الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية وأدبية ـ 160 ـ

آرام كربيت

2024 / 5 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقاءنا كان لذة لكلينا
وقفنا على الجسر المعلق على أطراف مدينة دير الزور، تأملنا بعضنا، وضعت سمراء يدها في يدي، ثم وضعت رأسها على كتفي، دندنت أغنية جميلة لوردة، لولا الملامة لولا الملامة، كدت أطير بها ومعها، في تلك اللحظة الجميلة أردت أن أبقى معه طوال العمر، نتلذذ ببعضنا، شعرت بأنفاسها بالقرب من رقبتي، وشعرها الحريري المنساب على ساعدي.
كانت سمراء رقيقة ناعمة خاصة أصابع يديها، فيهما إغراء غريب، قلت لنفسي:
ـ يا لجمال الحياة بوجود المرأة.
توقفنا على أحد مساند الجسر المعلق، واتكائنا عليه، تأملنا نهر الفرات بماءه الأخضر، بين الثانية والأخرى تقترب سمراء مني، تنحني على المسند ذاته، تقرب فمها من فمي، تسمعني صوتها همسًا، تقبلني، تتلمظ كالقطة، تشهق، تقول لي:
ـ أنت لذيذ يا غافل. تذكر يا غافل أن هذه القبل لن تعوض لذتها، ستبقى خالدة:
ـ على المرء، أن يأخذ هذه المنحة أو الهبة من الحياة، أن يتم قطافها في اللحظة المنبثقة من ذاتها، إذا مرت دون أن تتبلل الشفاه سترحل ولا تعود. اللذة ابنة اللحظة، ستبقى مع الزمن في الذاكرة، مثل الفاكهة الناضجة في أوانها.
القبلة في أوانها تعرج إلى السماء محملة باللذة الصاعدة إلى القمة.
اليوم مات الجسر والقبل وتلك اللذة وتلك الصبية وتلك الأرض، اليوم سوريا عارية، شبه ميتة

الانزواء
الكثير يتهمني أنني أفضل الأنزواء بعيدًا عن حركة المجتمع والحياة.
أقول:
أنا لا ألبي الدعوات التي تقدم لي بين الحين والأخر من قبل بعض الأقنية التلفزيونية أو غيرها.
لا أرى نفسي في أي موقع سياسي هذا اليوم، فالمعارضة التي تنطحت لقيادة الثورة السورية خذلتنا، وسارت في ركب الدول، فتحولت إلى منصة لإمتطاء الدول العربية والاقليمية والعالمية عليها، وتساوت مع النظام العائلي في دمشق في خذلان السوريين وضياع وطنهم وتشردهم وخراب حياتهم وعمرانهم.
كما لا أضع نفسي في خدمة بعض الأجندة السياسية لهذا الطرف أو ذاك، أحب أن أكون حرًا، سيد نفسي بعيدًا عن الأضواء والقال والقيل.
الأنزواء نعمة، خاصة عندما تتنطح الطحالب لتدمير مجرى النهر وجماله.
هذا الانزواء، والبعد عن الأضواء هو موقف.

الضياع
ويحدث أن الذي دفعك إلى الهاوية والضياع، هو ذاته الذي مد يده إليك يريد إنقاذك.
إنها جدلية الحياة وغربتها وغرابتها وقدرتها على جعل كل شيء يبدو غامضًا غريبًا.
ودائمًا تقف وحيدًا أمام الاسئلة العميقة والغامضة:
ـ لماذا يحدث هذا كله وأنت المأسور العاجز الذي لا يملك إرادته وحريته؟

الديمقراطية
الديمقراطية جاءت لتمييع الصراع بين الدولة والمجتمع، هي رشوة لتسكين الواقع وتدويره وأبقاءه على حاله دون الخروج من الدائرة المغلقة.
الصراع كان قائمًا ولا يزال بين السلطة والمجتمع، جاءت الدولة فسكن الصراع، لأن هذه الأخير ملكت الحجة والتنظيم والقوة، كالقانون والجيش والشرطة والثروة والخداع، لكن مع تطور الصراع كان لا بد من تسكين المجتمع المتطور اجتماعيًا بجرعة سياسية اجتماعية جديدة تخدر المجتمع وتبقيه مذهولًا.
الديمقراطية إذا لا تدخل إلى مفاصل السلطة، إلى تكوينها وفضحها، وغرز مسمارها في قلبها، وإخراجها من الباطن إلى السطح لا يمكن أن نسعد في الحياة أو نشعر بالأمان.
مربط خيلنا يجب أن نشده في البحث عن مفاهيم جديدة تعري السلطة، بناءها، الأسس الذي استندت عليه لا يمكن أن نقول أن هذه الحياة حياة سعيدة.
العبودية جاءت مع السلطة، وكان مبخرها هو الدين الذي تلون مع تطور السلطة.

الناتو حلف للابتزاز
الناتو أضحى الملجأ للولايات المتحدة، حصان أو حمار لا فرق كبير بينهما لتمتطيه، بعد أن فقدت الهيمنة العالمية وانحدرت من موقع القطب الأوحد على النظام الدولي إلى دولة عظمى، ثم انحدرت إلى موقع قوة عظمى.
الناتو هو العكاز الذي تتكئ عليه في صراعها مع العالم، يقابله حلف أوكوس، بريطانيا الولايات المتحدة استراليا، وكواد، الولايات المتحدة والهند استراليا واليابان، بزعامة الولايات المتحدة.
كل هذه الأحلاف هي في آسيا وأوروبا، لتضمن بقاءها كقوة عظمى.
لو أن الولايات المتحدة دولة هيمنية لما احتاجت إلى أوكوس، ولا إلى كواد، ولا إلى الناتو في صراعها مع روسيا أو الصين.
الحرب القائمة اليوم بين روسيا وأوكرانيا ستكون فاصلًا مهمًا جدًا، حرب كسر العظم، بعد أن علمت الولايات المتحدة أنها أضعف من أن تواجه الحروب العالمية لوحدها.
ستطول هذه الحرب، ربما يجري التضحية بأوكرانيا، وسيستخدم الجميع كل الوسائل المتاحة لتحقيق النصر.
من وضع من في هذه الورطة، ليس مهمًا الجواب، لكن ما نحن عليه ينذر بأكبر خطر عالمي.

الإله
كيف تريده لا يصاب بجنون العظمة، والإله بذات نفسه كلفه بنشر رسالته.

جنون العظمة يرجع لدوافع مرضية، لغياب الواقع في الذهن
جنون العظمة هو نتاج الخديعة الكبرى، الذي جاء على حصان جميل، ممتطيًا الوهم.
جنون العظمة يعني أنك محلق بعيدًا عن نفسك وعن عالمك الواقعي.

القديس أوغسطين، مثله مثل أغلب رجال الدين، يحتقر المرأة في النهار، وينام معها في الليل، في السر، يقول:
يجب أن لا نسمح أبداً بتعليم المرأة وتثقيفها، بل يجب علينا عزل النساء لأنهن سبب غواية الرجال الأتقياء....!
يقول كارن أرمسترونج:
إن أوغسطين تبدو عليه الحيرةُ عندما يتساءل عما إذا كان هناك سبب، على الإطلاق، من أجله خلَق الله النساء!
فليس في إمكان المرأة أن تكون صديقًا ورفيقًا معينًا للرجل، ومع ذلك إذا كان ما احتاجه آدم هو العِشرة الطيبة، فلقد كان من الأفضل كثيرًا أن يتم تدبير ذلك برجُلين يعيشان معًا كصديقين، بدلاً من رجل وامرأة؛ فلقد كانت العلةُ الوحيدة التي من أجلها خلَق الله النساء هي إنجابَ الأولاد.
ولقد كان لوثر يشارك في هذا الرأي، فلم يهتمَّ بتأثير كثرة الولادة على النساء؛ إذ كتب يقول:
إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يُهم. "دعهنَّ يمُتْنَ في عملية الولادة؛ فقد خُلِقن من أجل ذلك.
أنظروا إلى رأي مارثن لوثر في المرأة، وهو قريب من عصرنا، أي قبل 500 سنة، ورأيه في المرأة اسوأ من القديس أغسطين، يقول:
إن العقاب ينبع أيضًا من الخطيئة الأصلية، وتتحمَّله المرأة مكرهة تمامًا، كما تتحمل تلك الآلام والمتاعب التي وضعت على جسدها، إن السلطة تبقى في يد الرجل، تُجبَر المرأة على طاعته حسب وصية الله؛ فالرجل هو الذي يحكم البيت والدولة، ويشن الحرب، ويفلح الأرض، ويبني ويزرع...
أما المرأة، فعلى العكس من ذلك، فهي مثل مسمار يدق في حائط، يجب أن تبقى في المنزل، وترعى الحاجات المنزلية، مثل إنسان حرم القدرة على إدارة تلك الشؤون التي تختص بالدولة... بهذه الطريقة تعاقب حواء".
سأضع سؤالًا:
وهنا يكون السوال من يعطي ويمنح الحقوق وعلى ماذا نستند في هذا الاتجاه.
هذا جوهر الموضوع. ومن أين يصدر موقع القرار القوة مثلا؟
لو نجلس بحضور امرأة ما ستدلي بدلوها عن قدرات المرأة والقوة التي تتمتع بها، وعندما نجلس مع الرجل كمان يستطيع ان يعدد مصادر قوته. لا شك أن هناك تمايزات هائلة بينهما سيكولوجية ومزاجية وعملية، بيد أنهما يتوحدان في لحظة الممارسة الحميمية ثم ينفصلان، ليذهب كل واحد إلى جنسه، أنثى أو ذكر، والعيش فيه.

اللغة هي المنتج الأول للضجيج
اللغة هي التي خلقت كل هذا الضجيج في دماغ الإنسان.
هذه اللغة، خلقت من هذا الكائن، كائن كئيب، قلق، حزين، متوتر، يركض وراء الصوت المحرك له، الكامن ابدًا في دماغه.
مرات كثيرة يبغي الصمت عله يرتاح، بيد أن ظله يلاحقه، يخرب عيشه، يدفعه للبؤس والمرارة والكذب على الذات والأخر.
في اللغة يكتشف أن السعادة في استعباد نفسه والأخرين، وأن الذكاء الذي يمتلكه هو السبب في تدمير وجوده ووجود الطبيعة وكائناتها.
بؤس هذا الإنسان هو صوته الداخلي النشاز، وبؤس تفكيره وعقله الملتوي.
الصمت مملكة الخلود والجمال والحرية، في الصمت يرتقي الإنسان ويحلق في مملكة الطبيعة والكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran