الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديات العالم العربي والإسلامي

ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث

(Ibrahim Mahmat)

2024 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المبحث الأول: الديمقراطية والعلمانية
الديمقراطية لا يتعلق ضرورة بنص فقهي مستنبط من السنة والقرآن الكريم( بل يتعلق بجوهر الإسلام عامة، وخاصة، فإنه لا يسوّغ لنا أن نعد الإسلام دستوراً يعلن سيادة شعب معين، ويصرح بحقوق وحريات هذا الشعب، بل ينبغي أن نعده في سياق حديثنا مشروعا ديمقراطيا)(مالك بن نبي، 1979م ص75)8
ويجب أن نعد هذه الحركة الناشئة في لحظة بدايتها، أي في اللحظة التي تبتدئ تتحقق شروط الشروع الديمقراطي الأولية، لأنها الشروط التي تتحقق بمقتضاها كل النتائج الاجتماعية لهذا الشروع)(مالك بن نبي، 1979م ص76)9 فيعد نظرة النموذج الإسلامي إلى الإنسان باعتبارها (نظرة إلى التكريم الذي وضعه الله فيه، أي نظرة إلى الجانب اللاهوتي فيه، بينها تمنحه النظرة إلى الجانب الناسوتي والجانب الاجتماعي، فالتقويم الإسلامي يضفي على الإنسان شيئاً من القداسة، ترفع قيمته فوق كل قيمة تعطيها له النماذج الدنية)(مالك بن نبي، ص 77)10
المطلب الأول: مظاهر العلمانية
العلمانية أو (اللاييكية) (فإنها تمنح الإنسان أولاً الحقوق والضمانات الاجتماعية، ولكنها تتركه عرضة لأمرين: فهو إما أن يكون ضحية مؤامرات لنافع معينة، ولتكتلات مصالح خاصة ضخمة، وإما لأن يجعل الآخرين تحت ثقل دكتاتورية طبقية، لأنها تضع في نفسه دوافع العبودية والاستعباد، لأن كل تغيير حقيقي في المجتمع لا يتصور دون تغيير ملائم في النفوس) (مالك بن نبي، 1979م ص79)10
فالإسلام دين وضع الإنسان في أعلى قمة وحماه من العبودية ، وفيما يخص حرية التعبير، (فإنها دخلت في العرف منذ الأيام الأولى من العهد الإسلامي، النبي عليه الصلاة والسلام كان يعود أصحابه على مناقشة آرائه وتقاريره، ففي يوم بدر نراه يحدد ميدان المعركة ، ولكن لو تأملنا مرة أخرى جدول التناقضات الذي قدمناه، لأدركنا جانب الضعف في التضامن الإفريقي الآسيوي، لنرى من خلال هذا الجدول أن الوعي الذي يتمثل في ردود أفعاله، يتكون ويتطور طبقا للأسباب التي نشأت على محور واشنطن موسكو، المتصلة بمشاكل القوة، أكثر من الأسباب الناشئة على محوره، المتمثلة في مشاكل البقاء)(مالك بن نبي، أملات 1979م ص116)11
وهذا الاتجاه ما زال حديث الساعة (ومفهوم التضامن الإفريقي الآسيوي أقصى معناه في الاتجاه السياسي، بينما نعالج الثانية في نطاق الرسميات أو عن طريق المبادرة الفردية، أي في نطاق محدود الإشعاع من الناحية الأيديولوجية، أو بعبارة أوضح بوسائل لا تشكل التضامن الإفريقي الآسيوي في أكمل معناه)(مالك بن نبي، ص116)12
فليست الديمقراطية إذن في أساسها (عملية تسليم سلطات تقع بين طرفين معينين، بين ملك وشعب مثلا، بل هي تكوين شعور وانفعالات، ذاتية واجتماعية تشكل جموعها الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية، ومن هنا تبدو بكل وضوح تفاهة تلك الاستعارات الدستورية التي تستعيرها اليوم بعض الدول الإفريقية الآسيوية الناشئة، التي تريد إنشاء الوضع الجديد في بلادها، القياس على النوال الذي تستعيره من بعض البلاد ذات التقاليد الديمقراطية العريقة، إن هذه الاستعارة تكون تارةً ضرورية ولكنها لن تكون بكل تأكيد وحدها تصحبها الإجراءات لبث ما يستعار في نفسية الذي يستعيره)(مالك بن نبي، ص75)13
الأسباب التي تجعل القادة يتجهون نحو الأخذ بالخيار الديمقراطي كالتالي:
• غياب أو فقدان النظام السياسي لشرعيته
• في اعتقاد القادة التحول الديمقراطي سوف يأتي بالعديد من المنافع لدولتهم مثل زيادة الشرعية الدولية ، والحد من العقوبات التي تفرضها الدول المانحة على دولهــم، و إمكانية الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي .
• إدراك القيادة السياسية بأن تكاليف بقائها في السلطة مرتفعة للغاية إلى جانب انقسام التحالف الذي يؤيد بقاءها في السلطة) 14
انهيار شرعية النظام السلطوي :أنشأت النظم السلطوية لخروج الدولة من أزمة اقتصادية ،ومن الطبيعي أن يكون لها مدة زمنية معينه وبعدها تكون مهمتها كاملة ، أي أنها نجحت في حل المشاكل التي دفعتها لتولي السلطة ، أو تنتهي شرعيتها في حالة فشلها في تحقيق ما حول إليها من مهام وهناك مظاهر أخري تحمل في طياتها فقدان النظام السياسي شرعيته منها التغيير في القيم المجتمعية وثقافة المجتمع) 15
ويتحدث دي توكفيل عن مؤسسات المجتمع المدني بأنها هي: حجر الأساس للديمقراطية ، حيث أصبحت المصادر البديلة للمعلومات و الاتصالات، فهم يتحدون مباشرة الأنظمة السلطوية من خلال تتبع المصالح التي تتصارع والتي تؤدي إلى تآكل قدرة الحكام السلطويين على السيطرة على مجتمعاتهم ، ومن الناحية الفردية فنتيجة إلى كفاءة التعليم وزيادة ثقافة وفاعلية الجماهير لمتابعة الإصلاحات الديمقراطية 16(
القيم والأخلاق الداعية إلى الديمقراطية : ونعني بذلك وجود القيم و العادات والتقبل الديني التي تشجع على تحول النظام السياسي نحو الديمقراطية ، أي أنه لابد من أن يسود المجتمع قيم الديمقراطية من التضامن الوطني و الاحترام المتبادل التي تحتاج إليها الديمقراطية)17
آليات التحول الديمقراطي: هناك عدة آليات سلمية تكرس التحول الديمقراطي منها:
1ــ التداول على السلطة من خلال الانتخابات النزيهة والتي تتم بقدر من الشفافية إضافة إلي الإجماع حول القضايا الأساسية للدولة إلي جانب تفعيل مبدأ ترجيح الأغلبية علي الأقلية 18(
العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني (علاقة تكامل وتوزيع للأدوار، فالمجتمع المدني هو أحد أركان الدولة الحديثة التي تهيئ له البيئة التشريعية لتنظيم الممارسة لعمل المنظمات المدنية والجماعات داخل المجتمع)19
مفهوم الدولة : تميزت العصور القديمة والوسطى بغياب مفهوم الدولة بشكلها الحالي، حيث انتشرت مسميات مختلفة منها، الإمبراطورية، والسلطنة، والممالك. إلا أن أغلب الممالك التي حكمت في العصور الوسطى في أوروبا حكمت باسم الدين، كفرنسا على سبيل المثال)20
تعتبر الدولة (منذ نشأتها الحديثة في أعقاب مؤتمر وستفاليا، إحدى حقائق الحياة السياسية المعاصرة التي رسخت تدريجيَّاً حتى أصبحت تشكل اللبنة الأولى في بنية النظام الدولي الراهن، وبالرغم من اعتبار الدولة مؤسسة عالمية ضرورية، إلا أن تعريفها واسع ومتنوع لا يكاد يجمع عليه اثنان)21
جذور كلمة الدولة (تعود جذور كلمة الدولة باللغة اللاتينية Position التي تعني الوقوف، كما ظهر مصطلح الدولة في اللغات الأوروبية في مطلع القرن الخامس عشر، وفي القرن الثامن عشر تطور مصطلح الدولة واستخدم تعبير Publicae اللاتيني والذي يعني الشؤون العامة
) 23
وصف الكثير من المفكرين والفلاسفة الدولة بالكيان الاجتماعي،( لسبب بسيط وهو أن العنصر الأساسي فيها يكمن في الرابطة المشتركة التي تجمع بين الأفراد الذين يتكون منهم شعب هذه الدولة. فالشعب عبارة عن مجموعة من الأفراد تربطهم رغبة مشتركة وقوية في العيش معاً، بصرف النظر عن تجانس هؤلاء الأفراد أو عدم تجانسهم من النواحي العرقية أو الدينية أو اللغوية. الخ) 24.
واقع العالم الإسلامي: أطلق لفظ العالم الإسلامي في العصر الحديث بدلاً من تعبير (الأمة الإسلامية) الذي كان يستعمله المسلمون والغالب على الظن أن هذا التعبير استعمله أولاً غير المسلمين من أهل أوربا وأمريكا بالإنكليزية (Muslim word) وبالفرنسية (le monde muslman) ، وهو يشمل الشعوب المسلمة أو التي أكثريتها مسلمة سواء أكانت حكومتها إسلامية أم كانت غير إسلامية، ويضاف إليها أو يلحق بها الأقليات الإسلامية في البلاد غير الإسلامي) (محمد المبارك، بدون ت، ص 43)25
نظم التربية والتعليم: بعد أن أدخل الاستعمار وهو حكم غير المسلمين للبلاد الإسلامية مناهج للتعليم غير المناهج الإسلامية المتوارثة وبنيت هذه المناهج على الفكر الغربي من حيث الأساس، اختلت الوحدة الثقافية والفكرية في البلاد الإسلامية، فوجد أولاً نوعان من الثقافة والتفكير، نوع بني على المناهج الإسلامية الموروثة القديمة ونوع بني على المناهج الأجنبية الوافدة أو الغازية)(محمد المبارك، بدون ت ص 44)26
المطلب الثاني: الهيمنة الاقتصادية
تعدد المذاهب والاتجاهات والفرق الإسلامية : إن الوحدة بين المسلمين في الماضي والحاضر لم يكن ليؤثر فيها ما بينهم من اختلاف مذهبي) (محمد المبارك، بدون ت ص46)27
المذاهب الحديثة العقائدية والاجتماعية:(إن من أبرز العوامل المعارضة للوحدة في داخل كل بلد إسلامي وبين البلدان الإسلامية ظهور تيارات فكرية ومذاهب عقائدية حديثة مستمدة من الغرب تولدت بسبب الاستعمار والغزو الأجنبي الفكري. وهذه المذاهب إما معارضة للإسلام معارضة أساسية وكلية وإما عاملة لحصر الإسلام في نطاق العبادات والعقيدة الشخصية)(محمد المبارك، بدون ص47)28
العلمانية (تتعاطف كل دولة إسلامية مع الدول التي تدين بمذهبها ولو كانت غير مسلمة وتتنكر للدول التي تدين بمذهب مغاير لمذهبها ولو كان شعبها مسلما أو كانت هي مسلمة ، ولا شك أن في ذلك طعنة للإسلام يراد بها القضاء عليه وتفتيتا للوحدة بين المسلمين سواء في ذلك وحدة الشعوب أم وحدة الدول) (محمد المبارك، بدون ص48)29
الوطنية والديمقراطية العلمانية أو القومية كانت بيد المسلمين أنفسهم: (كان الإسلام هو المهيمن على الحكم والعلاقات الاجتماعية قبل العصر الأخير كانت الأقليات الدينية غير الإسلامية والمنشقة عن جمهرة المسلمين بمذهب خاص انفصلت به عن الجماعة قد كيفت وضعها الخاص تكيفا لا يدع مجالا لمشكلة اجتماعية ولا لشكوى إلا كانت عارضة فلما ظهرت التيارات المذهبية الحديثة وجدت هذه الأقليات طريقا جديدا لتغير وضعها والمشاركة مع المنتمين إلى هذه التيارات من المسلمين أنفسهم لتحقيق رغبة نفسية لديها وهي إزالة حكم الإسلام وإقصاؤه عن مجال الحكم والتشريع متذرعة بالفكرة الوطنية الديمقراطية العلمانية أو القومية أو الاشتراكية)(محمد المبارك، ص48)30
المذاهب العقائدية والتعاون مع الحكام السائرين في هذا الاتجاه (تنتج إقصاء الإسلام وإبعاد الوحدة الإسلامية والإبقاء على هذا النوع من الارتباط، ليست الدول الأجنبية غير الإسلامية وحدها صاحبة المصلحة في ذلك بل يضاف إليها قوى خارجية وعالمية أخرى كالشركات الكبرى والصهيونية العالمية وجميع مراكز السلطات العليا للأديان المنافسة للإسلام)(محمد المبارك، ص59)31
فالدعوة العقائدية منافس للإسلام: (كمذهب شامل مرتبطة ارتباطا قويا بالدول الأجنبية والقوى العالمية تشجعها وتمدها وتدعمها وتستميت في هذا السبيل لإقصاء ظهور الأمة الإسلامية والدولة الإسلامية والوحدة الإسلامية. كما أنها تعادي وتقاتل كل حركة أو دعوة هدفها بعث الإسلام وإحياؤه وتوحيد الشعوب على أساسه وتبذل كل ما في وسعها لقتلها وإبادتها وتدفع جميع المؤتمرين بأمرها والمتعاونين معها من حكام ومثقفين وكتاب للقضاء عليها. وقد تعمل على تشجيع الطعن فيها وتكوين حركات مريضة باسم الإسلام لصرف المسلمين عن الإسلام الحقيقي الذي يهدف إلى وحدة المسلمين والقيام على أساس الإسلام)(محمد المبارك، ص59)32
إزالة العقبات أمام المسلم : الانسجام فتغير نظم التربية والتعليم، والانتماء المبدئي للإسلام:
(نشر البحوث الموضحة والعارضة للإسلام بوصفه مبدأ كليا ونظاما عقائديا شاملا (ودينا كاملا) والتذكير بهذه الفكرة الأساسية حتى في الأبحاث الجزئية والخاصة وكذلك الإلحاح في عرض فكرة (الأمة الإسلامية) وما يتفرع عنها من دار الإسلام أو الوطن الإسلامي ومنطقة الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية والمجتمع الإسلامي وما إلى ذلك)(محمد المبارك، ص51)33
تدريس الثقافة الإسلامية: العناية بإبراز الثقافة الإسلامية وتوجيه طلاب الدراسات العليا إلى الموضوعات التي تخدم مبدأ التعايش والأمن والدعوة إلى مؤتمرات للدول الإسلامية، وتوحيد مادة الثقافة الإسلامية، ( التنسيق بين اقتصاديات البلدان الإسلامية لإيجاد سوق مشتركة واقتصاد متكامل)(محمد المبارك، ص54)34
تسهيل الانتقال بين والتنسيق الكامل بين المسلمين لنبذ العنف، (العمل كذلك لإيجاد صعيد مشترك سليم الأسس لالتقاء الاتجاهات المختلفة بين المسلمين بوجه عام وفي مقابل ذلك إبراز الأفكار المخالفة لأسس الإسلام والتي تقوم بها فرق تنتمي في أصلها التاريخي إلى الإسلام. ولكنها انفصلت عنه بسببها لئلا تكون المجاملة على حساب الإسلام مع تذكير المنتمين إلى هذه الفرق بالأصل الذي ابتعدوا عنه وخرجوا عليه، كما هي الحال في الدروز والبهائية والقاديانية وأمثالهم)(محمد المبارك، ص54)35
ما ينبغي على الجمعيات والهيئات الإسلامية والمفكرين المسلمين (إذ عليهم الدعوة إلى الوحدة وتوضيحها وبسط أفكارها وتغذية الشعوب بها، والتذكير بها ومطالبة الحكومات بتحقيقها وعقد المؤتمرات لكل ما يخدمها ويقويها ويؤدي إليها، وإشاعة الأفكار التي توضحها وتصحيح الأخطاء السابقة أعتقد أن عوامل التغيير سائرة في اتجاه الوحدة بين المسلمين أفرادا وشعوبا)(محمد المبارك، ص55)36

المطلب الثالث: العلمانية
العلمانية في اللغات الأوروبية:( Secularism هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها. ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر)37
إن علاقتها قائمة بالدين: (إن علاقتها قائمة بالدين على أساس سلبي، و نفي الدين والقيم الدينية عن الحياة، بصرف النظر عن دعوى العلمانيين في الغرب بأن العلمانية لا تعادي الدين إنما تبعده فقط عن مجالات الحياة الواقعية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية إلخ)38
وتبدو نشأة العلمانية في أوروبا: (وتبدو نشأة العلمانية في أوروبا أمرا منطقيا مع سير الأحداث هناك)(محمد بن قطب بن إبراهيم ص445)39
فحين يحدث نفور من الدين في مثل هذا الجو فهذا أمر منطقي مع سير الأحداث وإن لم يكن منطقيا مع الإنسان في وضعه السوي (فإذا كان الإنسان عابدا بفطرته، وكان الدين جزءا من الفطرة أو هو طبيعة الفطرة، فإن الإنسان الراشد في مثل الوضع الذي وجدت فيه أوروبا كان ينبغي عليه أن ينبذ ذلك الدين الذي تحوطه كل تلك التحريفات في نصوصه وشروحه) (محمد بن قطب ص445)40
العلمانية (الفصل بين الدين والسياسة كان قائما من أول اعتناق الدولة الرومانية للمسيحية، إذ اعتنقتها عقيدة فقط، ولم تأخذ من الشريعة إلا ما يتعلق بالأحوال الشخصية، وبقيت الأمور الجنائية والأمور المدنية وعلاقة الحاكم بالمحكوم وغيرها من شئون الحياة الواقعة يحكمها القانون الروماني)( إبراهيم، 1983م ص445)41
وهذا هو الذي تسميه أوروبا الحكم الديني (إخضاع الكنيسة الملوك والأباطرة لأهوائها الذاتية كان يتم باسم الدين وتحت شعاراته، ولكن هذا لا يكفي لاعتباره حكما دينيا ما دام لا يحكم بما أنزل الله، ولكن الحس الأوروبي المضطرب يخلط بين الدين ورجال الدين نتيجة اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله، واعتبار أعمالهم وأقوالهم أعمالا دينية وأقوالا دينية ولو كانت بعيدة كل البعد عن حقيقة الدين!) (إبراهيم، 1983م ص464)42
كان مكيافيللي وهوبز من أشهر المدافعين عن الحق الإلهي المقدس، وعن استبدادية الحكام.
(ولكن ذلك كله لم يعجب المنسلخين من الدين فقرروا تغييره، وإنشاء بدليل منه لا يقوم على أساس الدين! ثم إن الهزات العنيفة التي أحدثتها الثورة الصناعية جاءت والقيم مهتزة بالفعل، قائمة على غير أساس حقيقي يقيها من الهزات، فإذا انهارت هذه القيم سريعا فلا عجب، وإذا أفلح الشريرون في هدمها بوسائلهم الشريرة)44
انحلال روابط المجتمع (وانحلت روابط المجتمع فصار كل إنسان يعيش وحده.. حتى الأسرة.. الزوج له عمله ومغامراته، والزوجة لها عملها ومغامراتها ... والأولاد يغادرون البيت في سن معينة ولا يعودون بعد ذلك، ولا يربطهم بالأب والأم رباط، إلا زيارات خاطفة في مناسبات متباعدة في أحسن الأحوال..)45
القلق والجنون والضياع والحيرة والأمراض النفسية والعصبية والانتحار والخمر والمخدرات والجريمة والانحلال والمسخ الذي يشوه الفطرة، والهبوط الخلقي والفكري والروحي في كل ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. على مستوى الأفراد والجماعات والشعوب والدول كلها على السواء! وتحول الإنسان إلى آلة للإنتاج المادي في صباحه)47
التاريخ الإسلامي حافل بأشكال الحكم: (ومن مقتضيات اللامركزية هو أن تكون السلطات المحلية متمتعة بالاستقلال الإداري والاقتصادي والخدمي عن المركز. وتفعيل دور الكومونات والتعاونيات والبلديات المحلية. اللامركزية تعني مشاركة أكبر عدد ممكن من الناس في صنع القرار والتفاعل والمشاركة) 48
من آفات النظام المركزي أنه يعرقل عملية الإدارة الاجتماعية (شهد عصر الخلافة الراشدية تحولات جمة في المفاهيم وخارطة النفوذ الإسلامي في المنطقة آنذاك، وكانت المناطق الداخلة تحت النفوذ الإسلامي بالأطراف تتمتع بحكمها الذاتي، بالإضافة لدفع الضرائب من قِبل غير المسلمين. فكانت الأقاليم أو ما كانت تسمى الولايات تدار من قِبل والي يعينه الخليفة، وتدار الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والإدارية بالتداخل مع الحفاظ على المبادئ العامة للشريعة الإسلامية ولكن هذه المطالب أجهضت بمؤامرات دولية محبوكة، ورجحت كفة الدولة القومية الأتاتوركية الشعب الجمهوري، والبعثية العروبية عفلق والحوراني وغيرهم على الميول الديمقراطية) 50.
الحكم اللامركزي: (الثورات المعاصرة الفرنسية والأمريكية والروسية وغيرها، كانت تحمل الطابع الديمقراطية ضد الاستبداد الإمبراطوري المركزي. وبعد إعدام لويس السادس عشر باشر الفرنسيون فوراً ببناء مجالسهم وإدارتهم الذاتية الديمقراطية وما الثورة الفرنسية الرابعة وتتويجها بكومونة باريس سوى أهم الأمثلة على الميول الديمقراطية واللامركزية للثورات)51.
الكونفدرالية السويسرية نموذج في مجال التعدد الثقافي(تتألف الكونفدرالية السويسرية من 26 مقاطعة شبه مستقلة، وتؤمن بالتعدد الثقافي واللغوي ضمن إطار الأمة القانونية، لا يجوز التمييز بين الناس بسبب الأصل أو العرق أو الجنس أو العمر أو اللغة أو الوضع الاجتماعي أو طريقة الحياة أو الاعتقاد الديني أو الفلسفي أو السياسي ولا بسبب الإعاقة البدنية أو العقلية أو النفسية)53
المبحث الثاني: العلمنة والإصلاح الديني
العلمانية هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها وتقول دائرة المعارف الأمريكية: الدنيوية هي: نظام أخلاقي أسس على مبادئ الأخلاق الطبيعية ومستقل عن الديانات السماوية أو القوى الخارقة للطبيعة...والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو فصل الدين عن الدولة)54
والعلمانية في الاصطلاح:(هي دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، وتعنى في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهى اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم والمذهب العلمي...
ولاشك أن كلمة العلمانية اصطلاح جاهلي غربي يشير إلى انتصار العلم على الكنيسة النصرانية التي حاربت التطور باسم الدين، ومن هذا يتضح لنا أنه لا علاقة لكلمة العلمانية بالعلم، وإنما علاقتها قائمة بالدين على أساس سلبي وهو نفي الدين عن مجالات الحياة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية الخ ، وقد أدرك أعداء الإسلام أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بما قرراه من تشريع هما مصدر قوة المسلمين)( الرحيلي، 1422 هـ ص335)55
العلمانية ظهرت في أوروبا نتيجة لظروف خاصة بعضها يتعلق بالكنيسة وديانتها المحرفة، وطغيانها الأعمى في شتى المجالات الدينية والاقتصادية والسياسية، وبعضها يتعلق بتعاليم النصرانية و ما يلاحظ في دين أوروبا هو التحريف الذي أصاب العقيدة والشريعة. عقيدة التثليث المضطربة، والأناجيل المحرفة والمتناقضة، ثم النظرة القاصرة التي فصلت الدين عن الدولة والحياة، وحصرته في الأديرة والكنائس، والإسلام هو عقيدة، وشريعة دين ودولة، حيث وضع نظاماً كاملاً ومحدداً لكل شأن من شئون الحياة)( الرحيلي، 1422 هـ ص335)56
بدأت فكرة العلمانية تغزو العالم الإسلامي( منذ أكثر من قرن من الزمان لكنها لم تتمكن إلا في بداية القرن العشرين الميلادي، حين طبقت على مستوى الدولة على أنقاض الخلافة العثمانية ثم سرت إلى أكثر بلدان العالم الإسلامي وكانت هناك عدة عوامل رئيسية ساعدت على ظهور انتقال العلمانية إلى العالم الإسلامي)( الرحيلي، 1422هـ ص374)57
المطلب الأول: العلمانية
حكم الإسلام من العلمانية: (إن الإسلام جاء عقيدة تنظم علاقة الناس بربهم، وشريعة تدير جميع شئون الحياة كلها، والدين عند الله تعإلى هو الإسلام، والإسلام كما يدلُّ عليه اسمه هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، وقد شملت أوامر الله ونواهيه الحياة بأسرها، فليس هناك جانب من جوانب الحياة أو شيء من نظمها إلا ولله تعإلى فيه حكم، فحياتنا العقدية، والاجتماعية، والتربوية والاقتصادية، والسياسية، وضع لنا أصول التعامل فيها، وفصل لنا بعض جوانبها تفصيلا)( الرحيلي، -1422 هـ ص394)58
ويمكن إيضاح وبيان حكم الإسلام من العلمانية كما يلي:
1- العلمانية من الجانب العقدي تعني التنكر للدين وعدم الإيمان به، وترك العمل بأحكامه، وحدوده، وهذا كفر صريح.
2- العلمانية في الجانب التشريعي تعني فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدين عن الحياة كلها، وهذا يعني الحكم بغير ما أنزل الله.
وقد فصل علماء العقيدة الحكم بهذا على النحو التالي:
أ- إذا وقع الحكم بغير ما أنزل الله تعإلى والحاكم (سواء أكان فرداً أم مجموعة) يرى أن حكم الله غير صالح أو غير جدير، أو أن حكم القوانين أصلح وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس ... أو اعتقد أن حكم القوانين مساوية لحكم الله ورسوله، أو اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله ونحو ذلك فهو كفر اعتقاد مخرج عن الملة، وهو من نواقض الإسلام)59
استطاعت الرأسمالية (الجديدة وعلى مدى نصف قرن من الزمن القريب من توظيف نمط مستحدث من ادارة سياسات العولمة وهي العولمة الموازية parallel globalisation ذلك بإجراء تطبيقات واسعة لها في محيط العالم الرأسمالي عموما والشرقي منه خصوصاً، فإشاعة حروب أيدولوجية متطرفة تفكيكية دموية عابرة للسيادة جاءت هي الأخرى لتمهد سبل تغلغل الاسواق المتروبوليتانية نحو أطراف العالم او محيطه world periphery الذي ظلت تتنازعه بقايا الحرب الباردة )60
إن ادوات التطرف الديني وتوحش الممارسات بأنماطها التي اتسمت بالغلو جاءت لتخدم غرضين ،الأول فناء الإيديولوجيات الأصولية والتخلص منها ذلك بتمكينها بكيانات سياسية موازية موقته تطلق من خلالها نماذج توحشها وهي الدولة الايديولوجية المتطرفة)61
فإن استخدام عصر تسوده أيديولوجيات متطرفة قامت على سفك الدماء وتعظيم الحروب الأهلية التفكيكية يأتي لتليين اطراف العالم وفتح اسواقه وقبول نمط استهلاكي وطرازات عيش بقيم جديدة لاحقة تمهد الطريق لقبول عصر القطب الواحد وسيادة السوق المتروبوليتاني ورفض الدولة الأمة في محيط العالم السياسي، فالتطرف الإيديولوجي هو السلاح الذاتي المتاح للرأسمالية المركزية المعاصرة لتفكيك اطراف العالم باستعمال القوى التكفيرية المتشددة من داخل مجتمعاتها كقوى تدميرية )62 استخدام التطرف الإيديولوجي المنغلق للمجتمعات العصر الإيديولوجي الناعم للعولمة global soft ideology )63
المطلب الثاني: الإصلاح الديني وأثره الفكري على المجتمع
الإصلاح الديني يعبر عن القدرة على النظر في المقاصد الدينية والعقيدة والشريعة، ومناقشتها من منطلق الخلفية الإسلامية، وجمع بين أصول الدين، فكان للإصلاح الديني محاولات عديدة، منذ إقبال والكواكبي ورشيد رضا والنورسي وابن نبي والفاروقي وغيرهم
يرى المفكر محمد إقبال: (...أن العالم اليوم قد أصبح مفتقرا إلى تجديد سيكلوجي والدين هو في أسمى مظاهره وهو المظهر الصوفي ليس عقيدة فحسب، أو كهنوتا، أو شعيرة من شعائر، بل هو وحده القادر على إعداد الإنسان العصري إعدادا خلقيا يؤهله لتحمل التبعة العظمى التي لا بد من أن يتمخض عنها تقدم العلم الحديث ويشير المفكر إلى الإنسانية اليوم تحتاج إلى ثلاثة أمور وهي:
- تأويل الكون تأويلا روحيا.
