الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فعلا الغى بولس الرسول الشريعة كما يدّعي المسلمون؟-الجزء الثاني-

نافع شابو

2024 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



"قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ. لأَنَّكَ أَنْتَ رَفَضْتَ الْمَعْرِفَةَ أَرْفُضُكَ أَنَا حَتَّى لاَ تَكْهَنَ لِي. وَلأَنَّكَ نَسِيتَ شَرِيعَةَ إِلهِكَ أَنْسَى أَنَا أَيْضًا بَنِيكَ" النبي هوشع 4 :6"

قال أحدهم كنت أفكّر لو أن الحسنات تمسح السيّئات بحق فأنا أحتاج لعمر فوق عمري لكي أصنع حسنات تزيل وتمسح سيئاتي الكثيرة جدا لذلك فكّرت أنّ لا خلاص لي بالحسنات أو الأعمال الصالحة، فمن يخلصني وينقذني من حياة الذنوب والعبث؟؟؟
وعندما تعرفت على يسوع المسيح الهي ومخلصي تغيّرت حياتي وتحوّل هذا القلب الأسود لقلب أبيض، ومن قلب يكره الى قلب يحب ومن قلب نجس وغير طاهر الى قلب مليئ بالقداسة والطهارة والعفّة وبدأت حياتي تتغيّر فأصبحت لي أهداف واضحة ومعنى واضح لحياتي، هذا ماقاله احد الذين التقوا وتعرّفوا على شخص المسيح بعد أن كان يحاول المستحيل الخلاص بجهده الذاتي وبالأتكال على أعماله وأرادته الذاتيّة.
بولس الرسول يلتقي بالمسيح
كان الرسول بولس يعتقد انّه يخدم الله ، وأنّه يطبق الشريعة ، ويقدم لله أعمالا صالحة لأضطهاده للمسيحيّين ولكنه كم كان جاهلا لانّه كان يضطهد المسيح نفسه (شاول شاول لماذا تضطهدني؟ (أعمال 9 :4 ). هكذا اليوم المسيحييّن مُضطهدين في اغلب بلدان العالم والكثيرين يعتقدون باضطهادهم للمسيحيّين أنّهم يخدمون الله ويقدّمون له أعمالا صالحة بل أحيانا يقتلون المسيحيّين في اعتقادهم انهمم يطبّقون الشريعة الإلهية (ويصيحون الله أكبر) ويقدمونهم كقرابين بشرية لإلههم ليرضي عنهم. ولكن في الحقيقة هم لايعرفون الله الحقيقي. ويسوع المسيح يقول عن هؤلاء الناس الجاهلين بمعرفة الله "انّهم يعبدون ما لايعرفون لان الله روح وبالروح والحق يجب على العابدين أن يعبدوه"(يوحنا 4 :24 ) .وايضا الله" محبّة " اي هو مصدر ونبع المحبة فكيف يقول الذين يضطهدون المسيحيين (وغير المسيحين)انهم يعرفون الله ؟
بولس الرسول كان غيورا على دينه ومثالا ليهودي تقي، تلقى تعاليمه من أعلى المرجعيات الدينيّة اليهوديّة التي كانت تحفظ الشريعة، وكان حسب فكره ومعرفته انّه يقوم بخدمة عظيمة عندما كان يضطهد المسيحيّين المؤمنين بيسوع المسيح ،لانّه كان يعتبرهم هراطقة وبدع خارجين عن الدين اليهودي .وبعد أن أصبح مسيحيّا ( بعد ان التقى بالمسيح وهو في طريقه الى دمشق لأضطهادهم)أختبر الخلاص فتغيّرت حياته من مضطهد للمسيحيّة الى اقوى مدافع عنها في تاريخ الكنيسة كُلّها واصبحت رسائله بمثابة لاهوت للمسيحيّة ومبشرا بيسوع المسيح المصلوب والفادي للبشريّة بين الأمم (الوثنيين غير اليهود) فسميّ رسول الأمم، أصبح هو نفسه مُضطهد من قبل اليهود والعالم الروماني واستشهد أخيرا في روما.
الرسول بولس لم يأخذ رسالته من تلاميذ المسيح والمؤمنين بل أخذها مباشرة من الرب يسوع المسيح (راجع سفر اعمال الرسل 9:) (غلاطية1 : 11 ) فهو اختبر أنّ الخلاص هو حتّى للخطاة وللوثنيّين ولكل البشريّة بغض النظر عن كونهم متديّنين (لهم شريعة أو ناموس) أو غير متديّنين(ليس لهم شريعة وناموس)، انّها بشرى خلاص لكل الأمم جاء بها يسوع المسيح عندما قدّم نفسه فدية لكل البشرية.
لهذا دافع الرسول بولس عن لاهوت الخلاص بالنعمة بالأيمان وليس بالأعمال، إذ يقول "لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَد." (أفسس 2: 8-9"
الأعمال: هي كل ما يقوم به الأنسان من جانبه من عمل (جهد) كوسيلة لأرضاء الله .بينما هنا نفهم نعمة الله ، محبّة غامرة وصلاحا لم نستحقّهُ .فالإيمان هو الوسيلة الوحيدة للتبرير ، وهذا ليس منا .لا تستطيع ألأعمال البشرية أن تمنحنا الخلاص ،الذي هو هبة من الله.لا يستطيع الأنسان أن "يربح " الخلاص " حين يمارس الشريعة. فالكتاب يشجب ربط الخلاص (أو التقديس) بالشريعة. وهكذا لا يستطيع احد أن يُفاخر وكأنّ العمل عملهُ. فعليه أن يشكر الله دوما.
أمّا النعمة :فهي هبة مجّانيّة تُعطى للأنسان المؤمن بفداء المسيح له على الصليب وتبرير الأنسان المؤمن من الخطيئة “لأنَّ أجرة الخطيئة هي الموت وامّا هبة (نعمةالله) فهي الحياة الأبديّة في المسيح يسوع"(روميا 6 : 23 )، والذين يتخذون الشريعة والعمل بها ليرضوا الله بجهدهم الذاتي لايفهمون حقيقة انّ المسيح هو الذي يخلّصهم وليس الشريعة . فحفظ الشريعة ليس هو هدف المسيح(الله) بل المسيح هو هدف الشريعة، وكما يقول الرب يسوع « الله جعل السَّبْتُ للإنسان ، وما جعل الأنسان للسبت . فإبن الأنسان ربّث السبت أيضا "مر 2: 27 ، 28". كان الفريسيون اليهود يمنعون العمل في يوم السبت "حسب تفسيرهم لسفر التكوين عندما خلق الله الكون والمخلوقات والأنسان في ستة أيام واستراح في اليوم السابع " وبارك الله اليوم السابع وقدّسهُ ، لأنّه استراح فيه من جميع ما عمِلَ كخالق"تكوين 2 :3". اليوم السابع او يوم السبت (في العربية : سبت أي استراح).إتُّخذ هذا اليوم معنى لاهوتيا على الراحة الأسبوعية للأنسان ، وبدا السبتُ علامة بين الله وشعبه ، كلام عن مشاركة الأنسان في راحة الله ونهاية الخلق .
اليهود وضعوا عشرات الموانع عن العمل في يوم السبت ، مثل كم مسافة يمشي اليهودي في يوم السبت ولا يجوز العمل في يوم السبت وووالخ . وجاء يسوع المسيح ليشفي المرضى في يوم السبت وكان هذا بالنسبة لهم مخالفة للشريعة، حيثُ كانوا يعتقدون ان يوم السبت هو للراحة لا عمل فيه . أي أصبحت شرائع السبت عند الفريسيين، أهم من الداعي اليها (يسوع المسيح) الذي أكّد سلطته على نظام ديني هو نظام السبت . وهكذا صار يسوع المسيح فوق الشريعة، لأنّه إبن الله . وهكذا سقط تفسير الفريسيين للشريعة وما فيه من حكم على المؤمنين الضعفاء. القصد من شريعة الله هو تعزيز المحبة لله وللآخرين، فلا تحفظ أيّ شريعة حفظا أعمى دون النظر بدقّة في أسبابها ، فروح الشريعة أهم من الحرف . فخدمة القريب أهم من ممارسة الفرائض والطقوس. ولكن هذا التعليم اثار سخط المتعصبين للشريعة (الفريسيّين) وخادمي السلطة (الهيروديسيّين ). جاء المسيح ليقول "«أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَاأَعْمَلُ».إنجيل يوحنا (5 :17). عندما شفى يسوع كسيحا في يوم السبت وقال له يسوع " قم واحمل فراشك وأمشِ" قال اليهود للذي شفاه المسيح "هذا يوم السبتِ ، فلا يحلّ لك ان تحمل فراشك ".وعندما عرفوا اليهود ان يسوع هو الذي شفى الكسيح في يوم السبت "فأخذ اليهود يضطهدون يسوع (راجع يوحنا 5).
هذا الشفاء للكسيح هو كان رمزا الى الشعب اليهودي الذي يحتاج هو أيضا أن يقيمه(ويشفيه) يسوع من تعلُّق ضيق بشريعة لا تحمل الحياة بل الموت. يسوع المسيح كان يغفر خطايا الناس بل كان يعايشر الخطاة وكان معلمي الشريعة يقولون في انفسهم عن المسيح "كيف يتكلم هذا الرجل كلاما كهذا ؟ فهو يُجدِّف!" مرقس 2 :7".
فعندما نركّز على المسيح كهدف يقل تركيز انتباهنا على مايجب علينا أن نفعله وما لايجب أن نفعله حيث الأعمال(الصالحة) هي ثمرة (نتيجة) الأيمان بالمسيح (غلاطية 2 :20 ،21). ع

مظاهر التدين عند بعض الديانات
أنّ الديانات التي تركّز على الشرائع والقوانين والأعمال الصالحة لايمكنها أن تعطي للأنسان الشبع الروحي ولا الرجاء اليقين بالخلاص لانّ هذه الديانات تسخر من قول الله "بدوني لا تستطيعون أن تعملون شيئا "يوحنا 15 :5". بينما “الديانات كأنّها تريد التجارة مع الله وهي كمن يقول لله ،كما في اللغة العاميّة ، (هات وخُذ).
كان اليهود ومعلموا الشريعة يشدّدون على الأنضباط وكانت الناموسيّة (الشريعة) تجتذب الكثيرين (اليوم أيضا)، وذلك بحفظ قائمة طويلة من القواعد الدينيّة من الصوم ومظاهر البذخ والتباهي بالصيام والصلاة في الساحات والأماكن العامة والزكاة (أحيانا من مال الحرام) والأعياد التي أصبحت مناسبات للاحتفالات التي هي بعيدة كل البعد عن جوهر العيد الذي هو فرح مع الله . وهناك من يزور العتبات المقدّسة للحصول على لقب معيّن واستغلاله في التجارة وحتى قواعد الأكل والشرب والمعاشرة الزوجيّة وغسل الأيدي وشريعة السبت ومئات الفرائض والفتاوى التي تجاوزت المئات أيام المسيح عند اليهود واليوم تجاوزت الآلاف عند المسلمين حتى أصبحت هذه التشريعات والفتاوى عبئا ثقيلا على الناس وحجر عثرة لهم فاصبح الأنسان مستعبدا لهذا الكم الهائل من التشريعات (باسم الله) . بالأضافة الى ما هو حلال وما هو حرام ووووووالخ وجميع المظاهر الخارجيّة التي تعطي انطباع للتقوى بينما هناك فراغ وخواء في التقوى الداخليّة التي هي العلاقة مع الله ومع اخوتنا في الأنسانية... لقد أصبحت هذه الشرائع والنواميس عبئا ثقيلا حتى لواضعيها.
سمّى يسوع المسيح هؤلاء رجال الدين المتديّنين الذين يشرّعون ما هو ليس تشريعا الهيا بالمرّائين ونعتهم بأولاد الأفاعي ليس هذا فقط بل هؤلاء يغلقون أبواب ملكوت الله حتّى لا يدخل الآخرين فيها "الويل لكم يا مُعلّمي الشريعة والفرّيسيُّون المرُّاؤون ، تُغلقون ملكوت السّماوات في وجوه الناس فلا أنتم تدخلون ولا تَتركون الدّاخلين يَدخلون"(متى23:13 )،
نعم قد يبدو الأنسان على خلق من الخارج وقد يقوم بأعمال خيرية أو يبني كنائس وجوامع ومستشفيات خيرية وقد يساعد الفقراء وتراه يصوم ويصلي ولكن قد تكون هذه المظاهر كُلّها خدّاعة ليُري الناس أنّه متديّن ويعرف الله بينما قلبه (من الداخل هو غير ما يبدو من الخارج) بعيد كل البعد عن الله وقد لايعرف الله الحقيقي.
اليوم لازلنا نعيش في زمن الشريعة ولم نتخلّص من الفكر الذي كان سائدا عند اليهود منذ الفي عام .
هناك ديانات تعتمد على الفرائض والطقوس والتقوى الخارجيّة ، بينما يسوع المسيح يقول لنا "ما من أحد يمكنه أن يرى ملكوت الله الآ اذا ولد ثانيةً"(يوحنا 3:3 )، ويقول الرب أيضا:"لأنَّ مولود الجسد يكونُ جسداً ومولود الروح يكونُ روحاً"(يوحنا 3:6 ).
سأل يوما الفريسيّون يسوع: متى يأتي ملكوت الله ؟ أجابهم يسوع "...إنّ ملكوت الله في داخلكم" لوقا 17 :21"
ويقول الرسول بولس: "ليس ملكوت السّموات طعامًا وشرابًا، بل برٌّ وسلامٌ وفرحٌ بالرّوح القدس". (رو14: 17).
نعم يسوع المسيح أعطانا الحياة الجديدة(بالولادة الثانية الروحية) وخلصنا وحرّرنا من اثقال الناموس(الشريعة) بالنعمة المجانيّة لانّه صار لعنة من أجل أن يحمل لعنة الذين كانوا تحت الناموس وذلك عندما صُلب على خشبة الصليب وبعد قيامته قال لتلاميذه أن يذهبوا الى العالم كلّه ويعمذوهم بأسم الآب والأبن والروح القدس ) . اي كل من يتوب ويؤمن بالمسيح كمخلّص شخصي يخلص وتتغيّر طبيعة حياته الماضية ليحمل طبيعة جديدة فيه لايستطيع الآ أن يعمل الخير ويحب الله ويحب نفسه ويحب الآخرين، بينما الطبيعة الجسديّة(الطبيعة الخاضعة للشريعة)لا تستطيع أن تطبق ما في الشريعة . فالشريعة تُلخّص كلّها ب"المحبّة" وفاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه.
يقال (في التقليد الكنسي ) أنّ الرسول يوحنا قال لتلاميذه ( حُبّوا وافعلوا ماتشائون ) أي انّ الذي يحبُّ لا يستطيع الآ عمل الخير.
أنّ الكتاب المقدّس (ومنها رسائل بولس الرسول) يركّز على حقيقة مهمّة وجوهريّة وهي انّه لا خلاص ولا حريّة ولا معرفة لله عندما نعتمد على ارضاء الله بالأتكال على جهدنا لتطبيق الشريعة والناموس لانّنا لانستطيع ذلك بل هو مستحيل (راجع رسالة الرسول بولس الى أهل روميا )"حتّى انّهُ كما سادت الخطيئة للموت تسود ُ النّعمة التي تُبرّرنا بربّنا يسوع المسيح للحياة الأبديّة"(روميا 5 :21)، فالحل الوحيد هو معرفتنا بالله عن طريق شخص ابنه يسوع المسيح وعندها نكتشف كم نحن خطاة ، فنجد أنّه لاطريق أمامنا سوى الأستناد على أيماننا بشخص" مُخلّص" الذي وحده يستطيع أن يخلّصنا ويمحي خطايانا لانّه وحده يعطينا الحل لمشكلتنا مع الخطيئة التي تقف حاجزا بيننا وبين الخلاص. العديد من الناس الذين شفاهم يسوع المسيح او غفر لهم خطاياهم كانوا لا يطبقون الشريعة بل حتى اللص على يمينه اثناء الصلب ، ولأنه اعترف بخطاياه وطلب من الرب يسوع قائلا "أُذكُرني يا يسوع ، متى جِئتَ في ملكوتَكَ. فأجاب يسوع : " الحقَّ أقول لك : ستكون ُ اليوم َ معي في الفردوس"لوقا 23 : 42، 43"
الخلاص بالشريعة(بالأعمال) يشبّهها أحد الآباء القديسين بحالة انسان في هذه الأرض فيرى سُلّما موضوعا بين السماء والأرض فيحاول تسلّق هذا السلم لكنّه كلّما حاول سقط بسبب هذا الهوّه الشاسعة بين السماء والأرض وعدم مقدرته بجهده أن يصل الى السماء
اذا لم يقبل اليد الممدودة له من السماء وهي يد المخلّص يسوع المسيح.
بولس الرسول والشريعة
يستشهد الكاتب محمد الحسيني بقول المسيح عندما يقول:
"لا تظنوا أني جئت لألغي الشريعة ( الناموس ) أو الأنبياء . ما جئت لألغي بل لأكمّـل فالحق أقول لكم : ” إلى أن تزول الأرض والسماء ، لن يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الشريعة ، حتى يتم كل شيء "( الكتاب المقدس ـ كتاب الحياة : متى 5 :17 ،18 ) .فهذا هو موقف الرب من الشريعة في العهدين.. القديم والحديث(الجديد) ..
ويتسائل الكاتب (وهو مسلم بالطبع) فيقول:
فماذا فعل بولس الرسول بهذه الشريعة ..؟!!! في الواقع؛ لقد قذف بولس بالشريعة إلى الجحيم قبل أن تزول الأرض والسماء.. كما قال بهذا الرب (يسوع المسيح). فقد اعتبر بولس أن الشريعة (الناموس) والعمل بها هي لعنة لا لزوم لها فقال:إن المسيح حررنا بالفداء من لعنة الشريعة، إذ صار لعنة عوضا عنا، لأنه قد كتب : ” ملعون كل من علق على خشبة"غلاطية 3 :13" (انتهى الأقتباس) راجع الموقع التالي
https://islamegy.wordpress.com/articles/paul-the-apostle-the-law/
تعليقي على ما كتبه الكاتب محمد الحسيني:
قبل كُلّ شيء، لا يجوز، أن يستشهد أحدهم بآية من الكتاب المقدس ويخرجها من سياق الآيات السابقة واللاحقة و موضوع الأصحاح او الفصل في الكتاب المقدس
كذلك يجب قراءة كل نص ، ضمن كتابه ، ومناسبة كتابته وخلفيته الحضارية والثقافية ، وما الذي يعنيه الكاتب وكيف يفهمه قرّاؤهُ في زمنه. والأهم على ماذا استند الكاتب في تفسيره او شرحه لهذه الآيات ؟ لماذا لم يذكر مصدر تفسيره وعلى ماذا استند في قوله ان الشريعة لعنة لا لزوم لها؟
والسؤال الذي نطرحه على اخونا محمد الحسيني ، وعلى كل اخ مسلم ،هو: هل ممكن ان نفسّر الآيات القرآنية دون الرجوع الى تفاسير العلماء المسلمين ؟
فعلى الكاتب "محمد الحسيني" ان يجاوب على هذه الأسئلة لكي يكون صادقا في اتهامه الباطل لبولس الرسول عندما يقول: " لقد قذف بولس بالشريعة إلى الجحيم قبل أن تزول الأرض والسماء"
أولا : شرح الآيتين التي وردت في مقالة الكاتب محمد الحسيني كما ورد في الكتاب المقدس (انجيل متى 5 :17،18)
"«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ."" متى 5 : 17"
هنا بعد ان حثّ يسوع تلاميذه على أعمال تمجّد الله، جاء يُذكِّرُهُم بالأعمال التي يتحدَّث عنها الكتاب المقدس. في الشريعة أي اسفار موسى الخمسة، والأنبياء ألأولين مثل يشوع، قضاة، 1و2 صموئيل 1و2 ملاخي، والأنبياء اللاحقين مثل اشعيا ، ارميا ، حزقيال . الأثني عشر نبي. يبقى القسم الثالث (بعد الشريعة والأنبياء) الذي هو "الكتب" الباقية.
كَمَّلَ يسوع الشريعة بمعنى أنّهُ أوصلها الى كامل مدلولها. تعمّق فيها، فما ظلّ على مستوى اعتراف خارجيّ وطاعة شكليّة(حرفية)، بل عاد الى مبادئها الأساسية وفرائضها.
عندما نرجع الى العهد القديم سنعرف أنّ الله أعطى شرائعه الأدبية والطقسية لتعين الناس على أن يحبّوه من كُلّ قلوبهم وافكارهم (الوصية الأولى لموسى) . ولكن طوال تاريخ بني إسرائيل، كثيرا ما أُسيء فهمها وتطبيقها. وفي أيّام الرب يسوع كان الناموسيين والقادة الدينيّون قد حوّلوا الناموس(الشريعة) الى مجموعة القوانين المربكة. وعندما كان الرب يسوع يتكلم عن طريقة جديدة لفهم شريعة الله، كان، في الحقيقة، يحاول أن يعود بالناس الى الهدف ألأصلي من الشريعة (المحبة)، فهو لم يتكلم ضد الشريعة نفسها ، ولكن ضد إساءة فهمها (أي إساءة تاويلها) وتطبيقها ، والى التجاوزات التي أخضعوها لها . الدليل على ذلك قوله جئت لأُكمّل ولم يقل جئت لألغي الشريعة. فهناك فرق شاسع بين اكمال الشريعة وبين الغاء الشريعة.
وحيث أنّ الذين يتّكلون على حرفية الشريعة فهم بعيدون عن معرفة روح الشريعة التي هي المحبة لله والناس فالحرف يَقتل أما الروح تحيي ولايمكننا ان نعرف الله الا بالروح القدس الذي يغيّر الحياة القديمة للأنسان (الحياة الطبيعيّة الجسديّة) ليعيش الحياة الجديدة( الحياة الروحيّة بعد المعموذيّة ) بالمسيح. وهذا يتم بالتوبة والندم والمعموديّة وطلب من الرب يسوع أن يدخل قلب الأنسان ليغيّر الأنسان من الداخل.(لأنّ مولود الجسد يكون جسدا ومولود الرًّوح يكون روحا)(يوحنا 3:6 )،

