الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هدم تخاريف البربر (3): الافري (سكان تونس القدماء) كانوا زنوجا

محمد مقنع

2024 / 5 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تاريخ السود في شمال أفريقيا يمتد لملايين السنين، حيث اسسوا إمبراطوريات وحضارات رائعة، مصحوبة بتاريخ مجيد. ورغم الإنجازات الكبيرة، إلا أن هذا الشعب العظيم واجه تحديات ومصاعب لا تحصى، من بينها ظاهرة السطو والاستباحة التي طالت تاريخهم. فكثير من علوج البربر يدعون بان اسم افر (الذي اشتقت منه كلمة افريقيا) كان يطلق على شعب ابيض بربري عمر تونس، مع ان المصادر التاريخية تؤكد عكس ذلك.
عند الحديث عن تبييض تاريخ شمال أفريقيا، ندخل في نقاش حساس يتناول تشويه الصورة والتلاعب بالحقائق التاريخية. ففي العديد من الحالات، تم تجاهل وتشويه إسهامات السود الشمال افريقيون، وتم إخفاء قصص نجاحهم وتفوقهم في مختلف المجالات نتيجة للعنصرية والتمييز الاجتماعي الذي مارسته القوى الإمبريالية خلال الحقبة الاستعمارية.
في قصيدة "موريتوم"، التي كُتبت في القرن الأول قبل الميلاد وتتحدث عن مواطنة تونسية من الحقبة الرومانية، تُقدم واحدة من أكثر الوصفات التفصيلية للإنسان الزنجي في الأدب الروماني. إن كل من "أفر" و"فوسكوس"، اللذين يظهران في وصف بوبليوس فيرجيليوس مارو، لهما أهمية أنثروبولوجية كبيرة عندما يُنظر إليهما في سياق مقطع "موريتوم". لا ينبغي إغفال هذا التوافق بين كلمتين تحملان أهمية أنثروبولوجية، خاصة عندما تُستخدم إحداهما - "فوسكوس" - لوصف سمة اعتبرها الرومان واحدة من السمات المميزة للزنوج، واستعملوها كدليل واضح للتعرف عليهم.

مقطع القصيدة الرومانية:
جنس أفرا، الشكل كله يشهد بوطن الأب،
شعر ملتوي وشفاه منتفخة ولون اسود،
صدر واسع ثديين منبسطين وبطن مضغوط،
ساقين نحيلتين وقدم فسيحة وسخية

Moretum -- Appendix Vergiliana, Publius Vergilius Maro
Afra genus, tota patriam testante figura,
torta comam labroque tumens et fusca colore,
pectore lata, iacens mammis, compressior alvo,
cruribus exilis, spatiosa prodiga planta

المدلسون الغربيون يستغلون عدم معرفة الناس باللغتين الإغريقية واللاتينية لتمرير أجنداتهم المضللة. اثيوبي لا تعني اسود في أي من اللغتين لان الرومان كانوا يستعملون نعوت ك (Niger, Ater, Fuscus, Perustus, Adustus, Incocti) لوصف سواد البشر، بينما الاغريق يستخدمون كلمات ك (Melas, Mavro).

عندما كنت اجري أبحاثي، وجدت كتاباً يشير إلى أن الوصف الذي جاء في قصيدة موريتوم يظهر تشابهًا ملحوظًا مع فقرة حديثة من دراسة أنثروبولوجية تصف السود، اذ جاء في الكتاب:
وفقًا للمعايير العلمية الحديثة، يمكن اعتبار بعض الكُتّاب الرومان مؤهلين كعلماء أنثروبولوجيا من حيث ملاحظاتهم عن الزنوج. باستثناء عدم وجود بيانات أنثروبومترية، فإن بعض الأوصاف الرومانية للزنوج تتفق مع أوصاف أدق العلماء الحديثين.
توجد تصنيفات للنوع الزنجي في ثلاثة مصادر رومانية. وبما أن دراسة هذه الفقرات مهمة لتبرير استخدام كلمات "إثيوبي" و"زنجي" و"زنجي النوع" في هذه الورقة، فمن الضروري الاستشهاد بهذه الفقرات ومناقشة بعض الكلمات الأساسية التي تظهر فيها.
Afra genus, tota patriam testante figura,
torta comam labroque tumens et fusca colore,
pectore lata, iacens mammis, compressior alvo,
cruribus exilis, spatiosa prodiga planta

هذا الوصف في قصيدة (Moretum, 31-35) يحمل تشابهًا لافتًا مع الفقرة التالية من عالم أنثروبولوجيا حديث: "رؤوس ضيقة وأنوف عريضة، شفاه سميكة وسيقان نحيفة، فكوك بارزة وذقون متراجعة، جلد غني بالصبغة ولكن فقير بالنمو الشعري، أقدام مسطحة وجباه مستديرة، وشعر اجعد قصير".


وهذه الحقائق اكدها العالمين الأنثروبولوجيين الفرنسيين لوسيان بيرثولون وإرنست شانتر، اللذين فحصا هياكل عظمية تونسية تعود للحقبة الرومانية:
"نوع الزواويس أو الزيغيتان، نسبتا لمقاطعة تونسية كانت تضم هذه المدن (Carthage, Utica, Hippo, Diarritum, Maxulla, Misua, Clupea & Neapolis) - كان الزواويس أو الزيغيتان أصغر قليلاً في الحجم من اللوطوفاجيين. كان طولهم يتراوح بين 163-164 سم. كانت رؤوسهم ضيقة وممتدة بشكل ملحوظ (احدى خصائص الزنوج). كان متوسط مؤشر الرأس لديهم من 73 إلى 74. كان أنفهم عريضًا جدا (احدى خصائص الزنوج)، مما أعطى، كما هو الحال مع اللوطوفاجيين، مؤشرًا متوسطًا من 68 إلى 70. كانت بشرتهم أكثر سمرة من بشرة اللوطوفاجيين، مع خلفية من الصبغة الحمراء-البنية. كانت عيونهم سوداء، وشعرهم شديد السواد، ولحاهم قليلة الكثافة (احدى خصائص الزنوج). كان للأفري الخصائص نفسها، مع حجم متوسط أقل قليلاً، ومؤشر رأسي ربما أقل امتداداً، من 74 إلى 75."

Recherches Anthropologiques Dans La Berbérie Orientale, Tripolitaine, Tunisie, Algérie. By Lucien Bertholon, Ernest Chantre.
Type des Zaouèces ou Zeugitans. - Les Zaouèces ou Zeugitans étaient un peu plus petits de taille que les Lotophages. Leur taille était d’environ 163-164. Leur tête était étroite et fort allongée. Leur indice céphalique était en moyenne de 73 à 74. Leur nez était assez large, donnant, comme pour les lotophages, un indice moyen de 68 à 70. Leur peau était plus bistre que celle des lotophages, avec un fond de pigment rouge-brun. Les yeux étaient noirs, les cheveux très fonces, la barbe peu abondante, les Afri avaient les mêmes caractéristiques, avec une taille moyenne un peu moins basse, et un indice céphalique peut être moins allongé, 74 à 75.


تظهر الصورة المرفقة في هذا المنشور تمثالًا لرجل تونسي يتميز بصفات زنجية، يعود تاريخه إلى الفترة الرومانية، ويتواجد حاليًا في متحف باردو التونسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة