الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الغزو الفكري في المجتمع العربي والإسلامي (1)

ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث

(Ibrahim Mahmat)

2024 / 5 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ملخص البحث
استطاع الغزو الفكري أن يؤثر على سلوك المجتمع العربي، حيث تطرق الباحث إلى تعريف الغزو الفكري لغة واصطلاحا مع ذكر تعريفات الباحثين في مجال الغزو الفكري، ثم تطرق الباحث في ذكر الوسائل المروجة للغزو الفكري، ثم تناول مظاهر الغزو الفكري في العصر الحديث، وأساليب ووسائل المستخدمة في التغريب، ثم لمح الباحث عن الشيخين محمد عبده وجمال الدين وأهداف تفكيرهما في مواجهة التغريب، ثم انتهى الباحث بالخاتمة بذكر النتائج والتوصيات والاقتراحات
- تتركز أهمية هذا البحث على ما يلي:
- - قلة اهتمام الباحثين بدراسة واقع الغزو الفكري في المجتمعات العربية
- الغزو الفكري انتشر في الآونة الأخيرة بصورة مرعبة
- - يعتبر الغزو الفكري حجرا أساسيا في تعريب المجتمعات العربية

المبحث الأول: تعريف الغزو الفكري
الغزو الفكري وهو مصطلح مركب من كلمتين هما: الغزو: يقال: غزاه غزواً: أراده وطلبه وقصده وغزا العدو غزواً وغزواناً أي سار إلى قتالهم وانتهابهم في ديارهم. ومعنى الغزو في اللغة: قصد الشيء وإرادته وطلبه. والفكري: الفكر إعمال النظر أو إعمال الخاطر في الشيء، والتفكر التأمل، والفكر هو إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول) (الرحيلي، 1424ه ص 337)1
الغزو الفكري في الاصطلاح: عرف الباحثون الغزو الفكري بعدة تعريفات نختار منها ما يلي:
1- الغزو الفكري: هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة
2- هو أن تتبنى أمة من الأمم ـ وبخاصة الأمة الإسلامية ـ معتقدات وأفكار الأمة الأخرى من الأمم الكبيرة ـ وهي غير إسلامية دائماً،ـ دون نظر فاحص وتأمل دقيق لما يترتب على ذلك التبني من ضياع لحاضر الأمة الإسلامية في أي قطر من أقطارها وتبديد لمستقبلها، فضلاً عما فيه من صرفها عن منهجها وكتابها، وسنة رسولها، وما يترتب على هذا الصرف من ضياع
3- الغزو الفكري: هو أن تتخذ أمة من الأمم مناهج التربية والتعليم لدولة من هذه الدول الكبيرة، فتطبقها على أبنائها وأجيالها، فتشوه بذلك فكرهم وتمسخ عقولهم، وتخرج بهم إلى الحياة، وقد أجادوا بتطبيق هذه المناهج عليهم شيئاً واحداً هو تبعيتهم لأصحاب تلك المناهج الغازية أولاً، ثم يلبس الأمر عليهم بعد ذلك فيحسبون أنهم بذلك على الصواب، ثم يجادلون عما حسبوه صواباً، ويدعون إليه) (الرحيلي، 1424ه ص 338)2
الغزو الفكري بوجه عام: (هو مجموعة الجهود التي تتخذها أمة من الأمم ضد أمة أخرى بهدف التأثير عليها لتوجيهها إلى وجهة معينة، وهو بوجه خاص: مجموعة الجهود التي اتخذها أعداء الإسلام ضد الأمة الإسلامية بقصد التأثير عليها في جميع الميادين التعليمية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية باستخدام الوسائل والأساليب التي يراها مناسبة من أجل صرف المسلمين عن التمسك بعقيدتهم، وأخلاقهم) (الرحيلي، 1424ه ص 339)3
ويرجع كثير من الباحثين أنَّ ملك فرنسا لويس التاسع ـ المذكور ـ وضع خيوط المؤامرة الفكرية الجديدة على الإسلام، ولخصها في الأمور التالية:
1- تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية سلمية تستهدف ذات الغرض، لا فرق بين الحملتين إلا من حيث نوع السلاح الذي يُستخدم في المعركة.
2- تجنيد المبشرين2 الغربيين في معركة سلمية لمحاربة الإسلام ووقف إنتشاره، ثم القضاء عليه معنوياً، واعتبار هؤلاء المبشرين جنوداً للغرب.
3- العمل على استخدام مسيحي الشرق في تنفيذ سياسة الغرب.
4- العمل على إنشاء قاعدة للغرب في قلب الشرق الإسلامي يتخذها الغرب نقطة ارتكاز لقواته الحربية، ولدعوته السياسية والدينية، وقد اقترح لويس لهذه القاعدة الأماكن الساحلية في لبنان وفلسطين ولعل هذا الذي ذكره الباحثون من التوقعات أو بغير الأسلوب الأصلي) (الرحيلي، 1424ه ص 339)4
سار الأوربيون في تنفيذ وصية لويس (وقد سار الأوربيون بالفعل في طريق تنفيذ وصية لويس حيث أعدوا جيوشاً من المستشرقين والمنصرين الذين قاموا بحركة تشويه للإسلام بهدف تشكيك المسلمين فيه، كما قاموا بإنشاء قاعدة نصرانية لهم في لبنان، ويهودية في فلسطين، بالإضافة إلى ما قاموا به من تمزيق وحدة العالم الإسلامي عن طريق إشاعة النعرات العصبية في العالم الإسلامي ) (الرحيلي، 1424ه ص 339)5
مفهوم الغزو الفكري عند سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة، وهو أخطر من الغزو العسكري؛ لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية، وسلوك المآرب الخفية في بادئ الأمر، فلا تحس به الأمة المغزوة،) (الرحيلي، 1424ه ص 342)6
الغزو الفكري : (تكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس، تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منه أن تكرهه، وهو داء عضال يفتك بالأمم ويُذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها، والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمراً صعباً وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً) (الرحيلي، 1424ه ص 381)7

بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين لبلاد المسلمين (أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأفضل، وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادي وجماعات بالغزو الفكري لناشئة المسلمين لأن الاستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الاستيلاء على الأرض فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يري الكافر له الأمر والنهى في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده ولو دفع في سبيل ذلك حياته وأغلى ثمن لديه)( بن باز، 1403هـ 115)8
المسلم المتعرض للغزو الخبيث صار مريض الفكر عديم الإحساس (وقد استغنى النصارى بالغزو الفكري عن الغزو المادي لأنه أقوي وأثبت من أي حاجة لهم من بعث الجيوش بإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد، وبثمن أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة الضرورية التي تستدعى العجل كما حصل في غزو أوغندا والباكستان، أو عند ما تدعو الحاجة إليها لتثبيت المنطلقات لإقامة الركائز وإيجاد المؤسسات التي تقوم بالحرب الفكرية الضروس كما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها قبل الجلاء) )( بن باز 1403ههـ 116)9
الغزو الشيوعي الإلحادي: فهو اليوم يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ وضعف الإيمان في الأكثرية، وغلبة الجهل وقلة التربية الصحيحة السليمة فقد استطاعت الأحزاب الشيوعية في روسيا والصين وغيرها أن تتلقف كل حاقد وموتور من ضعفاء الإيمان وتجعلهم ركائز في بلادهم ينشرون الإلحاد والفكر الشيوعي الخبيث وتعدهم وتمنيهم بأعلى المناصب والمراتب، فإذا ما وقعوا تحت سيطرتها أحكمت أمرها فيهم وأدبت بعضهم ببعض وسفكت دماء من عارض أو توقف حتى أوجدت قطعاناً من بنى الإنسان حرباً على أممهم وأهليهم وعذاباً على إخوانهم وبنى قومهم فمزقوا بهم أمة الإسلام وجعلوهم جنوداً للشيطان يعاونهم في ذلك النصارى واليهود بالتهيئة والتوطئة أحياناً، وبالمدد والعون أحياناً أخرى، ذلك أنهم وإن اختلفوا فيما بينهم فإنهم جميعاً يد واحدة على المسلمين يرون أن الإسلام هو عدوهم اللدود. ولذا نراهم متعاونين متكاتفين بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين)( بن باز 1403هـ ص 116)10

