الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم دراسي حول راهنية فكر ليون برنشفيك الفلسفي

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 5 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في الثامن من فبراير من السنة الماضية احتضنت قاعة المحاضرات (46، زنقة أولم، باريس) يوما دراسيا حول الفيلسوف الفرنسي ليون برنشفيك. انطلقت فعاليات هذا اليوم الدراسي على الساعة التاسعة صباحا وانتهت على الساعة السادسة مساء.
قبل تقديم ملخصات أهم المداخلات وأصحابها، لا بد من عرض الأرضية:
يظهر ليون برنشفيك اليوم كاسم بارز في تاريخ الفلسفة الفرنسية في القرن العشرين. ومع ذلك، فإن التبجيل الذي يُنطق به هذا الاسم، والذي يرتبط بأعماله العلمية أكثر من أعماله الشخصية، لا يكفي لإخفاء حقيقة أن هذه الأخيرة أصبحت أقل قراءة وشهرة.
غالبا ما يتم اختزال الفكر الفلسفي لليون برنشفيك بشكل خاطئ إلى دفاع ساذج عن فكرة التقدم ذات النفحات العلموية أو إلى تاريخ خطي بسيط للعلم سرعان ما تجاوزته أعمال الإبستيمولوجيا المعاصرة.
في مواجهة هذه الاخنزالات المتسرعة التي تحول الأسماء العظيمة في تاريخ الفلسفة الفرنسية في أوائل القرن العشرين إلى مجرد قطع في متحف لم نعد نزوره، حاول هذا اليوم الدراسي التساؤل عن راهنية فكر ليون برنشفيك.
وللقيام بذلك، تبنى اليوم الدراسي وجهة نظر مزدوجة، من ناحية، إعادة النظر في فلسفته وتاريخه العلمي على ضوء أسئلة الحاضر. ومن ناحية أخرى، وضع تفكيره في قلب مساءلة حول إبستيمولوجيا التاريخ، وإظهار كيف تبلورت نظرية عن العمل.
ميز البرنامج بين محورين:
(1) محور السيرة الذاتية الذي سمح لليوم الدراسي بوضع برنشفيك في لحظة مديدة تراوحت من قضية دريفوس وإنشاء "مجلة الميتافيزيقا والأخلاق" Revue de Métaphysique et de Morale إلى الحرب العالمية الثانية وتسليط الضوء على الأسئلة حول التبادلات بين برنشفيك ومعاصريه التي لم تتم دراستها بشكل عام مثل العمل، الديني أو مكانة الأفكار.
(2) محور إبستيمولوجي حول الفلسفة وتاريخ العلوم لتوضيح أفاهيم تمت مناقشتها في فلسفته مثل التقدم أو مكانة العقل. بالإضافة إلى ذلك، تساءل المتدخلون عن تصور برنشفيك حول التاريخ من خلال طرحه للنقاش مع معاصريه الكبار وهم آلان، رايمون آرون، ألكسندر كويري، وسيليستان بوجلي.
ضمن محور السيرة الذاتية، برمجت مداخلة ألقاها ستيفان سولييه تحت عنوان "الفيلسوف، المهندس والبار: ليون برونشفيك وبدايات المشروع الفكري لمجلة الميتافيزيقا والأخلاق".
من خلال المشاركة في المغامرة الفكرية لمجلة الميتافيزيقا والأخلاق، التي تأسست عام 1893، دافع الشاب ليون برنشفيك عن شرعية الجامعة والوظيفة الأخلاقية والمدنية للفلسفة باعتبارها شعبة مفتوحة على المدينة، متضامنة مع العلوم ولكن غيورة على استقلاليتها. ويجب على الفيلسوف أن يحاور «المهندس» و«البار» دون الخلط بين هاتين الشخصيتين.
وإذا أدى برنشفيك دورا ثانويا في الإنتاج اليومي للمجلة التي كان يشترك في إخراجها صديقاه كزافييه ليون وإيلي هاليفي، فقد ساهم بقلمه في تحديد روح المجلة في خدمة روحانية مثالية وعقلانية على حد سواء معادية للوضعية والنزعة الصوفية. من الخلافات التي شارك فيها برنشفيك خلال السنوات الأولى من تاريخ المجلة، ظهرت ثيمة مركزية في "فكرانيته": المطالبة بـ "الوفاء للفلسفة" الذي تم توضيحه من خلال "منهج المحايثة".
مداخلة ثانية لا تقل أهمية عن الأولى ألقاها فرانسوا شوبيه تحت عنوان: ليون برنشفيك، من الاتحاد من أجل الحقيقة إلى عشريات بونتيني*. تأملات حول المفكر الجمهوري ".
منذ المقال الرئيسي لألبرت تيبوديه الصادر عام 1932 حول جينيالوجيا الحزب الفكراني الجمهوري في نهاية القرن التاسع عشر، تم بشكل أفضل قياس الوزن الحقيقي الذي احتله " الاتحاد من أجل الحقيقة" و"عشريات بونتيني" في المجرة الفكرية الجمهورية خلال الفترة الممتدة بين 1890 و1930. بصفته فاعلا مهما في هاتين الجمعيتين الثقافيتين، أدى ليون برنشفيك دور الوجه الحقيقي لـ"المثقف الجمهوري" دور الشخصية المنخرطة في الباب الدوار للحياة المدنية على عدة جبهات، بعيدا عن المؤلف قلبه الملعون من طرف بيغي أو "كلب الحراسة" الموصوم من قبل سيوران نيزان.
على الساعة الثانية ظهرا، انطلقت الجلسة الثانية من اليوم الدراسي حول راهنية فكر ليون برنشفيك الفلسفي التي احتضنتها قاعة المحاضرات (46، زنقة أولم، باريس) يوم الثامن من فبراير من السنة الماضية.
ترأس هذه الجلسة دان أربيب وتمحورت حول محور إبستيمولوجي وموضوعاتي عنوانه: قضية التاريخ والتقدم في كتابات ليون برنشفيك.
كانت المداخلة الأولى في هذه الجلسة من إلقاء بيترو تيرزي تحت عنوان "لفلسفة العلمية وفلسفة التاريخ".
بدأ الأستاذ الجامعي تيرزي مداخلته بالإحالة دفعة واحدة إلى كتابين لبرنشفيك؛ وهما: "مراحل الفلسفة الرياضياتية"، "التجربة الإنسانية والسببية الفيزيائية"، ذاكرا أن يطور برنشفيك طور فيهما ما أسماه "الفلسفة العلمية"، وهي فكرة منتشرة على نطاق واسع في أوروبا في بداية القرن العشرين، تشير في حالته إلى دراسة جوهرية للتصورات الفلسفية عن العقل وعلاقته بالعالم المشارك في النشاط العلمي.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن المنهج الذي استخدمه كان في الأساس تأمليا وتاريخيا، معلنا أن هدف مداخلته ذو شقين: من ناحية، تحليل نوع التصور عن التاريخية الذي ينبثق من عمل برنشفيك الإبستيمولوجي، في علاقة بأزواج مفاهيمية معينة مثل الاستمرارية/الاستمرارية أو التزامن/التعاقب؛ ومن ناحية أخرى، النظر في ما إذا وكيف كان هذا التصور يؤدي إلى فلسفة التاريخ بمعنى حصري، مع إيلاء اهتمام خاص للعقود الأخيرة من حياة برنشفيك، التي اتسمت بالقلق الكبير بشأن مصير الحضارة الأوروبية والمواجهة مع الاتجاهات الفلسفية الجديدة.
المداخلة الثانية ألقاها تييري ليتير، من المركز الأوربي التابع لجامعة ميامي، بعنوان "تأملات حول قارئي مونتيني: ديكارت وباسكال"
منذ البداية، أكد ليتير أن شخصية برنشفيك ترتبط بفلسفة التقدم المبنية على فلسفة العلم، وهذا الوصف، مهما كان موجزا، صحيح، إذا اعترفنا بفارقين بسيطين وتساؤل. الفارق الدقيق الأول هو أن قناعات برنشفيك التقدمية التي لا يمكن إنكارها كتنت لانسقية بشكل عميق. ورغم أن هذا لم يكن بالضرورة معروفا في عصره، إلا أنه أعطى تفكيره حول "العلم" عمقا خاصًا.
الفارق الثاني، وفق ليتير، هو أن مكان هذا "العلم" لم يكن مكان نشاط فكري جهوي، بل مصير "الوعي" الذي يحقق مصير الإنسان. عندما كتب برنشفيك "ديكارت وباسكال قارءين لمونتيني"، حدث انقسام وانطرح السؤال حول قراءة متجددة لمونتيني. وأصبح هذا الأخير مصدر إلهام للعقلانية التي تدرك تمزقات الوعي أكثر من وعيها بتقدمها في وقت استعصى فيه الإيمان به.
أما المحاضرة الأخيرة في هذا اليوم الدراسي فتقدم بها فنسنت
بييون تحت عنوان" هناك ذهب في هذا الغبار  (ليفيناس)
بطولة عقل قد يكون عقلا بالكامل؟".
انطلق بييون من النقد الذي قدمه سيوران نيزان في كتابه "كلاب الحراسة"، ثم على وجه الخصوص من ميرلو بونتي (وبالأخص من كتابه "وقعت الحرب")، ليخلص إلى أن الأمر يتعلق، اعتمادا على لفيناس وعلى قراءة كانغيليم لبطولة كافاييس، بالوضع السياسي لعقلانية ليون برنشفيك في مواجهة مأساة التاريخ والعنف والشر.
واختتم اليوم الدراسي بمناقشة عامة تلتها مجموعة من الاستنتاجات والخلاصات.
___________________________
(*) كانت عشريات بونتيني عبارة عن لقاءات فكرية عقدت من عام 1910 إلى عام 1914، ثم من عام 1922 إلى بداية الحرب العالمية الثانية ( 1939). تم إنشاؤها واستضافتها بواسطة بول ديجاردان. تم عقدها في فرنسا، في دير بونتيني ، وهو دير سيسترسي من القرن الثاني عشر عشر اشتراه بول ديجاردان في عام 1906، عند فصل الكنيسة عن الدولة. يعد دير بونتيني اليوم المقر الأسقفي لبعثة فرنسا.
المرجع: https://www.translitterae.psl.eu/leon-brunschvicg-actualite-dune-pensee-philosophique/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل سقطت في فخ حماس..فكيف تترجم -الانتصار- على الأرض؟ |


.. تمرّد أم انقلاب؟ إسرائيل في صدمة!| #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد مسار عملية رمي جمرة العقبة في أول أيام عي


.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات الخلاف في إسرائيل بشأن -هدنة تكتيك




.. مظاهرات في ألمانيا والنرويج نصرة لغزة