الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لم يكن كامو وجوديا ؟

محمد حسين النجم
استاذ جامعي / باحث اكاديمي

(Mohammed H. Alnajim)

2024 / 4 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


غريغ ستون
ترجمة د.محمد حسين النجم / الجامعة المستنصرية
حين يرفع جوني ديب حاجبه بسخرية , فهو اداء وجودي , وعندما يقول دونالد رامسفيلد ان هناك ( مجاهيل مجهولة ) يدعونه ( شعرا وجوديا ) .وعلى الرغم من ان عددا من السياسيين والفنانين يرحبون بهذه التسمية , الا ان البير كامي ليس كذلك . مع ذلك , ان بعض الناس , حتى في المجال الاكاديمي , يبيئونه بشكل غير دقيق بصفته ( وجوديا ) , ما الذي يجري , بحق نيتشه ؟
في مقابلة مع ( الأدب الجديد ) في نوفمبر 15 عام 1945 قال كامو جملة قصيرة( انا لست وجوديا) . ومضى للقول: ما يدهشنا, سارتر وانا, دائما نجد اسمينا مرتبطين , وقد فكرنا بنشر بيان يشير الى ان الموقعين يعلنون إنه لا يجمعهما معا شيء عام , ونرفض أن نتحمل مسؤولية ما يبدر منا بشكل مخصص. انها , حقا , لمزحة, لقد طبعنا كتبنا, سارتر وانا, قبل أن نلتقي, وحينما وددنا التعرف على بعض كان لندرك , الى أي حد نحن مختلفان .
سارتر وجودي, والكتاب الفكري الوحيد الذي طبعته ( أسطورة سيزيف ) كان موجها ضد من نسميهم الفلاسفة الوجوديين.
يقارن كامو الوجودية بالانتحار الفلسفي, انها تجعل الاتباع يؤلهون ما يسحقهم, قائلا : بالنتيجة انها تتحول الى نفي الدين. بالمقابل لدى كامو دينه الخاص الشبيه بوثنية تقدس الطبيعه الاغريقية . فالقضية محل النظر: سيزيف ,, بطل العبث , الذي حكم عليه بأن يدفع , الى الابد , صخرة ثقيلة الى اعلى التل , فقط ليراها تتدحرج طيلة الوقت الى الوادي في الأسفل. سيزيف يحقق وحدة هادئه مع العالم الطبيعي( الخد مشدود نحو الصخرة , والكتف يعانق الكتلة المغطاة بالطين , والقدم تثبتها , والبداية الجديدة باذرع ممدودة , والامن الانساني الكامل ليدين مغطاتين بالطين )( اسطورة سيزيف )
سيزيف , عند كامو, سعيد . وإذا ما كتب جان بول سارتر ذلك , فان سيزيف خبر الغثيان حينما تأمل جوهريته الغريبة , الوجود في ذاته , الصخره
اذن , ما هي الوجودية ولماذا لا يتصف بها كامو؟ بعبارة مختصرة يعتقد سارتر أن الوجود يسبق الماهيه في حين ان كامو يعتقد بان الماهية تسبق الوجود , هذا يعني انه في كون سارتر الكئيب، يصبح الإنسان واعيًا , في المقام الأول , لوجوده كفاعل حر، ومن ثم يُحكم عليه بتشكيل هويته الخاصة ــ اي جوهره ــ في عالم بلا إله.
من الجانب الاخر كامو كان راغبا أن يضع قواعد قانونية مطلقة الى الحد الذي يمكنها أن تشير إلى الماهية - من بينها الإيمان بأن العنف باجمعه , تقريبا , لا اخلاقي. هنا يكمن الخلل: المبادئ الدوغمائية للعيش, مهما كانت النوايا حسنة, لا تعد مبادئ وجودية.
وعلى الرغم من الارتباط الدائم بين كامو وسارتر , الذي يرادف اسمه الوجودية , فقد كانوا زوجا متفردا , مرتبطان بتشابك مثل فولتير و روسو , او فيرلين ورامبو. كان سارتر قصير ممتلئ الجسم قبيح, و كامو طويل أنيق ووسيم ,.
كان سارتر اشبه بكوازيمودو ( بطل احدب نوتردام ) , مقارنة بكامو الشبيه بالممثل الامريكي الوسيم همفري بوجارت . وصف سارتر الشهير للانسان بانه عاطفة بلا معنى في حين وصف كامو نفسه بأنه رجل العاطفة .
نرى سارتر دائما في مقاهي باريس المظلمة وكامو متوالفا مع اشعه الشمس الحارقه للجزائر حيث امضى طفولته
سارتر يكتب بسرعه موزارت وكامو يكتب بوتيرة بيتهوفن المرهقة .
تسربت اختلافاتهم السياسية الى الراي العام في 1952 على صفحات مجلة سارتر ( الأزمنة الحديثة ) . في هذا الوقت كانت آراء سارتر قد تطورت لتتضمن الدعم للشيوعية , التي عدها كامو كامتداد للتقليد التوتوني الفظ الممتد من هيجل حتى ماركس ووصل الى نتائجه الضارة في معسكرات العمل الستالينية. انتقد نظرية ماركس في التاريخ والمادية الجدلية واستخدامها من قبل الشيوعيين للسيطرة على أي منفذ في البحث عن المجتمع اللا طبقي , . في رأيه لا امتيازات لجلادين .
سارتر , في ذات السياق , عارض أساليب ستالين , في حين ادعى في ذات الوقت بأن السجن الجماعي في الاتحاد السوفيتي ليس شيئا أكثر مما يحصل في الولايات المتحدة , وعارض استغلال معسكرات العمل الستالينية من قبل الصحافه البرجوازيه لدعم دعايتهم المناهضة للشيوعية
بعد سخرية كامو من أن سارتر كان مثقفًا منعزلًا , يوجه كرسيه ضد التاريخ، رد سارتر قائلاً: “عزيزي كامو: لم تكن صداقتنا سهلة، لكنني سأفتقدها… لا أجرؤ على أن أنصحك بالعودة إلى ( الوجود والعدم )، لأن قراءته ستكون صعبة عليك بلا داع... أنت فقط نصف حي بيننا." بشكل خاص، وصف سارتر كامو بأنه "نوع من المعلمين، لا قيمة له في الفلسفة .".
يا للعجب. ألخص الأمر بهذه الطريقة: كان كامو شاعرًا يتمنى أن يكون مفكرًا مؤثرًا؛ سارتر مفكر عميق تمنى أن يصل إلى بلاغة الشاعر. لقد تعثر كامو في تفاصيل المنطق الفلسفي، وسارتر في الكلمات - كما سيكتشف بسرعة أي شخص حاول القراءة عن كثب. ومع ذلك، كان واحد منهم فقط وجوديًا .

Greg Stone : Why Camus Was Not An Existentialist
Philosophy now ,August / September 2016
Issue 115








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م