الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلحاد بدون تكوين

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2024 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عقب إعلان عدد من الشخصيات الفكريّة في مصر إطلاق مؤسّسة تكوين الفكر العربي والتي تُعنى بـ"الإصلاح الفكري" و"الفكر الديني المستنير" ، إنتشرت حالة من الغضب بين عموم الشعب المصري وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خشية قيام المؤسسة من استغلال الدين في الترويج للأفكار والمعتقدات المتطرفة والمغلوطة ، فانطلقت الكثير من الحملات على مواقع التواصل لإغلاقه وبلاغ للنائب العام بدعوى تشكيكه في ثوابت الدين الإسلامي ونشره للفتنة في العالم العربي والإسلامي ، وهي خطة كما زعم البعض قد تصل في نهاية الأمر إلى إلحاد الشباب العربي
وهي حجة أراها مثيرة للضحك ، لأن كل من الشباب المسلم والمسيحي لم يصلوا لقرار الالحاد إلا بعد التعمق في دراسة أديانهم والبحث عن إجابات لأسئلة عجز رجال الدين عن الإجابة عليها .

الالحاد ( حق أصيل لكل إنسان )

تقول بعض الدراسات إن عدد الملحدين يبلغ 850 مليونًا في العالم أي ما يعادل (14 ٪) من عدد سكان الأرض، فقد أجرت قناة “بي بي سي” استطلاعا للرأي ما بين عامي 2018 و2019 عن الملحدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، شارك فيه أكثر من 25 ألفا من سكان عشر دول، خلص إلى أن عددًا متزايدًا من العرب تحولوا إلى ملحدين. ويذكر الاستطلاع أنه منذ عام 2013، ارتفعت نسبة اللادينيين من 8% إلى 13%. وجاءت تونس في المرتبة الأولى في عدد اللادينيين بنسبة 30%. هذا وقد رصدت مجلة الملحدين العرب في عدد يونيو 2020، أن عدد مشاهدات قناة أحد الملحدين المصريين على “يوتيوب” بلغ قرابة الـ 10 ملايين مشاهدة على فيديوهاته، و70 ألف مشترك. وبلغ عدد المحاضرات التي يقدمها هذا الملحد على القناة 700 محاضرة لنشر فكره بالعربية .
من الصعب تحديد عدد اللادينيين في مصر، كما أنه لا يحسب رسميًا في تعداد البلاد ، والكثير من الملحدين متخفون ويتواصلون مع بعضهم عبر الإنترنت، ولا يستطيع الملحدين أو اللادينيين تغيير وضعهم الديني الرسمي، وبالتالي فإنهم يُحسبون إحصائياً كأتباع للدين الذي ولدوا ونشأوا فيه.

في نوفمبر 2013، ذكر تقرير بي بي سي منقول عن جريدة الصباح المصرية أن عدد الملحدين في مصر قد يصل إلى 3 ملايين شخص.
وفي ديسمبر 2014، أشارت دار الإفتاء المصرية، إلى أن عدد الملحدين في مصر يبلغ 866، أي ما يمثل 0.001% من السكان، وقد وصفت صحيفة الغارديان التقديرات بأنها «دقيقة بشكل مثير للريبة» ، بينما أعلن الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر في لقاء تلفزيوني خلال العام 2023 زيادة عدد الملحدين في مصر, وأن عددهم تجاوزا الـ3 ملايين طبقا للدراسات والإحصاءات الأخيرة .


الإيمان خوفاً
إن القانون المصري لا يعترف بالإلحاد،و لا يسمح بإعلانه أو بوجود أية مظاهر خارجية له لأن ذلك يعتبر مُخالفًا للنظام العام في مصر ، في حين أن السلطة المجتمعية والدينية تعد العدو الأكبر لحرية الاعتقاد في مصر .
أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث ، شمل 1798 مسلماً مصرياً، أن 63% منهم يؤيدون عقوبة الإعدام للملحدين أو من يغادر الدين الإسلامي ، وهو رأي يستند على أسس دينية بحته
فمن المعروف أن ترك الإسلام يعد كبيرة تستوجب القتل ، ودليل قتل المرتد هو قول النبي محمد : " من بدل دينه فاقتلوه " رواه البخاري (2794) . والمقصود بدينه أي الإسلام .

وقول النبي أيضاً : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " رواه البخاري 6878 ومسلم 1676 .

وبهذه العقلية الجمعية و النصوص الدينية التي تبيح اراقه دم من اختار حريته الدينية يجد اللادينيون _او حتى من اختار ترك الاسلام واعتناق ديناً آخر _ نفسه مجبراً على إخفاء معتقداته خوفاً على حياته .


سياسة عقيمة في مواجهة الأفكار

في العام ،2023 أعلنت وزارة الأوقاف المصرية عن خطة تشمل 6 محاور لمواجهة الإلحاد هي :

1- العمل من خلال الخطب والدروس والندوات والمقالات الصحفية والقوافل الدعوية والمدارس العلمية القرآنية.
2- عقد دورات تدريبية لشباب الأئمة عن مداخل الإلحاد ومهارات التواصل والحوار.

3- إقامة صالون الأوقاف الثقافي تحت عنوان «الإلحاد أسبابه ومخاطره؟ وهل هو ظاهرة أو عرض؟
4- إقامة ملتقى الفكر الإسلامي تحت عنوان: بين التطرف والإلحاد.
5- عقد العديد من الندوات والمحاضرات العلمية الكبرى تحت عنوان: مخاطر الإلحاد وسبل المواجهة.
6- التعاون مع وزارة الشباب والرياضة في مبادرة «بالعقل كده» من أجل حوار هادف موجه وتفنيد شبه الملحدين

بينما أصدر الرئيس السيسي توجيهاته ببناء مساجد كُبرى في مختلف محافظات مصر وزيادة مكافآت المسابقة العالمية للقرآن الكريم، مما أثار موجة من الاستغراب لوجود أعداد كبيرة من المساجد في مصر يفوق أغلب الدول الإسلامية. فحسب تصريحات وزير الأوقاف في سبتمبر 2020 كان عدد المساجد في مصر� ألفاً بينها أكثر من مئة ألف من المساجد الجامعة الكبيرة، وفي نهاية عام 2022  صرّح وزير الأوقاف بأنه تمّ خلال عامين بناء 2712 مسجدا جديدا، بما جعل عدد المساجد التي بُنيت في عهد الرئيس السيسي 9600 مسجد بتكلفة تجاوزت عشرة مليارات جنيه، وإذا أضيف إليها الكلفة السنوية للخدمات ورواتب الموظفين ورجال الدين المشرفين على كل مسجد والمشاركين في الندوات والقوافل الدعوية يتّضح حجم الإنفاق الكبير على خطة ساذجة ليس لها أي عائد ومن الصعب أن تُحدث أي فرق في "الحرب" على الإلحاد.  
ولذلك لا أرى أي داع ولا جدوى من حرب الشيوخ والعامة على مؤسسة تكوين وانها لم تكن ولن تكون سبباً في إلحاد اشخاص لم يجدوا في دينهم ما يؤمنون به أو يلامس عقولهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran