن يكون تصنيف الأديان تاريخياً، أي يجب أن يُظهر العلاقة بين أشكال الدين ليس بشكل ستاتيكي بل ديناميكي، في تطورها وترابطها التاريخي.
5- يجب أن لا يكون التصنيف شكلياً بحتاً. يجب عليه أن يقود الباحث الى مسألة نشوء أشكال الدين المُتنوعة واشتراطاتها المادية.
ان التصنيف الذي تقترحه هذه المُقدمة مُشابه للتصنيف الذي يتبعه الكتاب الأول الذي استعرضناه آنفاً. تُقسَم الأديان الى أديان المُجتمع الطبقي والمُجتمع ما قبل الطبقي. يرى توكاريف المهمة الأكثر صعوبةً، عندما يريد أن يُقسم أديان المُجتمعات ما قبل الطبقية. ويُحسَب له، أنه يرفض تحقيب مورغان-انجلز كأساسٍ لتصنيف الأديان البدائية. وقد قامَ بهذه المُحاولة بعض الماركسيين غير السوفييت، ولا سيما الباحث الايطالي أمبروجو دونيني. إن حل المسألة، الذي توصل اليه توكاريف أخيراً، هو تقسيم الدين البدائي الى عددٍ من الأشكال أوالعناصر، التي تَظهَر بدرجاتٍ مُتفاوتة من الأهمية في جميع أو مُعظم الأديان البدائية الملموسة، وفي الأديان المُتقدمة في شكلٍ مُتحوّل، من ضمنها الإسلام والمسيحية. أما باقي الكتاب، فقد خُصِّصَ لمُناقشة هذه الأشكال أو العناصر على النحو التالي: 1- الطوطمية، 2- الشعوذة، 3- سحر العلاج، 4- الطقوس الايروتيكية، 5- العبادة الجنائزية. انها مُتجذرة في ظروف حياة الانسان البدائي، وهي ظروف كانت موجودة بلا شك منذ نشأة الانسان نفسها. 6- العبادة القَبَلية الباكرة (طقوس المرور)، 7- عبادة الصيد، 8- العبادة العشائرية والعائلية للحُماة والأشياء المُقدسة، 9- عبادة الأسلاف في عشيرة العائلة الأبوية، 10- الشامانية، 11- النغوالية Negualism (عبادة الأرواح الحامية الشخصية)، 12- عبادات المُجتمعات السرية، 13- عبادة القادة، 14- عبادة الإله القَبَلي، 15- العبادات الزراعية.
وكما هو مُتوقع، فإن تطبيق منهج توكاريف الماركسي في دراسة هذه المسائل والمواضع المُتنوعة على نطاق واسع قد أدّى الى نتائج مُتفاوتة الجودة. في حالة الطوطمية، على سبيل المثال، فإن الجُهد المبذول لإظهار الدين كوظيفة اجتماعية أو انعكاساً للحياة الاجتماعية، هو جُهد ناجح جداً. ولكن في حالة السحر، يقود هذا المنهج الماركسي المؤلف الى التأكيد المُفاجئ بأن جميع حالات السحر في المجموعات البدائية قد أتت من خارج المجموعة. تتعدد الحالات التي يتم فيها تجاهل الأدلة الاثنوغرافية التي تتعارض مع النظرات والمُخططات المفاهيمية المُسبقة.
إن إحدى الجوانب المُمتازة في الكتاب، هي مُعالجة توكاريف لعبادة الموتى. بعد مُناقشة طويلة ومُفصَّلة لقضايا مثل الأدلة الأركيولوجية المُتعلقة بالدفن المقصود للموتى خلال العصر الحجري القديم (وهي قضية كانت محل جدالٍ حامي الوطيس بين الأركيولوجيين السوفييت في أوائل الخمسينيات)، والدوافع الغريزية للدفن، توصَّلَ توكاريف الى استنتاج مفاده أن عبادة الموتى ليست في الواقع جُزءاً من الدين على الاطلاق.
يقول توكاريف: "لا يُمكن وضع عبادة الموتى على نفس المُستوى التصنيفي مع الارواحية أو السحر أو عبادة النار أو الشمس. على عكس هذه الفئات المذكورة، فإن عبادة الموتى لها أساسها الخاص، وجذورها في مجال مُحدد من النشاط البشري، وهي العلاقة مع الأموات... على الرغم من أنها تتشابك في كثيرٍ من الحالات مع أشكالٍ دينيةٍ أُخرى، خاصةً في المراحل التاريخية المُتأخرة، الا أن عبادة الموتى لها استقلاليتها... ويترتب مما وَرَدَ آنفاً، نتيجةٌ عمليةٌ هامة. إن لم تكن العادات الجنائزية مدينةٌ بأصلها الى المُعتقدات الدينية، وإن تطورت هذه الأخيرة الى حدٍّ ما لتُصبح انعكاساً خيالياً لهذه العادات في وعي الناس، فإنه يترتب على ذلك، أن ممارستنا الجنائزية المُعاصرة (المقابر، بيت العزاء، محارق الجُثث، معابد الآلهة)، لا ينبغي أن تُعتَبَر بقايا علاقة خُرافية مع الأموات، أو بقايا للمُعتقدات والطقوس الدينية. إنها ليست مُتجذرة في الايديولوجية الدينية، بل في الدوافع الانسانية بوصفه كائناً اجتماعياً. يعود هذه الدوافع الى عصرٍ أقدم بما لا يُقاس من عصر ظهور الدين. لقد ورثناها من الحيوانات".
لقد حاوَلَ توكاريف هُنا أن يقومَ بانقلابٍ ايديولوجي مُذهل وجريء. ومن خلال إزالة عبادة الموتى بالكامل من مجال الدين، فقد أزال اللعنة الماركسية، عن مجموعةٍ كاملةٍ من الأنشطة والشعائر والعواطف التي أظهَرَت التجربة أنها ضرورية للإنسان كما هي، بغض النظر عن النظام الاجتماعي الذي يعيش في ظله، فليس بالضرورة أن تتغير هذه المشاعر بتغير النظام الاجتماعي-الاقتصادي. هذا لا يعني أن حُجة توكاريف (بصرف النظر عن غياب الأدلة البيولوجية لأي موقفٍ تتخذه الحيوانات الدُنيا من الموتى) تفتقر الى الجدارة في ظاهرها. والنُقطة الهامة، هي أن نفس هذه الحُجة يُمكن تطبيقها بشكلٍ مُتساوٍ على جوانب أُخرى مما يُسمى تقليدياً بالدين، والتي يُمكن أن نعثر على أُسسٍ وجوديةٍ لها بسهولة. قد تؤدي العديد من جوانب التجربة الانسانية، وليس فقط موت أحد أفراد المُجتمع، مثلاً العجز التام للفرد في مُواجهة المرض،, سوء الحظ، أو يقين الناس بأن امرئٍ سيموتُ قريباً، نقول، قد تؤدي الى ظهور الأفكار الدينية. وهكذا، لا بُد من أن هذه التجارب تتلائم مع أي نظامٍ اجتماعي، تماماً كما كان لا بُد من استيعاب العلاقة المُتضاربة مع الموتى في نسيح الحياة السوفييتية، وبالتالي داخل الايديولوجيا السوفييتية.
يختتم المرء كُتب توكاريف بإحساسٍ بالغمّ، وهو نفس احساس المؤلف عندما كان يُفكر بالدور الشرير للدين في الشؤون الاجتماعية. يطوي المرء آخر صفحةٍ من كُتبه، وتتجلى على الفور الاستنتاجات التالية: أولاً، أن الايديولوجيا السوفييتية ظلَّت، فيما يتعلق بجُزءٍ واحدٍ على الأقل من النظرية الاثنوغرافية، ظَلَّت دون تغيير أساسي على مدار الخمس عشر سنةً الماضية، على الرُغم من أن الطريقة التي يتم فيها تطبيق هذه الايديولوجية قد خَضَعَت لتغيراتٍ كبيرة. الآن، لا أرى، بوصفي مُراجع، أي خطأ في النظرية التطورية Evolutionism بحد ذاتها. ومما يُحسب لتوكاريف، أنه يبذل جُهوداً جادة لتجنّب الأشكال الأكثر فظاظةً وتطرفاً من العقيدة التطورية، والتي أشارَ الكاتب بأنها "مادية مُبتذلة". ومع ذلك، فإن نقاشاته في الكُتب تحمل طابعاً سكولائياً وعتيق الطراز بشكلٍ غريب. إن أحدث مصدر باللغة الانجليزية استَشهَدَ به توكاريف في الكتاب الثاني هو (تصنيف الأديان) لباريش، الذي يعود لعام 1941. ولا يُمكن للمرء الا أن يشعر بالاحباط قليلاً بسبب اضاعة الكثير من الوقت والجُهد والموهبة على مهمة الدفاع عن عقيدةٍ تعود الى القرن التاسع عشر، ونظرة للإنسان، ثُنائية الأبعاد.

* ستيفن بورتر دن، أنثروبولوجي أمريكي مُختص بدراسة الاثنيات القومية السوفييتية، ومُترجم لعدد من كُتب المُختصين الاثنوغرافيين السوفييت الى اللغة الانجليزية.

1- الأديان في تاريخ شعوب العالَم، سيرجي توكاريف، ترجمة د. أحمد فاضل، دار الأهالي للنشر 1998.
كذلك، ترجمت عدة فصول من الكتاب في الكتابين التاليين:
مجموعة مقالات ماركسية سوفييتية-الجزء الأول، ترجمة مالك أبوعليا، نشر الكتروني
مجموعة مقالات ماركسية سوفييتية-الجزء الثاني، ترجمة مالك أبوعليا، نشر الكتروني
وكتاب (الأشكال الباكرة لتطور الدين)، سيرجي توكاريف (غير مُترجم الى العربية)
S. A. Tokarev, Rannie formy religii i ikh razvitie, MOSCOW, “Nauka,” 1964
2- مجموعة مقالات ماركسية سوفييتية-الجُزء الثاني، ترجمة مالك أبوعليا، نشر الكتروني، ص322

ترجمة المُراجعة الواردة على صفحات مجلة الانثروبولوجي الأمريكي American Anthropologist:
S. P. Dunn, review of S. A. Tokarev, -Religiia v istorii narodov mira and Rannie formy religii i ikh razvitie, AA, February 1966, Vol. 68, No. 1, pp. 238-241








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية ضد حرب غزّة|


.. نجم كونغ فو تركي مهدد بمستقبله بسبب رفع علم فلسطين بعد عقوبا




.. أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يبحث تطورات الأوضاع


.. هدنة غزة على ميزان -الجنائية الدولية-




.. تعيينات مرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية