الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة الوسطى في المجتمع المغربي، هل تشهد نموا أم انكماشا؟

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 5 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- تفاؤل معزز بأرقام مركز دراسات غير رسمي
شهدت الطبقة الوسطى في المغرب، التي غالبا ما ينظر إليها على أنها عنصر مهم في المجتمع، توسعا ملحوظا بين عامي 2012 و 2019، مما يدل على زيادة قدرها 16.35٪. وكان هذا النمو قويا بشكل خاص في المناطق القروية، حيث نمت الطبقة المتوسطة من حيث التأثير والعدد، وفقا لموجز سياسات صدر مؤخرا عن مركز السياسات للجنوب الجديد (PCNS).
الدراسة التي أعدها عبد الخالق التهامي ودوروثي بوكانفوسو، بعنوان “الطبقة الوسطى في المغرب: ما وراء التصورات، ماذا تقول الأرقام؟”، أتاحت تحليل البيانات المستقاة من موجتي 2012 و2019 من المسح الأسري للمرصد الوطني لحقوق الإنسان (EPM) لدراسة تطور الفقر وعدم المساواة والطبقة الوسطى في المغرب.
في عام 2012، شملت مجموعة الدراسة ما يقرب من 8000 أسرة، مع هيمنة حضرية ملحوظة، حيث يقيم 60.96% من المشاركين في المدينة، بينما يعيش 39.04% في الوسط القروي. في عام 2019، توسع المسح ليشمل 16,879 أسرة، مما زاد من إبراز هذا الاتجاه، حيث يقيم 62.89% من الأسر في المناطق الحضرية، في حين أن نسبة 37.1 فقط تسكن في الوسط القروي.
وهكذا كشفت البيانات عن اتجاه تنازلي في معدل الفقر بين عامي 2012 و 2019، على المستوى الوطني وفي كل من البيئتين الاجتماعية والديموغرافية. وانخفضت نسبة الفقر من 14.24% عام 2012 إلى 9.65% عام 2019، مما يمثل تحسنا كبيرا. وفي الوقت نفسه، انخفضت شدة الفقر بنحو 60% خلال هذه الفترة، مما يشير إلى انخفاض مصاحب في الفقر والفوارق بين السكان المحبطين.
وفي ما يتعلق بالبنية الاجتماعية، شهدت الطبقة الوسطى في المغرب نموا ملموسا بين سنتي 2012 و2019. ففي سنة 2012، كانت تمثل 53.20% من السكان، وهي نسبة ارتفعت إلى 61.90% سنة 2019، أي بزيادة قدرها 16.35%. ويظهر هذا التطور بشكل خاص في الوسط القروي، حيث أصبحت الطبقة الوسطى هي الأغلبية، إذ تجاوزت 70٪ سنة 2019، أي بزيادة تزيد عن 6 نقاط مئوية خلال هذه الفترة.
وفي الوسط الحضري، مثلت الطبقة الوسطى ما يقرب من ثلثي السكان في عام 2019، بزيادة قدرها 14.85% مقارنة بعام 2012. وتشير هذه النتائج إلى أن الطبقة الوسطى لم تتراجع خلال هذه الفترة، ويرجع ذلك جزئيا إلى حركة السكان الأثرياء نحو الطبقة الوسطى.
كما لاحظ المؤلفون انخفاضا واضحا في عدم المساواة وفقا للمؤشرات الثلاثة التي تمت دراستها، سواء على المستوى الوطني أو في البيئتين. ويتجلى هذا الانخفاض بشكل أكبر في الوسط القروي، حيث انخفض مؤشر ثيل (Theil) بنسبة 40.60%.
في الوسط الحضري، رغم أن عدم المساواة لا يزال أكثر حدة مما هو عليه في الوسط القروي، فقد انخفض أيضًا بين عامي 2012 و2019. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للمؤشرين القابلين للتحليل (ثيل وأتكينسون Atkinson)، يُظهر التحليل أن عدم المساواة داخل الفئات الاجتماعية أكثر رجحانا بكثير من عدم المساواة بين هذه المجموعات، بفارق مهم مقارنة بتصورات معينة حول توزيع الثروة.
وهكذا تظهر الدراسة تراجعا في الاستقطاب سواء على المستوى الوطني أو على مستوى البيئتين، مما يؤكد تزايد حجم الطبقة الوسطى. ويتناقض هذا الاتجاه مع التصورات القائلة بأن الطبقة الوسطى آخذة في الانكماش في المغرب. وبالتالي، فإن تحليل إنفاق الفرد لا يسمح لنا باستنتاج حدوث استنزاف للطبقة الوسطى بين عامي 2012 و2019، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية.
واقع مأزوم تدل عليه أرقام من هيئة رسمية
في المقابل، هناك دراسة أخرى توصلت إلى نتيجة مفادها أن الطبقة الوسطى عرفت انخفاضا في مستوى المعيشة بنسبة 2.2% سنوياً.
بسبب التأثيرات المجتمعة لأزمة كوفيد-19 والصدمة التضخمية، خسرت المملكة سبع سنوات من التقدم في القضاء على الفقر والهشاشة، حيث شهد حوالي 3.2 مليون مواطن مغربي تراجعا في مستوى معيشتهم، مما أدى إلى الفقر أو الهشاشة. وفي ظل هذه الأزمة، انخفض أيضا مستوى معيشة الأسر بنسبة 2.2% سنويا بين عامي 2019 و2021، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن برنامج الحماية الاجتماعية.
كان لجائحة كوفيد-19 تأثير كبير على المستوى المعيشي للأسر المغربية، سواء على المستوى الصحي أو على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وبالفعل، استنادا إلى أحدث تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط حول السكان والتنمية، فقد انخفض مستوى معيشة الأسر سنويا بنسبة 2.2% بين عامي 2019 و2021.
وعلى الصعيد الصحي، سجلت المندوبية السامية للتخطيط أيضا انخفاضا ملموسا في عدد حالات الاستشفاء غير المرتبطة بفيروس كوفيد-19، خاصة بالنسبة للأمراض المزمنة. من بين جميع الأسر التي يعاني فرد واحد أو أكثر من أمراض مزمنة (30%)، لم يحصل ما يقرب من النصف (48%) على الخدمات الصحية، 46% في المناطق الحضرية و53% في المناطق القروية.
وبالمثل، كان لانتشار فيروس كوفيد-19 آثار نفسية على الساكنة المغربية، بما في ذلك القلق والخوف ومشاعر الخوف من الأماكن المغلقة وكذلك اضطرابات النوم. وبالفعل، وبحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن 49% يعانون من القلق، معظمهم من الأسر المقيمة في الأحياء الفقيرة (54%)، مقارنة بـ 41% بين سكان السكن الحديث. ويأتي بعد ذلك الخوف الذي شعرت به 41% من الأسر المغربية، خاصة بين الأسر التي تعيلها نساء (47%).
ومن الناحية الاقتصادية، شهد المغرب ركودا اقتصاديا فظيعا عام 2020، هو الأسوأ منذ أكثر من عقدين، بسبب الجفاف الذي تعيشه البلاد وانتشار الوباء. وبحسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، سجل معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد ركودا بنحو -7,2% سنة 2020 مقارنة بنمو 1,5% سنة 2019. غير أن الفئات الأكثر تأثرا هي أصحاب المهن الحرة وأرباب العمل بنسبة 74%. يليها الموظفون (65%).
بالإضافة إلى ذلك، انخفض مستوى معيشة الأسر إلى حد مثير للقلق. وقد تضاعف معدل الفقر بنحو 7 مرات على المستوى الوطني، حيث ارتفع من 1.7% قبل هذه الأزمة إلى 11.7% في وقت الحجر الصحي، وبخمسة أضعاف في المناطق القروية، منتقلا على التوالي من 3.9% إلى 19.8%، وب14 مرة في المناطق الحضرية، منتقلا على التوالي من 0.5٪ إلى 7.1٪. وبالمثل، تضاعف معدل الهشاشة، حيث انتقل من 7.3% قبل الحجر إلى 16.7% أثناء الحجر. وحسب منطقة السكن، تبلغ هذه النسب على التوالي 4.5% و14.6% في الوسط الحضري و11.9% و20.2% في الوسط القروي.
وهكذا، في ظل هذه الظروف، تفاقمت الفوارق الاجتماعية وتجاوزت العتبة التي لا تطاق اجتماعيا.
من المؤكد أن اندلاع الحرب في أوكرانيا أدى إلى زيادة حادة في العديد من المنتجات الأساسية بسبب وزن روسيا وأوكرانيا وحتى بيلاروسيا في الإنتاج العالمي. ومع ذلك، فإن فرض أو عدم فرض عقوبات تجارية ومالية على الشركات المصدرة الروسية، فضلاً عن تنفيذ التدابير الانتقامية من قبل موسكو، هو الذي حدد بشكل أساسي المسار التصاعدي أو التنازلي للأسعار.
في المحصلة النهائية، شهدنا ارتفاعا في أسعار الاستهلاك منذ بداية عام 2022. وفي مواجهة هذا التضخم، كان لا بد لمستوى معيشة الأسر، بالقيمة الحقيقية، أن ينخفض ​​بنسبة 5,5% على المستوى الوطني، لينتقل من 20.040 درهم في عام 2021 إلى 18.940 درهم سنة 2022، وبنسبة 5.2% بالوسط الحضري، منتقلا من 24.260 درهم إلى 23.000 درهم، بنسبة 6.2% بالوسط القروي، منتقلا من 12.420 درهم إلى 11.650 درهم.
وفي الأخير، لا يسعنا إلا التساؤل عن الغرض من نشر الدراسة الأولى حاليا على نطاق واسع مع أنها شملت الفترة المحصورة بين 2012 و2019 ما يبين أنها لم تكترث بما وقع من تأثيرات ناتجة عن أزمة كوفيد والتضخم الذي ألهب أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية. وقد كان على المركز الذي أنجز الدراسة الأولى حجبها لأن نتائجها تقادمت وداستها التحولات العالمية التي طرأت بعد 2020 فصاعدا. ولو كان هذا المركز يحترم الموضوعية العلمية كشعار لشمر عن ساعد الجد في محاولة منه لإنجاز دراسة أخرى أكثر حداثة وتحيبنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق دحرجة الجبن.. حدث سنوي خطير يجتذب الآلاف في بريطانيا


.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية




.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو


.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز




.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام