الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقض وجود جهنم في الإسلام

هيبت بافي حلبجة

2024 / 5 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في إشكالية الصراع مابين الخير والشر ، في موضوع الصراع مابين إله الخير وإله الشر ، برز مفهوم العالم العلوي والعالم السفلي ، وبرزت مفردتان كورديتان منذ البداية ولهما أصل مشترك في الإشتقاق اللغوي وهما ، عالم جورين وهو العالم العلوي حيث النورالمطلق والسماء والنقاء والسعادة الأبدية وجوهر الحياة وصفاء الأرواح وإطلالة النفوس ، وعالم جيرين وهو العالم السفلي حيث الظلام المطلق والعذاب الأبدي والقاذورات والأدران والحشرات والأوحال والنتانة الكاملة . ومن ثم قابلهما فيما بعد مصطلح الجنة وجهنم والجحيم وهي مفردات كوردية تبدأ من حيث الإشتقاق اللغوي بلفظ ، جيه ، أي المكان ، وجهنم موضوع الحلقة تعني حرفياٌ المكان الذي لايمكن البقاء فيه ، أو مكان لابقاء فيه . ومن الضروري ضرورة معرفة إن الأصل في جهنم لاوجود لموضوع النار ، والتعذيب بالنار ، لإن جهنم هو المكان الموازي لعالم جيرين ، العالم السفلي ، عالم القاذورات والعذاب الأبدي . ومن الضروري أيضاٌ ضرورة معرفة إن الأصل في جهنم ، أو العالم السفلي ، لامكان للتعذيب أصلاٌ إنما هو العذاب والألم واللاحياة ، فلا أحد يعذب أحداٌ إنما هو المفهوم الأصيل للوجود البشري . ومن الضروري ثالثاٌ ضرورة معرفة إن الجنة وجهنم ليستا للتأديب أو الترغيب ، إنما هما بمثابة عوالم كاملة ، عوالم تامة ، حيث الفصل مابينهما هو الإنقسام مابين من ينتمي إلى العالم السفلي ومابين من ينتمي إلى العالم العلوي . وعلى مايبدو إن موضوع النار والتعذيب وإستبدال جلودهم بجلود غيرها ثبتت بصورة قطعية في المعتقد الإسلامي . فإلى تلك المقدمات :
المقدمة الأولى : لاشك بل من المؤكد إن مايسمى بالدين الإسلامي ليس ديناٌ حقيقياٌ أصيلاٌ ، ولايتمتع بأية مقومات في الفكر كإصالة فكرية ، ولايتمتع بأية منظومة فكرية ، إنما هو عبارة عن شذرات متقطعة من هنا ومن هناك ، وإقتباسات غير مؤكدة ومنحرفة عن الأصل ، وردود أقوال غير منطقية بل سطحية ، وأسباب نزول أرضية وبطريقة ضبابية ، لذلك فإن النص الإلهي وكذلك الحديث وكذلك الفقه ترقع هنا وهناك لتكشف عن العورة الحقيقية هناك وهنا . وجهنم ، موضوع الحلقة ، لاعلاقة لها بتأصيل الفكرة في المعتقد الإسلامي ، إنما أخذت أخذاٌ مباشراٌ ودون التفكير في أصوله من التشريعات السابقة ، لذلك أتت فكرة جهنم مشوهة في الإسلام ، قزمة ، لإن صانع الإسلام ومؤلف القرآن ماكان يدرك حقيقتها :
فمن جانب ، يعتقد الإسلام إن جهنم هي مكان للتعذيب في أقبية مخابرات إلهية ، وبأشد أنواع التعذيب المرعبة ، وأجمع الفقه إن أشد آية على أصحاب النار هي هذه الآية ، فذوقوا فلن نزيدنكم إلا عذاباٌ ، سورة النبأ الآية 30 . ثم يستطرد النص الإلهي ، إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم خذوه فأعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ، سورة الدخان الآية 43 ثم يردف ، إنكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم إنتم لها واردون وترى المجرمون يومئذ مقرنين بالأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ، سورة الأنبياء الآية 98 . ثم يؤكد ، إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراٌ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداٌ غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاٌ حكيماٌ ، سورة النساء الآية 56 .
ومن جانب ثاني ، إن إله الإسلام ماكان يدرك حقيقة العالم العلوي والعالم السفلي ، وماكان يدرك إن هناك إله للعالم العلوي ، وإله آخر للعالم السفلي ، فحسب نفسه هو المسؤول عنهما دون أن يدرك إن إشكالية الإله الواحد متعددة الأوجه ، متفارقة المستويات ، إذ من المستحيل ، في حال وجود إله واحد ، وهذا فرض غير ممكن ، إن يكون هو خالق العالم السفلي وخالق العالم العلوي ، ولايمكن أن يخلق شيئاٌ ، ولايمكن أن تكون له مشيئة ولاحتى إرادة في هذا الموضوع وفي غيره ، لإن الإله الآخر هو من يقف ضد تنفيذ إرادة هذا الإله ، أي لو كان الإله واحد ووحيد لما كان لجهنم من معنى .
ومن جانب ثالث ، إن إله الإسلام ماكان يدرك إنه إله حقيقي ، أو من المفروض أن يدرك إنه إله ، ولم يتصور جهنم على إنها من مخلوقاته ، وتصورها على غرار تصور البشر ، فهي نار أبدية ، نار لهابة تلفح الدنيا ومافيها ، وتحتاج بالضرورة إلى وقود كالنار البشرية ، لذلك يؤكد إله الإسلام ، يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراٌ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون ، سورة التحريم الآية 6 . وهكذا تبدأ الكارثة في العقل الإلهي ، حيث إن ثمت ملائكة غلاظ ينفذون إرادة إله الإسلام فهو بذاته غير قادر على التصرف في جهنم .
المقدمة الثانية : ولإن إله الإسلام لايدرك حقيقة جهنم ، فقد أربك الفقه الموازي ، وأعتقد هذا الفقه إن جهنم مؤتلف من سبعة درجات ، سبعة مستويات ، وإستخدم مفردة ، درك ، دركات ، الدرك الأسفل ، وهذه المفردة هي كوردية وتعني الباب ، در كه ، وجهنم في المعتقد الزرادشتي لها سبعة أبواب ، فبحث الفقه في نصوص النص الإلهي ليجد ماهي هذه الدرجات السبعة ، فكانت الهاوية والحطمة والسعير.
المقدمة الثالثة : ولإن تفكيره بشري أرضي ، ويتمتع بنفس خواص الشعور لدى الإنسان ، فهو يسعى إلى الإنتقام بكل وحشية وبشاعة ، وينادي جهنم ، هل إمتلأت ، وكإنه يود أن يرسل إليها كل البشر ، فتجبيه بنفس شعوره المستوحش ، وهل من مزيد ، المزيد من البشر ، المزيد من التعذيب ، والنص الإلهي لايستحي لإنه ، هو نفسه ، ينعت الإله ، إله الإسلام ، إنه عزيز ذو إنتقام ، وفي هذا الخصوص لامحيص من ذكر الآية التي تخلص مدى مستوى فكر وشعور هذا الإله ، تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وماكسب سيصلى ناراٌ ذات لهب وإمرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ، سورة المسد .
المقدمة الرابعة : إن عدد الآيات التي ذكرت فيها مفردة جهنم سبعة وسبعين آية ، نذكر منها :
ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى وتبع سبيل غير المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراٌ ، سورة النساء الآية 115 .
فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيراٌ . سورة النساء الآية 55 .
وإذا قيل له إتق الله أخذته العوة بالأثم فحسبه جهنم وبئس المهاد . سورة البقرة الآية 206 .
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاٌ وأولئك هم وقود النار . سورة آل عمران الآية 116 .
أفمن أتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ، سورة آل عمران . الآية 162 .
إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاٌ . سورة النساء . الآية 140 .
وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لاتنفروا في الحرقل نار جهنم أشد حراٌ . سورة التوبة . الآية 81 .
نكتفي بهذا القدر ونعترض بالتالي :
أولاٌ : في البدء ، ثمة مغالطة تتضمن جملة من الحماقات ، في البدء ، كان الإله ، إله الإسلام ، كان هو هو ، وماكان ماهو ماهو ، ثم فكر هذا الإله ومن ثم أراد ، وهذه هي الحماقة الأولى ، ثم جعل في الأرض ، وهذه هي الحماقة الثانية ، خليفة ، وهذه هي الحماقة الثالثة ، ثم ألهمها فجورها وتقواها ، وهذه هي الحماقة الرابعة ، ثم أرتكب الحماقة الخامسة حينما نصب نفسه ملكاٌ على جهنم . وفي الأصل لايستقيم وجود هذا التثليث معاٌ ، الإله والإنسان وجهنم ، إذ حينما خلق هذا الإله الإنسان ، خلقنا الإنسان من وفي ، ونصب نفسه ملكاٌ على جهنم ، فمن المستحيل أن يستقيم هذا إلا ضمن فرضية مزعجة تخضع لثلاثة شروط :
الشرط الأول ، أن يكون الإنسان شريراٌ بطبعه ، مجرما ببنيويته .
الشرط الثاني ، ينبغي ألا يكون هو من خالق الإنسان وإلا لكنا إزاء مسرحية فكاهية دراماتيكية .
الشرط الثالث ، من المنطقي ألا يكون هذا الإله قادراٌ على إصلاح الإنسان ، أي أن يكون عاجزاٌ عن أي فعل من أساسه أن يغير هذا المحتوى الشرير لدى الإنسان إلى محتوى الخير .
ثانياٌ : ثمت إشكالية في الفكر الإلهي ، فقد كان ، كان هو وليس معه ماهو هو ، فخلق ، ومن جملة ماخلق جهنم ، وجهنم سواء في المنطق الإلهي أو في المعتقد أو في تأصيل وجوده مرهون في وجوده بوجود الإنسان ، وهنا يبرز السؤال الصعب من سبق الآخر في الوجود ، أي في الخلق ، أي هل خلق الله ، إله الإسلام ، الإنسان أولاٌ ، أم جهنم أولاٌ ، أم خلقهما معاٌ في منذ المنذ .
في الإحتمال الأول ، أي إذا خلق الله جهنم قبل خلقه للإنسان ، فقد دل ذلك إلى إن لوجود جهنم غاية منفصلة تماماٌ عن الوجود البشري ، وهذا ما لم يقل به إله الإسلام ، وحتى إنه لم يفكر به ، كما يستنبط من ذلك إن ثمت مسوغ إنطولوجي مرهونة له شرطياٌ إرادة الله خارج سياق البعد الإنطولوجي لخلق البشر ، لوجود البشر ، وهذا مبحث يتخطى حدود المعتقد الإسلامي .
في الإحتمال الثاني ، أي إذا خلق الله جهنم والإنسان معاٌ في منذ المنذ ، وهذا الإحتمال مطعون فيه في الشرط الإلهي نفسه ، لإن معنى ذلك إن الله كان عازماٌ بالمطلق في تعذيب البشر والإنتقام منهم منذ البدء ، وإن الله كان ماكان صادقاٌ في إطروحته ، إني جاعل في الأرض خليفة ، سورة البقرة الآية 30 . ولا حتى في زعمه ، ماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، سورة الذاريات الآية 56 . أو في تصوره ، إنا خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، سورة التين الآية 4 .
في الإحتمال الثالث ، أي إذا خلق الله جهنم بعد خلقه للإنسان ، وهذا إحتمال كارثي بالنسبة لإله الإسلام فهذا يعني إن الإنسان لم يلتزم بما رسمه له هذا الإله ، وإنه تخطى حدود إرادته ومشيئته ، فأراد ، هذا الإله ، وكان لابد ، ولامحيص من أن يعاقب البشر ويؤدبهم ويردعهم من خلال خلقه لجهنم ، وهذه وسيلة بعدية تدل ، من جملة ما تدل ، إن الإله ، الله إله الإسلام تورط في خلقه للبشر ، وإنه كان جاهلاٌ فيما يخص طبيعة البشر ، وإنه لايستطيع إصلاح البشر ، وعاجز عن الإصلاح ، فكان لامحيض من خلقه لجهنم لردع هذا المخلوق الأرعن ، الذي هو الإنسان .
ثالثاُ : لننتقل الآن إلى الإشكالية الكبرى ، إشكالية الإشكاليات ، وهي ماهي الضرورة التي أجبرت الإله وأرغمته على خلق جهنم ، لإن لو زعمنا إن إله الإسلام خلق جهنم من تلقاء رغبته ، كأننا نؤكد على إن هذا الإله هو إله شرير ، إله مستبد ، إله يتلذذ بتعذيب مخلوقاته . فلامناص هنا ، ومن حيث التأصيل ، من وجود ضرورة أنطولوجية ، ضرورة ثابتة ، ضرورة خارجية ، ضرورة فرضت شروطها على هذا الإله ، ضرورة هي بطبيعتها خارج حدود البشر ، خارج حدود إله الإسلام ، خارج كل ما ينتمي إلى مخلوقات هذا الإله ، أي أن لابد من ضرورة مستقلة بالقطعي عن هذا الإله ويمكنها أن تفرض شروطها الخاصة على الإله وفقاٌ لإرادتها الخاصة بها .
وهنا ، وللتوضح ، لابد من أن تكون الضرورة ، إنطولوجية بحتة من جانب ، وذاتية بحتة من جانب ثاني ، ومستقلة بالقطيعة عن الإله وعن مخلوقاته من جانب ثالث ، أن تتصرف وفق إرادتها الخاصة الباطنية من جانب رابع . أن تكون قادرة بالكلي على فرض شروطها على هذا الإله من جانب خامس .
رابعاٌ : في موضوع العلاقة مابين جهنم والإله ، هذا الموضوع له جانبان ، الجانب الأول وهو الجانب الإنطولوجي ، والجانب الثاني وهو الجانب الغائي .
وفي الجانب الأول ، ما حقيقة جهنم في المستوى الإنطولوجي ، إن الوجود هو وجود واحد وهو وجود الله فلاوجود قبله ويمتنع أي وجود بعده ، وهو وجود كلي كامل ، فحينما خلق إله الإسلام جهنم ، فقد خلقها ضمن فرضيتين ، إما أن تكون لجهنم وجود حقيقي ، وإما أن تكون لها وجود كاذب .
فإذا كانت وجوداٌ كاذباٌ فكيف يمكن لهذا الإله أن يخلق وجوداٌ كاذباٌ ، وهل يحتسب الوجود الكاذب ضمن حدود مقومات الخلق ، لإن هذا الوجود الكاذب هو ( ...) هو لاشيء هو لاوجود .
وإذا كانت وجوداٌ حقيقياٌ فلقد أصبح لدينا وجودان حقيقيان ، وجود الله ووجود جهنم ، وهذا يفضي إلى إشكالية أخرى قاتلة وهي إن جهنم أبدية سرمدية وغير مخلوقة ، فالوجود تعريفاٌ هو وجود سرمدي أزلي أبدي لايمكن أن يخلقه أحد ، ولذلك قلنا في حلقة سابقة إن الله لايمكن أن يخلق ، لايمكن أن يخلق أي شيء على الإطلاق ، فإن أدعى الخلق ، فالمخلوق لايتمتع بأي وجود ، وهذا يفضي إلى إستنتاجات بعيدة المدى ، متعددة المستويات ، بمعنى ، على الأقل ، إن هكذا إله غير موجود .
وفي الجانب الثاني ، وطالما إن الإله تعريفاٌ هو الخالق الكلي فلايمكن أن يتوازى معه مفهوم الغاية ، فلا غاية ممكنة مع إله الكون ، لذلك كي تكون الغاية أصيلة لابد من ثلاثة فرضيات كلها ، حسب التعريف الإلهي ، كاذبة ، الأولى أن تكون جهنم ليست من مخلوقات الإله فرضية كاذبة إسلامياٌ ، الثانية أن يكون الإنسان ليس من مخلوقات الإله فرضية كاذبة إسلامياٌ ، الثالثة أن تكون الغاية جزء عضوي من الذات الإلهية بمعنى إن طبيعة هذا الإله تقتضي وجود جهنم ، بمعنى إن جهنم هي ليست جزء من الله فقط إنما هي الله نفسه .
وهنا وللتوضيح ، لإن ضمن فرضية إن الله قد خلق الإنسان وكذلك جهنم وإن لاغائية عضوية في الذات الإلهية ، تنتفي كافة أسباب ومسوغات البناء وتستبد المزاجية المطلقة على الحيثيات :
وهذه هي إشكالية الإله الواحد ، فالإله الواحد ، إذا كنا نؤمن بوجود إله وهذا أمر مستحيل ، لايمكن أن يفسر أساس الكون ووجود الكون ولايمكن ، وهذا هو المهم ، أن يفسر حتى وجوده هو .
خامساٌ : في أساس أصالة وجود حهنم وليس في فكرة تأصيل جهنم ، لدينا ثلاثة فرضيات ، الفرضية الأولى ، أن يكون وجود جهنم هو جزء أصيل من وجود إله الكون ، أي أن تكون جهنم من الله ، الفرضية الثانية أن يكون وجود جهنم وجود مستقل ومنفصل عن الوجود الإلهي بالقطع وبالتمام ، الفرضية الثالثة ، أن تكون جهنم في وجودها مخلوقة من إله الكون :
وإذا كانت جهنم جزء أصيل من الذات الإلهية ، فهذا يدل على مانسميه بالإله ، هو مؤتلف من أطراف عديدة ، مثل الإنسان تعريفاٌ وكذلك جهنم والجنة والحيوانات والنباتات والحشرات والطيور ، وكوننا هذا ، فالإله هو هذا الكون ولاينتمي إلى ماهو خارج هذا الكون .
وهذا يفضي إلى نتيجة مزعجة : إن كوننا هذا ، إن هذا الكون هو الإله نفسه ، إن الطيور هي آلهات ، إن كل فرد بشري هو إله ، وإذا كان الأمر كذلك فما هو مسوغ وجود جهنم .
وإذا كانت جهنم مستقلة عن الإله ، فهذا يدل على إن الإله ليس له أي سيطرة على جهنم التي تتصرف وفقاٌ لمعايير ومقايس خارجة عن العلم الإلهي .
وإذا كانت جهنم من مخلوقات هذا الإلهي ، فهي فرضية كاذبة ، إذ قد رأينا إن هذا الإله ، عاجز في تمامه وفي كليته ، عن خلق أي شيء ، كما إن الأمر يتحول إلى مسرحية هزلية سخيفة تافهة .
سادساُ : ثمت إشكالية من نوع خاص وهي إن خلق الله ، إله الإسلام ، لجهنم وكذلك للجنة ، يفرض حتماٌ وبالضرورة أمراٌ تاماٌ يخص أن لابد من أن يدخل جهنم ، وكذلك الجنة ، شخصاٌ معيناٌ بذاته معروف بضرورته على الأقل ، وإلا لكنا أمام قانون الإحتمالات وشرط تحقيق مضمونه ، وخلق جهنم ، وكذلك الجنة ، يرفض بالمطلق قانون الإحتمالات ، والمعنى إن إله الإسلام يضع شرطاٌ لمن يدخل جهنم وكذلك لمن يدخل الجنة وهذا مرفوض في حدود مفهوم الخلق ، لإنه ، ومن الممكن ، ولما لا ، ألا يدخل أحد ، ولاشخص ما ، جهنم ، لإنهم ، البشر كلهم ، قد تجنبوا إرتكاب الآثام وبالتالي دخل كلهم الجنة ، حين سيكون وقود جهنم البؤس الإلهي ، أو بالعكس قد يدخل البشر كلهم جهنم لإقترافهم آثام وذنوب تطيح بالشرط الإلهي الإيجابي .
وهنا لايمكن أن نعلل قضية الخلق على مجرد شرط قد يتحقق وقد لايتحقق تحت زعم لابد أن يكون هناك شخص ما سيدخل جهنم أو شخص ما سيدخل الجنة ، لإن جوهر قوانين الإحتمالات هي معطيات بشرية ، هي مضامين قد وقد لا ، ولايمكن وفي مطلق الأحوال تحديد شخص ما بدخوله إلى جهنم أو بدخوله إلى الجنة ، فحتى إبليس لم يعص سوى أمر فرضه إله الإسلام بطريقة خاطئة وإلا فإنه منذ المنذ وحتى المنذ هو يؤمن بالله ، وكذلك نبي الإسلام فإنه قد حرم ماحلله الله ، حسب الآية الموازية ، وذنبه في بنيته أعظم بكثير من ذنب إبليس . وأما الزعم إن ذلك الكائن سيدخل جهنم ، وذاك سيدخل الجنة بطريقة مسبقة فهذه حتماٌ مسرحية هزيلة سخيفة .
سابعاٌ : لنخلص بإقتضاب :
من زاوية ، لايمكن تبرير وجود جهنم إلا من خلال فرضية كهذه ، حينما خلق إله الإسلام ، الذي أسمه الله ، الإنسان ، تمرد هذا الأخيرعلى الله وحطم أصنام نواميسه ، ولم يعد هذا الإله قادراٌ على السيطرة على هذا الكائن المتمرد ، فما كان منه إلا أن يخلق جهنم والجنة ، في جهنم حالة مرعبة من الردع ، تستبدل الجلود بجلود غيرها ، وتصب المهل على الرؤوس ، وفي الجنة عربدة مطلقة ، حياة وحشية ، فض بكارات ، إحتساء أنهار من الخمر ، في جهنم نار ونار ، وفي الجنة يتحول الإنسان إلى إله مطلق ، إلى إله كامل الإرادة مطلق المشيئة .
ومن زاوية ثانية ، كما لايستغني إله الإسلام عن ألوهية الإنسان لتبرير وجود جهنم والجنة ، فإنه يعتمد على نفس التصور مع الإبليس ، حيث يتحول هذا الأخير إلى إله ينافس الله على عرشه .
ثامناٌ : تعتقد شخصيات إسلامية معاصرة ، شخصيات متواضعة في الفكر والتحليل ، إن وجود جهنم ضرورة لتحقيق العدل ، فالعدل الإلهي لايمكن أن يتحقق إلا بوجود جهنم والجنة ، كما إن إطروحتي الثواب والعقاب تقتضي بنفس الضرورة وجود جهنم ووجود الجنة ، وتتمادى هذه الشخصيات في التحليل وتؤكد إن وجود جهنم لدلالة واضحة على وجود الله ، ولو لم تكن جهنم موجودة لتأكدنا على عدم وجود الله ، لإن عدم وجود جهنم كان يعني غياب العدالة وبالتالي لغاب صاحبها وهو الله .
هذه الرؤيا قاصرة ، ونقتضب كالآتي :
من جانب ، إن العدالة الإلهية هي جوهر الحياة البشرية ، فلاعدالة قبله ولاعدالة بعده .
ومن جانب ثاني ، أين كانت العدالة الإلهية قبل خلق الله للإنسان . أين ستكون حين زوال البشر من الوجود ، حين إنقراض الإنسان .
ومن جانب ثالث ، تتحول العدالة إلى غاية الوجود ، وهذا أمر متضارب ومتعارض ومتناقض .
ومن جانب رابع ، كإن إله الإسلام لايستطيع تحقيق العدالة بنفسه .
ومن جانب خامس ، هل جهنم وسيلة لتحقيق العدالة أم وسيلة ردعية . وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة والستين مابعد المائة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
على سالم ( 2024 / 5 / 14 - 03:49 )
جذيل الشكر لهذا الموضوع الهام الازلى والحيوى , نحن اتينا الى هذه الحياه الغامضه المتناقضه رغما عنا وليس لنا اى اختيار فيها , انا اشك كثيرا فى موضوع جهنم ودرجه العذاب المروعه هناك , لماذا هذا العذاب البشع وكيف يكون الى ابد الابدين ؟ هذا يدل على ان هذا الاله اله سادى متوحش منتقم وليس عنده اى رحمه اواحساس او اخلاق , انا اتفق معك ان كلام القرأن ملئ بالمتناقضات والكلام الغير مفهوم وكل السور غير سلسه والمعنى غير موجود والقفز من ايه الى ايه اخرى ؟ هذه خزعبلات بدويه صحراويه تم تأليفها على يد بدوى مريض نفسيا دموى وعنده درجه مروعه من الكراهيه والشر والمراره والاجرام والحقد على البشر المساكين

اخر الافلام

.. ما ثمن الاتفاق الدفاعي بين السعودية وأمريكا وهل ستصبح الرياض


.. تحدي الثقة بين مريانا غريب وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. السعودية.. الأندية الأكثر حاجة لإيدريسون وكاسيميرو بحال رحيل


.. سوناك يعلن تنظيم الانتخابات العامة في 4 يوليو المقبل | #رادا




.. اختتام تدريبات الأسد المتأهب في الأردن بمشاركة 33 دولة | #مر