الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديان والأخلاق

عزالدين مبارك

2024 / 4 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رسخت الأديان التوحيدية وخاصة الإسلام في عقول العوام منظومة أخلاقية مازالت سارية المفعول إلى يوم الناس هذا لأنها صبغت بالمقدس وأصبح التخلي عنها وتجاوزها لمنظومة أكثر عدلا وإنسانية أمرا صعبا خاصة عند الفئات الغير متعلمة والجماعات السلفية المتطرفة.فالأخلاق ككل فعل ثقافي واجتماعي واقتصادي تتطور وتتغير وتتأثر بدورة الزمن وكذلك القوانين الضابطة لسلوك المجتمع على العكس من الأخلاق المرتبطة بالدين فهي ثابتة ومتجمدة في التاريخ لأنها مؤسسة بنصوص لا يمكن تغييرها وتحديثها حتى تتماشى مع مفاهيم وسلوك وتصرفات المجتمعات الحديثة فكلما تقدم بنا الزمن تراءت لنا المنظومة الأخلاقية الدينية غريبة عن المجتمع المعاصر ومحل نقد وتجاوز. فالمنظومة الأخلاقية الدينية وليدة عصرها تتصف بالقسوة والحقد والقتل وسفك الدماء والشدة والعنصرية المذهبية والعصبية المفرطة والتعالي وقهر المرأة والغزو من أجل الغنيمة والسبي والتوسع وعدم تحميل المسؤولية وغياب منظومة عقابية ناجزة وعادلة.فالنصوص الدينية مليئة بالدعوة لقتل المختلفين في العقيدة "فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ" وقد وصل الأمر بالإله أن يقتل نيابة عنهم" فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ"وسبي نسائهم والتمتع بهن جنسيا بدون حصر للعدد وفي هذا حط من كرامة المرأة وعبث بشرفها" فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا"وقد تم وصف المعاملة الحميمية مع الزوجة بكل دونية واحتقار ولاإنسانية "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ" فتحولت المرأة إلى حقل للحرث ومكان للعبث السادي بدون ضوابط ومعاملة طيبة تراعي مشاعرها يفعل بها الرجل ما يشاء وكيفما يشاء وأين يشاء. ومن الأخلاق الدينية قسمة الغنائم بعد الغزو وضمنها قسمة النساء كسبايا والرجال كعبيد على المحاربين"واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل" فحتى الإله مالك الكون محتاج ويطلب نصيبه من الغنيمة والتي هي في حقيقة الأمر سرقة موصوفة وبلطجة وسطو مسلح.فهذه الإعمال الدنيئة المبررة دينيا هي جرائم لا تتم محاسبة مقترفيها ومعاقبتهم على أفعالهم بل يبشرون بالجنة ومازال المتدينون إلى اليوم يمجدونهم ويتباهون بأفعالهم وبطولاتهم ويتمنون لو يعود زمن الغزو والقتل والدماء وقطع الرؤوس وسبي النساء وقطع أرزاق الناس ومن مكر التاريخ أن جاءت داعش لتذكر الناس بحقيقة ما حدث في زمن الإسلام المبكر وما هو مكتوب بالنصوص الدينية وموجود في خبايا التراث من عقارب وأفاعي وسموم قاتلة للأخلاق والحضارة تخبو نارها تحت رماد التاريخ فتلتهب من جديد كلما نفخ فيها المنهزمون والصعاليك ومجانين الله.فالدين يدعو للتواكل والكسل ونبذ العمل والكد بحكم أن الإله يوزع الأرزاق حسب معرفته ومشيئته وكل شيء مقرر مسبقا "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"و"وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ " وهذا جعل الناس لا يهتمون بالعمل من أجل خلق الثروة والتوجه أساسا للقيام بالعبادة والصلاة والتضرع والاعتكاف بالمساجد والدعاء لأن ذلك يرضي الإله حتى يمنحهم صك التوبة والجنة الموعودة فالمتدين موجود حاضرا بجسده فقط فعقله مأخوذ إلى الماضي السحيق بصولاته وجولاته وأساطيره اللذيذة ومشدود إلى وهم الآخرة إلى درجة أنه ينسى نفسه ووجوده. ومن أخلاق المتدين االتعالي المزيف أليس هو من خير امة أخرجت للناس "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" ولذلك يتطاوس على الآخرين ويراهم أدنى منه مقاما ومنزلة فيكتفي بما عنده من نصوص دينية وتراث قديم فهو بذلك ليس في حاجة لتعلم العلوم الجديدة بل يعتبر العلوم العصرية والحديثة مضيعة للوقت وكفر بالدين وخلخلة للثوابت ويعتقد أن علوم الفقه هي أساس المعرفة الصحيحة وليس هناك غير علماء الدين في الساحة وهذا السلوك المعرفي الغارق في التراث حتى التخمة قطع صلة المجتمع بالعلوم الحديثة والتطور المعرفي والتقدم الحضاري لأجيال عديدة وخلق هوة معرفية وفجوة بين الغرب والشرق.أما النظرة الدينية المتخلفة لدور المرأة في المجتمع والمنبثقة من أخلاق العبيد والجواري جعلتها خادمة ومربية أطفال في حضرة الرجل الباشا والسيد المطاع تلبي رغباته ونزواته الجنسية حبيسة البيوت المغلقة وبهذا وقع تغييب نصف المجتمع من المساهمة والمشاركة في تطوير المجتمع بدعوى أنها عورة وجسد مثير لشهوة الرجال وفساد الأخلاق فحملوها دون ذنب اقترفته الهواجس المرضية للرجال وفساد نواياهم فمنعوها لزمن طويل من التعلم والخروج من سجنها وإن خرجت غيبوها في خيمة سوداء تجعلها ممسوخة بلا ملامح وبلا هوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي