الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تعيدوا العصى للمعلم ! التربية فن اخراج أفضل ما في الانسان يا كرام .

سالم اسماعيل نوركه

2024 / 5 / 9
التربية والتعليم والبحث العلمي


في البدء أقول ما قاله ألبرت أنشتاين ( كل ماهو عظيم وملهم صنعه انسان عمل بحرية . )1 وأنا أقرأ هذا الكلام تذكرت دعوات يطلقها البعض يدعوا أن اعيدوا العصا للمعلم كي يستعيد الشارع بعض من اخلاقه وبأن تلك العصى كانت كفيلة بأن تجعل التلاميذ يفرّون الى بيوتهم اذا ما لمحو المعلم من مسافة بعيدة يسير في الطرقات ! ، وهي خرَّجتْ أطباء ، مهندسين ، وطيارين وضباطاً !! ،وتلك العصى كانت كفيلة بأن تجعل تلميذ في الصف الثاني أبتدائي أن يقرأ الجريدة بطلاقة وأن يتقن الاملاء والكتابة ويحفظ جدول الضرب فالضرب ينفعهم والعلم يرفعهم وأنه لولا المخافة ما قرأوا ولا كتبوا وكأن تلك العصى كانت بمثابة فانوس السحري بيد المعلمين صحيح إن الناجح منهم هو أحد أهم أعمدة بناء التعليم الناجح إلا إنه لابد من توفر أعمدة ومرتكزات مهمة أخرى لتحقيق النجاح لابد أن تتظافر جملة عوامل يلهمنا باتجاهه ، ثُمَّ إن تلك العصى كانت لها زمانها يختلف مع زمن اليوم .
ذلك المعلم أبن ظروفه وهذا أبن ظرف آخر وزمن يختلف في أشياء كثيرة عن ذلك الذي مضى كان ذلك المعلم في الصيف والعطلة الكبيرة يخرج في سياحة لدول العالم براتبه الشهري وفرق تبديل العملة لصالح عملته واليوم العملية معكوسة تماماً ذلك المعلم كان يحظى بتقدير عالي لدى مسؤولين الدولة مثلاً اذكر ان قائمقام القضاء وهو اعلى سلطة فيه ينهض لاستقباله ومقدر في المجتمع واليوم المعلم متعب ولا يحظى بذلك التقدير الذي كان ومستواه المعاشي انخفض ومشاكله كثرت ويدخل الصف وهو مثقل بهمومه الجمة وباله غير صافي وهذا يؤثر على العملية التعليمية .
لم يكن العصى من قدمت للمجتمع تلك الكفاءات وانما ايجابيات ذلك العصر وهي في عدة حلقات منها ما يخص المعلم والتلميذ والمجتمع والبيئة وامور اخرى كلها كانت محفزة للعطاء .
نحنُ نعترف بأن لدينا مشكلة في التعليم بل مشاكل عديدة ومن الخطأ والسذاجة أن نجعل تلك العصى وحضورها مع المعلم للصف طريقة لحلها بل هي جزء من المشكلة من البدء وتلك المشاكل نحن خلقناها ربما بمراحل وبتراكم واهمال وأسباب أخرى ونحن من يجب حلها بتغير طريقة التفكير الذي استخدمناها عندما أنشأناها فالحياة من صنع تفكيرنا وعملنا ولابد من دراسات ومن قبل المختصين للنهوض بواقع التربية والتعليم في الوقت
كان المعلم عندنا ممسكاً بالعصى وفي عوالم اخرى من دونها وقد كانت النتائج في تلك العوالم أفضل مما في عالمنا فلا تقيس العصر بعصور اخرى بل نقيسهُ بنفس العصر في اماكن اخرى لترى عصر العصى ماذا قدم لنا والعصر من دونه ما قدم للآخرين في احدى مجالس الآباء احدهم طرح فكرة العصى والعودة اليها كي تستقيم الامور في مدارسنا وكنت من بين أولائك الذين عارضوا تلك العودة وتذكرك كلام سيغموند فرويد ( ما نتركه بالمنطق لا يفترض أن نعود اليه بالعاطفة .)2 هذا الرفض وعدم العودة للعصي مطلب تربوي ولذوي الاختصاص في مجال التربية والتعليم وفي ذات الاجتماع لمجلس الآباء طرحت سؤلاً كوني ولي أمر أحد التلاميذ في ذلك الوقت وقلت : إن آبائنا وأمهاتنا كانوا أميين قدموا للمجتمع خريجي كليات ومعاهد ونحن اليوم خريجيين ونقدم للمجتمع أميين والسوال هو العلة أين في هذا .!؟وأنا أريد أن اوضح بأن جملة أمور تغيرت أثرت على كل شيء ولذلك أقول نحن أبن هذا الزمن بما له وما عليه واليوم عندما تتصارع أفكار على التربية والتعليم فيجب إسقاط تلك التي تؤدي إلى أذية التلاميذ النفسية والجسدية والتصرف معهم بايجابية والتحدث معهم بودية ولطف وسوف ينعكس ذلك في المستقبل إيجابياً على صحتهم العقلية فاحترام شخصية التلميذ والطالب مع الحزم في التوجيه واتباع أساليب تربوية في التعليم واعتماد أسلوب الثواب والمدح والابتعاد قدر المستطاع عن العقاب والصراخ والتحدث مع التلميذ والاستماع اليه وعدم قمعه وتعليمهم الصواب والخطأ والضرب أمر خاطيء ولن يجدي نفعاً وأسلوب العطف والحزم أفضل الوسائل لتوجيه السلوك .والمدرسة يجب أن تكون وسيلة لتغير المجتمع نحو الأحسن وأرسطو احد اهم الفلاسفة في التاريخ له أشهر كلام عن التربية أذ يقول :( التربية هي إعداد العقل للتعليم كما تُعد الأرض للبناء .
وكلام مفيد :( التربية هي فن اخراج افضل ما في الانسان . )3
__________
1-البرت انشتاين .
عالم فيزياء الماني المولد(1879-1955 ) ، سويسري وامريكي الجنسية صاحب النظرية النسبية ،حائز على جائزة نوبل في الفيزياء .
2-سيغموند فرويد
عام النفس النمساوي ، مؤسس مدرسة التحليل النفسي وأشتهر بنظرية العقل واللاوعي (1856-1939 ).
3-أرسطو
فيلسوف يوناني قديم(384ق م-322ق م )تتلمذ على يد افلاطون وكان أستاذ الاسكندر الاكبر وبطليموس الاول يعتبر واحد من مؤسسي الفلسفة.سالم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لمثل هؤلاء تكون العصا
muslim aziz ( 2024 / 5 / 11 - 02:47 )

العصا لمن عصا
صحيح الزمن تغير واساليب التعليم ايضا تغيرت الى الافضل ولكن بعض التلاميذ وفي غرفة التدريس لا يحترمون المعلم داخل الصف ويقومون بمشاغبات فلمثل هؤلاء تكون العصا


2 - المدرسة انعكاس للمجتمع
حميد فكري ( 2024 / 5 / 11 - 14:28 )
تحية للسيد الكاتب سالم اسماعيل نوركه
المدرسة انعكاس للمجتمع. وكل مساوئها واختلالاتها هي من مساوئ واختلالات المجتمع نفسه
. فلكي نصلحها ونغيرها علينا أولا إصلاح وتغيير المجتمع.
وهنا تكمن الصعوبة والتحديات .
انكسرت العديد من العادات والتقاليد والعلاقات الإجتماعية القديمة في مجتمعاتنا , التي تمحورت حول مفهوم الإحترام/الطاعة , وسرنا نحو مساحة أوسع من الحرية , لكن المشكل هو أننا لم نربط الحرية بالمسؤولية . فصرنا كما لو أننا نعيش في فوضى عارمة .

اخر الافلام

.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر


.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة




.. اشتباكات قرب السفارة الإسرائيلية في اليونان تزامنا مع ذكرى 7


.. وقفات داخل محطات المترو بمدن هولندية لإحياء ذكرى طوفان الأقص




.. رائد فضاء من -ناسا- يلتقط مشهداً مذهلاً لظاهرة الشفق القطبي