المبحث الثاني: الوسائل المروجة للغزو الفكري
الوسائل المستخدمة لترويج الأفكار التغريبة:
1- محاولة الاستيلاء على عقول أبناء المسلمين وترسيخ المفاهيم الغربية فيها لتعتقد أن الطريقة الفضلى هي طريقة الغرب في كل شيء سواء فيما يعتقده من الأديان والنحل أو ما يتكلم به من اللغات أو ما يتحلى به من الأخلاق أو ما هو عليه من عادات وطرائق.
3- رعايته لطائفة كبيرة من أبناء المسلمين في كل بلد وعنايته بهم وتربيتهم حتى إذا ما تشربوا الأفكار الغربية وعادوا إلى بلادهم أحاطهم بهالة عظيمة من المدح والثناء حتى يتسلموا المناصب والقيادات في بلدانهم، وبذلك يروجون الأفكار الغربية وينشئون المؤسسات التعليمية المسايرة للمنهج الغربي أو الخاضعة له.
3- تنشيطه لتعليم اللغات الغربية في البلدان الإسلامية وجعلها تزاحم لغة المسلمين وخاصة اللغة العربية لغة القرآن الكريم التي أنزل الله بها كتابه والتي يتعبد بها المسلمون ربهم في الصلاة والحج والأذكار وغيرها. ومن ذلك تشجيع الدعوات الهدامة التي تحارب اللغة العربية وتحاول إضعاف التمسك بها في ديار الإسلام في الدعوة إلى العامية وقيام الدراسات الكثيرة التي يراد بها تطوير النحو وإفساده وتمجيد ما يسمونه بالأدب الشعبي والتراث القومي.
4- إنشاء الجامعات الغربية والمدارس التبشيرية في بلاد المسلمين ودور الحضانة ورياض الأطفال والمستشفيات والمستوصفات وجعلها أوكاراً لأغراضه السيئة وتشويق الدراسة فيها عند الطبقة العالية من أبناء المجتمع ومساعدتهم بعد ذلك على تسلم المراكز القيادية والوظائف الكبيرة حتى يكونوا عوناً لأساتذتهم في تحقيق مآربهم في بلاد المسلمين.
5- محاولة السيطرة على مناهج التعليم في بلاد المسلمين يرسم سياستها إما بطريق مباشر كما حصل في بلاد الإسلام حينما تولى (دنلوب) القسيس تلك المهمة فيها أو بطريق غير مباشر عندما يؤدي المهمة نفسها تلاميذ ناجحون درسوا في مدارس (دنلوب) وتخرجوا فيها فأصبح معظمهم معول هدم في بلاده وسلاحاً فتاكاً من أسلحة العدو يعمل جاهداً على توجيه التعليم توجيهاً علمانياً لا يرتكز على الإيمان بالله والتصديق برسوله وإنما يسير نحو الإلحاد ويدعو إلى الفساد)( بن باز 1403هــ ص 117)11
6- قيام طوائف كبيرة من النصارى واليهود بدراسة الإسلام واللغة العربية وتأليف الكتب وتولى كراسي التدريس في الجامعات حتى أحدث هؤلاء فتنة فكرية كبيرة بين المثقفين من أبناء الإسلام بالشبه التي يلقنونها لطلبتهم أو التي تمتلئ بها كتبهم وتروج في بلاد المسلمين حتى أصبح بعض تلك الكتب مراجع يرجع إليها بعض الكاتبين والباحثين في الأمور الفكرية أو التاريخية ولقد تخرج على يد هؤلاء المستشرقين من أبناء المسلمين رجال
قاموا بنصيب كبير من إحداث الفتنة الكبرى، وساعدهم على ذلك ما يحاطون به من الثناء والإعجاب وما يولونه من مناصب هامة في التعليم والتوجيه والقيادة فأكملوا ما بدأه أساتذتهم وحققوا ما عجزوا عنه لكونهم من أبناء المسلمين ومن جلدتهم ينتسبون إليهم ويتكلمون بلسانهم فالله المستعان
7- انطلاق الجيوش الجرارة من المبشرين الداعين إلى النصرانية بين المسلمين وقيامهم بعملهم ذلك على أسس مدروسة وبوسائل كبيرة عظيمة يجند لها مئات الآلاف من الرجال ولقد تعد لها أضخم الميزانيات وتسهل لها السبل وتذلل لها العقبات، وإذا كان هذا الجهد منصباً على الطبقة العامية غالباً فإن جهد الإستشراق موجه إلى المثقفين كما ذكرت آنفاً وإنهم يتحملون مشاقاً جساماً في ذلك العمل في بلاد أفريقيا وفي القرى النائية من أطراف البلدان الإسلامية في شرق آسيا ثم هم بعد كل حين يجتمعون في مؤتمر يراجعون حسابهم وينظرون في خططهم فيصححون ويعدلون ويبتكرون. فلقد اجتمعوا في القاهرة سنة 1906، وفي ادنمبرج سنة 1910، وفي لكنوا سنة 1911، وفي القدس 1935 م، وفي القدس كذلك في عام 1935 م.
8- الدعوة إلى إفساد المجتمع المسلم وتزهيد المرأة في وظيفتها في الحياة وجعلها تتجاوز الحدود التي حد الله لها وجعل سعادتها في الوقوف عندها وذلك حينما يلقون بين المسلمين الدعوات بأساليب شتى وطرق متعددة إلى أن تختلط النساء بالرجال والى أن تشتغل النساء بأعمال الرجال يقصدون من ذلك إفساد المجتمع المسلم والقضاء على الطهر والعفاف الذي يوجد فيه وإقامة قضايا وهمية ودعاوى باطلة في أن المرأة في المجتمع المسلم قد ظلمت وأن لها الحق في كذا وكذا يريدون إخراجها من بيتها وإيصالها إلى ما يريدون في حين أن حدود الله واضحة وأوامره )
( بن باز، 1403هـ ص 117)12
9- إنشاء الكنائس والمعابد وتكثيرها في بلاد المسلمين وصرف الأموال الكثيرة عليها وتزيينها وجعلها بارزة واضحة في أحسن الأماكن وفي أكبر الميادين.
10- تخصيص إذاعات موجهة تدعو إلى النصرانية وتشيد بأهدافها وتضلل بأفكارها أبناء المسلمين السذج الذين لم يفهموا الإسلام ولم تكن لهم تربية كافية عليه وخاصة في إفريقيا يصاحب هذا الإكثار من طبع الأناجيل وتوزيعها في الفنادق وغيرها وإرسال النشرات التبشيرية والدعوات الباطلة إلى الكثير من أبناء المسلمين.
هذه بعض الوسائل التي يسلكها أعداء الإسلام اليوم في سبيل غزو أفكار المسلمين وتنحية الأفكار السليمة الصالحة لتحل محلها أفكار أخرى غربية شرقية أو غربية وهى كما نرى جهوداً جبارة وأموالاً طائلة وجنوداً كثيرين كل ذلك لإخراج المسلمين من الإسلام وإن لم يدخلوا في النصرانية أو اليهودية أو الماركسية إذ يعتقد القوم أن المشكلة الرئيسية في ذلك هي إخراجهم من الإسلام وإذا تم التوصل إلى هذه المرحلة فما بعدها أسهل وميسور، ولكننا مع هذا نقول إن الله سيخيب آمالهم ويبطل مكرهم ويضعف كيدهم لأنهم مفسدون وهو سبحانه لا يصلح عمل المفسدين)( بن باز 1403هـ 117)13



المبحث الثالث: مظاهر الغزو الفكري في العصر الحديث
اتخذ الغزو الفكري للإسلام والمسلمين في العصر الحديث مظاهر عديدة، واتجهت تياراته في مجاري عمقها صانعوها وزادوا في طولها وعرضها، حتى طافت بالعالم الإسلامي، حاملة إليه السم في العسل، أو الموت فيما يزعمون أنه الدواء، ونستطيع أن نتعرف على تلك المظاهر للغزو الفكري وتياراته في حملات التشويه الموجهة ضد الإسلام في الأمور الآتية:
حملات موجهة لتشويه القرآن الكريم.
حملات موجهة لتشويه السنة النبوية.
حملات موجهة لتشويه شخص الرسول صلى الله عليه وسلم.
حملات موجهة لتشويه التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية.
حملات موجهة لتشويه التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية.)( الرحيلي ، 1424ه ص344)15
2.الخطط الاستعمارية للدول الغربية والشرقية المتقدمة صناعياً:
يشمل الخطط الاستعمارية للدول الغربية والشرقية المتقدمة صناعياً، كما يشمل المذاهب والاتجاهات الفكرية المعادية للإسلام، والاستغلال السيء لوسائل الإعلام الحديثة) ( الرحيلي ، 1424ه ص344)16
أهداف الغزو الفكري أهداف كثيرة من أهمها:
أولاً: اقتلاع العقيدة الإسلامية من قلوب المسلمين، وصرفهم عن التمسك بالإسلام
ثانياً: منع الإسلام من الانتشار خارج ديار المسلمين، وذلك لئلا تتأثر الأقطار الأخرى بمبادئ الإسلام وأصوله السمحة، وهو الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، والإسلام هو الدين الأكمل الذي يستطيع أن يجتاز بالإنسان مرحلة التناقض بين الفكر والسلوك،
ومن وسائلهم في محاصرة الإسلام:
1-تشوية صورة الإسلام، وذلك عن طريق نشر الأباطيل حول الإسلام والهدف من وراء ذلك واضح، وهو محاولة صرف أنظار أتباعهم من التأثر بهذا الدين أو حتى عن مجرد النظر فيه
بشرية القرآن: تعرض فكرة بشرية القرآن في إحدى صورتين:
الصورة الأولى: أن القرآن انطباع في نفس محمد -صلى الله عليه سلم، نشأ عن تأثره ببيئته التي عاش فيها، بمكانها وزمانها، ومظاهر حياتها المادية والروحية والاجتماعية.
- والصورة الثانية: أنه تعبير عن الحياة التي عاش فيها محمد -صلى الله عليه وسلم- بما فيها المكان، والزمان، وجوانب الحياة الاقتصادية، والسياسية، والدينية، والاجتماعية) (البهي، بدون ت ص160)17
إن جب يرى: أن جو مكة بما فيه من زعامة اقتصادية وسياسية ودينية، يقول في ذلك: إن محمد ككل شخصية مبدعة، قد تأثر بضرورات الظروف الخارجية عنه المحيطة به من جهة، ثم هو من جهة أخرى قد شق طريقا جديدا بين الأفكار والعقائد السائدة في زمانه، والدائرة في المكان الذي نشأ فيه، وقليل ما هو معروف مدينة غير رئيسية) (البهي، بدون ت ص160)18
وليس هناك ما يصح أن يصوره بأكثر من أنه بدوي، شارك في الفكرة والنظرة في الحياة التي كانت للبدو الرحل من الناس:
أ- ومكة في ذات الوقت لم تكن خلاء بعيدا عن صخب العالم، وعن حركته في التعامل، بل كانت مدينة ذات ثروة اقتصادية، ولها حركة دائبة كمركز للتوزيع التجاري بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط)(البهي، بدون ت ص161)19
إن مؤلف كتاب المذهب المحمدي يريد أن يقول إذن: (إن محمدًا أراد أن ينافس في الزعامة
القائمة بمكة، وأن يكون صاحب سلطة فيها. وبما أن المقدسات الدينية كانت لها صلة وثيقة بالازدهار الاقتصادي المكي، وبسيادة المكيين الروحية على بقية العرب الرحل!! لم يشأ محمد
أن يظهر في منافسته للمكيين في صورة أخرى غير الصورة الدينية، والمكيون لم يعارضوا شيئا في القرآن سوى ما انتزعه محمد من اليهود أو النصارى كفكرة الجزاء الأخروي وأوصاف الجنة والنار) (البهي، بدون ت ص180)19
وملخص ما يقول جب حتى الآن هو: وأن القرآن ليس جديدا كله على العرب المكيين وأن ما فيه من مسيحية لا يتعدى المسيحية الشرقية السريانية، وكذا ما فيه من يهودية لا يتعدى اليهودية المعروفة في المدينة! وليست ) البهي، بدون ت ص181)20
- تصوير مزايا الإسلام على أنها عيوب، وذلك كموضوع الطلاق، وتعدد الزوجات الذي يعتبر ـ بكل ما يكتنفه من ضوابط ـ رحمة رحيمة من الحق سبحانه بعباده … إلا أن هؤلاء صوروه لأتباعهم وللعالم على أنه ضرب من الهمجية وفوضى الجنس يبيحها هذا الدين للمسلمين ) (البهي، بدون ت ص182)21

وأهم وسائل التغريب التي أُتبعت في ضرب الإسلام من الداخل هي:
- إثارة الخلافات والنزاعات وتضخيمها بين المسلمين.
-دعم وتأسيس الحركات المعادية للإسلام، والجدير بالذكر أن المستعمرين بتأسيسهم لهذه الحركات الهدامة، كانوا يصدرون عن القاعدة القديمة للتبشير بين المسلمين التي تقول تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها، إن هؤلاء الأعداء في غزوهم بثقافتهم وأفكارهم ومبادئهم للبلدان الإسلامية، إنما يهدفون إلى نهب خيرات الشعوب الإسلامية ومقدراتها، واغتصاب حقوقها، والاستفادة من أفرادها، وتسخيرهم في تحقيق أهدافهم) (الرحيلي 1424ه ص 352)22


المبحث الرابع: الأساليب والوسائل المستخدمة في التغريب
أهم الأساليب والوسائل التي استخدمها الغرب، وقد لخص هذه الأساليب صاحب كتاب المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، فيما يلي: (فتح المدارس الأجنبية في ديار المسلمين وتكثيرها وتنويعها، وإرسال القسس والرهبان ليشرفوا على هذه المدارس، ويربوا أجيال المسلمين على أعينهم، ومنها إرسال البعوث، وتكثير الإرساليات التبشيرية لنشر مكامن التنصير في كل مكان، وتشكيك الشباب المسلم في دينه وعقيدته، وإحاطته بسياج من أوهامها وضلالاتها، ومن وسائلهم فتح المستشفيات والمستوصفات، ودور التمريض لنفس الغرض الخبيث، ومنها إرسال أكبر قدر ممكن من شباب المسلمين ، وأبنائهم إلى ديار ومنها إرسال أكبر قدر ممكن من شباب المسلمين وأبنائهم إلى ديار الغرب، لينهلوا من ثقافته المسمومة هناك، ويعودوا إلى ديارهم وقد ودّعوا هناك دينهم وخلقهم ومبادئهم، ومنها نشر الكتب المفسدة العابثة المضللة التي تشغل الشباب عن ثقافتهم الأصيلة، وتلهيهم بالعبث والخيال الماجن الذي سيجرهم إلى المجون والجنون)( الرحيلي 1424ه ص 352)23
مخططات التغريب في الديار الإسلامية: من أبرز هذه المخططات هو توجيه التعليم توجيهاً علمانياً لا يؤمن بدين، ولا يصدق برسول، يقول الدكتور / عبد الستار فتح الله سعيد: وقد برعت هذه الحضارة الغازية في أساليب الغزو الفكري وتأصيل المناهج الضالة، وعرضها عرضاً مغرياً، واستخدام كل تجاربها العلمية وطرائقها الحضارية في بهرجة ذلك وتدعيمه، حتى لتعد وسائل الأمم والحضارات السابقة فنوناً ساذجة إذا قيست بما استخدمته- ولا تزال تستخدمه- الجاهلية المعاصرة من فنون المكر والخداع والتضليل، والتي تقف وراءها أجهزة مدربة عاتية لتأصيلها، وفلسفتها، والتخطيط لها، وإعداد برامجها ومناهجها، ومتابعتها بالتنفيذ والرصد والتعديل، والاحصاء والمقارنة والتحليل، حتى ليصدق عليهم تماماً ما وصف به الشاعر حافظ إبراهيم الاحتلال الإنجليزي: لقد كان فينا الظلمُ فوضى فهُذبت ، حواشيه حتى بات ظُلماً منظما)( الرحيلي 1424ه ص 357)24
التغريب المنظم المدروس: يستخدم القصة، والتمثيلية، والمسرح، والسينما، والإذاعات بأنواعها، والكتب والمجلات، والصورة، والمقالة، حتى الطرائف والملح الشائعة لا يتأخر في استعمالها لكسب قضاياه، وتحقيق أهدافه، والوصول إلى ما يسمونه هم أنفسهم بعملية (غسيل المخ) ، و (زرع ذاكرة) جديدة في رؤوس الأجيال، لتنشأ على ولاء فكري ونفسي للغرب
- التركيز على المذاهب والفلسفات، وبث الدعاية للمبادئ المستقاة منها.
- التركيز على المرأة والدعوة إلى تحريرها ونزعها من الدين والأسرة، واجتذابها إلى المراقص
- السيطرة قدر الإمكان على الإعلام والتعليم ودور النشر ووكالات الأنباء، واستخدامها في إثارة الرأي العام، وإفساد الأخلاق، وتحطيم الأسرة، لتشييد عبادة المال والشهوات)( الرحيلي ، 1424ه ص 360)25
ومنها: (تركيزهم على الحرب الفكرية لإدراكهم خطورتها، وأنها السبيل الأمثل لحرب الإسلام وتحطيم قيم الإيمان، لكن مع هذا الكيد الماكر الشديد الوطأة، ومع هذا النجاح الكبير لأعداء الله، ومع الضعف والفرقة والانحراف في مجتمعات المسلمين، مع هذا كله)( الرحيلي، 1424ه ص 360)26

من أبرز آثار الغزو الفكري الحديث: إفساد العقيدة وتحطيم مظلة الأعراف الأخلاقية في المجتمعات الإسلامية، فانطلقت تسري في أوصالها كل موبقات الحضارة الأوربية حتى وصلت في ظل الاحتلال إلى مرحلة الشيوع ، فانحرف الناس عن نهج الدين واستهوتهم مظاهر الحياة الغربية ، وانتشرت في الجو ضروب من الفلسفة والمذاهب ... وصارت العلاقة الجنسية والنزعة الاباحية الشغل الشاغل للسينما وكثير من المجلات والصحف ابتغاء وفرة الربح والدخل، فانحرف الشباب وفسدت روابط الأسرة)( الرحيلي ، 1424ه ص 36)27

اعتقد كثير من المنتسبين إلى الإسلام الأفكار الكافرة، كالفكرة الشيوعية، أو القومية البعثية، أو العلمانية، أو غير ذلك من الفلسفات الضالة... قد ألجأ الهجوم الفكري هذه المدارس إلى مواقف دفاعية غريبة عن الإسلام، إذ جردته من كثير من أحكامه الصريحة) (الرحيلي 1424ه ص 97)28

المبحث الخامس: الشيخان محمد عبده وجمال الأفغاني و تفكيرهما
يصور الشيخ محمد عبده أهداف تفكيره بقلمه الخاص فيما يلي:
وارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين:
- الأول: تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفها إلى ينابيعها الأولى، واعتباره -الدين- ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لترد من شططه وتقلل من خلطه وخبطه. وقد خالفت في الدعوة إليه رأي الفئتين العظيمتين اللتين يتركب منها جسم الأمة: طلال علوم الدين ومن على شاكلتهم، وطلاب فنون هذا العصر ومن هو في ناحيتهم.
- أما الأمر الثاني: فهو إصلاح اللغة العربية.
- وهناك أمر آخر: كنت من دعاته، والناس جميعا في عمى عنه، وبعد عن تعقله، ولكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه )(البهي، ص97)29
محمد عبده في طريق جمال الدين:
لم يشذ الشيخ محمد عبده في حركته الفكرية، عن أن يسير في ذات الطريق الذي سلكه جمال الدين الأفغاني، ولا عن الغاية التي وضعها هدفا له. كما اعتمد على نفس السند الذي اعتمد عليه أستاذه من قبل، وليس من شك في أن الشيخ محمد عبده واحد من أولئكم الزعماء الذين وصفوا بالزعماء الوطنيين. وهم في واقع الأمر زعماء مقاومة الاستعمار الغربي، ومعارضة النفوذ
الأجنبي في دائرة العالم الإسلامي العربي!! )(البهي، بدون ت ص99)29
ولقد أسس مصطفى كامل حركته لمقاومة الاستعمار البريطاني في مصر على أمرين رئيسيين:
- على خلق الوعي الوطني.
- والوعي الإسلامي.
وكان من رأي مصطفى كامل أن التعليم العالي، والتعليم الجامعي على الأخص، هو وسيلة إيجاد الوعي الوطني.
أما إيقاظ الشعور الإسلامي، وربط مصر بالعالم الإسلامي الخارجي على أساس من التذكير بتعاليم الإسلام،)(البهي، بدون ت ص99)30
تاريخ الاتجاهات الفكرية: تاريخ الاتجاهات الفكرية داخل العالم العربي في النصف الأول من القرن العشرين أن هناك فصلا -في الظاهر على الأقل- بين النشاطين: القومي السياسي في الحركات الإسلامية لمقاومة الاستعمار الغربي بعد جمال الدين الأفغاني، بتأثير من جمال الدين نفسه، فإن الشيخ محمد عبده بتوفره على ما عرف منسوبا إليه باسم الإصلاح الديني قد خلق مدرسة، مدرسة فكرية، ودينية، وعلمية، وتربوية تتجه لمقاومة الاستعمار الغربي نفسه اتجاها غير مباشر، ولا تقل وزنا في تحقيق هذا الهدف عن ذلك النشاط القومي السياسي)(محمد البهي، بدون ت ص100)31
نشأ الشيخ عبده في هذا الجو. واتصل في تربيته بـكتاب القرية ثم بالأزهر. وكتاب القرية والأزهر، كلاهما يعني بالإسلام الأول يعنى بتحفيظ القرآن وهو المصدر الأول للإسلام، والثاني يعنى بتدريس شروح القرآن وبمدارس المسلمين الفقهية والكلامية والأصولية، كما يعنى باللغة العربية في قواعد إعرابها وفي وصف أسلوبها...)(محمد البهي، بدون ت ص100)32
تكونت لدى الشيخ محمد عبده:
- معرفة عقلية للإسلام.
- ومباشرة عملية لتهذيب النفس.
- ثم تقدير للثقافة الإسلامية القائمة في الأزهر إذ ذاك.
- فتخير الشيخ حسن الطويل لدراسة الفلسفة السينائية، والمنطق الأرسطي.
- والشيخ محمد البسيوني لدراسة الأدب العربي
ولكن اتجاه الفكر الإسلامي منذ بداية القرن العشرين:
منذ نهاية القرن التاسع عشر، بعد وفاة جمال الدين الأفغاني، وبعد أن توفر الشيخ محمد عبده على ما سماه الإصلاح الديني، وبعد أن ظهر مصطفى كامل كزعيم لحركة المقاومة السياسية، اتجه الفكر الإسلامي المقاوم للاستعمار الغربي هنا في رقعة الشرق الأدنى إلى شعبتين:
- الشعبة الأولى: اتجهت إلى التعبئة الروحية والإصلاح، عن طريق عرض الإسلام عرضا واضحا، والعمل على جعله أساسا في التربية الوطنية، وسبيل ذلك إصلاح الأزهر، وإحياء الكتب القديمة، وقد مثلت المدرسة السلفية التي قادتها مجلة المنار هذه الشعبة بعد وفاة الشيخ محمد عبده.
- والشعبة الثانية: اتجهت إلى تعبئة الحماس القومي في الجيل الناشئ، عن طريق: الصحافة، والاجتماعات العامة، ثم عن طريق تأسيس الجامعة المصرية، بسعي من مصطفى كامل نفسه.
ففكرة الجامعة المصرية وجدت أولا لخدمة القضية المصرية، وهي قضية التحرر من الاستعمار الغربي، وتفكير الجامعة، هو نوع من التفكير يتجه إلى مقاومة الاستعمار الغربي عن طريق تخريج أحرار في التوجيه غير خاضعين لنظام التعليم الرسمي إذ ذاك) (محمد البهي، بدون ت ص101)33

يقول المستشرق الإنجليزي جب في تحديد هذين الاتجاهين: إن النتائج التي أعقبت نشاط الشيخ عبده اتجهت بعده إلى اتجاهين متقابلين:
- فمن جانب نشأ محيط مدني في التفكير: صور على أنه التجديد وهو يقوم على الاحتفاظ بالعقيدة الإسلامية، ولكنه متأثر في قوة بالأفكار الغربية، والمثل التقدمي لهذا التجديد يميل إلى العلمانية التي تهدف إلى فصل الدين عن الدولة، والاستعاضة بالنظام الغربي للقانون عن الشريعة الإسلامية، وقد طبقت مبادئ العلمانية في تركيا بعد إلغاء الخلافة العثمانية في سنة 1924م ،. وفيما عدا تركيا من البلاد الإسلامية يجد هذا الاتجاه سندا قويا له، ولكن مع موقف معتدل بعض الاعتدال من المؤسسات والتقاليد الإسلامية، ومهما كانت نظرات المشجعين للعلمانية في البلاد الإسلامية إلى القانون والسياسة، فموقفهم التوجيهي يمكن أن يخلص:
- في الرفض العام لتعاليم القرون الوسطى في الإسلام! كسلطة لا تعقيب عليها.
- وفي الاحتفاظ بالحرية الإنسانية في تقدير الأشياء، وفي كون العقل وحده هو الفيصل في ذلك وليس الإسلام!! )
- ومن جانب آخر تكون حزب ديني، يسمي نفسه بـالسلفية، وهو يتفق مع الاتجاه العلماني في رفض سلطة تعاليم القرون الوسطى، ولكن مع قبول القرآن والسنة، كأساس للفصل في الحقائق الدينية.
وهؤلاء السلفيون في مقابل المجموعة العظمى من علماء الأزهر يعتبرون مصلحين، وفي مقابل المجددين أو العلمانيين: يرفضون مذهب الحرية العقلية الذي هو وليد الغرب، وكان زعيم هذا الاتجاه الإصلاحي السلفي تلميذ الشيخ عبده محمد رشيد رضا السوري الذي توفي سنة 1935م
يقول صاحب مستقبل الثقافة في مصر: فهي -أي: مصر- إنما أنشأت تلك الجامعة لترتفع بالشباب المصري عن ذلك التعليم الآلي الذي فرضته عليهم الظروف، ولترقى بهم إلى تعليم حر مستقل، يهيئهم أو يهئ بعضهم على الأقل ليكونوا علماء أحرارًا مستقلين! والظاهر أن مصر لا تريد أن تعبث ولا أن تهزل حين تقرر أنها تريد أن يكون من شبابها علماء أحرارًا مستقلون، يشبهون أمثالهم في الأمم الأخرى، ويثبتون لهم، ويشاركونهم في الإنتاج العلمي الحر المستقل الذي لا تقوم الحضارة بدونه، ولا تستطيع أن تثبت ولا أن تنمو إلا إذا اتخذته لها أساسًا1!!) (البهي، بدون ت ص156)34
فتجديد الفكر في المجتمع الإسلامي هنا، دعوة إلى مسايرة الأوروبيين: في تفكيرهم وفي خطواتهم في الحياة، وفي فصل الدين عن السياسة، وفي إبعاد الدين واللغة عن مجال الترابط ، ومن المحقق أن تطور الحياة الإنسانية قد قضى منذ عهد بعيد بأن وحدة الدين، ووحدة اللغة لا تصلحان أساسا للوحدة السياسية، ولا قواما لتكوين الدول والأساس الذي قامت عليه فكرة التجديد على هذا النحو، عند صاحب مستقبل الثقافة في مصر هو أن العقلية المصرية عقلية أوروبية، أو قريبة قربا شديدا من الأوروبية،) (البهي، بدون ت ص157 وص160)35




الخاتمة
الغزو الفكري وهو مصطلح مركب من كلمتين هما: الغزو: و الفكر ، ويرجع كثير من الباحثين أنَّ ملك فرنسا لويس التاسع ـ المذكور ـ وضع خيوط المؤامرة الفكرية الجديدة على الإسلام، الغزو الشيوعي الإلحادي: فهو اليوم يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ، وضعف الإيمان في الأكثرية، الوسائل المستخدمة لترويج الأفكار التغريب لاستيلاء على عقول أبناء المسلمين وترسيخ المفاهيم الغربية اتخذ الغزو الفكري للإسلام والمسلمين في العصر الحديث مظاهر عديدة، واتجهت تياراته وأهداف الغزو الفكري أهداف كثيرة
من أبرز آثار الغزو الفكري الحديث: إفساد العقيدة وتحطيم مظلة الأعراف الأخلاقية في المجتمعات الإسلامية، لقد أسس مصطفى كامل حركته لمقاومة الاستعمار البريطاني في مصر على أمرين رئيسيين خلق الوعي الوطني. والوعي الإسلامي.
النتائج
1. الاهتمام بالأمن الفكري في ظل تحديات العولمة والتكنولوجيات الحديثة للثقافة الإسلامية
2. توعية الشباب الإسلامي بمخاطر تحديات العصر، ومواجهتها بالحكمة والحوار والتعايش
3. نبذ العنصرية والتطرف من خلال مقاومة الأفكار الهدامة فالإسلام دين السلام
4. الاهتمام بالثقافة العربية الإسلامية، والقيام بالرد على المتشككين في الثقافة الإسلامية.
الاقتراحات
1.اقترح العمل بنتائج البحوث والدراسات في الجهات المعنية بالظواهر والمتغيرات العالم العربي
2. اقترح افتتاح وسائل إعلامية عربية لمحاربة غزو الفكري في المجتمعات العربية
3. بيان خطر التغريب في تدمير العروبة والمجتمعات العربية عبر الغزو الفكري .
التوصيات
1.إعادة النظر في نسيج المجتمع العربي عبر ملاحظة الظواهر والمتغيرات الدخيلة والعروبة
2. دراسة واقع العالم العربي أمام تحديات الغربية المعاصرة، والسعي لتثبيت مجتمع عروبي إسلامي أصيل
3. دراسة ثغرات الغزو الفكري الموجهة إلى المجتمعات العربية، ووضع خطط مغايرة للناهضة بالعروبة والإسلام.

المصادر والمراجع
1.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي حصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (35) العدد (121) 1424ه ص 337
2.نفس المرجع، ص 338
3. نفس المرجع، ص 339
4. نفس المرجع، ص 339
5. نفس المرجع، ص 339
6. نفس المرجع، ص 342
7. نفس المرجع، ص 381
8.عبد العزيز بن عبد الله بن باز الغزو الفكري ووسائله الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: السنة الخامسة عشر - العدد التاسع والخمسون - رجب - شعبان - رمضان 1403هـ 115
9. نفس المرجع، ص 116
10. نفس المرجع، ص 116
11. نفس المرجع، ص 117
12. نفس المرجع، ـ ص 117
13. نفس المرجع، ص117
14. نفس المرجع، ص117
15.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي حصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (35) العدد (121) 1424ه ص344
16. نفس المرجع، ص344
17.محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر: مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة ص160
18. نفس المرجع، ص160
19. نفس المرجع، ص161
20. نفس المرجع، ص180
21. نفس المرجع، ص181
21. نفس المرجع، ص182
22.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي حصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (35) العدد (121) 1424ه ص 352
24. نفس المرجع، ص 357
25. نفس المرجع، ص 360
26. نفس المرجع، ص 360
27. نفس المرجع، ص 36
28. نفس المرجع، ص 364
29.محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر: مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة ص99
30. نفس المرجع، ص99
31. نفس المرجع، ص100
32 . نفس المرجع، ص100
33. نفس المرجع، ص101
34. نفس المرجع، ص156
35. نفس المرجع، ص160








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار


.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء




.. 41-An-Nisa


.. 42-An-Nisa




.. 43-An-Nisa