الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما قلبت معايا بجد

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2024 / 5 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البداية كان الأمر حيلة أقنع بها نفسي،
أنني رجل ذو عقل حر.
ولست متبعاً أعمى لأقدمين، أو عبداً للنصوص القديمة.
وأن العقل والمنطق والمنهج العلمي هو ما يحدد ما أقبل وما أرفض.
وذلك أن قلت لنفسي:
"أُقَدِّس الكتاب المقدس ليس لأنه كلمات إله.
ولكن لأن محتواه جدير بالتقديس.
ويرشدني للتواصل مع الإله القدوس."
*****
تصورت الأمر مجرد حيلة أو لعبة منطقية،
ولن يؤدي لعبها سوى لذات النتيجة، وهي أن:
"الكتاب المقدس مقدس وجدير بالتقديس"
*****
لم أفطن في البداية لخطورة تجريد الكتاب المقدس من القداسة المسبقة.
أو القداسة بإسناده لإله.
ما أدى لنزع الهيبة من قلبي وعقلي وأنا أطالعه.
وحلت محلها العين الناقدة المدققة.
*****
أخطأت إذ تصورت أن الكتاب المقدس بذاته وبمحتوياته جدير بالقداسة.
وسيصمد أمام النقد الموضوعي العقلاني.
*****
كانت النتيجة بعد شهور وسنوات من تناول الكتاب من منطلقي العقلاني، هو اكتشاف حقيقة محتويات الكتاب الذي ظننته جدير بالصمود أمام الفحص والنقد العقلي.
*****
حين رأيت شموخ جبل الكتاب المقدس يتزلزل ويتصدع أمامي،
سارعت في البداية للبحث عن ردود على تساؤلاتي حول ما اكتشفت بالكتاب مما يمكن توصيفه كمهازل.
وقد كنت مازلت محصوراً بسيكولوچية المؤمن وهيبة الكتاب وما يحوي من رويات وشخصيات.
*****
لكن ماحدث هو أن الردود التي طالعتها وصادرة من أرفع المستويات الرسمية الكنسية الأكاديمية اللاهوتية،
أكدت نظرتي بإجاباتها.
بل وضاعفت كميات ما كنت توصلت إليه من سقطات لامنطقية وأخلاقية،
بالكتاب الذي كان مقدساً ولم يعد كذلك.
*****
فكان أن رفعت النسخة الضخمة من الكتاب المقدس من فوق ترابيزة الصالون بمنزلي.
ووضعتها في الرف الأعلى بالمكتبة.
لتجاور الأجزاء الثلاثة من كتاب رأس المال لعزيزي ماركس.
وبجانبهم نسخة قديمة مهترئة من كتب ألف ليلة وليلة.
*****
هكذا قلبت معايا بجد.
أو فلنقل:
انقلب السحر على الساحر!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصراحه
على سالم ( 2024 / 5 / 18 - 04:48 )
فى الصراحه راحه , انت رجل شجاع جرئ وصريح مع نفسك وعقلك , انت توصلت الى اشياء هلاميه عنكبوتيه غير مفهومه فى المعتقد اليسوعى وهذه نقطه هامه تحسب لك , عكس اقباط كثيرون يدمنوا خداع النفس والعيش فى الاوهام والاحلام ولاتجد معهم سوى عبارات انشائيه ساذجه مثل ( يسوع يحبك ) ؟ ؟ اذن اين يسوع فى المجاعات والامراض والحروب والاوبئه والبؤس الانسانى , هل يعلم يسوع ان كل يوم يموت الالاف من الاطفال الابرياء بسبب الامراض والمجاعه وشربهم مياه ملوثه وامراض الطبيعه من زلازل وفيضانات وحرائق وغيرها