الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الملح

خالد خالص

2024 / 4 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حق الملح - Le Droit du sel

تتميز مجتمعات شمال إفريقية بعادات وتقاليد متعددة - موحدة أحيانا ومختلفة أحيانا أخرى - تهدف الى توطيد العلاقة الزوجية بتكريم المرأة عرفانا بمكانتها وبالمجهود الذي تبذله في خدمة أسرتها.
ومن تقاليد وأعراف أسر شمال إفريقية بمناسبة شهر رمضان عرف يقال له بحق الملح. ذلك أننا جميعا نعلم بل ونشهد بأن عطاء النساء عامة يتضاعف خلال شهر رمضان المبارك حيث تحرص فيه النساء على إعداد وتقديم أشهى الوصفات وألذ الاطباق دون الحديث عن استقبال الضيوف منهم الأقارب ومنهم الأصدقاء ودون الحديث على باقي المسؤوليات المنزلية ومسؤولية الأبناء وغيرها التي تتحملها النساء طيلة أيام السنة والتي تتكاثر وتصبح مضنية خلال الشهر الفضيل.
وترجع تسمية حق الملح هاته كعادة تتبعها المرأة المغربية الصائمة خلال صنعها للطعام في شهر رمضان تتمركز في حقها تذوق الطعام بطرف لسانها دون ابتلاعه لمعرفة اعتدال ملوحته قبل تقديمه عند الإفطار.
و يقال بأن "حق الملح" عادة جيء بها من الاندلس الى المغرب أولا - حيث يقوم الزوج بتقديم هدايا لزوجته أو لخطيبته في الأعياد وباقي المناسبات- قبل أن تعمم على باقي دول شمال إفريقيا حيث يقال له في الجزائر "حق الطعام" وفي ليبيا "لكبيرة" وفي تونس ب "حق الملح" بينما يرى آخرون بأنها عادة انتقلت من الأتراك إلى شمال افريقيا في العهد العثماني.
وكيفما كان مصدر هذه العادة أو هذا العرف فإنها تبقى سنة جميلة لأنها تكرس ثقافة الاعتراف حق الملح هذا تحول من حق تذوق الطعام من قبل المرأة الصائمة الى مناسبة لتكريمها عرفانا وتقديرا لمجهوداتها وتعبها طيلة شهر رمضان (الملح والعشرة).
وهكذا يقوم الزوج بتقديم هدية قيمة لزوجته يوم عيد الفطر بعد عودته من صلاة العيد حيث تكون الزوجة قد هيأت الإفطار ورتبت بيتها وقامت بتبخيره وتزينت لاستقبال زوجها.
وتختلف ثقافة الهدية من مدينة الى أخرى حيث تجد من يقدم قطعة من الذهب الخالص (كخاتم أو أكثر منه مثلا ) وهو السائد وهنالك من يقدم غير الذهب كأهل وجدة حيث يتجسد حق الملح في "خياطة القفطان والجلابة وشراء الشربيل أو البلغة وحتي مبلغ من المال.
أما في تونس فإن المرأة التونسية تقدم لزوجها عند عودته من المسجد يوم العيد فنجان قهوة أو كأس شاي ليرجع لها الزوج الكأس الفارغ وبه هدية قيمة كخاتم من ذهب أو أي هدية ذهبية أخرى تقديرا لها ولتضحياتها المتعددة.
ويعبر الزوج المغربي بصفة خاصة والشمال الافريقي بصفة عامة من خلال هذه المبادرات وبطريقة غير مباشرة عن اعترافه بمكانة زوجته وبرغبته في دوام المودة بينه وبينها خصوصا وبينه وبين أفراد الأسرة عموما دون الإفصاح عن ذلك بصفة صريحة.
وأعتقد بأنه لا يجب الخلط بين حق الملح الخاص بشهر رمضان وبين ما يعرف في المغرب ب "التكبيرة" او "التفكيرة" ( عند أهل الرباط ) أو التفكيدة ( عند أهل وجدة ) وهي خاصة بالخطيب حيث يقوم هذا الأخير بتقديم هدية أو هدايا عند قدومه لزيارة أصهاره بمناسبة الأعياد.
وانت يا قارئ هذا العمود "إن كنت ناسي افكرك.." كما قالت هدى سلطان..
وعيدكم مبارك سعيد عليكم وعلى ذويكم بموفور الصحة والعافية والسعادة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