فالله يحاسب سرائر(دواخل ) الأنسان ولايحكم الله فقط من المظاهر الخارجيّة لأنّ الأنسان بطبيعته يحاول أن يُظهر للناس بعلامات خارجيّة توحي للناس أنّه متديّن وله تقوى ولكن في الغالب هؤلاء الناس هم يحاولون أن يغشّوا الآخرين ويغشّوا الله . فالكتاب يقول عنهم:"بسببكُم يستهين الناس باسم الله بين الأُمم"(روميا 2 : 24). ويظنُّ ناسٌ كثيرين أنّ التقوى الخارجيّة والمظاهر الدينيّة هي التي تدلُّ على الألتزام بالدين وتطبيق الشريعة ولكن كثيرا مايخطأ هؤلاء وياللأسف .

اليوم تنتشر في الدول العربيّة والأسلاميّة هذه المظاهر الخذّاعة (لرجال الدين) وينخدع الملايين من الناس البسطاء عندما ينظرون الى المظهر الخارجي لبعض رجال الدين ولا يعرفون أنّ هؤلاء يفعلون بعكس ما يقولون وحياتهم الحقيقيّة غير ما تبدو من الخارج. يقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء المُتديّنين بقشورالدين" الويل لكم يامعلّمي الشّريعة والفريسيّون المراؤون! تقطعون البحر والبرَّ لتكسبوا واحدا الى ديانتكم، فاذا نجحتُم، جعلتموه يستحق جهنَّم ضعف ما أنتُم تستحقّون !" متى 23:15"
السؤال هو : إذا لم يكن المسيح قد جاء لينقض الشريعة، فهل يعني هذا أنّه ينبغي الآن تطبيق كُلِّ شرائع العهد القديم؟
كانت الشريعة، في العهد القديم، ثلاثة اقسام: قسم طقسي، وقسم مدني، وقسم أدبي:
أولا: كانت الشريعة الطقسية ترتبط بصورة خاصة بعبادة بني إسرائيل. وكان الهدف الأساسي منها أن يشير الى الرب يسوع المسيح، فلم تعد هذه الشرائع لازمة بعد موت المسيح وقيامته (مثل الذبائح الحيوانية مثلا التي كانت تشير الى موت يسوع فداءً للبشرية (وحتى في القران مكتوب "وفديناه بذبحٍ عظيم" ) . ولكن بينما نحنُ غير مقيّدين بالشرائع الطقسية، فإن المبادئ التي ورائها، أي أن نعبد الله القُدّوس ونحبهُ، ما زال ساريا. وكثيراً ما اتَّهَم، الفريسيون (اليهود)، الرب يسوع بأنَّه تعدّى على الشريعة الطقسية (كما اليوم بعض الاسلاميون يتهمون الرسول بولس بانه ألغى الشريعة).
ثانيا: كانت الشريعة المدنية تطبيقا لشريعة الله على الحياة اليومية في إسرائيل، ولأنّ المجتمع العصري والثقافة الحديثة يختلفان اختلافا جذريا ، فلا يمكن تطبيق كُلِّ هذه التوجيهات بحرفيّتها ، ولكن المبادئ وراء هذه الوصايا ، هي لكُل الأزمنة ويجب أن تقود سلوكَنا، وقد تمّمها يسوع كمثال لنا .
ثالثا: ألشريعة الأدبية :(مثل الوصايا العشرة) هي أمر مباشر من الله يلزم طاعته طاعة كاملة (انظر مثلا خروج 20: 13)، فقد اطاع يسوع الشريعة الأدبية تماما، فهي تُعلن طبيعة الله ومشيئته، وهي ما زالت ملزمة حتى اليوم.
ظنّ القادة الدينيون اليهود (كما اليوم شيوخ المسلمين) أنّ تعليم الآخرين لتنفيذ الشريعة هو الهدف الأسمى في الحياة، لكن الرب يسوع أوضح تماما أنَّ الطاعة لله هي اعظم هدف، فمن السهل جدا أن تُدرَّس شرائع الله وتطلب من الآخرين أن يطيعوها، دون أن تمارسها بنفسك ...كانت نقطة الضعف عند الفريسيين أنّهم اكتفوا بطاعة الشريعة ظاهريا دون أن يسمحوا لها بان تُغيّر قلوبهم (أو اتّجاهاتهم) لذلك قال الرب يسوع إنّ نوعية صلاحنا يلزم أن تكون افضل مما عند الفريسيين. قد نُظهر أتقياء، ومع ذلك نظل بعيدين عن ملكوت الله. إنّ الله يحكم على قلوبنا (دواخلنا ونيّاتنا) كما على أفعالنا، لأنَّ الولاء الحقيقي يكمن في القلب.
فالمسيحية تؤمن أنّ صلاحنا يجب ان يكون نتيجة لما يفعله الله فينا، وليس ما نستطيع نحن أن نفعله من أنفسنا. مركزه هو الله وليس الذات. مبنيا على مخافة وطاعة الله وليس استحسان الناس. بل والأهم المسيحية ليست مجرّد حفظ الشريعة، بل حُبّا في المبادئ التي ورائها.

امّأ قول المسيح (كما جاء في مقالة محمد الحسيني) :" إلى أن تزول الأرض والسماء ، لن يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الشريعة ، حتى يتم كل شيء "متى 5 : 18"
هنا لا يتكلّم يسوع ضد ممارسة ما تطلبه الشريعة، بل ضدّ شريعانيّة (تعلُّق اعمى بالشريعة) ، تحمل المراءة والتهرُّب الكاذب مم يطلبه الله . مثل هذه الشريعانيّة لا تقوم بحفظ كُلِّ تفاصيل الشريعة، بل هي طريقة باطلة وفارغة في حفظ الشرئع الخارجية (يُصَفّون البعوضة ويبلعون الجمل) . وهكذا يربح الأنسان الجزاء أمام الله، ساعة يُغيضهُ في قلبه : يتبع حرف الشريعة ويتجاهل روحها . رفض يسوع تفسير الفريسيين للشريعة ونظرتهم الى البرّ بأعمال الشريعة ، فكرز ببرّ يأتي عبر الأيمان به والأعمال .
هنا انتقد يسوع التفسيرات الخاطئة للكتاب المقدس، وليس الكلمات المكتوبة نفسها.لم يُبطل المسيح الناموس، ولكنه جاء ليتمِّم كل شيء فيه وقد فعل ذلك من خلال طاعته النيابيَّة بأكملها
أعطانا يسوع ستة أمثلة عن طريقة الفريسيين "المتظاهرة" في العمل بالشريعة (راجع متى الأصحاح 5 قيل لكم .....أمّا أنا فاقول لكم). اعطانا يسوع نظرة جديدة للشريعة وهي امانة التلاميذ لشريعة الله. وهكذا دلّ يسوع على رفضه لمنطق الكتبة (معلمي الشريعة اليهودية) والفريسيين: الذين ظلّوا خارج الملكوت. ومن سار على خطاهم كان مصيرهُ مصيرهم.
يقول الرب يسوع السميح
" سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لا تقتل ...لاتزنِ...من طلق امراته ، فليعطها كتاب طلاق... لا تحلف ....عين بعين وسن بسن ...احب قريبك وابغض عدوّك ..وأمّا أنا فأقول لكم"متى5 : 21-48"
ونعطي مثال لما قاله يسوع :
"سمعتم انه قيل للقدماء : لا تقتل ، فمن يقتل يستوجب حكم القاضي....... وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ"متى 5 :21 ،22"
القتل هنا هو القتل عمدا والأنتقام الشخصي وهذا أمر تحرّمه الوصايا العشرة (راجع خروج 20 " 13 ، وتثنية 5 :17). والقدماء (الآباء ) كانوا يقدمون القاتل للمحكمة لحكم القاضي . ولكن يسوع المسيح لم يتوقف عند المحكمة البشرية، بل عند محكمة الله.
ليس هذا فقط بل يقول المسيح: من غضب يؤدي ربّما الى القتل، ويتبع الغضب الكلام القاسي : جاهل (في الأصل :راقا . رأس فارغ، بلا دماغ، صاحب تصرُّف ارعن) . مثل هذا التصرف يستحق حكم المجلس الأعلى(اليهودي). أراد يسوع ان يشدّد على ما تتضمّنه وصيّة القتل، من متطلبات خطيرة جدا. حتى القول أحمق جعلها يسوع على مستوى القتل. هنا نتذكّر ما ورد في رسالة يوحنا (1يوحنا 3 :15) "وكلّ من يبغض أخا له، فهو قاتل " تجعل البغض مع القتل.
وهذا ما أشار اليه أيضا الرسول بولس في رسالته الى روميا (1 : 32). التي تتحدّث الآية عن حكم الله الذي هو حكم الضمير أولا ثم حكم العدالة البشرية.
ويمكن ان يعرف القارئ ما يرمي اليه يسوع المسيح (والرسل من بعده) عن ما وراء عملية القتل من خلال الجرائم التي ترتكب في حق الأنسان ومثال على ذلك:
عندما يقوم انسان مسلم قاصر عمره 16 سنة بمحاولة قتل رجل الدين المسيحي "المطران مار ماري ميخائيل" في استرالية وهو في كنيسة يصلي مع الحاضرين، فهل هذا الأنسان القاصر هو وحده يتحمل جريمة محاولة القتل أم هناك أيضا من يقف وراءه بتحريضه او بتلقينه تعاليم شيطانية لكراهية الآخر والانتقام منه؟ . فالمجرم قد يحاكم في محكمة الدولة، ولكن يبقى المحرّض على القتل هو القاتل الحقيقي وسيحاكم في دينونة الله. ولكن ما أروع طلب المطران مار ماري ميخائيل عندما صلّى طالبا من الله من اجل هذا الشاب المراهق ليغفر له ذنبه ويرحمه . اليس هذا هو قمّة المحبة الأخوية الأنسانية ؟ الم يطلب الرب يسوع من ابيه السماوي ليغفر للذين كانوا يصلبوه ويعيروه ويبصقوا عليه وهو في قمة آلامه؟.من هو الأقوى في هذه الحالة ؟ هل القوي يقاس بامتلاكه السلاح ام الأقوى هو المسامح وهو في موقع القوّة؟. نعم قد تتخذ المحاكم قرارات بمعاقبة المجرمين ولكن هناك قرارا اخر في محكمة الله (الدينونة) لا يعرفه الا هو . لهذا يقول لنا الرب يسوع "لا تُدينوا لكي لا تُدانوا"متى 7 :1"

ثانيا : شرح الآية التي ذكرها بولس الرسول (الواردة في مقالة محمد الحسيني ):
"إن المسيح حررنا بالفداء من لعنة الشريعة،إذ صار لعنة عوضا عنا، لأنه قد كتب :” ملعون كل من علق على خشبة"غلاطية 3 :13"
يشرح عالم الكتاب المقدس بولس الفغالي* هذه الآية فيقول:
جدال بين بولس وبين المسيحيِّين المتعلِّقين بالشريعة اليهوديَّة(المتهودين ). اعتبروا أنَّهم يخلُصون حين يمارسون الشريعة. أمّا الرسول فحدَّثهم عن الإيمان. هم وضعوا الشريعة وكأنَّها هدف يريدون أن يصلوا إليه. وبولس قال لهم: "ارتسم المسيح أمام عيونكم مصلوبًا" (غل 3: 1). لا شكَّ في أنَّ التعلُّق بالصليب يعرِّض المسيحيّ للخطر، بعد أن قال الرومان: "المسيحيُّون يجب أن يموتوا." أمّا إذا تعلَّق الغلاطيُّون بالشريعة واعتُبروا يهودًا فينجون من الاضطهاد بسبب الامتيازات التي نعمَ بها اليهود في الإمبراطوريَّة الرومانيَّة. هناك فائدة مادّيَّة. ثمَّ ننجو بحياتنا.وأوصلهم الرسول إلى الحائط المسدود. هل تستطيعون أن تمارسوا الشريعة كلَّها؟ تتضمَّن، بحسب المعلِّمين، 613 وصيَّة، منها 365 من الممنوعات؟ ومن لا يعمل بكلِّ متطلِّبات الشريعة، الويل له. قال سفر التثنية: "ملعون كلُّ من لا يثابر على العمل بكلِّ ما كُتب في الشريعة" (27: 26). والنتيجة: ما من إنسان بارّ. ولعنة الشريعة تلتصق بالمستندين إليها وحدها. فماذا فعل المسيح؟
"حرَّرنا من لعنة الشريعة بأن صار لعنة من أجلنا" (غل 3: 13). وقال الرسول في موضع آخر: "صار خطيئة من أجلنا." أي حمل المسيح خطايانا بعد أن صار "حمل الله" (يو 1: 29، 36). وكيف صار لعنة؟ حين صُلب، حين عُلِّق على الخشبة. وأورد الرسول أيضًا سفر التثنية (21: 23): "ملعون كلُّ من عُلِّق على خشبة." أجل، قبِل المسيح أن يموت وكأنَّه "ملعون" لكي يخلِّصنا من الخطيئة التي وصلت بنا إلى اللعنة، كما قيل في البدايات لآدم: "ملعونة الأرض بسببك" (تك 3: 16).(انتهى الأقتباس).
الأيمان هو الشرط الوحيد لتحقيق هذا الخلاص "روميا 3 9". فالذين يكتفون بممارسة الشريعة ويتكلون على أعمالها ، هم ملعونون . لماذا ؟ لأنّهم لا يستطيعون أن يمارسوا جميع متطلباتها . رفض اليهود النعمة المقدمة لهم مجانا ، فخسروا البركة "غلاطية 3 :10" .ألإيمان يفتح الأنسان على الأيمان بالمسيح .أمّا الشريعة فتسجُنهُ في الخطيئة وتتركه في اللعنة "غلاطية 3 :11"
نعم الأيمان هو شرط الخلاص . الخلاص يشمل الباطن والخارج ، ايمان بالقلب واعتراف بالفم واللسان . الله برّر إبراهيم (أبو الشعب المختار) بالأيمان (لم تكن هناك شريعة) "آمن أبراهيم بالله، فبرّره الله لإيمانه"غلاطية 3 : 6،7". ذكر بولس إبراهيم لانّه فيه يظهر قصد الله . أمّا هدف هذا القصد فخلاص جميع البشر. والإيمان هو الشرط الوحيد لتحقيق هذا الخلاص.
المسيح حرّرنا(فدانا) : يعني بنعمة المسيح يسوع الذي افتدى البشرية ، والذي جعله الله كفارة في دمه لكلّ من يؤمن به . ويسوع المسيح يبرّر الأنسان بشكل مجاني فيخلق فيهم حياة جديدة . (راجع روميا 3 :24) .
وقد يسأل المعترضون(بعض الأخوة المسلمين) عن هذه الحقيقة بقولهم: اذن لماذا أعطى الله الشريعة للعمل بها؟
السؤال نفسه والأجابة عليه نقرأه في رسالة الرسول بولس الى أهل روميا: حيث يجيب انّ الشريعة أعطيت لتكشف عن الخطيئة التي فينا إذ يقول:"فماذا نقول ؟ أتكون الشريعة خطيئة؟ كلاّ ولكني ما عرفت الخطيئة الاّ بالشريعة فلولا قولها لي "لاتشتهي " لما عرفتُ الشهوة" (روميا 7:7 ).
نعم الخطيئة واقعة على الجنس البشري وهي أمر خطير فمهما غطيناها بأعمالنا لن يجدي نفعا، فالشريعة تكشف لنا هذه الخطيئة ولا تزيلها. أو مثل الأنسان المريض الذي ترتفع درجة حرارة جسمه فهل الكمادات التي نضعها على المريض تعالج المرض أم عليه أن يذهب الى الطبيب ليعالج المرض ؟ .هكذا يسوع المسيح هو الطبيب الوحيد الذي يشفينا من مرضنا المزمن وهي (الخطيئة).الخطيئة جرّدتنا عن الله منذ أن سقط أبوينا الأولين (ادم وحواء)(راجع سفر التكوين) . ولكن هذا لايعني أنّ الناس يعيشون أو يشعرون بخير بدون الشريعة.
نعم بالأيمان نتبرّر ولكن لا يعني ذلك ابطال الشريعة بل تثبيتها وهذا ما يقوله الرسول بولس ايضا:" وهل يعني هذا (التبرير بالأيمان) أنّنا نُبطل الشريعة بالأيمان؟ كلاّ، بل نثبتُ الشريعة"(روميا 3:31).
الرسول بولس يقول:" ما من احدٌ بار،لا أحد ، ما من أحد يفهم ، ما من أحدِ يطلب الله .ضلّوا كُلُّهم وفسدوا معا" روميا 3 : 10-12"
البشرية كلها تحت سلطة الخطيئة سواء اليهود والوثنيين. إذن البشرية كلها خاطئة. الشريعة هي تُعرّفنا بالخطيئة. فالشريعة تكشف أنّني خاطئ كما يقول الرسول بولس. " ونحن نعلم ان كل ما تقوله الشريعة إنّما تَقولهُ للذين هُم في حُكم الشريعة، ليسكُت كُلّ إنسانٍ ويخضع العالمُ كُلُّه لحُكم الله . فالعمل بأحكام الشريعة لا يُبرّر أحدا عِندَ الله، لأنَّ الشريعة لمعرفةِ الخطيئةَ"روميا 3 : 19-20"
لنعطي مثلا:
لنفرض أنّك ذهبت الى شاطيء البحر في يوم مشمس جميل وما ان غطست في الماء وأحسست بالأنتعاش حتى لاحظت راية ترفرف فوق سارية على الشاطئ "ممنوع السباحة فأسماك القرش تحوم في الماء"، ماذا سيكون موقفك؟ أكيد ضاع عليك يومك الجميل عندما قرات ما هو مكتوب على الراية (التي ترمز الى الشريعة).
السؤال المطروح هو: هل هي غلطة الراية؟ أم غلطة الذين رفعوها؟
انّها لازمة ويجب أن نكون لها من الشاكرين ولكنها لا تخلصنا من أسماك القرش
ولهذا يقول الرسول بولس:"كنتُ أحيا من قبل بلا شريعة فلمّا جاءت الوصيّة عاشت الخطيئة ومتُّ أنا، فاذا بالوصيّة التي هي الحياة قادتني أنا الى الموت لأنّ الخطيئة اتخذت من الوصيّة سبيلا، فخدعتني بها وقتلتني"(روميا 7 : 9، 10")".
كان همّ بولس الرسول هو التعارض مع الموت الروحي الذي يلي الخطيئة. إنطلق من خبرته وما وصل اليه بعد أن صار "إبن الوصيّة" : فعلَ ما تشجبه الوصيّة فصار الى الموت ، "لان ّ أجرة الخطيئة هي الموت "روميا 6 : 23". صارت الشريعة الطريق الذي به دخلت الخطيئة في حياة بولس وكُلِّ انسان (عندما كان بولس يضطهد المسيحيين وهو يعتقد انه يُطبّق الشريعة) . لم تعطي الشريعة الحياة، بل الحُكم على الأنسان. ما منحتنا القداسة، بل حرّكت فينا الخطيئة. لا شكّ في أنّ الشريعة لا تخلق التصرُّف الخاطئ، بل تكشفه وبالتالي تحكم علينا . هي لا تُساعدنا ، ولا تُحوّلنا من الداخل .أمّا يسوع فحوَّلنا الى إنسان جديد (الخليقةالجديدة)** حينَ برَّرنا.
الفرق بين المسيحيّة وبين الديانات الأخرى هو أنّ الديانات تعتمد على أعمال الشريعة للخلاص أي الأعتماد على الأعمال الصالحة دون الأتكال على واضع الشريعة ومصدرها (الله) وكذلك هذه الديانات تحاول عبثا ارضاء الله بأعمالها (الظاهرية) بينما الله في المسيحيّة يقول لنا "أُريد رحمة لا ذبيحة" هو يريد منا الطاعة والتسليم والأيمان بأبنه الذي نزل الى الأرض ليُفدينا ويُخلّصنا من عبوديّتنا للخطيئة ويرفعنا الى السماء.
في المسيحيّة الله هو الذي يبحث عن الأنسان وليس العكس.هناك ديانات مثل (الغنوصيّة) أي الذين يؤمنون انّهم بالمعرفة (السريّة ) يستطيعون الخلاص دون الحاجة الى مخلّص وهناك الكثير من البدع التي تعتبر الجسد هو نجس ويجب قمعه لكي تتحرّر الروح وتخلص وووو...الخ. ولكن تبقى المسيحيّة الوحيدة التي لها يقين وأيمان ورجاء لا يتزحزح بشخص يسوع المسيح الذي فدى الجنس البشري بدمه وأعطانا يقين القيامة من بين الأموات بقيامته وهكذا غلب الموت بالموت وانتصر على الشيطان وصلب الخطيئة والموت على عودة الصليب. وهو الوحيد الذي بدمه الزكي يمسح خطيئتنا ويمنحنا الخلاص بالنعمة لكُلّ المؤمنين به (أي ليس بأعمالنا لكي لانفتخر كما يقول الرسول بولس :"بالنعمة انتم مخلّصون بالأيمان وليس بالأعمال لكي لا يفتخر أحد منكم) (افسوس 2 :8-9 ). "ولكن الآن ظهر كيف يُبرّر الله البشر من دون الشريعة، كما تشهدُ له الشريعة والأنبياء . فهو يُبرّرهم بالأيمان بيسوع المسيح ، ولا فرق بين البشر " روميا 3 : 21- 23"
نفهم هنا ان يسوع جاء يحقّق مشروع الله الذي أعلنته الشريعة واسفار الأنبياء .أي الخلاص بالأيمان ، أي التبرير الذي فيه ينال الأنسان كُلّ شيء من الله . وحين يعرف (ويعترف) الأنسان بضعفه، يُسلّم نفسه الى إله المحبّة. وهكذا انطلق الرسول بولس بالأيمان بيسوع هو تبرير مجّاني ولا فرق بين اليهودي والوثني بعد ان ألغى دور الشريعة في التبرير.
البشرية خسرت مجدُ الله بسبب الخطيئة. هذا المجد الذي يريده الله من الأنسان أن يكون. وها هو يستعيده بالأيمان بالمسيح "عبرانيين 2 : 5-9" "روميا 3 :23" . بل هذا المجد يناله منذ الآن بقدر ما يتحول الى صورة المسيح، بإنتظار المجد التام عند مجيء الرب.
الله بار، أي يظلّ أمينا لذاته ولمخطّطه الخلاصي، بالنسبة الى البشر. وهو يبرّر الأنسان بفعل مجاني فيخلق فيه حياة جديدة ، كما يقول الرسول بولس: " ولكن الله يبرّرهم مجانا بنعمته بالمسيح يسوع الذي افتداهم" روميا 3 : 24"
الفداء هنا هو صورة ماخوذة من عالم العبودية (لدفع الفدية عن أسير فيخرج من ألأسر) . يدور الحديث هنا على عبودية الخطيئة، حيث الفدية هي موت المسيح " والذي جعله الله كفارة في دمه لكُلِّ من يؤمن به. والله فعل ذلك ليُظهر برّهُ فإذا كان تغاضى بصبره عن الخطايا الماضية، فهو في الزمن الحاضر يُظهر برّه ليكون بارا ويُبرّر من يؤمن بيسوع " روميا 3 : 25 ، 26".
كفارة. تحدّثَ العهد القديم عن دم الكفارة (لاويين 16) . والمسيح يقدم لنا غفران الله بذبيحته. بواسطة الأيمان الذي يتيح لنا الحصول على هذا الغفران وهذا الخلاص.
حتّى في العهد القديم كان الأنبياء يركزون على انّ الخلاص هو ليس بالأعمال بل بالأيمان وها هو النبي داود يصرخ الى الله لانقاذه من الخطيئة المسيطرة عليه، فبعد سلسلة من السقطات في الخطيئة ( عندما قتل اوريا القائد العسكري المُخلص وتزوّج من امرأته بتشباع ) نراه يصرخ ويقول في أحد أشهر مزاميره وهو( مزمور51 مزمور 51 : 12)، "قلبا طاهرا أخلق فيّ يا ألله وروحا جديدا كوّن في داخلي".
لماذا كان ولا يزال المعلمون والأنبياء الكذبة يكرهون الرسول بولس
كان بولس الرسول يقتدي بالمسيح وان لا خلاص الّا بالمسيح.
ويطلب بولس الرسول من تيموثاوس تلميذه ان يقتدي أيضا بالمسيح المخلّص.
حيث أوصى الرسول بولس تيموثاوس ان يحفظ الأيمان المسيحي بالتعليم الصحيح، وأن يكون قدوة في الحياة المستقيمة. وكان على تيموثاوس أن يقاوم المعلين الكذبة الذين كانوا يبعدون أعضاء الكنيسة عن عقيدة الخلاص بالأيمان بالمسيح يسوع وحده.
كانوا هؤلاء المعلمين الكذبة يشدّدون على معرفة تنفي الصليب كأداة خلاص للمؤمنين.انتقد الرسلول بولس الذين يدّعون أنّ الخلاص بالشريعة وحده (المتهوّدون) وقال إنّ الأيمان أوّلا بيسوع المسيح الذي هو فقط يوهبنا مجانا الخلاص . فمعرفة الله لاتتمّ الّا بالأعتراف بيسوع المسيح وهذا لا يتمّ إلّا بالروح القدس والحق.
الرسول بولس شدّد على انّ البشرية لا تستطيع أن تخلص بالشريعة لانّه لا يوجد انسان بدون خطيئة وكلنا نقف مذنبين في "طابور" المحكوم عليهم بالموت . والحقيقة أنّ كُلّ الجنس البشري يقف في هذا "الطابور" ، وقد حكم عليهم بالعدل لكسرهم شريعة الله المقدسة مرارا . وبدون يسوع لم يكن لنا رجاء بالمرة . "إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ.لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ.لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ"روما 8: 1-3"
وهذا ينافي المبادئ التي يؤمن بها الكثيرون (ومنهم اليهود والمسلمون) من الذين يمارسون الفروض والطقوس والجهد الذاتي والحسنات تمحي السيئات، لكسب الجنّة وأرضاء الله وليس حُبّا لله والآخرين، بل خوفا من عذاب القبر والثعبان الأقرع. فهم يطبقون شريعة العين بالعين والسن بالسن والباديء اظلم، بل شريعتهم تجاوزت على هذه الوصية عندما امرهم الههم أن يقتلوا حتى اهل الكتاب حتى يدفعوا الجزية وهم صاغرون. فاين الأسلام حتى من الوصايا العشرة لموسى والتي كسرها جميعها محمد رسولهم ؟(وهذا ما سنأتي لأثباته في المقالة التالية)
بينما يسوع المسيح كشف لنا حقيقة الله "محبة" وحرّرنا من العبودية للخطيئة والموت واصبحنا أبناء الله كما يقول يوحنا الرسول: “أمّا الذين قبلوه (أي قبلوا يسوع المسيح "الكلمة") ،المؤمنون باسمه ، فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله " يوحنا 1 : 12"
الحرية في مفهوم المسيحية***
يشدد الرسول بولس على الحريّة الناتجة من هذا الخلاص (بالنعمة). فقبول الخبر السار (البشارة بالأنجيل ) أصبح الخلاص متاح للجميع، أي ليس فقط لليهود ، بل لكل البشرية، بفضل الله وما عمله المسيح الكامل، ففيه نستطيع أن نقف أمام الله مبرّرين ليس بأعمالنا وجهودنا بل بإيماننا بنعمة الخلاص التي هي تتوج اعمالنا من اجل خدمة الله وخدمة الآخرين من اخوتنا في الأنسانية .
هذه الحرية التي أُعطيعت للمؤمنين حررتنا من الخطيئة ومن سلطان الشريعة. (روميا 7 : 1-25). والحريّة هذه تخضع للمحبّة والأيمان عطية مجانية يمنحها الله لنا لانّه مخلصنا (راجع افسس 2 :8). وهذا الأيمان يقودنا الى ألأعمال الصالحة وينقلنا من الموت الى الحياة. المسيح حرّرنا من لعنة الشريعة بأن صار لعنة من اجلنا. يسوع (فدانا) حرّرنا، عندما ضحّى بحياته من اجل تحريرنا . وهكذا دلَّ "بالثمن" الذي دفعه (دمه) على محبّة الله للخطاة . يقول بولس الرسول" وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا." رو 5: 8"
اخوتنا المسلمون سقطوا في فخ الشيطان (بخطيئة الكبرياء) . فرسولهم أنكر فداء يسوع المسيح وانكر صلبه وانكر لاهوته وطعن في المسيح الذي هو: "كلمة الله وروح منه(من الله)" كما جاء في القران(سورة النساء 171) وهذا منقول من انجيل يوحنا "في البدءِ كانَ الكلمةُ، والكلمةُ كان عِندَ اللهِ ،وكان الكلمةُ الله ".يوحنا 1 :1". والمسيح هو الوحيد بين الأنبياء منزه من الخطيئة كما جاء في القران انّ المسيح ولد غلاما زكيا (مريم 19) وعاش قديسا. وهذا يؤكد على نزاهة المسيح ولا يوجد نبي او رسول او انسان يخلو من الخطيئة الا المسيح.ولا يوجد انسان لم يولد من جنس ادم الترابي الّا المسيح الذي وُلِدّ من مريم العذراء دون زواج فهو ليس مثل ادم الذي خلقه الله من التراب :" وإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (آل عمران 42) ولم يمسها بشرٌ (البقرة 47)
وها هم المسلمون ذريّة محمد جعلوا كل ما هو شر خيرا والخير شرّا والظلام نورا والنور ظلام والحق باطل والباطل حق لانّهم اصبحوا عميان وقادتهم عميان يقودون عميان، فلا يبصرون ما هو الحق ولا يؤمنون بيسوع المسيح الذي قال :"وتعرفون الحق والحق يُحرّركم" يوحنا 8 :32"، ويقول ايضا " «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" يوحنا 14 :6"
نطلب من الرب يسوع المسيح أن يسكب فينا الروح القدس الذي يرشدنا الى معرفة الله ويمكّننا على الخطيئة ويقودنا الى الطريق والحق والحياة ، ويخلق فينا قلبا نقيّا طاهرا لنتقرّب الى المسيح ونتمتع بمحبتّه ونشعر بالسلام في محظره وعندها فقط نستطيع أن نعكس هذه المحبة وهذا السلام الى الأخرين من أخوتنا في البشريّة لتعم المحبّة والسلام في العالم كلّه. "وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ(المُعزّي أي الروح القدس) يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَة . أمّا على الخطيئة فلأنّهم لا يؤمنون بي ، وأمّا على البر فإنّي ذاهبٌ الى الآب ولن ترونيٍ:" يو 16: 8 ،9". نعم المسيحيّة هي ولادة جديدة لحياة جديدة يستمتع بها الأنسان بعلاقة مباشرة بشخص اسمه يسوع المسيح وتصبح الشريعة في داخله ،حيث يسكن الروح القدس. فالمسيحيّة ليست ديانة، بل علاقة مباشرة بشخص الله الذي أرسل ابنه الى هذا العالم ليعيش معنا وبعد صعوده أرسل روحه القدوس ليبقى معنا الى الأبد "عمّانوئيل" أي الله معنا.
جاء في شرح الكتاب المقدس عن الروح القدس الذي ارسله المسيح لتلاميذه بعد قيامته وصعوده الى السماء مايلي:
إعتبر العالم (والعالم اليهودي بشكل خاص) أنّه انتصر على يسوع (بصلبه) الذي بان لهم نبيّا "كاذبا "(لا سمح الله) . فتدَخَّلَ الروح القدس ودفع التلاميذ الى الشهادة، فقُلِبَ الوضع رأسا على عقب: لا شكّ أنّ يسوع مات، ولكنّ الآب مجَّدَهُ حين أقامه . حين ذاك تظهر الخطيئة في كُلِّ بشاعتها وينال العالم الحُكم الذي يستحقُّ. رفض العالم أن يؤمن بيسوع ، أن يؤمن بالنور ، فكانت خطيئة كبيرة وأستحقّ الدينونة. يقوم الروح القدس بدور محامي الإدعاء الذي يكشف الشر ويوبخ فاعلي الشر ويقنع الناس أنهم بحاجة إلى مخلص. إن الشعور بالتبكيت هو الشعور بكراهية خالصة للخطيئة. وهذا يحدث عندما نرى جمال الله ونقاؤه وقداسته، وعندما ندرك أن الخطية لا يمكن أن تسكن معه (مزمور 5: 4). يوجد ثلاثة اعمال هامة للروح القدس وهي:

(1) تقديم البرهان للعالم على الخطيئة وإقناعه بخطيتهِ
(2) إظهار إمكانية الحصول على برّ الله لأيّ إنسان يؤمن به
(3) ثالثا إظهار دينونة المسيح للشيطان
المراجع
الكتاب المُقدس :" قراءة رعائيّة"
"التفسير التطبيقي للكتاب المقدس "
*بولس الفغالي مقالة بعنوان " ملعون على من عُلق على خشبة" راجع الموقع التالي
https://boulosfeghali.org/2017/frontend/web/index.php?r=site/text&TextID=7912&CatID=521&SectionID=57
** راجع المواقع التالية
الخليقة الجديدة – او الولادة من فوق، اي الميلاد الثاني بالروح"- الجزء الأول
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1011038.0
الخليقة الجديدة – او الولادة من فوق، اي الميلاد الثاني بالروح"- الجزء الثاني
https://saint-adday.com/?p=42335
*** "الحُرّية في مفهوم المسيحية " راجع الموقع التالي
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=772830








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرسول بولس والشريعة
nasha ( 2024 / 4 / 26 - 02:30 )
اضافة على طرحك الرصين الكافي الذي يؤكد ان الشريعة مستمرة ولم يُلغيها الرب يسوع ولا رسوله بولس .

نص واضح في رسالة رومية يقول فيه الرسول بولس:

-أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ.- (رو 3: 31).

كلمة حاشا = انكار قطعي مطلق
الناموس لا زال باقياً الى اليوم ولذلك المحاكم والقضاء موجودة في جميع الدول ذات الثقافة المسيحية على مر التأريخ والى اليوم.
بالايمان نثبت الناموس ولانلغيه لان الناموس صمام الامان لكل من لا يؤمن بالمسيح ، او من يؤمن بالمسيح ويخطئ بعفوية وجهل او حتى بأرادة جاهلة خاطئة.

شكراً على جهودك اخي نافع في جمع وربط النصوص مع بعضها لايصال الفكرة الصحيحة
تحياتي






2 - Nasha اخي
نافع شابو ابراهيم ( 2024 / 4 / 26 - 21:14 )

شكرا على مداخلتك وتعليقك على المقالة
اما بخصوص الآية

-أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ.- (رو 3: 31)
فانا ذكرتها في المقال
خالص تحياتي

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي


.. وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم تصل لقداس عيد القيامة بكاتدر




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في كنيسة


.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟




.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا