الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جون ستيوارت ميل: رائد المساواة بين الرجل والمرأة (2/2)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 5 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- "المعلم الصالح" يبقى "معلما"
ومع ذلك، فإن البعض محظوظون لأن لديهم "معلما صالحا"، محبا ومحترما، يعتز بهم ويمنحهم الحق في الكلام. إذا كان ذلك هو ما نعتمد عليه، فلنسمح للنساء بتجربة أي عدد يرغبن فيه من الشركاء حتى يجدن الشريك المناسب، كما يقول ميل مع ميل معين للاستفزاز.
هيا، كفى من النكتة (لأن العقول الفيكتورية ستقدر بشكل معتدل حجة السخرية) وقليلا من الجدية: نحن لا نفكر في المسائل القانونية بمثال العلاقة المرضية (بضم الميم) التي لا تحتاج على وجه التحديد إلى القانون ليؤسس ويضمن علاقات عادلة. نحن لا نجيب على سؤال عدم المساواة المعمم بالقول: "أنا يا سيدي أعرف امرأة تحظى بمعاملة جيدة... بل وربما أعرف اثنتين!"…
هل النساء اللواتي يصلن إلى السلطة طاغيات؟ لأنهن يحصلن عليها في ظروف سيئة!
نحن لا نرد بـ "نعم، حسنا، هناك أيضا ضمنهن من هن طماعات حقيقيات ورجالهن الطيبون هم الذين يعانون."
ومع ذلك، هذه هي النقطة التي يتوقف عندها ميل: "السلطة الفاسدة" التي تمارسها بعض النساء اللائي تمكن من "استعادة السيطرة" وأسسن "الاستبداد المضاد الذي يتسبب في وقوع ضحايا من الجنس الآخر".
هل ترى في ذلك السبب وراء عدم منح الكثير من السلطة للنساء عندما نرى ماذا يفعلن بها، هؤلاء الطاغيات بالقوة؟ على العكس من ذلك، يرى ميل في ذلك السبب الدقيق لمنحهن سلطة عادلة ومؤسسية، والتي لن تأتي من الخيرية بمقياس متغير لزوج منفتح (أو أبيسي) ولا من الانقلاب الزوجي الذي يطيح بالسلطة الشمولية للمؤسسة ويقيم سلطة أخرى، بل من مساواة بين زوجين "يحكمان" معا، ك"شريكين" الأسرة. قائدان في واحد، إذا لم تكن صفقة جيدة، على كل حال!
- المساواة في الحياة الخاصة... وفي الحياة العامة كذلك!
هل هناك رجال “أكفاء” بما يكفي للاستغناء عن كفاءة النساء؟
رأينا ذلك وهو مقبل، في هذا الفصل الثالث حيث يفترض ميل "أن مبدأ المساواة الكاملة" الذي كان يدعو إليه"يستلزم نتيجة أخرى، وهي أهلية المرأة للوظائف والمهن التي، حتى الآن، هي امتياز حصري للجنس الأقوى".
مثل كوندورسيه قبل قرن من الزمان، الذي تفاجأ بأننا نتسامح مع وجود رجال غير أكفاء في المسؤوليات بينما يتم استبعاد منها النساء المؤهلات، يشير ميل إلى أنه لا يوجد مثل هذا الفائض الكبير من الرجال المناسبين لتولي مناصب عليا، حتى يكون للمجتمع الحق في رفض خدمات شخص ذي كفاية".
لن نكون سوى مجموعة من البلهاء التعساء لو فضلنا الرجال الذين لا قيمة لهم على النساء الموهوبات!
هل تقتصر النساء على وظائف معينة يؤهّلهن جنسهن إليها؟
آه، طيب، موافق، إذن بالنسبة إلى وظائف معينة، بالمعنى الدقيق للكلمة، من المفترض أن تكون النساؤ أفضل فيها. صه، صه، صه، لنقل ذلك مرارا وتكرارا، "إن ما يسمى بالاختلافات العقلية بين الرجل والمرأة هي فقط ناتجة عن التأثير الطبيعي للاختلافات في تربيتهما، وهي لا تشير من حيث طبيعتها إلى أي اختلاف جوهري بينهما، بعيدة عن الإشارة إلى الدونية الجذرية".
لن نحكم مسبقا على ما تعرفه النساء وما يمكن أن يفعلنه، ولكن "دعونا نرى النساء كما هن، أو كما نعلم كيف كن، ونحكم على الكفاءة التي أظهرنها بالفعل في العمل". أولئك اللواتي مارسن السلطة، في الظروف التي سمحت لهن بذلك، الملكتان إليزابيث وفيكتوريا، برهنتا بوضوح على أن فن الحكم "في المستوى الأعلى" ليس له جنس!
- لكن هل للدماغ جنس؟
لا تحاول أن تقول العكس بناءً على الاكتشافات الحديثة (في ذلك الوقت) لعلم الأعصاب الناشئ: "الحقيقة الثابتة" أن "دماغ المرأة أصغر من دماغ الرجل" أمر مشكوك فيه علميا (لاحظ ميل أن الأطباء الذين أجروا المقارنات بين أدمغة النساء وأدمغة الرجال لم تأخذ في الاعتبار الاختلافات في حجم الأفراد، هناك فقط مقارنة أدمغة النساء قصيرات القامة مع أدمغة الرجال طوال القامة) خاصة وأننا "لا نعرف حتى الآن ما هي العلاقة الدقيقة الموجودة بين الدماغ والقدرات الفكرية".
هناك نساء ممتازات بلا استثناء. بعددىكبير، إلا أنهم غير مرئيات.
في غضون ذلك، يجب علينا أن نعترف أنه من هيباتيا إلى ماري سومرفيل مرورا بهيلواز دارجينتوي (وأخريات ممن يستشهد بهن ميل)، هناك العديد من العقول النسائية العظيمة والرائعة التي يمكن أن تهز بشكل جدي القناعة بأن الذكاء هو قدرة يحركها هرمون التستوستيرون ( مؤهل عفا عليه الزمن من جانبنا، إذا كان هناك أي مؤهل على الإطلاق).
ومع ذلك، هناك مشكلة حقيقية تتعلق بالاعتراف، والتي يثيرها ميل، باعتباره رائدا أصيلا: النساء المتفوقات موجودات، بعدد وفير، لكنهن غير مرئيات أو غير مؤثرات بالقدر الكافي. ويأتي هذا جزئياً بسبب الافتقار إلى الطموح من جانبهن، لأن "النساء نادراً ما يتعطشين للشهرة. فالتأثير الذي يسعين إليه لا يتجاوز الدائرة المحيطة بهم". ولكن يجب علينا أيضاً أن نعترف بأنهن يعاقبن بتقدير اجتماعي منحط لحقهن في التألق"، عندما "تؤخذ لديهن رغبة الشهرة على سبيل الوقاحة".
- من مصلحة الرجال والناس الحق في المساواة
هذا ليس كل ما في الأمر، ولكن الآن بعد أن عرض ميل بوضوح جميع الأسباب التي تجعل المساواة بين النساء والرجال هدفا عادلاً، ما زلنا بحاجة إلى النجاح في إشراك أولئك الذين، في الواقع، يملكون القدرة على تغيير الأشياء.. الرجال إذن. وهذا هو ما يهدف الفصل الأخير من كتاب "عن استعباد النساء" إلى تحقيقه، من خلال تطوير خطاب كامل حول الاهتمام بالمساواة. ليست
ينطلق ميل من الأكثر عمومية: "المكسب الهائل للإنسانية" تمثله جميع أشكال التخلي عن استعباد الآخرين.
أولئك الذين يسيطرون على الآخرين يحكمون العالم بشكل سيئ: لأنهم مشحونون بـ "الميول الأنانية وعبادة الذات" التي لا تدفعهم سوى إلى خدمة مصالحهم الخاصة فقط، وهذا غالبا ما يتم في "ضعف الشخصية" الخاص بمن يرفضون أن ينازعهم أحد وفي حماقة فجة. وهو الأمر الذي لا يدركه حتى أولئك الذين لا يواجهون وجهة نظرهم أبدا بآراء مخالفة. باختصار، سوف "تتحدى" النساء الرجال، من أجل مصلحتهن الكبرى!
- "مضاعفة مجموع القدرات التي ستوضع رهن إشارة البشرية"
من جهة أخرى، أي شخص يعرف كيف ينجز عملية جمع بسيطة سوف يرى بسهولة أن السماح للنساء بالتفكير بأنفسهن، والتحدث باسمهن، وممارسة المسؤوليات يؤدي إلى "مضاعفة مجموع الملكات الفكرية التي توضع رهن إشارة البشرية: يوجد مثل هذا الخصاص في الأشخاص القادرين على القيام بأي شيء يتطلب قدرة كبيرة على أكمل وجه. العالم يتكبد خسارة فادحة للغاية برفضه الاستفادة من نصف إجمالي كمية المواهب التي يمتلكها". كفى من إهدار الموارد!
- عالم أفضل، عالم يحقق التقدم، مع النساء
من جهة ثالثة، (انتبه لحجة جوهرية بعض الشيء)، تجلب النساء الإحساس التعاطف والسلام إلى العالم، أفضل مما يعرف الرجال كيفية القيام به.
يأتي ميل بدليل على أن "تأثيرهن يمثل الكثير في اثنتين من أبرز سمات الحياة الحديثة في أوروبا، النفور من الحرب، والميل إلى العمل الخيري". هل تريد عالما أفضل؟ اسأل النساء، فلديهن الكثير من الأفكار الجيدة لذلك!
إن العيش بعلاقات جيدة مع الجنس الآخر هو الطريق الأكيد إلى السعادة.
من جهة رابعة، هناك على العموم سعادة أقل في العيش مع شخص حاضر بدافع الضرورة من العيش مع شخص حاضر بدافع المتعة. بالنسبة لميل، يقلل الرجال من فرصهم في إقامة علاقة جيدة عندما يقومون بإخضاع النساء بدلاً من اعتبارهن محاوراتهم الشرعيات.
تجنبوا أيها السادة العلاقات المتوترة والبعد السحيق عن الشخص الذي يشارككم حياتكم، ولكن بدلاً من ذلك ابحثوا عن الحوارات والتوافقات. وهذا لن توافق عليه المرأة إلا بشرط التأكد من أن صوتها في هذه المسألة مساوٍ تماما لصوت زوجها. وإلا، فما الفائدة من الجدال إذا كان في النهاية نفس الشخص دائما على حق؟
المرجع: https://www.eveprogramme.com/14807/un-pionnier-de-legalite-john-stuart-mill/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه