الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية 155

آرام كربيت

2024 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الرموز
عندما حول الإنسان حياته إلى رموز وإشارات فقد استقلاليته وانتماءه إلى الطبيعة ونفسه.
أصبحت الرموز هي التي تسيره، وترشده إلى الطريق، هي الإمام وهو التابع، هي السيد وهو العبد الذليل.
الرموز ليست بريئة كما يظن الكثير، في داخلها أحجية غامضة وحمولات ثقيلة معبئة في الكلمات والممارسات والسلوكيات، وفي بيع وشراء الذات والأخر.
الرموز سهلة الحمل من الخارج، بيد أن داخلها ثقيل جدًا، أوصل هذا الكائن الذي أسمه إنسان إلى أن أصبح شيء نافل لا قيمة له.
الرموز هي التي نقلت الإنسان من المملكة الإنسانية إلى الذل والتوحش.
كل شيء في حياتنا رموز، كل الكلمات رموز:
الملك، الإله، السلطة، الدولة، كل التراتبيات الاجتماعية رموز وإشارات تدل على المرموز الذي بمجرد أن نراه نأخذ وضعية معينة أما خوف أو توجس أو احتراز أو ارتياح أو حب.

المسلم المتدين
المسلم المتدين، يشعر بالغربة القاتلة، بالضياع، بالقلق والخوف على دينه ووجوده، إذا لم يكن الحاكم مسلمًا.
لهذا يعاني من أزمة نفسية، متذمر، قلق، لديه عقد كثيرة.
المشكلة أنه يعيش في المكان بجسده وخارج الزمان. شيء مؤلم للغاية.
في ظل الحاكم المسلم يشعر بالقوة، لأن الدين عنده هوية.
في القرون السابقة كان المسيحييون درجة عاشرة، كانت بيوتهم لها لون وثيابهم له لون، وأحذيتهم وعقالهم، ولا يسمح لهم أن يتساووا مع المسلمين في أي شيء حتى لا يسمحوا لهم بدخول الجيش، والضرائب تعطى للمزارع الذي يتولى شؤونهم من قبل الدولة.
وعليهم أن يركبوا الحمار
يوجد في القرآن نص حول هذا الامر، مقابل حمايتهم يدفعون جزية.
عندما طرحت الدولة العثمانية المساومة بين المواطنين في القرن التاسع عشر لم يقبل المسلمين مساواتهم في الحقوق مع المسيحيين.
وحدثت ثورة على الدولة.
يمكننا قراءة تاريخ الدولة العثمانية، عن هذا، ولم أسمع ان المسلمين عاشوا في كنف دولة مسيحية.

القانون أطر الإنسان
جاءت السياسة لتمنع العنف بين الأفراد والجماعات المتخاصمة، أطرته في قانون، قوننته، أخرجته من التداول ووضعته في يد الجهاز الأعلى، السلطة.
العنف مراوغة، تسيب، هروب من دهاليز العقل، ينطلق من الذات المأسورة، ليتحول إلى وحش لا سيطرة عليه.
العنف تربية، عدم انضباط، لا يملك قيم ذاتية أو عامة، يسرح في الخيال إلى أن يتحقق في الواقع، ويتحول إلى جريمة.
أغلب البيئات العنيفة لديها مصاعب في الانتماء، في التصالح مع الذات والمحيط.
العنف إشكالية الوجود والبقاء، دوون اعترف الأخر به سيكبر ويتحول إلى كارثة

حضور
بالرغم من حضورك الطاغي إلا أنني لم أكن أرتوي. أبقى قلقًا، مأسورًا، يقظًا خائفًا من الفقد، فقدك.
هذا النورس الأبيض القابع في صدارة الوجود ما زال يقظًا، لم تتعب جناحاه من الرفرفة في محاولة القبض على السماء. ولم يمل من ضرب الماء بالماء بحثًا عن نفسه في هذا الوجود المدهش.
ما زال يلمس تلك الجدران العتيقة الواقفة هناك، صامدة، تقرع كؤوس الزمن بالزمن، تحاكيه وتعاتبه.
متعة الوجود أن لغته تنتشلنا من سرنا ويرمينا بسره.

الاحترام المختلس
احترمنا بنت الجيران، الجيران، الأهل والأقرباء، لكننا فرطنا بأنفسنا ومشاعرنا وأحلامنا ورغباتنا على مذبح رضى الأخرين.
كان احترمًا مزيفًا، مختلسًا، كبرياءًا مزيفًا
عشنا مع الخوف والقلق من الحب، من المشاركة الوجدانية والجسدية مع المرأة، خوفًا على سمعتها وسمعتنا الكاذبة، وفي أعماقنا كنا نتمناها، نرغبها، أن نعيش معها كما يعيش البشر الأسوياء.
لقد تغاضينا عن أنفسنا لننال الرضى الممزوج بالخيبات والهزائم المتتالية.
كنا نقدم أنفسنا زيفًا، أننا مترفعين، غير مبالين، نحمل كبريائنا الكاذب في أيدينا، وعندما يحل المساء نحلم إلى درجة البكاء أن نكون بأحضان المرأة.
وفي النتيجة خرجنا مهزومين من معركة الحياة، نعيش ندمًا قاتلًا، لا ماض لنا ولا ذكريات جميلة.
اليوم، عندما نضع رؤوسنا على الوسادة لا نرى إلا الفراغ والحسرة.
هذا ليس أنا وحدي، أنه تاريخ أجيال طويلة سارت مطأطأة الرأس إلى الجلجلة

المقدس صنم
لو كان المقدس صحيحًا لما صنمه انصاره.
أصبح المقدس مقدسًا ليحجب الحقيقة الكامنة وراءه. عندما نجرد المقدس من الرموز والأبعاد الماورائية سيتحول إلى تاريخ عادي.
أشار خلدون النبواني في قناة العربية، أن اليهود حولوا الهولوكوست اليهودي إلى مقدس، لكي لا يقرأ او يحلل او يدرس، ويرجم كل من يقترب منه.
بهذه الصنمية، استطاع اليهود أن يضعوا أنفسهم فوق البشر، أن يفرضوا شروطهم على الجميع، متمسكين بالندب واللاطميات، والمظلومية التاريخية.
ولا يسمحون لغيرهم أن يعلن عن مظلوميته، أنهم يحتكرون المظلومية لهم وحدهم.

المسيحيين المتزمتين
عندما كنت في التاسعة عشرة من العمر، ألح علي أحد المتزمتين المسيحيين، أن أحضر معه الصلاة.
قلت له مرات عديدة أنا غير مؤمن، ولا أستطيع الجلوس أو الوقوف في الكنيسة خمس دقائق.
ولكنه كان ملحاحًا وفي شوق أن يأخذني معه إلى الصلاة.
وعمليًا أنا لا أعرف الصلاة ولا أحبها.
قلت لنفسي لأذهب ربما نتعرف على بعض البنات وبعض الشباب، ونكسبهم كأصدقاء لنا.
قلت لصديقي موريس لأخذ رأيه بالموضوع
ـ هل تذهب معي إلى الكنيسة البروتستانتية، نتسلى؟
قال لي:
ـ هل جننت يا آرام، هؤلاء عينة من البشر لا ينسجمون معك ومع تفكيرك. لا تتورط، وكمان تريد تورطني معك.
المهم ذهبت مع هذا الصديق ودخلنا الكنيسة.
رأيت الوجوه عابسة كالشمع لا يضحكون اطلاقًا، ولا ينظرون نحوي ولا يبتسمون. وكأنهم أصنام.
كل واحد واقف أمام مقعده بصمت ورأسه منكس، وكتابه في يده.
وبدأت الصلاة.
بدأوا يصلون وكأنهم آلة واحدة، جوقة عسكرية أو مارش، رؤوسهم باتجاه الأرض وفي خشوع تام.
لا صور على الحيطان ولا بخور ولا شموع، ولا التفاتة نحو اليمين أو اليسار. كلهم في اتجاه واحد مثل الطابور النظام والضم في في بداية دورة الأغرار.
بعد خمس دقائق شعرت بالملل، التفت نحو اليمين ونحو الشمال، شعرت بالعزلة والورطة والملل.
قلت لنفسي:
ما فعلته غلط في غلط. هذا ليس مكانك، عليك بالهرب من هذه المصيدة على شرط أن لا تعود إلى أي كنيسة مرة أخرى.
إنه مكان مقفر لا حياة فيه. إنه كابوس.
فعلا خرجت من الباب دون أن يستوقفني أي إنسان او يسألني أحدهم أي شيء.
الأماكن المقدسة تدخل الكآبة إلى قلبي وعقلي، لهذا أشعر نفسي كأنني في القبر، وأنا حي يرزق.
في الروضة والحضانة والمدرسة تبع الأرمن كانت الكنيسة في طرف الباحة في الحسكة، ندخلها في فترة طفولتنا، مزينة بالصور والاضواء، لكني كنت اشعر بالكآبة من أجواءها، واستمرت هذا الشيء معي.

أحزاب إسلامية في السويد
الإسلاميين في السويد يريدون أو يفكرون في تشكيل حزب إسلامي.
أكيد مطالبهم لا تتعدى فصل البنات عن الشباب، والذبح الحلال والحرام، ومنع أكل لحم الخنزير والحجاب، ورفع صوت المآذن وبناء الجوامع.
أكثر أمة جاهلة بدينها هم المسلمين.
لا اعتقد أن لديهم عقل يفكر في مشاكل عصرنا، ولا يخطر في بالهم تحسين الديمقراطية والحريات أو حقوق الإنسان أو محاولة تجسير الثقافة بينهم وبين السويديين.
العاجز عن هضم المعرفة لا تتوقع منه أي شيء إيجابي.

القلق
يزداد القلق الإنساني عند المنعطفات التاريخية الكبيرة، اثناء الحروب والأوبئة أو الزلازل والبراكين.
يصبح مثل الطيور المهاجرة التي فقدت سمتها أو اتجاه رحيلها، تسير خلط عشواء.

الدولة الديمقراطية
في الدول الديمقراطية لا يمكنك مشاهدة أي مظهر من مظاهر السلطة أو رموزها إلا نادرًا.
انتقلت السلطة من المحسوس إلى المجرد، إلى العقل الباطن للفرد.
وانتظم المجتمع في المؤسسات.
المؤسسة هي العقل الناظم، المجرد، الذي لا يمكنك مسكه أو لمسه، أو محاربته أو مقاومته أو تكسيره.
أنها أداة القمع الخفي، استلبت حرية الفرد وقوته، وجردته من نفسه، من الفطرة الطبيعية.
القوانين الصارمة، هذا الثقل، الحمولة، هي القصاص المجرد، النير الذي يقبض على الرأس ويفرغه من ذاته أو يجرده من ذاته.
أما الدول الجربانة، القمع فيها عاري وواضح، نستطيع أن نتلمس القمع المحسوس في كل شيء، مع أن المؤسسة موجودة، بيد أن القائمين عليها لا يعرفون إدارتها، أنهم لا عقل.
السلطة المعاصرة موجودة في المجرد، انتقلت من المحسوس إلى العقل الباطن للفرد منذ السنة الأولى لوجوده في هذه الحياة.
إن الفرد ممتثل بالكامل لما هو مطلوب منه منذ أن كان في الروضة أو الحضانة، وبآلية دافعة، ينتقل إلى تنفيذ القوانين والأنظمة، وفق الآليات الذي عبء فيها فيما مضى.
لم يعد لديه هذا الوعي لمعرفة ما يدور حوله، كما أن ذاتية الحركة تدفعه أن لا يتلفت إلى الدور الذي يمارسه.
إن الفرد المعاصر ميت سريريًا، يمارس مهامه على أكمل وجه، وبسعادة بالغة، دون تذمر أو رفض أو تأفف.
وهل يحزن الجاهل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 170-Al-Baqarah


.. 171-Al-Baqarah




.. 172-Al-Baqarah


.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات




.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع