الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأريخ الخرافة ح 6

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2024 / 5 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذه قراءة أولية للشطر الأول من كلام الدكتور محجوب، والحقيقة الجزء الثاني وهو الأهم والأكثر تعلقا في الخرافة وتأريخها، وإن كانت الدراسة فيه تستحق فصولا عديدة ومنفردة لكل عنوان ولكل رؤية فيه، ولكن سأتناولها الآن من خلال مفهوم الحركة والثبات الذي أشار إليه وفرق لبن مناطي تعريف المعرفة، عن مفهوم الفلسفة وكيف ولدت؟ ومن أي عرف الإنسان الأول الفلسفة؟ وكيف صاغ قوانينها؟ ثم لماذا أبتكر المسميات ومنها الدين؟، الحقيقة هو موضوع متشعب وعميق ولا يمكن الجزم فيه بأي شيء... ولكن يمكننا ان نأخذ فقط منه ما قاله الدكتور محجوب وما أريد أن أربطه في تأريخ الخرافة من أن الفارق بينهما هو الحركة الزمن القوة في التأثير على العقل البشري بمستوياته الصفرية حديثة الولادة وصعودا للعبقرة والخارقية.
العقل البشري منذ التكوين ولليوم هو نفس العقل بنظامه بقواه الأساسية بطريقة عمله وحجمة ونوعية البيانات التي يستلمها الخ من وظائف، الفرق الوحيد هو في طريقة أستخدامه أو ما يسميها علماء التشريح وعلماء علم الوظائف بطرائق التفكير أو آليات التعقل، هذا الأختلاف ليس ذاتيا محضا ولا هو موضوعيا كاملا، هناك الكثير من الأسباب الخارجية التي ساهمت في هذا التفاوت والأختلاف، بدأً من البيئة الجغرافية وما تقدم من ظروف ومعطيات وتغذية وعلاقات خارجية أو ما يسميها النص القرآني بالآيات، إلى عوامل وراثية منها الأمراض والعلل الجسدية والنفسية وطريقة التربية وكيفية التفاعل مع الخارج التي يتربى عليها الطفل، مرورا بكمية المعلومات التي يتلقاها نوعية هذه المعلومات وصولا الى طريقة توصيلها له، فالعقل البشري يبدا في اللحظة الصفرية له واحد ليتطور وبكبر بدرجات مختلفة وأساليب متنوعة.
هذه الحقيقية مع حقائق أخرى تتعلق بكيف يفهم الأنسان ما حوله؟ أي كيف يتحسسها بشكل أستشعاري فاعل ومنتج؟ من خلال الوظائف الحسية ومقدار ما تتحول إلى ردات فعل إنعكاسية، هنا يقوم العقل البشري بدور الترجمان لأحاسيس الإنسان ويحاول مع ما يملك من كم قوة وقدرة ومجال ان يبتدع ردة فعل عقلية، هي بالحقيقية على شكل فعل عقلي ظاهرا، ولكن في الواقع وبناء على علاقة هذا الفعل بعمل المحسوسات والأليات يمثل ردة فعل، فأول ما يستجيب العقل لأي فعل حسي مصدره خارجي أو داخلي يبدا العلم يتحرك داخل فضاء الجهل، أولا ما تمتلكه الدهشة من الفعل وأثر، ثم السؤال والحيرة، بعدها يبدأ بالتفسير والتبرير والتعليل، لكل مرحلة من هذه المراحل درجة علمية وفهمية معرفية، عندما ينجح في التوظيف لجميع هذه المفردات قد ينجح في إنشاء أو فعل عقلي كامل، وهو أن يعطي جواب معلل ومفسر ومرتبط بالحدث حسيا ومعنويا، هنا بدأ العقل يأخذ مجراه العلمي المنطقي وإن لم تكن النتائج مطابقة لقوانين الوجود، المهم أنه بدأ يفسر ويعلل ويبرهن وحتى يمنطق الأجوبة.... التكرار المنظم وفق ما يرسمه من قواعد لنفسه يصبح العقل فلسفيا بالوصف المعرفي، هذا لا يشترط الصحة في كل المخرجات ولكن يشترط المنهج والوسيلة في نشوء الفلسفة الأولى التي كانت أو إبداعات العقل الأول وإن تسلمها من التأمل الصوري أو من التصور التأملي وكلاهما يشاركان الخرافة الشكل المؤسس لهما.
هذه العملية الفكرية العقلية التجريبية التي لم تولد في لحظتها ولا يمكن تصورها أنها من فعل عقل واحد لوحده، إنها تاريخ التجربة البشرية معرفيا وواقعيا وتكوينيا نظاميا، قد تكون أستغرقت أجيالا وأستهلكت الكثير من القوة والفعل لتتبلور..... ولكن أهم ما فيها أنها جاءت من الإنسان، من نظامه التكويني الوجودي من خلال شبكة من الأفعال المترابطة والعلاقات المفهومة التي تشكل نظاما متكاملا من الأسباب والعلل والروابط بين المقدمات والنتائج، لذا فهي بطيئة التكوين بطبيعتها على العكس من العلم أو المعرفة التجريبية الحسية المادية الأولى، هنا ولكونها أكثر أستقرارا وأكثر صلابة تجاه المتغيرات والحدوث فهي تقاوم كل تغيير لا يتناسب من قوتها اليقينية، وكلما كان اليقين بالفكرة قويا وراسخا ومعتادا حتى لو لم يكن عقلانيا بما فيه الكفاية، فإنه من الصعب جدا على العقل أن يتحرك عنها أو يحرك الفكرة تجاه مسار أخر.
إذا الفلسفة لم تنشأ من نظرية مبتكرة ولا وضع أساسها مفكر لتكون فرعا معرفيا خاصا ومخصوصا وله خصائصه المحددة ومقولات محددة، فالفلسفة تجربة حسية أولا وعقلية التكوين ونظام طبيعي من أنظمة وجود الكائن المفكر في دائرة الفعل، منها بدأت فكرة النظر بعمق في أشياء الوجود ومكوناته، ولو لم يملك العقل الإنساني القدرة على التفلسف لم يكن بإمكانه أن ينشيء أي نوع من أنواع المعرفة والعلم، وحتى الدين لولا الفلسفة ما أمن به الإنسان حتى لو بعث الله مليون رسول ومليون نبي، لأن الدين كما بقية المعارف يحتاج لفهم وإدراك وقناعة، وهذه لا تتم بالمحسوسات ما لم يكن للعقل قدرة على التمييز والفرز والتقرير والتبرير.
اشير إلى الدين هنا ليس المحمول المعرفي هذا الذي نعرفه اليوم، وصار مجرد معرفة متنقلة من جيل لجيل دون أن يسأل أحد لماذا أنا مؤمن بهذا الدين تحديدا، ولكن أشير بكلامي للبذرة الأولى والمحاولة القديمة لوضع الدين في طريق الإنسان من أول محاولة ربط بين إدراك حسي بقوة خفية متحكمة وأثرها على الوجود، لقد فسر العقل الأول هذا العلاقة الرمادية الضبابية على أنها قوانين أو تحكمات ضده هو، والمقصود فيها أن يكون منشغلا بالخوف منها أو لجعله على أهبة الخضوع لها جبرا أو رضاء، نعم حاول أن يبرر لماذا يقبل بهذا الوضع، فسر أيضا كيف يمكن أن يسايرها وصدق مت ذهب إليه عقله من واجب الأستجابة، عندها حاول أن يبسط هذه الحلول التي وصل إليها على أرض الواقع وأعطاها معنى شديد الحساسية، وأيضا شديد السرية إلا في حدو ما يمكن أن يتشارك به مع الأخر، الذي أمتلك الأسرار أصبح الكاهن ومن لا يمتلك الأسرار أصبح أسير محاولة الفهم بالتقرب من الكاهن وإرضاءه، من هنا نشأت خرافة أن الرب ينيب عنه الكاهن، وأن مكان الرب القريب هو المعبد، فأختصر مجموع الإنسان الكاهن والمؤمن وجود الرب بما يشبه وجودهم، فللرب بيت وقرار ويحب ويكره وبأمر وينهى بل حتى البعض جعلوا له أزواج وبنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا