الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتصال فى الجمعيات الأهلية وتحقيق التنمية بالمشاركة في ضوء رؤية مصر 2030

وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور

2024 / 5 / 21
المجتمع المدني


مقدمة
الاتصال حقيقة تاريخية وظاهرة إنسانية واجتماعية وجدت مع وجود البشرية وساهمت فى حضارتها ، فعملية الاتصال بمثابة العمود الفقرى أو القلب النابض الذى لا يمكن أن تكون هناك حياة بدونه ، بحيث لا يمكن تصور جماعة أو منظمة يمكن أن تستمر حياتها دون اتصال بين أفرداها.
ومع تطور الفكر الإنمائى زاد الاهتمام بعملية الاتصال واستخدام كافة وسائله فى تحقيق أهداف التنمية وحل كثير من المشكلات التى تعوقها ، فعن طريق وسائل الاتصال يتم التعبير عن رغبات الجمهور وتطلعاتهم ، وتعزيز التقارب بين المنظمات والأفراد. وبذلك يسير الاتصال كقوة ايجابية داخل المجتمع تعمل على تماسكه وتدعيم بنائه كما يعبر عن قضاياه وتسهم فى دفع عملية التنمية.
اولا: مفهوم الاتصال
وضح " بيتر هارتلى " " 1993 Peter Hartley الاتصال بأنه العملية التى تنتقل بها الأفكار والمعلومات بين الأفراد داخل نسق اجتماعى يختلف من حيث الحجم ، محتوى العلاقات المتضمنة فيه ، بمعنى أنه قد يكون هذا النسق الاجتماعى مجرد علاقات ثنائية نمطية بين شخصين أو جماعة صغيرة أو منظمة أو حتى المجتمع الأنسانى ككل وفى هذا المعنى فأن الاتصال يعد عملية تفاعل يفهم من خلاله عملية تأثير وتأثر بيم طرفين يتحقق بينها المشاركة فى الخبرة. كما أنها عملية حيوية للمجتمعات البشرية ، تقوم بنقل العمليات الاجتماعية المتمثلة فى تجميع وتبادل ونقل المعارف والخبرات وكل ما يمر به الفرد من تجارب وأحداث الى الآخرين .( )
وبهذا يكون الاتصال بالمنظمات الاجتماعية عبارة عن عمليات نقل وتبادل المعلومات الخاصة بالمنظمة وخارجها. تأكيداً على الجانب الاجتماعى فى وصف العملية ككل بالخاصية الاجتماعية، باعتبارها ضرورة اجتماعية لتلبية الاحتياجات المجتمع، وتعمل بتأثير القوى الاجتماعية الأخرى فى المجتمع وتؤثر فيها . ومن ذلك يمكن أن تشير الى أن الاتصال هى العملية التى تتم بمقتضاها تبادل المعلومات والبيانات والخبرات بما يحقق أهداف المنظمة .( )
ثانيأ: عناصر ومستويات الاتصال
أ‌- عناصر الاتصال
أن عملية الاتصال تتسم بالاستمرار وليس لها بداية ولا نهاية وهى كما يلى :

1. المرسل Sender : أى عملية اتصالية تعنى وجود من يقوم بالاتصال وهو الطرف المتصل Communicator الذى يبادر بالاتصال إذ يقوم بتوجيه رسالته الى شخص آخر، ويصفه " جيرالد ميللر G. Miller بأنه مفتاح الاتصال ، ومفتاح نجاحه Cue of effective communication ، وأنه مخطط لعملية لها بداية ونهاية ، وقد يكون المرسل فرداً مختصاً بالإرسال أو لجنةCommitee تعمل كفريق جماعى أو هيئة أو جماعة متكاملة أو مؤسسة متخصصة . ويسعى الى نقل حقيقة أو فكرة بعينها ويختار الأداة المناسبة ثم يقوم بصياغة الرسالة الاتصالية بالشكل الذى يتناسب مع هذه الأداة ، ومع الجمهور المستهدف فى لغة بسيطة .
2. المتلقى Receiver : وتعنى الطرف الأخر للعملية الاتصالية ساء كان المستقبل فرداً كان أو جماعة أو مجتمع ، ويقوم بإعادة فك رموز الرسالة الموجهة إليه من المرسل ويفسرها تبعاً لخبراته السابقة ، وهو على هذا النحو إطار إنسانى مركب من أنساق متفاعلة ، تتوقف استجابتها للرسائل الاتصالية على الأنماط الكلية لتفاعل هذه الأنساق الفرعية واتجاهاتها وميولها لحظة استقبال الرسالة . ويتأثر مضمون الرسالة وطريقة عرضها ونوع الوسيلة التى تختار لتوصيلها بخصائص الجمهور من حيث العمر والسن والمستوى الاقتصادى والثقافى والاجتماعى ، كذلك يتأثر المستقبل بما يطلق عليه العوامل الانتقائية Selectivity وتشمل العرض الانتقائى والإدراك الانتقائى والاحتفاظ بالمعلومات بشكل انتقائى .( )
3. الرسالة Message :وهى مضمون السلوك الاتصالى وتعنى هنا المعلومات التى تحتوى على عدد من المعانى أو الأفكار أو الآراء أو الاتجاهات التى يختارها المرسل للتعبير عن أهدافه ويرغب بنقلها الى الطرف الآخر ، ويتم التعبير عنها من خلال الرموز اللغوية واللفظية Verbal ، أو من خلال الرموز غير اللفظية Non- verbal ، وعلى هذا فكلما كان هناك تفاعل وفهم مشترك بين المرسل والمستقبل على مضمون الرسالة ، كلما استطاع المستقبل أن يستوقف المرسل لمزيد من الفهم ، كلما اكتسبت الرسالة فعالية أكبر .
4. الوسيلة Mediums : وهى القناة التى يتم من خلالها نقل الرسالة من المرسل الى المستقبل ، وهذه الوسيلة تختلف فى خصائصها وفى إمكانياتها باختلاف الموقف الاتصالى أو حجم المتلقين وانتشارهم ، وحدود المسافة بين المرسل والمتلقيين ، وتتعدد هذه الوسائل فى عملية الاتصال ، ويتوقف استخدام كل وسيلة منها على عدة متغيرات منها ماهية الفكرة المطروحة ، الهدف المقصود Goals ، أهمية عامل الوقت ، خصائص الجمهور المستهدف ، تكاليف استخدام الوسيلة بالنسبة للهدف المطلوب تحقيقه ، فكل وسيلة تأثير معين حيث تستخدم رموز مميزة فى توصيل رسالتها.
5. التفاعلية Interactivity : وهو تشير الى علاقة بين متغيرين أو أكثر تنطوى على تأثير متبادل ، و التفاعل فى الاتصال له مستوياته ثلاث بين الفرد وذاته ، وبين الفرد والموقف ، بين الرسالة وقوى المجتمع المؤكدة والمعارضة للتغيير فى السلوك ويقع التفاعل بين المرسل والمستقبل بين نمطين من التفاعل " التفاعل السمترى Symmetrical - التفاعل المتكامل Complementary".
6. رجع الصدى أو التغذية المرتدة Feed back : يقصد برجع الصدى نمط استجابة المستقبل لرسالته.مع إعادة المعلومات للمرسل، والتى من خلالها يدرك القائم بالاتصال مدى توافق رسالته مع الآخرين، وتوفر التغذية المرتدة إمكانية الحصول على ردود أفعال المستقبل لرسائل المرسل فوراً وفى الحال، ويؤكد الباحثون أهمية التغذية المرتدة فى الاتصال ويطلق عليه أيضا عملية الاسترجاع الفورى، فعن طريقه يتاح لنا الفرصة فى تكوين او إعادة تكوين الاتصال بناءاً على الأفراد الذين تتحدث غليهم فيحقق المرسل من طريقة أدائه فى إرسال الرسالة لحظة بثها للمستقبل وبالتالى يمكن إعادة صياغتها وتكرارها عن طريق رجع الصدى السريع. وقد يكون رجع الصدى ايجابياً Positive يتفق مع أهداف المرسل أو سلبياً Negative يتعارض مع هذه الأهداف ، وقد يكون فورياً Immediate، أو مؤجلاً Delayed ، وقد يكون حراً Free يصل الى المستقبل مباشرة ، وقد يكون مقيداً-limit-ed .

7. الإطار الاجتماعىSocial Context : وهو البيئة أو السياق التى تتم فيها عملية الاتصال، وهى تتضمن مجموعة من الاتجاهات والقوى الاجتماعية التى تؤثر على عملية الاتصال، وتحكم تبادل وتدفق المعلومات، وهى تؤثر بطبيعة الحال على عناصر الاتصال الأخرى، ومن هنا يتم تبادل المعلومات بين الأشخاص الذين يتفاعلون أثناء عملية الاتصال وغالياً ما يكونون منتمين لطاقم من القيم والاتجاهات، ومن هذا فإن كل واحد منهما يكون بمثابة شخص مرجعى بالنسبة للأخر، فكلما كان السياق الذى يتم فيه الاتصال ذا جوانب مشتركة بين المرسل والمستقبل ، كلما كانت فرص النجاح للعملية الاتصالية اكبر .
8. التأثير Effects : وهو نتيجة الاتصال ، ويقع على المرسل والمستقبل على السواء، وقد يكون الأثر نفسى أو اجتماعى ويتحقق اثر وسائل الاتصال من خلال تقديم الأخبار والمعلومات والإقناع وتحسين الصورة الذهنية
9. الخبرة المشتركة Field of Experience : فحينما يكون الأفراد الذين تتصل بهم لديهم خبرة حياتية مشابهة فإن فرص التفاهم وتحقيق نجاح الاتصال يكون متاحاُ بطريقة فعالة ، وعلى العكس صحيح ، كلما تباعدت الخبرة الحياتية كلما صعب التفاعل والتفهيم بينهما.( )
ب‌- مستويات الاتصال
للاتصال مستويات عديدة يتم من خلالها التفاعل المستمر بين الوحدات الاجتماعية المختلفة فهناك اتصال على المستوى الأفراد ،الجماعات ، المنظمات والمجتمعات المحلية ، القومية والدولية. فكل هذا يدور حول خمس مستويات للاتصال تتحدد كما يلى:
1. الاتصال الذاتى Personal intra-individual communication : ويعنى أن الاتصال يتم داخل الفرد ذاته وهذا يعنى أن المرسل والمستقبل شخص واحد ، ويتضمن أفكاره وتجاربه ومدركاته وكذلك الأنماط التى يصورها الفرد فى عملية الإدراك ، ويعتبر فهم هذه العملية التى تحدث بين الفرد وذته أساس فهم عملية الاتصال ذلك لأن رجع الصدى تجاه الرسالة يتوقف لى ناتج هذه العملية التى تحدث ذاتياً فى جميع المواقف وتتأثر بالموز التى يتعرض لها الفرد فى عملياته الاتصالية .( )
2. الاتصال المواجهى face to face communication : وهذا النوع يتم بين الأفراد مواجهة ، سواء كان بين فردين أو بين فرد وآخرين ، لذلك ينقسم هذا النوع الى الأنواع الفرعية التالية :
 الاتصال الشخصىInter-personal communication : ويتم بين الأفراد مباشرة من خلال وسائل الاتصال التقليدية ، ويتيح هذا النوع من الاتصال فرصة التعرف المباشر على تأثير الوسيلة ، ومن ثم تصبح الفرصة أمام القائم بالاتصال لتعديل رسالته وتوجيهها فتصبح أكثر فعالية وإقناعاً ، وهذا النوع من الاتصال يتم وجها لوجه من أنواع الاتصال المواجهى face to face ويتم من فرد لأخر أثناء توحد العلاقات الاجتماعية والأدوار الاجتماعية وتعدد الوسائل المستخدمة ، وفى هذا النوع من الاتصال كل وسيلة لها خصائصها التى تستفيد بها من أجل التواصل مع الأخر. ))
 الاتصال الجمعىGroup communication : يتحدد هذا النوع من الاتصال من خلال حجم المشاركين فى عملية الاتصال ، وبصفة خاصة جماعات المستقبلين حيث يسود التأثير الأنفعالى Emotional manner ، ويظهر انتقال الىثر بين الأفراد بما تتضمنه محتويات الرسالة ، وهذه العملية تطلق عليها عملية الفسيولوجية لمرتكزة على تبادل الرسائل بين كلاً من " المرسل والمستقبل " ارتباطاً بتوافر الخبرات والمعانى السابقة عن الأفراد المشتركين فى عملية الاتصال ، كما هو الحال فى المحاضرات وحلقات النقاش ، الاجتماعات ، الندوات المحددة ، اللقاءات بحيث يتوفر فرص الشرح والتفسير والمناقشة مما يتيح فرصة المشاركة للجميع فى الموقف الاتصالى . ))
3. الاتصال العامPublic communication : ويعنى وجود الفرد مع مجموعة كبيرة من الأفراد كما هو الحال فى المحاضرات والندوات ، ويتميز التفاعل بين أعضاء هذا النوع من الاتصال بأنه مرتفع ، كما يتميز بوحدة الاهتمام والالتقاء حول الأهداف العامة ، ويضم أعضاء الجماعة تنظيم داخلى وإن كان غير رسمى ، وعادة ما يتم هذا النوع من الاتصال فى أماكن التجمعات أو تلك التى تقام خصيصاً لهذه الأغراض .( )
4. الاتصال الجماهيرىMass communication : يعرف الاتصال الجماهيرى بأنه العملية التى تتم باستخدام وسائل الانتشار الكنولوجى التى من حلالها يتم توصيل الرسائل الى جمهور عريض متباين الاتجاهات والمسويات حيث تصلهم الرسالة فى نفس اللحظة وبسرعة فائقة لكى تكون قادرة على خلق رأى عم، وعلى تنمية اتجاهات وأنماط من السلك كما تمتلك القدرة على نقل الأفكار والمعارف والمعلومات. وهكذا نجد أن الاتصال الجماهيرى عملية تشر وبث لرسالة ما فى ظرف ما ، تحمل أخباراً ومعلومات وآراء واتجاهات ومشاعر حول حدث أو قضية أو مشكلة أو ظاهرة تتصل بالاهتمامات العامة فى المجتمع، والتى يمكن أن تثير الاهتمامات الجماهيرية ، ويقوم بها مرسل عبر وسيلة اتصال من أجل الوصول الى دوائر جماهيرية واسعة بهدف التأثير فى الرأى العام ( ). ويعد الاتصال الجماهيرى اتصال منظم يقوم على إرسال رسالة صادرة عن مؤسسة للاتصال بالجماهير ، وترسل الرسالة الإعلامية عبر وسيلة إعلامية آلية تتميز بقدرتها على صنع نسخ كثيرة من الرسالة الأصلية لتوزع على الجمهور، وبهدف الاتصال الجماهيرى تحقيق أغراض مختلفة منها الإعلام ، الشرح ، التوجيه ، التسلية ، الإعلان ، التنشئة الاجتماعية . ويتصف الجمهور المتلقى للرسائل الاتصال الجماهيرية بضخامة حجمه ومن ثم تجانس أفراده فى القدرات والمعارف والأعمار واختلاف ميولهم وأذواقهم ، كما هو اتصال أحادى الاتجاه يكون الجمهور فيه متلقياً وينخفض فيه رجع الصدى ، فالاتصال الجماهيرى مجتمع قائم بنفسه فرسائل الأفراد والجماعية تتحول الى جماهير غفيرة . وهو ضرورة للتجمعات وللمجتمعات الديمقراطية . ( )
5. الاتصال التنظيمىOrganizational communication : حيث يهتم هذا النوع بدراسة الرسائل المعلوماتية للمؤسسات والمنظمات الاجتماعية بواسطة منهج البحث السريع بالمشاركة ، ويتمثل مواضيع البحث فى الاتصال التنظيمى " اثر تكنولوجيا المعلومات على تقسيم العمل داخل المؤسسات ودرجة تكييفها مع التكنولوجيا الجديدة - صعوبات الاتصال الشخصى - فاعلية شبكات الاتصال - مدى تحقيق دور الاتصال فى وقت الأزمات " وينظر للاتصال الجماهيرى على أنه عنصر تنظيمى مطبقاً وسائل الاتصال بداخله ويضمن تفاعل وتكامل العناصر ، حيث تسمح شبكات الاتصال للأفراد بالعمل بانسجام و تفاعل المؤسسة كنسق مفتوح مع محيطها الخارجى بهدف التكييف معها والمحافظة على توازنها . ( )
6. الاتصال الثقافى Cultural communication : ويطلق عليه أحياناً الاتصال ما بين الثقافات Intercultural communication ونقصد به تفاعل فرد أو أفراد أو جماعات مع أفراد م ثقافات مختلفة متباينة ،و يشترط فى هذا الاتصال تماماً ، ومن مجتمعات متباينة وأقطار مختلفة ، وقد يأخذ الاتصال شكل التعاون والتفاعل الايجابى ، وقد يأخذ شكل الصراع والخلافات والحروب. ( )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نائبة في البرلمان الأوروبي تدين الصمت حيال هجمات نتنياهو على


.. انطلاق الطائرة الثانية من الجسر الجوي السعودي لإغاثة الشعب ا




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف النازحين وخيامهم بمحيط مستشف


.. غارات إسرائيلية تلتهم النازحين وخيامهم في محيط مستشفى شهداء




.. قصف إسرائيلي يستهدف خيام النازحين في دير البلح وسط قطاع غزة