الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرة 6 النص والنسخ

رياض قاسم حسن العلي

2024 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بشكل عام يمثل النص القرآني عند المسلمين المركزية الفكرية والدينية وكل ماعداه يجب ألا يناقضه أو يخالفه أو يحكم بغير ما حكم لكن الملاحظ أن بعض الأحاديث التي وردت في المدونات الحديثية ونسبت للنبي الأكرم قد ورد فيها ما يخالف النص القرآني، غير أن تكون مقيدة أو مخصصة أو مفسرة ففي هذا لا يوجد أشكالا، ولتبرير ذلك ذهب الأغلبية ممن تناول هذا الموضوع إلى أن هذه الأحاديث (تنسخ) النص القرآني بمعنى تحذف الحكم وترفعه وتضع مكانه نصا جديدا يخالفه.
جاء في الكتاب : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير.
وهذه الآية الكريمة اتخذها أغلب فقهاء المسلمين كذريعة لمفهوم الحذف والتعديل لأحكام القرآن تحت قاعدة النسخ.
المشكلة التي وقع فيها اغلب من تصدى للتفسير انه يأخذ الآية التي يفسرها دون ان ينظر الى سياقها والمعنى الأجمالي ، لكن هذا لا يحدث بشكل مطلق فبعض التفسير وبحسب التوجه المذهبي والسياسي ينظر إليها وفق السياق الإجمالي وبعضها يتم غض النظر عن هذا السياق ، لنفس الأسباب، لذا؛ فإن التفسير لم يكن بريئا على الدوام من التدخل العقائدي والسياسي إلا ماندار.
وفي هذه الآية الكريمة فإن الله لم يقصد الأحكام القرآنية بل يقصد الشريعة بشكل عام وسياقها يدور حول الصراع والمحاجة مع اليهود بالتحديد، فالشريعة اليهودية هي أول شريعة قانونية إلهية مستندة إلى دين سماوي واستمرت إلى وقت طويل بعد ظهور الدعوة المسيحية حتى ظهرت التعديلات الكنسية المستمدة من القانون الروماني ، وحتى الشريعة اليهودية لم تبق تمثل الوصايا الموسوية بل تدخل رجال الدين اليهود في الإضافة والحذف والاستحداث فتكون ما يسمى بالتلمود وهو يمثل رؤية رجال الدين اليهود التشريعية ، و-على الأغلب- أن هذه الشريعة مستمدة من القوانين السومرية والبابلية.

لننظر بالبداية بمعنى كلمة (آية) فهل هي هذا الجزء المحدد من القرآن؟
هذه الكلمة لها الكثير من المدلولات والمعاني ومن المعروف أن اللغة العربية فيها الكثير من الكلمات التي تحمل أكثر من معنى ولا يوجد في الحقيقة ترادف فلكل كلمة لها معنى أو معان تختلف عن الكلمة الأخرى.
وكلمة آية بحسب المعاجم العربية تعني: (العلاَمَةُ والأمَارة / العِبْرةُ ؛ قال تعالى: يونس آية 92فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً).
المُعْجزة، قال تعالي: المؤمنون آية 50وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) .
الآيةُ :الشخص.
الآيةُ: الجماعة.
آية من القرآن: جملة أو جمل، وحدة قرآنية منفصلة عمّا قبلها وبعدها بعلامة
فلانٌ آية في الجمال: كامل الخَلْق والخُلق
عمل إبداعيّ متميِّز هذه اللوحة آية في الجمال.
يَكْتُبُ إِلَيْهَا آيَاتِ الوُدِّ وَرَسَائِلَ الحُبِّ.
هُوَ آيةُ زَمَانِهِ : مُعْجِزَةٌ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ
هِيَ آيَةٌ فِي الجَمَالِ : فِي غَايَةِ الجَمَالِ. نَمُوذَجٌ، مِثَالٌ.
فلماذا خصص معنى الآية في النص أعلاه بالآية القرآنية؟
ولننظر إلى كلمة (النسخ) فهل هي تعني الحذف فقط أم لها معان أخرى؟
في اللسان العربي نسَخ الكتابَ: نقله وكتَبه حرفًا بحرف
نسخ فلان الشعر: أخذ اللفظ والمعنى من غيره
نَسَخَ الوَثِيقَةَ : صَوَّرَهَا
نَسَخَ الشيءَ : أَزَالَهُ
وهذا يعني أن ثمة معاني أخرى غير الحذف ولم نجد في الشعر العربي قبل الإسلام كلمة نسخ بمعنى الحذف مطلقا.
لنقرأ هذه الآيات الكريمة :
﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلۡغَضَبُ أَخَذَ ٱلۡأَلۡوَاحَۖ وَفِی نُسۡخَتِهَا هُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّلَّذِینَ هُمۡ لِرَبِّهِمۡ یَرۡهَبُونَ﴾ [الأعراف ١٥٤]
﴿هَـٰذَا كِتَـٰبُنَا یَنطِقُ عَلَیۡكُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّا كُنَّا نَسۡتَنسِخُ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الجاثية ٢٩]
فهل النسخ هنا يعني الحذف او الرفع او الازالة؟
ذهب بعض علماء الدين بأن عدد الآيات المنسوخة كثير فمثلاً يذكر ابن حزم ان عددها 214 آية والنحاس 134 آية وأبن سلامة 213 آية والبغدادي 66 آية وأبن بركات 210 وأبن الجوزي 247 آية والسيوطي 20 آية .
لكن أبو مسلم الأصفهاني وهو من عظماء المفسرين أنكر وجود النسخ بالمعنى المعروف في القرآن في تفسيره جامع التأويل الذي تحاول أغلب المؤسسات الدينية عدم طبعه وترويجه حيث بقي مخطوطا لحد الآن، لكن ثمة نصوص نقلها عنه الفخر الرازي في مفاتيح الغيب وقام بعضهم بجمع هذه النصوص تحت عنوان ملتقط جامع التأويل، ويعد الأصفهاني أول من قال بعدم وجود النسخ في القرآن.يقول الفخر الرازي حول رؤية أبي مسلم: اتفق جميع علماء المسلمين على وقوع النسخ في القرآن، ماعدا أبي مسلم، الذي أنكره مستدلاًّ بقوله تعالى: ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ…﴾ (فصّلت: 42)؛ إذ يعتقد أن وقوع النسخ في القرآن الكريم نوع من ورود الباطل إليه([7]). وفي الواقع فإن أبي مسلم كان يعترف أن آية أو عدة آيات نسخت أحكاماً كانت ثابتة، كتحويل القبلة مثلاً، إلاّ أنه لا يقبل بوقوع النسخ في آيات القرآن الكريم([8]).
ومن الذين تابعوا قول الاصفهاني بعدم جواز النسخ ابن الجنيد البغدادي في كتابه " الفسخ على من اجاز النسخ" والمازندراني الحائري في كتابه " النسخ، وهل هو جائزٌ عقلاً أم لا؟" والسيد أحمد خان الهندي وهو أحد أركان النهضة الإسلامية في الهند، وصاحب تفسير "تفسير القرآن وهو الهدى والفرقان»" باللغة الأُرْدية. و قد كتب في بداية تفسيره عن أحد الأصول التي اعتمدها: " لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن الكريم، بمعنى عدم نسخ أيٍّ من الآيات لآيات أخرى… والظاهر أن النسخ المذكور في الآية يتعلَّق بالشرائع السابقة على الإسلام، ولا يتعلَّق بآيات القرآن " وغيرهم ، وبشكل عام فإن الأشاعرة والجعفرية يذهبون إلى القول بالنسخ.
لذا؛ فإن النسخ المذكور في الآية التي ذكرناها في البداية تعني نسخ الشرائع وليس نسخ النصوص القرآنية.
والله أعلم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الايمان بدون دليل يمكن نقضه بدون دليل!!!
ابو علي آل ثائر ( 2024 / 5 / 16 - 03:36 )
لقد ضاع شعري على بابكم *** كما ضاع عقد على عاتكه
ايها الاخ الكريم بعد التامل والتفكير يتبادر الى الذهن السؤآل التالي:
هل حقا ان دين من الله الى عباده يتركه الى تفسير وتاوايل فلان وعلان ومن هو على حق ومن هو على باطل؟؟. اخي الكريم. نظرة احصة في الاديان والمذاهب والخلافات بينها حتى في الاصل يتبين بدون شك ان الاديان هي من صنع الانسان ولا شيء غير ذالك. واخيرا: اعبد من شئت وقدس من شئت ـ ولا تدعي امتلاك الحقيقة ـ ولو كان حجرا ولكن لا تضربني به والسلام.

اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran