الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زوايا البغض المطموسة !

حسن مدبولى

2024 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحن فى عالم تحكمه عصابات من المجرمين القتلة المزورين المخادعين، لذا فالبحث عن الحقيقة بات هما كبيرا لا يقدر عليه الكثيرون، فمثلا يمكنك أن تعيش طوال عمرك وأنت تعتقد أن شخص ما شيطان رجيم ، وهو بالفعل قد يكون يستحق ذلك إذا ما إكتفيت بالنظر إليه من الزاوية التى تقدم اليك ، لكن إن تعمقت فستتأكد انه من الممكن أن تكون به بعض الصفات المذمومة بالفعل، ولكن ليس هذا هو سبب شيطنته المعلنة، فهناك من هم أسوأ منه وأضل سبيلا،ويتم تقديمهم كملائكة ويتصدرون المشاهد !
وبشكل سريع سنوضح مدلول ومغزى هذه المقدمة بالتطبيق على بعض الرموز الشخصية،أو الأمم والمذاهب السياسيةو المناسبات التاريخية ،

1- صدام حسين
يراه البعض ديكتاتورا مجرما قاتلا ، تسبب فى دمار العراق، ويوردون أسبابا فعلية لتأكيد ذلك، بينما نفس هؤلاء البعض يتعاملون مع مئات الحكام الذين ارتكبوا ماهو أفظع ويعتبرونهم رجال دولة محترمين،
إذن فلما تم اختصاص صدام بهذا التشويه على المستوى الدولى، وتشكيل تحالفات إجرامية غير شرعية ضده وصل صداها لحد احتلال العراق وقتل الرجل وتصفية أولاده وأحفاده !؟
ببساطة صدام يتميز عن أقرانه من الحكام العرب بأنه كان يمتلك موقفا علنيا حاسما ضد اسرائيل، بل وقام بقصفها بالصواريخ عام 1991، كذلك فقد كان فى طريقه لايجاد تسوية مع إيران تنهى الصراع الخاطئ بين الدولتين ،وتوحد فوهات البنادق والتسليح المتميز ضد الشيطان الأعظم ،لذا سارع المجرمون فى الولايات المتحدة وأذنابها بتصفية الرجل ونظامه،
أما النسبة الكبيرة الكارهة لصدام حسين من المسلمين بالعراق فهم يمقتونه من منطلقات من منطلقات دينية مذهبية بحتة،أو بسبب شيفونية عرقية ، وأيضا بسبب موروثات ثأرية تاريخية،

2- محمد صلاح !
هناك حملات محمومة لا تتوقف ضد هذا اللاعب الاسطورة محمد صلاح تسبق الضجة التى واكبت احتضان مدربه لزوجته، ومن قبل نشر صوره وهو يرتدى ملابس غريبة كنوع من أنواع الدعاية المستهجنة من وجهة نظر من يهاجمونه ،
فالهجوم الحالى على محمد صلاح لاعلاقة له بتحية معتادة بين الناس فى أوروبا، ولا بموقفه الباهت من القضية الفلسطينية ، فهناك لاعبون وإعلاميون وسياسيون يعيشون بيننا ولاعلاقة لهم البتة لابالقضية الفلسطينية ولا حتى بقضية عم أحمد، بل وعلاقاتهم ثابتة ومثبتة مع الهلس ومعاقرة الخمور والدياثة والإعتداء على الحرمات،ومع ذلك فنفس من يهاجمون محمد صلاح يقدسون هؤلاء الناس وينصتون لأكاذيبهم على مدار الساعة ويرددونها، وينحنون أمام عبقرياتهم الكاذبة !
فمشكلة صلاح الحقيقية انه حقق معجزات إسطورية لن يمكن لأى لاعب مصرى او عربى تخطيها،وهو ما أثار حقدا دفينا لدى أشباه الرجال الذين يتم تصويرهم للعامة والغوغاء باعتبارهم أبطالا لا يشق لهم غبار،
وقد حقق محمد صلاح تلك المعجزات وهو يجاهر بعدم إنتمائه لأحد الأندية الجماهيرية وثيقة الصلة بالنظام السياسى، ،وهو أمر مستهجن ويعتبر جريمة من وجهة نظر العوام ومن يتلاعبون بعقولهم ،
كذلك فمشكلة محمد صلاح لها بعد آخر لكنه أقليمى خليجى، فهو كان قد رفض الاحتراف بمملكة آل سعود، وكسر أنف بعض مسئوليها ورفض ملياراتهم ،وهو مايبعث على التصور بأن أحدهم يقف وراء تلك الحملة المشبوهة ضد اللاعب ،

3- مرتضى منصور !
قد يتفاجأ البعض من مناقشة أسباب كراهية المستشار مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك المعزول، فالرجل كان يتفنن فى زيادة عدد أعدائه بشكل مثير للدهشة، كما أن موقفه المعادى لثورة الشعب فى 25 يناير كان يكفينى شخصيا لكى أبغضه وأقف مؤيدا لما تم ضده، كذلك فإن هناك ما يشبه الإجماع الشعبى الواسع على رفض أساليبه المتدنية فى خلافاته مع بعض خصومه،
وكان من الممكن ان أكون أسعد الناس لعزله مرتين خلال ثلاثة أعوام لو كانت عمليات عزله تمت للأسباب الموضوعية المشار اليها ، لكن وجود آخرين يعملون بسلام ونجاح كبير فى مجال كرة القدم أيضا دون ممانعة، تحت حماية نفس الغطاء الذى قضى على الرجل بالرغم من كونهم أسوأ منه وأضل سبيلا،جعلنى أتروى وابحث قليلا !؟
فهذا الرجل تم عزله والتآمر ضده وسجنه بنفس الاساليب والمنهج الذى استخدم تمهيدا (لثورة )30 يونيه،
حيث من الواضح اسباب عزله الحقيقية تعود لكونه حاول الظهور بمظهر السياسى المستقل الذى يرفض رموز وشخوص النظام ورجالاته، بداية من ابراهيم عيسى والهام شاهين وخالد يوسف واحمد موسى وعمرو أديب ، وليس انتهاءا بحزب مستقبل وطن وقادته ووزرائه ،
وكذلك تصريحاته المستمرة ضد المسئولين عن تعويم الجنيه وتدميره، وضد من تسببوا فى إفقار غالبية المصريين وتحويلهم الى أكلة أرجل الدجاج.
أيضا على المستوى الرياضى كان مرتضى رافضا لتقسيط الغرامة المفروضة على أحد اللاعبين، والذى تمت دعوته ( كلاعب) لحضور مناسبة رئاسية بشكل يدعو للدهشة بالرغم من هروبه المشين، والعقوبات الدولية ضده وألفاظه القذرة التى تفوقت على ألفاظ مرتضى نفسه !!

4- إيران
كلما ذكرت إيران يتم رفع قميص عثمان، وكلما حاول الناس تفهم مواقفها، تعاد عليهم قصص ومآسى الثورة السورية ودعم ايران لبشار الأسد ضد ابناء الشعب السورى، ولا تتوقف ماسورة الأبواق التى تفح يوميا وتعمل على تسويد وتلويث صفحة ايران وسيرتها،والتى وصلت لنشر عبارات الشماتة الرخيصة فى وفاة رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسى على نطاق واسع ،
والحقيقة أن محاولات تثبيت صورة شيطانية لايران لا علاقة له بسوريا ولا بقضية شعبها، ويكفى النظر لما يحدث فى غزة ودفاع الغرب المستميت عن جرائم الصهاينة ضد الفلسطينيين لنتأكد من إجرام هذا الغرب وعدائه التاريخى الثابت لشعوب المنطقة، وبالتالى فإن نفس هذا الغرب وعملائه فى المنطقة لايعنيهم أبدا ما حدث فى سورية، و الأمر يعود فقط لموقف ايران التاريخى الداعم للقضية الفلسطينية، وكذلك لطموحها النووى ، وأيضا لدعمها الموقف الروسى ضد المطامع الغربية، بالإضافة لتقديمها نموذجا سياسيا مستقلا بات يهدد عروش خرونجات وإمعات وعملاء الصهاينةبالخليج !؟

5-الإخوان المسلمون
يحاول البعض تثبيت صورة زهنية مفادها أن جماعة الاخوان هى الأساس للتطرف والإرهاب فى مصر والعالم العربى، وقد تحركت تلك الصورة حتى وصلت لممالك الخليج ذاتها التى كانت تحتضنهم أثناء اصطدامهم مع نظام ثورة 23 يوليو، وليس ممنوعا ولا محرما أن يختلف شخص او نظام مع جماعة سياسية حتى ولو كانت أفكارها تستند الى الدين، بل على العكس فإن النقد واجب وملزم ومفيد، لكن التسويف والتدليس والكذب والتلفيق هو الذى ينبغى تجريمه خاصة عندما يستخدم لخدمة أنصار إستئصال الآخر، وكارهى سيرة الإسلام ،
وكما أجمعت الولايات المتحدة واميركا واسرائيل وأوروبا على محاربة إيران ومصر عبدالناصر، فهم يجمعون أيضا هم وأتباعهم على كراهية الاسلام السياسى وجماعاته ، فوجود هذه الجماعة وغيرها من الجماعات المعتدلة يحمى الهوية الجمعية للعرب والمسلمين ، كذلك يعطى زخما لحركات المقاومة المعادية للصهاينة، أيضا فهم يمثلون حائط صد منيع ضد محاولات اختراق القيم والمثل الاخلاقية التى باتت مهددة بسبب مؤسسات الترفيه والعري الرسمى وغير الرسمى ،

6- الحوثيون ،،
هى جماعة اسلامية مجاهدة تدافع عما تراه انه الحق، وهى تتعرض لعدوان مستمر منذ سنوات طويلة، فقد هاجمها نظام على عبدالله صالح ، كذلك قصفتها الطائرات السعودية قبل أحداث الربيع العربى، ثم تكرر الأمر ليتحول الى عدوان شامل ممن ادعوا انهم التحالف العربى، والذى مارس ضدهم نفس ماتمارسه اسرائيل اليوم فى غزة،
المؤسف أن نجد جماعات سنية هطلاء تتبنى مفردات العداء لتلك الجماعة وعلى رأس تلك الجماعات حزب الاصلاح اليمنى وأيضا بعض المنتمين للاخوان المسلمين فى مصر والعالم العربى، وذلك بحجة انها جماعة موالية لايران! وهو ما يتطابق مع نفس الموقف الصهيو أميركى ضدها، وقد أوضح موقف الحوثيين الأخير الداعم للمقاومة فى غزة أن شعاراتها ضد امريكا واسرائيل واليهود هى شعارات واقعية عملية ،وهى السبب الرئيسى الذى يوحد الصواريخ العربية والصهيونية ضدها،

7- حزب الله
بدأت مرحلة شيطنة حزب الله عقب أحداث الربيع العربى والثورة السورية، وقد تسببت عسكرة الثورة السورية وجرها الى العنف وتوريط حزب الله فى معاركها لخلق موجة من العداء لذلك الحزب ولقياداته، ونحن نعتقد ان تورط حزب الله فى المعارك ضد بعض ابناء سورية كان كارثة كبرى وخطئا جسيما يحسب ضد الحزب، لكن هذا السبب ليس هو السبب الأساسى لموجة الكراهية المصطنعة ضد الحزب ، فمعظم من كانوا يشعلون النار فى سورية ويعتبرون نظامها السياسى نظام اجرامى قاتل، عادوا الآن ورحبوا بنفس النظام وقدموا له الدعم كتفا بكتف مع روسيا وحزب الله، لكن الغريب أن هؤلاء أنفسهم لايزالون على موقفهم السابق من الحزب، وهو ما يشير لوجود أسباب أخرى غير سورية ومعاركها العبثية، وهذه الأسباب هى التى تجمع اللبنانى مع الخليجى مع الصهيونى ضد حزب الله ، فالحزب تخلص تدريجيا من خطية سورية وعاد لثوابته ونضاله التاريخى ضد الصهاينة والمصالح الأمريكية بالمنطقة، وبالتالى استمر العداء ضده من كل الجهات الخارجية والداخلية المنبطحة

8-ثورة 23 يوليو
تتركز كراهية ثورة يوليو التى يطرحها البعض على ذاوية تبنيها للديكتاتورية والقمع ومعاداة تيارات الاسلام السياسى، وكذلك التسبب فى هزائم عسكرية متعددة،ومساهمتها فى تدشين حكم الجنرالات بمصر ،
ولكن المرء يحار من التقاء انصار تلك النظرة الداخلية وتوافقها مع العداء الخارجى لتلك الثورة ، وهو العداء التاريخى الذى تتبناه معظم الدول الغربية التى تدوس قضايانا وتدعم قاتلينا فى الوقت الراهن،
فهل كان الغرب وعلى رأسهم اسرائيل وأميركا يعادون ثورة يوليو من أجل سواد أعين حريتنا،ورغبة منهم فى إنقاذ الإسلام !؟
ببساطة الغرب والصهاينة كانوا يعادون تلك الثورة لكون نظامها السياسى وتطلعاته يمثل خطورة شديدة على مصالحهم، سواء داخل مصر أم فى الدوائر العربية والافريقية والاسلامية، كذلك كان زعيم تلك الثورة رمزا ملهما مؤكدا لوحدة مصير الشعوب العربية ، وكان وجوده يمنع الكيانات العربية التابعة للولايات المتحدة من الهرولة نحو الصهاينة كما يحدث الآن ،أيضا كانت مصر - كإيران حاليا- تدشن وقتها نموذجا شديد الإستقلالية على كافة الصعد، لذا فإن الأعداء التاريخيين تآمروا وتحالفوا وحركوا أدواتهم بالمنطقة لضرب مصر بنفس حجج تحالفهم ضد غزة الآن !!

9- الربيع العربى !
غنى بالذكر أن هناك محاولات مستميتة لشيطنة ثورات الربيع العربى بالمنطقة وعلى رأسها ثورة 25 يناير 2011، وتمثل ذلك فى تشويه رموزها ومطاردتهم والتنكيل بهم ،وتقديمها بشكل مرادف للفوضى والخراب وتعرية الظهور والأكتاف، وتحميلها كل كوارث التخلف والتدهور والإنهيار الذى تعيشه الأمة منذ سنوات ،وهناك تيارات سياسية باكملها تتبنى ذلك الطرح، بل وتنسب تلك الثورات الى مؤامرات الخارج، وبعضهم يطلق عليها وصف الربيع العبرى، بالرغم من أن التهديد الوحيد الذى نال من سفارة الكيان بمصر تم بأيدى أبناء ثورتها !!
والأمر بوضوح يتلخص فى أن ثورات الربيع العربى بوجه عام دشنت سابقة تاريخية ناجحة لقدرة الشعوب على خلع حكامها المجرمين ، كذلك فانها سمحت بإجراء انتخابات حرة حقيقية فى مصر وتونس شارك فيها الملايين،كما انها أدت الى وصول رؤساء وأشخاص مدنيون منتخبون لسدة الحكم وللقصور الرئاسية لأول مرة فى التاريخ، كما تسببت تلك الثورات فى محاكمة وإذلال الحكام التقليديين الأبديين !!

10- الشيوعية والإشتراكية
صحيح أن الكراهية ضد تلك الاتجاهات السياسية قد خفت حدتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتى والمنظومة الاشتراكية ، إلا أن هناك قطاعا كبيرا لايزال يدشن صيغة ترهيبية مشيطنة لكل من يعتنق هذا الفكر، خاصة أذا كان معتنقوا ذلك الفكر ثوريين بحق ومبدئيين ومثاليين، فلن تجد حزبا اشتراكيا ثوريا عربيا حقيقيا يعمل بحرية فى أى بلد عربى، أيضا لن تجد حزبا شيوعيا واحدا يعمل فى العلن الا فى دولة أو دولتين لهما ظروف داخلية خاصة ، كذلك فإن هناك تربصا من انصار التيارات الاسلامية وعداءا سافرا رافضا لكل مايمت لهؤلاء بصلة،
وفى غالبية الأحوال يتهم اصحاب الفكر اليسارى بالإلحاد والكفر، لكن السادة المؤمنين لم يذكروا لنا كيف كانت نفس القوى المعادية لقوى التحرر الاسلامى فى الوقت الحالى هى ذاتها التى ساهمت فى محاصرة وتدمير المنظومة الاشتراكية الدوليةفى السابق، ولا لماذا تم اسقاط رؤساء اشتراكيين بنفس الطرق التى تستخدم حاليا لعزل واسقاط رؤساء اسلاميين !؟
لاشك ان هناك عوامل مشتركة تجمع النبلاء من المناضلين الرافضين للاستعباد الخارجى والداخلى، وهذه العوامل هى المحرك الرئيسى والحقيقى الذى يدفع لتشويه وشيطنة اليسارى الثورى بنفس الطريقة التى يتم بها شيطنة الثورى الاسلامى سواء كان مصريا أم لبنانيا أو ايرانيا، ولعل تحالف الجبهة الشعبية مع حماس مع الجهاد فى معركة طوفان الاقصى يؤكد ويثبت أن العدو واحد، وأن الإختلاف لا يبرر الإقصاء والتآمر المتبادل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي