الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أيلانا بصري حب أسطوري للعراق رغم الغياب الطويل
سرحان الركابي
2024 / 5 / 20المجتمع المدني
كنت أستمع ألى برنامجها الاذاعي المشهور طبيب وراء المايكرفون , ومن وقتها وأنا اأشعر ان هذا الصوت الدافيء , صوت رافديني أصيل , رغم انها تعمل في اذاعة أجنبية وليس عراقية , ومادفعني الى ذلك الاحساس , هو لقبها ( بصري ) والثاني لهجتها أو لكنتها القريبة من العراقية , ولم يخطر ببالي في يوم من الأيام , أنني ساتعرف عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي , وأتحدث اليها مباشرة , وهي تعترف لي بأنها عراقية الهوى والمنبع والجذور , وأسمع منها قصائد الحب والغزل للعراق الذي مازال حبه يسري في دمائها , رغم انها فارقته منذ نعومة أظفارها , مازالت مياه دجلة والفرات تجري في عروقها
وتغذي حنينها الى بلدها , الذي أنجبها وأنجب آباءها وأجدادها منذ آلاف السنين , كل يوم أرى قصائدها , وكلماتها المغمسة بالحب والحنين الى مسقط رأسها , مدينة العمارة وشواطئها الممتدة على نهر دجلة ,
ايلانا بصري , العراقية اليهودية الرافدينية , لها مع العراق قصة من أروع قصص الحب الخالد ,
. ايلانا بصري المجنونة بحب العراق , من مواليد مدينة العمارة , وهاجرت في بداية الخمسينات من القرن الماضي
. وأيلانا يعني شجرة باللغة الآرامية , هو الاسم الذي اتخدته لنفسها , بدل اسمها الحقيقي كليريت خضوري طويق , من عائلة طويق المعروفة في العراق , ولقب بصري اكتسبته من لقب زوجها عزرا بصري
. درست في مدرسة السنية الابتدائية في العمارة , التي تقع بجوار البنك الشرقي , ثم أكملت دراسة المتوسطة في متوسطة النهضة للبنات , في شارع المعارف , أما الدراسة الاعدادية , والتي يسميها البعض ثانوية , فقد أكملتها عن طريق الدراسة الخارجية , اذ لم تكن هناك اعدادية في العمارة , وحازت على أعلى معدل في اللغة العربية في المنطقة الجنوبية 87 , والذي حصلت على أثره على هدية من الوصي عبد الاله قاموس انكليزي عربي , ومن المؤسف انها لم تحمله معها في هجرتها ,
هاجرت مضطرة مع عائلتها في بداية الخمسينات من القرن الماضي , كما أسلفنا , وعملت كمذيعة ومقدمة برامج , ومن أشهر برامجها طبيب وراء الميكرفون , وهو برنامج طبي وانساني , يعالج الحالات المستعصية جدا , والتي لا يتوفر لها علاج أو امكانيات في البلدان العربية , وطالما ساعدت بعلاج حالات مرضية كثيرة من كافة البلدان العربية ,
. تقول طالما اشتقت الى سماع أحد من العراق أثناء بث البرنامج , ولو حدث فعلا لطرت فرحا وأوقفت البث شوقا الى العراق .
وفي كل يوم أكتب قصيدة بحب دجلة والعمارة والعراق , وسيظل هذا الحب راقدا في روحي ومخيلتي . ولا يمكن أن أنسى ذكرياتي في العراق
, فقد كانت لي زميلات مسلمات ومسيحيات , منهن بتول معروف وسنية حسين وجانيت بني , وشمسة بدر ريحان , وكريمة عبد المطلب , وسعاد نعيم شوحيط , ومن المؤسف ان علاقتي بهن قد انقطعت ولم أعد أستطيع التواصل معهن , ولا أعرف مصيرهن , هل هن أحياء أم أموات .
. اما الجيران الذين لا أستطيع نسيانهم , فقد كان منزل خلف الشفي وهو مازال قائما حتى الآن أمام منزلي , وكذلك منزل حجي فهمي وبناته سلطانة وشكيبة ونجيبة ومرغريت جرجس
. أتواصل حاليا مع أبناء العمارة الكرام , وقد تحدثنا عن التكية المجاورة لمنزلي بجدار واحد , ولازلت أتذكر ذلك الانسان المعروف باسم عبد الوهاب , كان يجلس في مدخل التكية , وسمي صاحب الأيدي الذهبية ,لأن الناس كانوا يأخذون أليه الأطفال المرضى , لينشر لهم ويقرأ على رؤوسهم آيات قرآنية من القرآن الكريم , فيعودون بفضل الله تعالى معافين , وهذا ما حدث لي حين أصبت بالحصبة , فقد أخذوني اليه وقرأ على رأسي وشفيت والحمد لله , ومما لا يغيب عن الذاكرة ان عبد الوهاب هذا الرجل الطيب , كان يستعين بعكازتين , وقد فوجئت حينما تعرفت على حفيده الآن , والذي أخبرني أن جده كان قد أصيبت قدمه في الحرب العالمية الاولى , ولهذا كان يستعمل العكاز
ومن ذكريات أيلانا المؤلمة , تقول حينما غادرت العمارة مسقط رأسي , وأنا في طريقي الى الضفة الأخرى من نهر دجلة , رأيت أغصان الأشجار تتشابك وتتمايل مع سعف النخيل , كأنما تودعني , وتلقي علي النظرة الأخيرة , بينما لم أكن أتصور ان تلك ستكون المرة الأخيرة التي أرى فيها دجلة , الذي ولدت على ضفافه وتربيت على هدير موجاته , لهذا أشعر أن ماء دجلة مازال يجري في دمي وعروقي , وتراب العراق هو الطين الذي نبت منه جسدي
. والعمارة مسقط رأسي , حيث مازالت تعشعش في مخيلتي وترقد في أعماقي , فليتني أزورها ولو لمرة واحدة , فأشم رائحة ترابها ,
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الحرة ترصد حركة المهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة
.. الحدود مع المكسيك.. عصابات تتحكم في تهريب المهاجرين
.. أهداف نتنياهو في الحرب.. تدمير حماس وإعادة الأسرى ومنع التهد
.. بعد صفقة الرهائن.. اعتقال عشرات بينهم أطفال في مداهمات إسرائ
.. حكايات على لسان الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين المحررين