الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ال DNA وخرافة خلق الله

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2024 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مع التقدم الهائل المذهل، والمضطرد للعلوم والتكنولوجيا، باتت تنهار وتتهاوى معه، وشيئاً فشيئاً، كل الأساطير والخرافات والشعوذات والأعراف والمسلـّمات الدينية وخزعبلات الكهنة ورجال الدين التي سادت عبر آلاف السنوات وتحكـّمت بحياة البشر واحتلّت عقولهم وحازت على تفكيرهم وتلاعبت بمصائرهم لوقت طويل، ولم تعد تلك الأباطيل والفبركات والأوهام والأضاليل لتنطلي إلا على السذج، والأغرار، و"المساطيل" وعبيد وسدنة هياكل الوهم التي ما تزال قائمة لحد الآن، ومن هنا ازدادت وانتشرت وتوسّعت حركة التنوير وارتفعت معها نسبة الإلحاد وجهر كثيرون بالإلحاد وخاصة في تلك الدول الدينية التي كانت عواصم للظلام والفكر السلفي والأضاليل والأحابيل.
ولعل أولى الأسئلة التي يطرحها رجال الدين، وأتباعهم، في وجه المشككين بخرافاتهم الدينية، هي من خلقك" ومن خلق الكون، ولا بد لهذا الكون من خالق؟ ولقد كانت فكرة أو فرضية الخلق التي دفع بها المشعوذون والكهنة والأنبياء و"الصالحون"، وعلى الدوام، واحدة من "الدفوع" والمرافعات والحجج والبراهين التي يرفعها هؤلاء مع عملية الترويج والتسويق للأديان على تنوعها ومختلف مسمياتها، حيث تتفق جميعها على خرافة الخلق "البابلية". وتعني تلك الفرضية والنظرية، أن "الله" المزعوم هو خالق الكون، وخالق البشر جميعاً، وهو الذي خلق البشر كما ورد في آيات بينات "من نفس واحدة، وخلق منها زوجها" كما ورد في سورة النساء (1) الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.
وكما جاء في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿يا أيها الناس﴾ يا أهل مكة﴿ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ آدم ﴿ وخلق منها زوجها ﴾ حوَّاء خُلقت من ضلع من أضلاعه ﴿ وبث ﴾ أَيْ: فرَّق ونشر ﴿ منهما ﴾ ﴿ واتقوا الله ﴾ أَيْ: خافوه وأطيعوه ﴿الذي تساءلون به﴾ أَيْ: تتساءلون فيما بينكم حوائجكم وحقوقكم به وتقولون: أسألك بالله وأنشدك الله وقوله: ﴿ والأرحام ﴾ أيْ: واتَّقوا الأرحام أن تقطعوها ﴿ إنَّ الله كان عليكم رقيبًا ﴾ أَيْ: حافظًا يرقب عليكم أعمالكم فاتَّقوه فيما أمركم به ونهاكم عنه.
فالناس جميعاً وطبقاً للفرضية الدينية، هم أبناء آدم وحواء وحسب كلام "الله" المفترض، هم من نفس واحدة، أي أن البشرية جمعاء تنتمي لأب وأم واحدة، هما الأب والأم للناس جميعاً ومنها تناسلت تلك التريليونات البشرية منذ مئات ملايين السنين، التي حقيقة لا يمكن حصر أعدادها أو التكهن بها.
يعطي فحص الـDNA عادة السمات والصفات الوراثية للشخص ويستفاد منه كثيراً في المجال الطبي كما يعتمد، وهو الأهم، في تحديد النسب ويستخدم اليوم، وعلى نطاق واسع، لكشف عن الكثير من الجرائم والأسرار الجنائية، لكن الأهم، وكما ذكرنا، وهنا بيت القصيد، أنه يحدد نسب وانتماء الشخص، ومن أي عرق وإثنية انحدر، ولسنا هنا بصدد تعداد الإثنيات والأعراق الهائلة التي تتنفس على سطح هذا الكوكب.
وحسب هذه الفرضية الدينية، ولو حاولنا تحييد عقولنا، وتصديقها، و"الإيمان" والتسليم بها وبقائلها، فإن تحليل الـDNA أو البصمة الجينية للبشرية جميعاً يجب أن تكون واحدة وبدون أي اختلاف عرقي أو إثني، وكلنا يجب أن ننتمي ونشبه آدم وحواء في اللون وبأعمامنا هابيل وقابيل، فإذا كان آدم وحواء من العرق الأبيض فإن العرق الأبيض وحدهم هم "أولاد الحلال" وبقية الأعراق ليسوا من خلق الله، والعكس صحيح بالنسبة لكل عرق وهكذا دواليك، ونعود لنتساءل، وبفرض أن كان آدم وحواء من العرق الأبيض فمن أين أتت وكيف تطورت بقية الأعراق؟ ومن خلق بقية الأعراق إن كان الله المفترض هو من خلق العرق الأبيض فقط، فأي آلهة تلك التي خلقت العرق الأحمر؟ أو الأسمر، والأصفر؟ والأهم من ذلك كله هل يتوفر حمض نووي لآدم "أبو البشر" كي نستطيع فعلاً إثبات نسبنا له، وأنه فعلاً أبو البشر جميعاً؟
ومن هنا، حسب نظرية الخلق وآدم وحواء، لا يجب إجراء تحاليل DNAوستعتبر باطلة وغير قانونية لأن البشر جميعاً أخوة ومن "ظهر" رجل واحد، ناهيكم عن أنه لا يجب أن يكون هناك، أية "ألوان" وأعراق وسلالات وأجناس وإثنيات بشرية كالعرق الأبيض، والأسمر، والأصفر والأحمر، وأن جميع البشر، حسب علم الوراثة، يجب أن يحملوا بصمة حمضاً نووياً واحداً يحدد ويجزم أن أبوه هو آدم وأن حواء هي أمه وأما بقية الأنساب فهي باطلة، وحين يجري أي شخص في اليابان، أو الهند، أو أستراليا، أو أمريكا أي تحليل DNA فيجب أن تكون متشابهة ولا خلاف بينها، لأن الوالد واحد وهو آدم، والوالدة واحدة، وهي حواء، اللذان تناسل منهم العرق البشري كله، لكن ما يدحض وينسف هذه الفرضية والخزعبلة الدينية هي تنوع و"تلون" الأعراق، واستحالة تطابق هذه الأعراق والأجناس وردها لعرق وجنس واحد انحدرت منها البشرية، ومن هنا فالإيمان بفرضية الخلق و"آدم وحواء"، هي واحدة من أكبر وأكثر الأباطيل والأضاليل التي تم تسويقها وانطلت على البشرية جمعاً وصدّقها، وما زال يصدقها الكثير من "المؤمنين" بالله وكتبه ورسله.
لا شيء بإمكانه اليوم الصمود أمام قوة العلم وحجة التجربة ومنطق العقل، وكل تلك المعتقدات البالية الهزيلة تهزم بالضربة القاضية مع أول جولة ومواجهة مع ثورة العقل، ولم يكن الكهنة والمشعوذون يدركون أن العلم سيصل إلى هذه الحدود، وستطور ليبلغ هذه المراحل المتقدمة وسوف يتمكن من نسف ودحض وتفنيد أباطيلهم وخرافاتهم، التي تتآكل وتتهاوى وتندثر أمام فتوحات وانتصارات العلم وتفجر إبداعات العقل البشري.
(فصل من كتاب، قيد الإعداد والنشر، بعنوان: خرافات الإسلام)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ارتفاع حوادث معاداة الإسلام والكراهية ضد المسلمين في بريطاني


.. المؤسسات الدينية في إسرائيل تجيز قتل الفلسطينيين




.. 84-Al-Aanaam


.. الجالية اليهودية بنيويورك تدعم مطلب عائلات الرهائن لدى حماس




.. بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في لبنان وغزة