الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قد أفلح قوما ولوا أمرهم امرأة

مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)

2024 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


( لن يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً) كثيرا ما يتردد على آذاننا هذا الحديث أو يلقى به في اي جدال يخص قضايا المرأة وحقوقها، فهو من الأحاديث المؤسسة لدونية المرأة في الإسلام، وكثيرا ما يردده أهل الدين والمشتغلين به لإسكات اي محاولة من محاولات تمكين المرأة في المجتمع، حتى أصبح من مسلمات الدين ومن المعلوم من الدين بالضرورة ،وكالعادة فإن العقلية الأصولية وتحديدا العقلية الإسلامية قد اتخذت من النقل مذهباً وجعلته بينه وبين العقل حائلاً ، فعلى خلاف أن ذلك الحديث يخالف الواقع الذي نعيشه ونحيا فيه فكم من دولة قد تولت شؤون الحكم فيها امرأة وهي دول أكثر تقدماً وازدهارآ من اوطاننا المنكوبة التي يحكمها الرجال، وبل لا أخفيكم سرآ أن الواقع الذي نحيا فيه والتاريخ الذي نعرفه يقول لنا أمرا آخر وهو أنه لن يفلح قوما ولوا أمرهم لرجال الدين، ولكن حتى وإن تمهينا معاهم نجد أن الحديث المذكور آنفاً هو حديث آحاد تفرد به الصحابي أبا بكرة حيث قال ( لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ . قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ) رواه البخاري (4425)، ورواه النسائي في " السنن " (8/227) وبوب عليه النسائي بقوله : "النهي عن استعمال النساء في الحكم ولكن من العجب العجاب أن يأخذ حديث من أبا بكرة وهو متروك الشهادة بنص القرآن ،حيث قام عمر بن الخطاب في زمن خلافته بجلد أبو بكرة حيث ألصق أبا بكرة تهمة الزنا في المغيرة بن شعبة دون أن يأتي بشهادة ثلاثة شهود غيره وهذه القصة قد روى أصلها البخاري معلقة بصيغة الجزم " باب شهادة القاذف والسارق والزاني, وقول الله تعالى: ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا", وجلد عمر أبا بكرة, وشبل بن معبد, ونافعًا المغيرة ، في فتح الباري ج5/ص256 " أخرجه عمر بن شبة في أخبار البصرة من هذا الوجه, وساق قصة المغيرة هذه من طرق كثيرة, محصلها أن المغيرة بن شعبة كان أمير البصرة لعمر فاتهمه أبو بكرة وهو نفيع الثقفي الصحابي المشهور, وكان أبو بكرة ونافع بن الحارث بن كلدة الثقفي وهو معدود في الصحابة وشبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة بن معبد بن عتيبة بن الحارث البجلي وهو معدود في المخضرمين وزياد بن عبيد الذي كان بعد ذلك يقال له زياد بن أبي سفيان إخوة من أم, أمهم سمية مولاة الحارث بن كلدة, فاجتمعوا جميعًا فرأوا المغيرة متبطن المرأة, وكان يقال لها الرقطاء أم جميل بنت عمرو بن الأفقم الهلالية, وزوجها الحجاج بن عتيك بن الحارث بن عوف الجشمي, فرحلوا إلى عمر فشكوه فعزله, وولى أبا موسى الأشعري, وأحضر المغيرة فشهد عليه الثلاثة بالزنا, وأما زياد فلم يبت الشهادة, وقال رأيت منظرًا قبيحًا, وما أدري أخالطها أم لا, فأمر عمر بجلد الثلاثة حد القذف, وقال ما قال, وأخرج القصة الطبراني في ترجمة شبل بن معبد, والبيهقي من رواية أبي عثمان النهدي أنه شاهد ذلك عند عمر, وإسناده صحيح ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد العزيز بن أبي بكرة مطولًا, وفيها فقال زياد: رأيتهما في لحاف, وسمعت نفسًا عاليًا, ولا أدري ما وراء ذلك".
‌وهذا على سبيل المثال لا الحصر الروايات التي تأكد لنا جلد عمر بن الخطاب للصحابي أبا بكرة وبهذا تسقط شهادة أبا بكرة ويصبح متروك الحديث، لأنه وكما هو وارد في سورة النور من الآية الرابعة إلى الآية الخامسة (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) ،فكيف يأتي البخاري ويورد لنا ذلك الحديث عن شخص متروك الحديث والشهادة بنص القرآن بل من العجب أن البخاري نفسه قد أورد حادثة جلد عمر بن الخطاب لابا بكرة لشهادته على المغيرة فكيف جمع بين النقائض! فالحديث الذي يحتاجون به هو حديث أحاد تفرد به أبا بكرة فقط وهو حديث فاسد مبني على مخالفة واضحة للنص القرآني، بل إن حادث جلد عمر بن الخطاب لابا بكرة تسقط كل الروايات التي قد وردت عنه وليس هذا الحديث فحسب، ونحن في عرضنا لنص الحديث أردنا هنا أن نقف على أمرين مهمين أن الحديث الذي يحتاجون به إنما هو حديث فاسد ساقط مخالف للواقع الذي نحيا فيه ومخالف حتى للقرآن ذاته، الأمر الثاني إنما أحاديث رجال الدين لا يمكن أن نعتد بها في تأسيس مجتمعنا أو مناقشة قضايا تخص مصيرنا ومستقبلنا، فأحديث رجال الدين إنما ماهي الا مجرد احجيات مليئة بالذلال والنقص و العوار و ما أسهل القول بأن قال رسول الله كذا وكذا لإخضاع المجتمع لما يريدون لما لها من هيبة والاجلال عند الناس، يتحدثون بثقة كأنهم سمعوا من فم النبي ذاته و أدركوا مقصده ويتحكمون ويحكمون به رقاب العباد، ولما هم سمعوا ولا هم أدركوا إنما احجيات قول فلان عن فلان عن علان، بائس ما يأمرهم به إيمانهم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran