الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة تأهيل الروابط المشتركة للشعب العراقي، مسئولية النخب أم رسالة المجتمع. ج1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2024 / 4 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل الدخول في هذه الموضوع أولا ود أن أسجل ملاحظة مهمة سوف نواجهه لو طرح السؤال على الناس للإجابة عليه، السؤال يتركز على من له الحق بتوصيف الروابط هذه صالحة وهذه تحتاج لتصحيح؟ وأيضا سوف يثار محدد قيمي يتعلق بما هو معيار النخبوية المقصودة الصالح للاعتماد أو التقييم؟ هل هي النخبوية الأكاديمية التي هي نتاج طبيعي لصورة العلاقات الأجتماعية ذاتها؟ أم نخبوية المفكرين الذين يشكلون تيارا متحركا وقد يكون له تأثير محدود في الساحة، لأنه أساسا يقاوم التيار الأجتماعي السائد وسبح ضد مجراه القائم؟، أسئلة كثيرة وإشكاليات متعددة قد تضع العصي في عجلة البحث الأجتماعي والنفسي الفكري الذي نبحث عنه وعن حلول أو حتى رؤية أولية لحلول قادمة.
بالتأكيد البحث الأجتماعي المعمق والذي يحمل أهداف كبيرة وغايات لها مساس بالبنية الأجتماعية، لا بد له أن يحمل العمقين الأكاديمي المعزز بفهم علمي مدروس ويحمل منهجية للدراسة وخطط وتصورات عملية في كيفية تحويل الدراسة إلى تجربة ناجحة، وكذلك مسنودة خلاصة تجربة فعلية قد تحمل مشتركات أو مشابه نوعي وقيمي للروابط المطلوب دراستها ووضع موضع التفكيك والنقد والتشريح تمهيدا لما هو أهم، وهو أن نضع تصوراتنا في قوالب فكرية أو توصيفات عملية لمرحلة البناء المجدد، هناك رأي أيضا مناسب أن نذكره في موضوع البحث وهو لا يتعلق فقط بالجهود البحثية الأكاديمية أو التجريبية، بل يتعلق بقدرة المجتمع ذاته على الأستجابة، بقول المفكر هشام العيسى بهذا الخصوص في جواب مباشر على التساؤل هنا (في تقديري ان اصحاب الفكر هم من يسعون بمختلف الافكار في التأثير في الواقع الاجتماعي كمحاولة في تغييره .. ولا يتوقف ذلك على اصحاب الفكر كمسؤولية اخلاقية فهو من ناحية اخرى يحتاج الى * استجابات * وفي تقديري ان الاستجابات غائبة وهي جزء اساسي في هذه المشكلة)، هنا بشير العيسى في داخلته إلى معضلة أخرى وواقع حقيقي قد يعرقل مشروع الإصلاح إذا ما وضع موضع التنفيذ العلمي، وهو غياب الأستجابة والتفاعل بسب أجتماعي ضاغط وأيضا لأسباب نفسية وفكرية تتعلق بطبيعة تفكير المجتمع وتسليمتاه وبديهياته.
يشارك الباحث والناشط الثقافي الأستاذ سمير الشيخ راضي في ما ذهب إليه الباحث هشام العيسى من ضعف الأستجابة، ويرى أن الأستجابة هنا مشروطة بعوامل أسترداد الوعي أولا، والوعي لا يسترد ما لم يكن النخبوي قادرا على قيادة مرحلة التحضير الأساسية، فيقول (الانسان العراقي غير قادر على احداث تغيير في سلوكه ولا على تصرفاته ولا على محيطه ، الا بعد ان تكون مبادرة نخبوية من اجل تنمية وتطوير ورفد وعيه والنهوض بمستواه الفكري ، وبتصاعدها تزداد بصيرته، بما يجعله يحمل فكره الخاص وقراره المستقل الناتج من المامه بالمعلومة وتنظيمها وترتيب اولوياتها وتحليلها ومقارنتها ومقاربتها)، إذا يشارط السيد سمير المنادين بدور النخب وإن لم يحدد بدقة مفهوم النخبة، لكنه حدد ملامح عامة أساسية وهي الأستمرار في الكتابة بشكل فاعل لتصنيع وعي على الأقل عند طبقة القراء (وان كانت طبقة الوعي بالمنطق والحجة تستطيع ان توصل الاخرين الى القناعة العقلية ، ولكنها تبقى في حيزها النظري المحض دون ان يكون لها من الفاعلية ما يجعلها قوية في تحركها على الارض).
قريبا من هذا الفهم وهو الاتكال على المؤثر الأجتماعي الفاعل والمعتدل وإن لم يكن نخبويا، فمن الممكن أن يكون لعناصر ثقافية وفكرية معتدلة تتحرك بكثرة وبأثر فاعل في الواقع الأجتماعي دورا مهما في صناعة الوعي اللازم للإصلاح، يقول الناشط الأجتماعي والشيخ عبد الستار الطه وهو يسرد تجربته الفعلية من الواقع بأعتباره قائد أجتماعيا وعنصرا مهما في الحراك الأجتماعي والسياس ما يختصره بمقولة واضحة وصريحة (أرى إن المسؤولية تقع على عاتق رجال الدين المعتدلين وعلى شيوخ القبائل والعشائر المحايدين ، وعلى صعيد الشباب أرى إن القائمين على الرياضة تقع عليهم مسؤولية كبيرة حيث إن الرياضة بصورة عامة وكرة القدم بصورة خاصة نجحت في وحدة الصف الوطني إذا نجح القائمون في أختيار الاكفأ)، إذا المعول عند الشيخ الطه ليس النخب الأكاديمية والفكرية بل على نخب الحراك المؤثر، صناع الرأي العام والقادرين على الجمع حولهم، هذا رأي محترم وله مصداقية في أرض الواقع ولكن بغياب شرط الأعتدال مع تشظي المجامع دينيا ومذهبيا وقبليا قد لا نجد لهم القدرة الكاملة على التغيير الشامل والعام لمحدودية التأثير ربما.
الرأي المستطلع وإن ركو في الكثير من الإجابات على المسئولية المشتركة داخل مكونات المجتمع في التصحيح والعمل على إحياء الروابط الحقيقية، لكن هنام تركيز نوعي على النخبة ليست الفكرية وحدها وإن كان العنوان مطاط، بقول السيد علاء الهاشمي وهو ناشط سياسي في المجال الفكري والتوعوي (اعتقد المسؤولية تكاملية ولا تقتصر على فئة دون اخرى كلاً من مكانه واختصاصه، لكن بطبيعة الحال العبء الأكبر يقع على نخبة المفكرين باعتبارهم عندهم مساحة أعلامية وحتى بوسائل التواصل، ولا ننسى للشعراء والمطربين والممثلين دور كبير ايضاً)، وحتى السيد العيسى في مداخلته السابقة ركو على موضوع النخبة كونها تملك رؤية وتملك قدرة على الترجمة لكنها تفتقد لركيزة أساسية كما قال وهي الأستجابة الفعلية (ولا اعتقد ان الساحة تخلو من المفكرين .. لكنها تخلو تماما من الاستجابات على مستوى التلقي وتلك هي جوهر المشكلة في واقعنا الاجتماعي التاريخي في هذه المرحلة !!).
في الوقت الذي أجمع غالبية المستطلع أراءهم في الموضوع وتسجيل الملاحظات المهمة منه، برز هناك رأي وإن كان مناصروه أقلية وقد يكون صوتهم متفرد، يرى أن دراسة أسباب النكوص التأريخية والأجتماعية وتركيب السلطة وشكلها والأسس التي ركبت النظام الأجتماعي والسياسي من الأهمية، ما يفوق الدراسة الأكاديمية أو التجريبية لوحدها، فالبحث في الأسس التي تم تصميم البناء الأجتماعي عليها أولى وأهم من الخوض بالنظريات والتجارب، وهي لوحدها من تعطي الإجابات الحقيقية عل إشكاليات الدراسة وهدفها الغائي، هذا يعني بالنهاية أن نفهم حركة التأريخ الأجتماعي بجوانبه الثقافية والفكرية والدينية بأعتبار أن المجتمع العراقي مجتمع ذا صبغة دينية عميقة في تركيب شخصية الفرد فيه، إضافة إلى طبيعة البيئة الزراعية المستوطنة والمنحدرة أصلا من ثقافية أسروية مترابطة تمثلها العشيرة أكثر ما يمثلها القانون أو النظام السياسي، وحتى العقيدة الدينية لا تقاوم المبدأ الأسروي في التحكم بالعلاقات الأجتماعية، وهذا مأزق أخر من مأزق الوضع المشوش المهتز الغير متناغم مع ذاته في العراق.
من الآراء التقليدية الشائعة وخصوصا في منطقة الثقافة العربية الإسلامية المصطلح الشائع والتي تحولت إلى قاعدة أجتماعية ذهبية تتردد كثيرا (الناس على دين ملوكها)، والتي تعني بالمختصر أن الروابط الأجتماعية تتحدد وتتحور وفق رأي السلطة ورؤيتها، إنما يكون الفرد الأجتماعي في الغالب منصاع لهذه الرؤية محاولا التأقلم معها أو الأستجابة لها في أحيان كثيرة، هذه الفكرة أو القاعدة بشكل عام لا تمثل حقيقية أجتماعية راسخة بقدر ما تمثل ميل سلوكي عام يخضع لعوامل العقل الجمعي، فكثيرا من السلطات حاولت أن تغير من شكل الرابط الأجتماعية بمختلف المغريات والأساليب ومنها القوة، لكنها سجلت نجاحا مرحليا محدودا سرعان ما عاد المجتمع لقواعده القديمة دون أن يتأثر كثيرا بدين ملوكها، السبب في رأي المتواضع أن هناك مصانع كبرى وأساسية للشخصية البشرية تولت صياغة المفاهيم والأطر والعلاقات وحاولت أن تحافظ عليها قدر الإمكان، وهذه المصانع أو الأسس نفسية وأقتصادية وأجتماعية لصيقة بالفرد وبيئته، ومهما تغبرت الظروف أو تبدلت تبقى تلعب دورا محوريا في الأنا العميقة "الأنا الجوهرية" التي تشكل قوام الشخصية في الظاهر المعلن.
دارت بقية الآراء حول مفاهيم متنوعة منها ما أشار إلى أزمة النخبة ذاتها وعدم قدرتها على تمثيل نفسها بالصورة التي يمكن معها ن تكون لاعب اساسي، يقول السيد حامد ابراهيم الجبوري ما يختصره من فكرة تعبر عن هذه الأزمة بقوله (اعادة بناء المجتمع تحتاج لإعادة هيكلة النخب لانهم اصبحوا عبئا على البلد ولم يعودوا بأفضل حالا من السياسيين وكهنة المعابد...النخب اصبحت تغازل الشارع...وتعزف على ذات الوتر الطائفي العشائري المناطقي..)، نعم قد يكون لأزمة القيم ودور النحب والثقافة والمعرفة المتضائل تحت سطوة الفكر والقوة الدينية والمذهبية دورا مهما في هذا التشخيص، لكن الملاحظ أيضا أن ليس كل النخب الفكرية تعاني من هذا الإشكال فقط مما يعرف بالنحب التواصلية التي تعتمد النهج البراغماتي كما بظنون هم من يشملهم توصيف السيد الجبوري، يشارك الناشط السياس المغترب السيد كمال السوداني هذا الرأي ولكن بتعليل أخر ربما يكون مشتركا بين النخب والقواعد الوسطى من أصحاب الرأب والنشطاء، فيقول (علينا مواصلة العمل لأحداث تغيير إيجابي، مهمة النخب طرح الأفكار الجديدة وتدقيق استجابة المجتمع بكل اصنافه حتى نركز على المقبول والسهل في التطبيق، العائق القاتل الجهل قلة الوعي و اللامبالاة والانشغال بلقمة العيش).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة جامعة كولومبيا للطلاب: المحتجون تجاوزوا الخطوط الحمرا


.. نوبة بكاء لحارسة بوابة أسرار ترمب خلال إدلائها بشهادتها




.. مشاهد لدمار الطرقات والجسور والمنازل إثر الفيضانات التي ضربت


.. تحديث جديد لهواتف -سامسونغ- يدرج -العربية- كلغة مدعومة بالذك




.. الاتحاد الأوروبي يتجه لاتخاذ قرار غير مسبوق بشأن الغاز الروس