- وتحرير روح الفرد.
- ووضع مبادئ أساسية ذات أهمية عالمية توجه تطور المجتمع الإنساني على أساس روحي
الفكرة الإصلاحية في فكر الشيخ محمد إقبال: (فعلى المسلم اليوم أن يقدر موقفه في آخر هذا النص تكمن فكرته الإصلاحية، فليست فكرته الإصلاحية شيئا أكثر من محاولة لإعادة بناء الحياة الاجتماعية الإسلامية على مبادئ الإسلام نفسه، ما كان معروفا منها بالضرورة، وما يصح أن يتفقه فيه. كما تكمن الغاية من هذه الفكرة الإصلاحية، وهي تلك الديمقراطية الروحية التي تقوم على الاعتداد بذات الفرد، وسيطرته على الطبيعة والواقع، وإدراكه لحقيقة أصل وجوده، وهو الله جل شأنه)64
صفة المسلم اليوم عند المفكر إقبال(إن المسلم القوي الذي نشأته الصحراء، وأحكمته رياحها الهوجاء، أضعفته رياح العجم فصار فيها كالناي نحولا ونواحا!! وإن الذي كان يذبح الليث كالشاة، تهاب وطء النملة رجلاه!! والذي كان تكبيره يذيب الأحجار، انقلب رجلا من صفير الأطيار!! والذي هزأ عزمه من شم الجبال، غل يديه ورجليه بأوهام الاتكال!! والذي كان ضربه في رقاب الأعداء، صار يضرب صدره في اللأواء!! والذي نقشت قدمه على الأرض ثورة، كسرت رجلاه عكوفا في الخلوة!! والذي كان يمضي على الدهر حكمه، ويقف الملوك على بابه، رضي من السعي بالقنوع، ولذا له الاستجداء والخشوع)65
تقوم فكرة محمد إقبال الإصلاحية الواقعية: على عنصرين أساسيين: تغيير مفهوم عالم الطبيعة أو الواقع، أو بعبارة أخرى رد هذا المفهوم إلى ما اعتبره المسلمون الأول من كون عالم الطبيعة مجالا لحركة الإنسان وسعيه ومعرفته، وشرح بعض المبادئ الإسلامية: كختم الرسالة والتوحيد والاجتهاد على أنها عوامل تدفع الإنسان إلى الحركة والسعي في هذا العالم الواقعي، وإذن يبغي إقبال من إصلاح الفكر الديني في الإسلام)66
إحياء التدين الإسلامي: (إحياء التدين الإسلامي يتم تمامه بإحياء فلسفته، تفاديا لأزمة التطبيقات للدين وأولويته للاعتراف بالهوية الإسلامية داخل الديباج الغربي يقول الفيلسوف الفرنسي بروكنار في مقال له أثار ضجة إعلامية مستنكراً مؤامرة الدعوات المناهضة للإسلاموفوبيا لمنع حركة النقد للإسلام وداخل الإسلام، ومعنوناً ذلك بـ( مساومة الإسلاموفوبيا) لم يعد بالإمكان المساس بالإسلام، إذ نقده أو التشكيك فيه هو دلالة على العنصرية... لو كان فولتير حيًّا بيننا لألقى به هؤلاء دعاة مناهضة العنصرية في السجن!) 67
بدأت الدعوة للتسامح والتعايش السلمي في المجال الأوروبي في القرن السابع عشر ( وقد أُريد به الخروج من النزاعات ذات المظاهر الدينية بداخل المسيحية، فإلى وقف الاضطهاد ضد اليهود. لكنْ في القرون اللاحقة، وبخاصةٍ في القرن العشرين، تطور المفهوم لدى المفكرين ولدى الجمهور لتجاوُز النزاعات من شتى الأنواع، للخروج من التعصب، والاعتراف بحق الاختلاف، وإقرار التعددية في الثقافة والسياسة والعلاقات الإنسانية)(نخبة من العلماء والمثقفين،2022 : 14)68
وأن دعوة المسلمين واحدة ولا يجوز التعصب ولا التكفير بينهم، وظاهرة التطرف تغطي بأشكالها العديدة من الأحداث السياسية والدينية و الهُويات والقوميات، فالتسامح (إنَّ التواصل والتداخل في الفكر العالمي بين المفاهيم، في زمن يتيح الاقتران والتشارُك بين مقتضيات التعايش والتعارف من جهة، ويفتح الآفاق على فُرَصٍ وإمكانياتٍ المشاركة في فكر العالم وحضارته وثقافاته المتجددة، من خلال تجديد النظر في رؤية مفاهيم الكبرى، من جهةٍ نحن محتاجون بشدة للتعايش والتسامح في مفاهيم وممارسات في العلاقات الداخلية والنظرة إلى الآخر)( نخبة من العلماء والمثقفين، 2022 ص14)69
والتعايُشُ الاجتماعي يعني أنَّ (المجتمع يعيش أهلُهُ في وئَامٍ، رغم تَعدُّد فئاتهم، وأَعراقُهم، وأَديانهم، ومَصالحهم، ويقوم التعايش على احترام الآخرين وحرياتهم والوعي بالاختلافات بين الأفراد والجماعات والقَبول بها، وتقدير التنوع الثقافي، ولأن التعايش هو تفاعلٌ بين طرفين وأكثر، فهو يعني استعداداً من عدة أطراف لتطوير عيشٍ مشتركٍ يسوده الحوار والتفاهم)( نخبة من العلماء والمثقفين، 2022 ص892)70
ترويج الشبهة في الديانات عبر تأويل فاسد: (يتم الترويج لشبهة ، فحواها أن الإسلام يحتكر شرعية الإيمان باللَّه ،فإن التعريف العام للإسلام يكون الإيمان بجميع رسل اللَّه وأنبيائه، وعدم التفريق بينهم وهذا أمر جوهري في العلاقات الإيمانية والإيمان برسالات اللَّه جميعاً التي حملها الرسل والأنبياء، ويشكل بالتالي أساساً لعلاقات تسامح مع أهل العقائد العديدة الأخرى)(نفس المرجع، ص907)71
لكن الغلو والتطرف يحدث الكراهية بين المجتمعات البشرية بمختلِف ألوانها الدينية والثقافية لكن التسامح والتعايش( يمهد أرضيةً مثل للحوار والتفاهم بين الأمم والشعوب، ويحقق الاستقرار والأمن الاجتماعي، ويشكل حاجزاً حصيناً ضد كل نزعات العنصرية والتمييز)(نفس المرجع، ص910)72
ونحن في وقت الراهن أصبح التطرف منتشرا في أرجاء المعمورة ويعبر عن (التشدد والشطط في المعتقدات والمواقف والتصرفات، وهي كل فكر أو عمل أو سلوك يتبناه شخص ما ويبالغ فيه ويفتقر إلى سند علمي أو ديني أو أخلاقي، ومما يزيدها جلاءً وقوعُها في مصفوفةٍ من المصطلحات المتآخية دلاليا)(نفس المرجع، ص91)73
والتطرف أنواع وأطياف منها: (التطرف الفكري والسلوكي، الذي يعني المبالغة في تبني آراء ومعتقدات تكون غالباً أكثر انزياحاً ونتوءاً عن المعيار المشترك المتعارف عليه بين أبناء المجتمع من حيث القواعد والأطر الفكرية والثقافية والقيم والمسلكيات، ومنها: التطرف العملي الذي يعني اتباع المناهج العنيفة)( نفس المرجع ص50)74
خطاب المتطرف عند المسلمين (هو الأشد وطأةً والأكثر ذكراً وتدويلاً، فسيكون التركيز عليه نشأةً، وخلفية نظرية، وطرائق عمل، ونتائج، ويمكن تعريف هذا الخطاب بأنه تنظيرٌ شرعيٌ يعتمده قائله ويبتعد عن الوسطية إحدى أهم خصائص الإسلام ويغالي في الدين) (نفس المرجع، ص 51)75
موقف المفكرين من التطرف: (وكان موقف المفكرين من التطرف مواجهةً وإدانة صريحة فمنعوا المسارعة للتكفير، كما حذروا من كل ما يؤدي إلى إثارة الشحناء والبغضاء، فنهوا عن الغلو الذي يعني مجاوزة الحد في الشيء، وبيَّنوا سوء عاقبته من ظلم الناس والتسلط عليهم سواء من أهل الملة أو من الأمم الأخرى، وعدم التعصب) (نفس المرجع، ص25)76
ينبغي للمسلم أن يلتزم بالوسطية والرفق والعدل في مختلف مواقفه ( ووضع أسساً وقواعد للتعامل مع المخطئ والمسيء بغض النظر عن دينه وجنسه، وحرّم سب الناس)(نفس المرجع، ص20)77
الحضارة في الأزمنة المعاصرة: وحسْب فصل الدين عن الدولة واعتبار أنّ الدين كاملٌ ولا يحتاج إلى إضافاتٍ من خارجه)78
أسس دعوة الشيخ محمد عبده ورأي طه حسين:
كان الشيخ محمد عبده فيمن دعا الأمة المصرية إلى معرفة حقها على حاكمها، بعضها مما غرز في طبعه وشيء منها مما دار حوله، صورة أهداف تفكير الشيخ محمد عبده، يرتفع صوته بالدعوة إلى أمرين عظيمين:
الأول: تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، وقد خالفت في الدعوة إليه رأي الفئتين العظيمتين اللتين يتركب منها جسم الأمة: طلال علوم الدين ومن على شاكلتهم، وطلاب فنون هذا العصر ومن هو في ناحيتهم
أما الأمر الثاني: فهو إصلاح اللغة العربية، وهناك أمر آخر: كنت من دعاته، والناس جميعا في عمى عنه، وبعد عن تعقله، ولكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه، وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب، وما للشعب من حق العدالة على الحكومة)(محمد البهي، بدون ت ص97)79
محمد عبده في طريق جمال الدين: سار الشيخ محمد عبده في حركته الفكرية، في نفس الطريق الذي سلكه جمال الدين الأفغاني، واعتمد على نفس السند الذي اعتمد عليه أستاذه من قبل، ويعبر الشيخ محمد عبده واحد من أولئكم الزعماء الذين وصفوا بالزعماء الوطنيين، وهم في واقع الأمر زعماء مقاومة الاستعمار الغربي، ومعارضة النفوذ الأجنبي في دائرة العالم الإسلامي العربي!! )(محمد البهي، بدون ت ص98)8
الشيخ محمد عبده، ومصطفى كامل:(الشيخ محمد عبده، له مدرسة، وله أتباع وتلاميذ، كما عرف لـمصطفى كامل أنصار وأشياع، ولكن هذا الفصل بين الجانبين، يرجع إلى تنظيم الجهود الوطنية في مقاومة الاستعمار الغربي، أكثر من أن يهدف إلى تحديد مناطق نفوذ بأن تكون للدين منطقته وللسياسة منطقتها، ولم يعرف لأي اتجاه قومي أصيل في العالم العربي خاصة، منذ أخريات حياة الشيخ محمد عبده حتى الآن، أنه يحاول قصر الإسلام على ضمير الفرد وإبعاده من علاقة الفرد بالفرد في الجماعة، أو في علاقة الأفراد بالدولة، أو في علاقة الدول بعضها ببعض)(محمد البهي، بدون ت ص98) 81
وكان للصحافة دور في تغيير البيئة الاجتماعية المرتبطة بالحياة الفكرية مثلا مسألة حجاب المرأة وتحريرها، وفض الحجاب عنها، أثارها المقالات الصحفية وفي مقدمة الداعين إلى ذلك (قاسم أمين أحد تلاميذ الأستاذ الإمام، الذي ينطلق كتابه تحرير المرأة سنة 1899 م )( حسين، بدون : 48 )82
صورة الحجاب عند قاسم أمين يشبه ( مجتمع تقليدي متأثر بعصور الانحطاط لا يتحسن إلا بالتربية، أنه لا يُمكنُ المرأة من أن تمارس حقوقها وتقوم بدورها في المجتمع من غير تعليم، إذ أن المرأة لا تكون كاملة ما لم تتصرف بنفسها) ( حسين، بدون : 48 )83
والصحافة كانت ترمي إلى هدف معين، فكانت(فكرة الحضارة الأوروبية من جهةٍ، وفكرة الجامعة الإسلامية من جهة ثانية، وذلك بعد أن تركت كل من هاتين الفكرتين آثارا عميقة في الرأي العام) ( حسين، بدون ت : 46) 84
طه حسين والأزهر :(كانت الأسباب النفسية قد تقطعت بين طه حسين وبين الأزهر حين استيأس من الأساتذة وساء ظنه بالشيوخ، وأحس أن الذين بكوا الشيخ صادقين، لم يكونوا من أصحاب العمائم، وإنما كانوا من أصحاب الطرابيش، فوجد في نفسه ميلا إلى أن يقترب من أصحاب الطرابيش هؤلاء وهم الذين نسب إليهم أنهم من أتباع الشيخ محمد عبده)( حسين، بدون : 64)
ظاهرة الانتماء المذهبي: وطه حسين الصحفي( نجد إعجابه بشخصية مصطفى كامل الذي جعله أحد ثلاثة تدين مصر لهم بما أتيح لها من اليقظة؛ أولهم: الأستاذ الإمام الذي أحيا الحرية العقلية، والثاني: قاسم أمين الذي أحيا الحرية الاجتماعية، أما مصطفى كامل فهو الذي أذكى جذوة الحرية السياسية الأمر الذي يكشف عن اتجاه سياسي حماسي في بيئة التكوين الصحفي لطه حسين، متطرفٌ في عداوته للاحتلال)( حسين، بدون: 48 )85
ارتباط طه حسين بصحيفة حزب الأمة: ارتباط طه حسين بصحيفة حزب الأمة ( إنما يجيء من خلال التيار الفكري ذلك أنه ارتبط بمدرسة الجريدة واتجاهاتها الفكرية الداعية إلى تعقيل الحياة المصرية، وإلى التنوير والحرية، وتجديد شباب مصر بمقومات الحضارة الحديثة، ونجد عند دراسة مقالاته في الجريدة تعبيرا عن اتجاهات التجديد التي ذهبت إليها مدرستها الفكرية، الأمر الذي يفتح أمامه أبواب التجديد على مصاريعها) ( حسين، بدون : 65 )86
وفي ذلك العهد كان طه حسين يكتب( في هذه البيئة الأولى قصائد كثيرة يدافع فيها عن الجلاء والاستقلال وبعض القضايا الوطنية، نشر معظمها في صحف الحزب الوطني، ومن نماذج تلك القصائد ما نشره في سنة 1909 تحت عنوان: هم جائش حينما عرضت حكومة بطرس غالي على مجلس الشورى مد امتياز قناة السويس ومطلعها:
تيمموا غير وادي النيل وانتجعوا فليس في مصر للأطماع متسع
كفوا مطامعكم عنا، أليس لكم مما جنيتم وما تجنونه شبع
وفي قصيدة أخرى يخاطب العام الهجري الجديد، يقول:
كن أنت بعد أخيك خير هلال وأضئ لمصر سبيل الاستقلال
ومن هذه النماذج يبين لنا تمثل طه حسين المبكر للاتجاهات السياسية التي كان يعبر عنها المقال الصحفي في اللواء ومصر الفتاة وغيرها من صحف الحزب الوطني، ولكن طه حسين مع ذلك ظل محتفظا بخلافاته الفكرية مع الحزب الوطني، ومن ذلك أنه حين يتناول موضوع المرأة وما تلاقيه من إهمال، يتبنى آراء قاسم أمين التي عنيت بها الجريدة) ( حسين، بدون : 6)87
المواجهة الفكرية لها نفس الظاهرة في أن الإسلام أعطى للمرأة حريتها فلا حرية بعد الإسلام ، فالمواجهة الفكرية تكمن في الحرية التي يدعيها قاسم أمين وغيره، فانقسم الناس في هذه المسألة إلى محافظ ومعتدل، فمسألة نفس الانقسام نحو حجاب المرأة.
وقد اختلف مصطفى كامل مع الشيخ محمد عبده فترة من الوقت: ولكن لم يكن مرجع هذا الاختلاف إلى أن الشيخ عبده كان يدعو إلى التمسك بالإسلام ويدعو إلى العودة للقرآن على نحو ما دعا؛ بل لأنه توفر على ما سماه بـالإصلاح الديني، وابتعد كلية عن الإسهام في التنوير السياسي العالي)(محمد البهي، بدون ت ص99) 88
المواجهة الفكرية هنا: أن بعض المسلمين لا يخضعون لهذه الحريات بنصوص متعددة من القرآن والسنة وأقوال السلف، وأن الدين الإسلام دين كامل لا يحتاج إلى تغيير أو تعديل تاريخ الاتجاهات الفكرية داخل العالم العربي في النصف الأول من القرن العشرين أن هناك على الأقل بين النشاطين: القومي السياسي في الحركات الإسلامية لمقاومة الاستعمار الغربي بعد جمال الدين الأفغاني، بتأثير من جمال الدين نفسه، فإن الشيخ محمد عبده بتوفره على ما عرف منسوبا إليه باسم الإصلاح الديني قد خلق مدرسة.. مدرسة فكرية، ودينية، وعلمية، وتربوية تتجه لمقاومة الاستعمار الغربي نفسه اتجاها غير مباشر، ولا تقل وزنا في تحقيق هذا الهدف عن ذلك النشاط القومي السياسي) (محمد البهي، بدون ت ص100)89
بيئة الشيخ محمد عبده (عرفت قريته بأنها مثل من الأمثلة العديدة لمستوى الحياة المصرية الخالصة، وهي حياة الكادحين المكروبين المستذلين، والمؤمنين بالله، الذي يرون في الآخرة العوض لهم عن حياتهم الحاضرة نشأ الشيخ عبده في هذا الجو)( (محمد البهي، بدون ت ص101 )90
مكونات فكره الإسلامي الاحتكام إلى القرآن والسنة الصحيحة، (ثم تقدير للثقافة الإسلامية القائمة في الأزهر وفي داخل الاتجاه السياسي القومي الذي يعد متوازيا مع اتجاه الإصلاح الديني، إذ كلاهما يهدف إلى مقاومة الاستعمار الغربي)(محمد البهي، بدون ت ص155)91
يقول المستشرق الإنجليزي جب في تحديد هذين الاتجاهين: إن النتائج التي أعقبت نشاط الشيخ عبده اتجهت بعده إلى اتجاهين متقابلين: فمن جانب نشأ محيط مدني في التفكير: صور على أنه التجديد وهو يقوم على الاحتفاظ بالعقيدة الإسلامية، ولكنه متأثر في قوة بالأفكار الغربية.. والمثل التقدمي لهذا التجديد يميل إلى العلمانية التي تهدف إلى فصل الدين عن الدولة، والاستعاضة بالنظام الغربي للقانون عن الشريعة الإسلامية، وقد طبقت مبادئ العلمانية في تركيا بعد إلغاء الخلافة العثمانية في سنة 1924م ! )(محمد البهي، بدون ت ص156)92
فتجديد الفكر في المجتمع الإسلامي دعوة إلى مسايرة الأوروبيين في تفكيرهم وفي خطواتهم في الحياة، وفي فصل الدين عن السياسة، وفي إبعاد الدين واللغة عن مجال الترابط ، ومن المحقق أن تطور الحياة الإنسانية قد قضى منذ عهد بعيد بأن وحدة الدين، ووحدة اللغة لا تصلحان أساسا للوحدة السياسية) (محمد البهي، بدون ت ص157)93
الزعيم الإسلامي في الهند، السير سيد أحمد خان كما يمثلها من العقائد الإسلامية التي جدت -كأثر لتوجيه الاستعمار الغربي- مذهبا القاديانية والأحمدية في الهند أيضا)(محمد البهي، بدون ت : 43)94
وينطوي عمل الدارسين للإسلام من المستشرقين على نزعتين رئيسيتين:
- النزعة الأولى: تمكين الاستعمار الغربي في البلاد الإسلامية، وتمهيد النفوس بين سكان هذه البلاد لقبول النفوذ الأوربي والرضاء بولايته.
- النزعة الثانية: الروح الصليبية في دراسة الإسلام، تلك النزعة التي لبست ثوب البحث العلمي، وطلاها خدمة الغاية الإنسانية المشتركة
النزعة الأولى: النزعة من حماية الاستعمار، أما مظهر النزعة الأولى فيتجلى:
أولا: في إضعاف القيم الإسلامية.
ثانيا: في تمجيد القيم الغربية المسيحية.
- وإضعاف القيم الإسلامية: عن طريق شرح تعاليم الإسلام ومبادئه شرحا يضعف في المسلم تمسكه بالإسلام، ويقوي في نفسه الشك فيه كدين، أو على الأقل كمنهج سلوكي يتفق وطبيعة الحياة القائمة، فهذا رينان الفرنسي ، يصور عقيدة التوحيد في الإسلام بأنها عقيدة تؤدي إلى حيرة المسلم، كما تحط به كإنسان إلى أسفل الدرك) (محمد البهي، ص 43)95
أما الأولى الديانة الربانية: في الديانة المسيحية الوارثة بلا وساطة آثار الآريين والمقطوعة الصلات بالمرة مع مذهب السامية وإن كانت مشتقة منه وغصنا من دوحته، ومن خصائص هذه الديانة المسيحية ترقية شأن الإنسان بتقريبه من الحضرة الإلهية)(محمد البهي، ص 44)96
الجهاد الإسلامي: (فهو عند هؤلاء فكرة الاعتداء نفسها، أعطاها الإسلام صبغة شرعية ودينية، كي يدفع بها السلم لمهاجمة غير المسلم في وقت أمن فيه على نفسه وعرضه وماله! إنها فكرة الغدر أو تشجيع العدوان، ولهذا الشرح أثر سيئ إلى أقصى حد في علاقة الشعوب الغربية بالمسلمين)(محمد البهي، ص 47)97
ولكن المستشرقين عندما وقفوا على هذه الفكرة ورأوا أثرها الإيجابي في حياة الجماعة الإسلامية المقبلة لو سارت في طريقها الصحيح المرسوم لها، مالوا بها عن هذا الطريق، وشرحوها بأن معنى العودة إلى القرآن وإلى عصر الصحابة الأول -رضوان الله عليهم- هو الرجوع إلى الحياة البدائية التي كانت للجماعة الإسلامية الأولى: فهي عندهم ليست سوى جماعة بدائية! ثم تراهم، ينكرون على من يقول بهذه الفكرة أن يدعو إلى الإصلاح، إذ الإصلاح في نظرهم هو التطور، هو الأخذ بأساليب المدنية الحديثة والقوانين المعاصرة وأسلوب الحكم الحديث، فإذا طلب إنسان العودة إلى العهد البدائي والأساليب البدائية باسم الإصلاح)(محمد البهي، ص 48)98
فالإسلام في نظرهم ليس واحدا: وإنما هو متعدد، كان واحدا أيام الفترة البدائية -هكذا يقولون- التي نزل فيها الوحي وتوقف فيها المسلمون عن الشرح وسلموا أمرهم لمبدأ التفويض وركزوا جهودهم للإيمان والطاعة، ولكن بعد أن تدخل المسلمون بالشرح، وأدخلوا ثقافتهم القديمة ونزعاتهم الموروثة في شرح القرآن وتعاليم الإسلام)(محمد البهي، ص 49)99
وهذا التصور للمسيحية تأثر هؤلاء في الحكم على الإسلام: بالإضافة إلى الرغبة في إضعاف القيم الإسلامية وتفريق المسلمين، ولذلك لم يروا أن تاريخ الجماعة الإسلامية هو تاريخ لعلاقة المسلمين في أزمنتهم المختلفة بالإسلام الذي تحددت أصوله واستقرت مبادئه بانتهاء الوحي المحمدي: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا
) (محمد البهي، ص 51)100
أما المظهر الآخر لهذه النزعة: وهو مظهر تمجيد القيم الغربية المسيحية في الفكر الإسلامي الحديث نتيجة لصلته بالاستعمار الغربي، وأن تخلف المسلمين في مجال هذه الحضارة دليل على تخلف الإسلام في قيمه ومبادئه، وعلى إذلاله الإنسان، وتقييده في السير في هذه الحياة، طبقا لعقيدة الجبر فيه! ما هي القيم المسيحية ذات الأثر الإيجابي في هذه الحضارة الصناعية؟ أين هذه المبادئ والقيم المسيحية في عرف كثير من هؤلاء العلماء الدارسين للثقافة الإسلامية)(محمد البهي، ص 52)101
النزعة الثانية من حماية الاستعمار: أما النزعة الثانية في دراسة الغربيين للإسلام والثقافة الإسلامية، وهي تأكيد الروح الصليبية فتتضح أيما وضوح في كتابة المستشرقين الفرنسيين! فكتاباتهم لا تنبئ فحسب عن ميل لإضعاف المسلمين، بل تنم عن حقد على المسلمين، وعن سخرية وتهكم برسول الله -صلى الله عليه وسلم، ورسالته الإلهية)(محمد البهي، ص 55)102
النقد النظري: فيعرض لمثالب العناصر الفكرية أو المذهبية التي تعين الاستعمار في استعماره: نرى نقدا لحركة السيد أحمد خان، ونقدا آخر للقاديانية، ونقدا ثالثا للاستشراق الغربي الذي ألبس ثوب العلم. ونرى الناقدين لهذه العناصر يضعون منهجا فكريا آخر لتقوية المسلمين في معارضتهم للاستعمار، وفي صلتهم بالإسلام ) (محمد البهي، بدون ت ص55)103
حلت العصبيات الشعوبية محل الرباط الإسلامي العام: (وبرزت الحدود والفواصل وخلقت خلقا في الوطن الإسلامي، دون أن تعتمد اعتمادا دقيقا على المكان الجغرافي أو خصائص الجنس، وإنما تعتمد أولا وبالذات على الحدود، المفترضة التي وضعها المستعمر وقواها، حتى يحول دون الترابط النفسي بين الشعوب الإسلامية في الآمال والكفاح قبل أن يحول دون الاختلاط المكاني أو الزمان)(محمد البهي، ص 399)104
المطلب الثالث: التغريب
إيقاظ الوعي الإسلامي:( إيقاظ الوعي الإسلامي الذي صاحب الحركات التحريرية التي قامت بها الشعوب الإسلامية ضد الاستعمار الغربي، وذلك بفضل جمال الدين الأفغاني، الذي تزعم إيقاظ هذا الوعي، والذي ركز نشاطه في رحلاته إلى مصر، والهند وتركيا، وأفغانستان، وبقية البلاد الإسلامية، لإثارة المسلمين بدافع من دينهم لمقاومة المستعمر وعدم التعاون معه من جانب، وتأكيد أواصر الأخوة بينهم بطرح الفوارق المذهبية) (محمد البهي، بدون ت ص 40)105
نظرية كانط في الدين: تقييم نظرية كانط في الدين، كما طرحتها جُلّ كتاباته وأعماله المحسوبة على المدرج الديني الثيولوجي، الذي سيسترجع من خلاله "مقول المقدّس والديني واللاهوتي")106
كانط تشبّع بروح التربية التقوية البروتستانتية، المرتكزة على عبادة الأفئدة النّقية والسّلوك الإتيقي القويم ودين السّيرة الحسنة، كما كان لحركة الإصلاح البروتستانتي التي قام بها المصلح الألماني «مارتن لوثر» حظوتهــا وقيمتها في التأسيس لمخيال كانط اللاهوتي الديني، مروراً بالنّزعة الإنسانوية النّهضوية التي جعلت من الإنسان مركزاً للكونية ) 107
فما كان من كانط إلا أن أجاب بكل لباقة على المرسوم الملكي قائلاً: (إنّي باعتباري مربّي الشباب، والمشرف على دروسهم الأكاديمية لم أتطاول بأي نقد للكتاب المقدّس ولا للمســيحية، وإنّي لم أشكك في دين الدولة) 108
ويقول كانط في موضع آخر من كتابه «الدين في حدود مجرد العقل: (يكفي من أجل حذق هذا الكتاب في ماهيته الجوهرية، أن يكون للإنسان مجرّد الأخلاق المشتركة من دون أن يضطره ذلك إلى العودة إلى نقد العقل العملي)109
وهناك الكثير من الدّارسين والفلاسفة تهكموا على موقف كانط الديني: والبعض منهم اتّهمه بالإلحاد وبالخصوص بعض الكانطيين الجدد، وعلى رأسهم «جيل دولوز» الذي اعتبر كانط أول القائلين) 110
أمّا فريديريك نيتشه فيستهتر من مطارحات كانط، إذ يقول في كتابه «عدو المسيح»: (الفضيلة، الواجب، الخير ذاته، الخير بصفات غير شخصانية، بقيمة عمومية، تلك هلوسات يعبّر بها عن الانحطاط، والإرهاق النّهائي في الحياة، ورعاعية كونيجزبرغ)111
ويتهكم مرّة أخرى من كانط فيقول: (هذا العدمي، ذو الأحشاء المسيحية الدوغمائية، قد فهم الفرح معارضة)112
وبعض المفكرين كانوا يصفونه «بكانط المهرطق»، وأنّه العرّاب الحقيقي للإلحاد في شكله المعاصر)113
أمّا موقف دريدا التفكيكي، ففي نص ندوة أشرف عليها «جاك دريدا» مع «جياني فاتيمو» حول «الدين في عالمنا» في جزيرة كابري الإيطالية سنة 1994، نتكنّه تفكيكية متكاملة لكتاب كانط «الدين في حدود مجرد العقل)114
ثم ينحو بنا دريدا إلى تصور آخر لكتاب كانط إذ يقول إنّ الدين المسيحي ينفرد بكونه الدين الأخلاقي بامتياز، وإنّ المسيح هو المثل الأعلى للأخلاق الصّرفة)115
ويقول في موضع آخر من الكتاب: (هل نحن مستعدّون لتقدير مقتضيات ونتائج الأطروحة الكانطية)116
كما نجد في المقابل من ذلك من أشاد بموقف كانط الديني وبجّله، ولنا أن نستحضر في مخيالنا ههنا ما كتبه أحد المعجبين)117
بل هناك من تندّر باسم كانط ولقبّه بعيمانوئيل الثاني، وقد قارنه أحباؤه بالمسيح ذاته، ووصفوه بالمنقذ والمخلّص الموعود.)58 والذي يهمّنا ههنا هو موقف كانط من الدين الإسلامي، (وإنّ المحمّديين إنما يعرفون كيف يمنحون فردوسهم المرسوم بكل شهوة حسّية معنى روحياً جدّاً حقّاً)118
كما يعلّق كانط على الإسلام قائلاً: (أمّا دين محمد فهو يتميّز بالكبرياء، إذ بدلاً من المعجزات، هو قد وجد التأييد الخاص بإيمانه في الانتصارات، وفي قهر الشعوب الأخرى، وطقوس عبادته كلّها من نوع شجاع)119
(إنّ المهمة المركزية للفلسفة القادمة هي أن ترتقي بالحدوس الأكثر عمقاً، التي تستمدّها من عصرها، ومن استشعارها لمستقبل عظيم لمجال المعرفة، وهذا من خلال ردّها إلى النّسق الفلسفي الكانطي)120
يقول كانط: (الإيمان الجديد غير المرتبط بشرائع الإيمان القديم، ولا بأية شرائع عامة، إنما ينبغي أن يتضمن ديناً يكون صالحاً للعالم، وليس لشعب وحيد بعينه)121
(لذلك على الهيئات المسؤولة داخل الدولة ألّا تتدخل في مسائل الضمير، لأنّ المعتقد ليس مشكلاً قانونياً تابعاً للشرعية، وأن تسمح للبشر بأن يواصلوا التطور الحرّ للاستعدادات الإلهية لما هو أفضل للعالم في أنفسهم)122
إنّ العدو الحقيقي ضد فكرة الدّين، وبالخصوص ديننا الإسلامي الحنيف (إنّ كل حروب الأديان حمقاء) 123
رعاية النظام الديمقراطي وقوانين المساواة دون المساس بالحقوق الأساسية للأفراد، وبالتالي يتسنى لنا تشكيل ديمقراطية تشاورية ترعى مطالب التعدد الثقافي والديني في محاولة تجمع بين الحداثة والحفاظ على الهوية)124
يذهب هابرماس( إلى المراهنة على اختفاء الدين بصورة تدريجية، وأنه سينقرض في كل أنحاء العالم، وذلك على إثر هذه الحداثة المتسارعة، وفوق كل ذلك تتجلى ثلاثة تمظهرات متطابقة تجتمع لخلق الانطباع عن ظهور عالمي جديد للدّين)125
لا يمكن أن تتم في ظلّ سيادة الخوف والاضطهاد)126
فكما أنّ تاريخ البشرية جمعاء هو عبارة عن سياقات متلاحمة تمظهرت من خلالها الإنسانية كتعددية واختلاف)127

المبحث الثالث: الغزو الفكري في ظل الاستعمار الغربي
الغزو الفكري وهو مصطلح مركب من كلمتين هما: الغزو: يقال: غزاه غزواً: أراده وطلبه وقصده وغزا العدو غزواً وغزواناً أي سار إلى قتالهم وانتهابهم في ديارهم، ومعنى الغزو في اللغة: قصد الشيء وإرادته وطلبه. والفكري: الفكر إعمال النظر أو إعمال الخاطر في الشيء، والتفكر التأمل، والفكر هو إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول) (الرحيلي، 1424ه ص 337)128 الغزو الفكري: (هو أن تتخذ أمة من الأمم مناهج التربية والتعليم لدولة من هذه الدول الكبيرة، فتطبقها على أبنائها وأجيالها، فتشوه بذلك فكرهم وتمسخ عقولهم، وتخرج بهم إلى الحياة، وقد أجادوا بتطبيق هذه المناهج عليهم شيئاً واحداً هو تبعيتهم لأصحاب تلك المناهج الغازية أولاً، ثم يلبس الأمر عليهم بعد ذلك فيحسبون أنهم بذلك على الصواب، ثم يجادلون عما حسبوه صواباً، ويدعون إليه) (الرحيلي، 1424ه ص 338)129
الغزو الفكري بوجه عام: (هو مجموعة الجهود التي تتخذها أمة من الأمم ضد أمة أخرى بهدف التأثير عليها لتوجيهها إلى وجهة معينة، وهو بوجه خاص: مجموعة الجهود التي اتخذها أعداء الإسلام ضد الأمة الإسلامية بقصد التأثير عليها في جميع الميادين التعليمية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية باستخدام الوسائل والأساليب التي يراها مناسبة من أجل صرف المسلمين عن التمسك بعقيدتهم، وأخلاقهم) (الرحيلي، 1424ه ص 339)129
ويرجع كثير من الباحثين أنَّ ملك فرنسا لويس التاسع ـ المذكور ـ وضع خيوط المؤامرة الفكرية الجديدة على الإسلام، ولخصها في الأمور التالية:
1- تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية سلمية تستهدف ذات الغرض، لا فرق بين الحملتين إلا من حيث نوع السلاح الذي يُستخدم في المعركة.
2- تجنيد المبشرين الغربيين في معركة سلمية لمحاربة الإسلام ووقف إنتشاره، ثم القضاء عليه معنوياً، واعتبار هؤلاء المبشرين جنوداً للغرب) (الرحيلي، 1424ه ص 339)130
سار الأوربيون في تنفيذ وصية لويس (وقد سار الأوربيون بالفعل في طريق تنفيذ وصية لويس حيث أعدوا جيوشاً من المستشرقين والمنصرين الذين قاموا بحركة تشويه للإسلام بهدف تشكيك المسلمين فيه، كما قاموا بإنشاء قاعدة نصرانية لهم في لبنان، ويهودية في فلسطين، بالإضافة إلى ما قاموا به من تمزيق وحدة العالم الإسلامي عن طريق إشاعة النعرات العصبية في العالم الإسلامي ) (الرحيلي، 1424ه ص 339)131
الغزو الفكري عند سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة، وهو أخطر من الغزو العسكري؛ لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية، وسلوك المآرب الخفية في بادئ الأمر، فلا تحس به الأمة المغزوة،) (الرحيلي، 1424ه ص 342)132
الغزو الفكري : (تكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس، تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منه أن تكرهه، وهو داء عضال يفتك بالأمم ويُذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها، والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمراً صعباً وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً) (الرحيلي، 1424ه ص 381)133 بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين لبلاد المسلمين (أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأفضل، وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادي وجماعات بالغزو الفكري لناشئة المسلمين لأن الاستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الاستيلاء على الأرض فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يري الكافر له الأمر والنهى في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده ولو دفع في سبيل ذلك حياته وأغلى ثمن لديه)( بن باز، 1403هـ 115)134
المسلم المتعرض للغزو الخبيث صار مريض الفكر عديم الإحساس (وقد استغنى النصارى بالغزو الفكري عن الغزو المادي لأنه أقوي وأثبت من أي حاجة لهم من بعث الجيوش بإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد، وبثمن أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة الضرورية التي تستدعى العجل كما حصل في غزو أوغندا والباكستان، أو عند ما تدعو الحاجة إليها لتثبيت المنطلقات لإقامة الركائز وإيجاد المؤسسات التي تقوم بالحرب الفكرية الضروس كما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها قبل الجلاء) )( بن باز 1403ههـ 116)135
الغزو الشيوعي الإلحادي: فهو اليوم يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ وضعف الإيمان في الأكثرية، وغلبة الجهل وقلة التربية الصحيحة السليمة فقد استطاعت الأحزاب الشيوعية في روسيا والصين وغيرها أن تتلقف كل حاقد وموتور من ضعفاء الإيمان وتجعلهم ركائز في بلادهم ينشرون الإلحاد والفكر الشيوعي الخبيث وتعدهم وتمنيهم بأعلى المناصب والمراتب، فإذا ما وقعوا تحت سيطرتها أحكمت أمرها فيهم وأدبت بعضهم ببعض)( بن باز 1403هـ ص 116)136
وسائل ترويج الأفكار التغريبة: (محاولة الاستيلاء على عقول أبناء المسلمين وترسيخ المفاهيم الغربية فيها لتعتقد أن الطريقة الفضلى هي طريقة الغرب في كل شيء سواء فيما يعتقده من الأديان والنحل أو ما يتكلم به من اللغات أو ما يتحلى به من الأخلاق أو ما هو عليه من عادات وطرائق، ورعايته لطائفة كبيرة من أبناء المسلمين في كل بلد)( بن باز 1403هــ ص 117)137
ومن وسائل الترويج ( الدعوة إلى إفساد المجتمع المسلم وتزهيد المرأة في وظيفتها في الحياة وجعلها تتجاوز الحدود التي حد الله لها وجعل سعادتها في الوقوف عندها وذلك حينما يلقون بين المسلمين الدعوات بأساليب شتى وطرق متعددة إلى أن تختلط النساء بالرجال وإلى أن تشتغل النساء بأعمال الرجال يقصدون من ذلك إفساد المجتمع المسلم والقضاء على الطهر والعفاف الذي يوجد فيه وإقامة قضايا وهمية)( بن باز، 1403هـ ص 117)138
ومن وسائلهم:( إنشاء الكنائس والمعابد وتكثيرها في بلاد المسلمين وصرف الأموال الكثيرة عليها وتزيينها وجعلها بارزة واضحة في أحسن الأماكن وفي أكبر الميادين. وتخصيص إذاعات موجهة تدعو إلى النصرانية وتشيد بأهدافها وتضلل بأفكارها أبناء المسلمين السذج الذين لم يفهموا الإسلام)( بن باز 1403هـ 117)139
اتخذ الغزو الفكري للإسلام والمسلمين في العصر الحديث مظاهر عديدة، واتجهت تياراته في مجاري عمقها صانعوها وزادوا في طولها وعرضها، حتى طافت بالعالم الإسلامي، حاملة إليه السم في العسل، أو الموت فيما يزعمون أنه الدواء، ونستطيع أن نتعرف على تلك المظاهر للغزو الفكري وتياراته في حملات التشويه الموجهة ضد الإسلام في الأمور الآتية:
حملات موجهة لتشويه القرآن الكريم.
حملات موجهة لتشويه السنة النبوية.
حملات موجهة لتشويه شخص الرسول صلى الله عليه وسلم.
حملات موجهة لتشويه التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية.
حملات موجهة لتشويه التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية.
كما نستطيع أن ندرك مظاهر هذا الغزو في حملات التغريب للحضارة الإسلامية وللمسلمين أنفسهم، كتغريب التعليم والثقافة والنظم الاجتماعية والسياسية ولاقتصادية، وتغريب الأخلاق والآداب، ثم تكون قمة التغريب بتغريب اللسان لقطعة من لغة القرآن اللغة العربية الفصحى)( الرحيلي ، 1424ه ص344)140
2.الخطط الاستعمارية للدول الغربية والشرقية المتقدمة صناعياً:
يشمل الخطط الاستعمارية للدول الغربية والشرقية المتقدمة صناعياً، كما يشمل المذاهب والاتجاهات الفكرية المعادية للإسلام، والاستغلال السيء لوسائل الإعلام الحديثة) ( الرحيلي ، 1424ه ص344)141
فعلى المسلمين القيام بعملية الاصلاح التربوي تهدف بالضرورة الي التكيف مع الاوضاع المتجددة والتوظيف الجيد لكل الامكانيات والمعطيات الذاتية والاهتمام بأهداف التربية واغراضها ، وتقيم محتواها تقيما موضوعيا.
أهداف الغزو الفكري أهداف كثيرة من أهمها:
أولاً: اقتلاع العقيدة الإسلامية من قلوب المسلمين، وصرفهم عن التمسك بالإسلام
ثانياً: منع الإسلام من الانتشار خارج ديار المسلمين، وذلك لئلا تتأثر الأقطار الأخرى بمبادئ الإسلام وأصوله السمحة، وهو الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، والإسلام هو الدين الأكمل الذي يستطيع أن يجتاز بالإنسان مرحلة التناقض بين الفكر والسلوك، وحالة التذبذب بين العبادة والعمل، وحالة التمزق بين العمل للدنيا والعمل للآخرة، والإسلام وحده الذي حقق التوفيق بين هذه التناقضات التي تعيشها الديانات المحرفة) (البهي، بدون ت ص160)142
إن جب يرى: أن جو مكة بما فيه من زعامة اقتصادية وسياسية ودينية، يقول في ذلك: إن محمد ككل شخصية مبدعة، قد تأثر بضرورات الظروف الخارجية عنه المحيطة به من جهة، ثم هو من جهة أخرى قد شق طريقا جديدا بين الأفكار والعقائد السائدة في زمانه، والدائرة في المكان الذي نشأ فيه، وقليل ما هو معروف مدينة غير رئيسية) (البهي، بدون ت ص ص160)143
وليس هناك ما يصح أن يصوره بأكثر من أنه بدوي، شارك في الفكرة والنظرة في الحياة التي كانت للبدو الرحل من الناس: ومكة في ذات الوقت لم تكن خلاء بعيدا عن صخب العالم، وعن حركته في التعامل، بل كانت مدينة ذات ثروة اقتصادية، ولها حركة دائبة كمركز للتوزيع التجاري بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط)(البهي، بدون ت ص161)144
إن مؤلف كتاب المذهب المحمدي يريد أن يقول إذن: (إن محمدًا أراد أن ينافس في الزعامة
القائمة بمكة، وأن يكون صاحب سلطة فيها. وبما أن المقدسات الدينية كانت لها صلة وثيقة بالازدهار الاقتصادي المكي، وبسيادة المكيين الروحية على بقية العرب الرحل!! لم يشأ محمد
أن يظهر في منافسته للمكيين في صورة أخرى غير الصورة الدينية، والمكيون لم يعارضوا شيئا في القرآن سوى ما انتزعه محمد من اليهود أو النصارى كفكرة الجزاء الأخروي وأوصاف الجنة والنار) (البهي، بدون ت ص180)145
وملخص ما يقول جب حتى الآن هو:( أن مكة كانت فيها حضارة وزعامة، ولم تكن أرضا جرداء، ولم يكن سكانها حفاة غلاظا، بل كانت لديهم فطنة، وملكة في السياسة ومعارف واسعة بالناس والمدن على السواء. وأن حياة محمد كانت حياة مكية خالصة، بما فيها نشأته ودعوته، وصراعه، فهي حياة محدودة بظروف الزمان والمكان) (البهي، بدون ت ص181)146
الصورة الثانية: (أما الصورة الثانية للرأي القائل بـبشرية القرآن، وهي أنه تعبير عن الحياة التي وجد فيها الرسول وهي حياة ما قبل الإسلام) (البهي، بدون ت ص182)147
وأهم وسائل التغريب التي أُتبعت في ضرب الإسلام من الداخل هي:
- إثارة الخلافات والنزاعات وتضخيمها بين المسلمين، ومحاولة إفساد المسلمين في عقيدتهم وأخلاقهم، وإغراقها في متاهات الشك، وقد وجدت الجذور لهذا الإفساد عندما دخل الإسلام من يريد هدمه، وتقويض أركانه من الداخل، ثم عندما ترجمت الكتب الفلسفية في العصر العباسي، وغزت الفكر الإسلامي بكثير من المنازع الفلسفية، والمذاهب الملحدة، في تفسيراتها للكون والمادة وما وراء الطبيعة) (الرحيلي 1424ه ص 352)148
أساليب التغريب: أهم الأساليب والوسائل التي استخدمها الغرب، وقد لخص هذه الأساليب صاحب كتاب المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، فيما يلي: (فتح المدارس الأجنبية في ديار المسلمين وتكثيرها وتنويعها، وإرسال القسس والرهبان ليشرفوا على هذه المدارس، ويربوا أجيال المسلمين على أعينهم، ومنها إرسال البعوث، وتكثير الإرساليات التبشيرية لنشر مكامن التنصير في كل مكان)( الرحيلي 1424ه ص 352)149
مخططات التغريب في الديار الإسلامية: يقول الدكتور / عبد الستار فتح الله سعيد: وقد برعت هذه الحضارة الغازية في أساليب الغزو الفكري وتأصيل المناهج الضالة، وعرضها عرضاً مغرياً، واستخدام كل تجاربها العلمية وطرائقها الحضارية في بهرجة ذلك وتدعيمه، حتى لتعد وسائل الأمم والحضارات السابقة فنوناً ساذجة إذا قيست بما استخدمته- ولا تزال تستخدمه- الجاهلية المعاصرة من فنون المكر والخداع والتضليل)( الرحيلي 1424ه ص 357)150
التغريب المنظم: يستخدم القصة، والتمثيلية، والمسرح، والسينما، والإذاعات بأنواعها، والكتب والمجلات، والصورة، والمقالة، حتى الطرائف والملح الشائعة لا يتأخر في استعمالها لكسب قضاياه، وتحقيق أهدافه، والوصول إلى ما يسمونه هم أنفسهم بعملية (غسيل المخ) ، و (زرع ذاكرة) جديدة في رؤوس الأجيال، لتنشأ على ولاء فكري ونفسي للغرب
- التركيز على المذاهب والفلسفات، وبث الدعاية للمبادئ المستقاة منها.
- التركيز على المرأة والدعوة إلى تحريرها ونزعها من الدين والأسرة، واجتذابها إلى المراقص
- الدعوة إلى التعليم العلماني اللاديني الذي يفسد قلوب الشباب ويفرض مقومات الرذيلة
)( الرحيلي ، 1424ه ص 360)151
ومنها: (تركيزهم على الحرب الفكرية لإدراكهم خطورتها، وأنها السبيل الأمثل لحرب الإسلام وتحطيم قيم الإيمان، لكن مع هذا الكيد الماكر الشديد الوطأة، ومع هذا النجاح الكبير لأعداء الله، ومع الضعف والفرقة والانحراف في مجتمعات المسلمين، مع هذا كله)( الرحيلي، 1424ه ص 360)152
من أبرز آثار الغزو الفكري الحديث: إفساد العقيدة وتحطيم مظلة الأعراف الأخلاقية فانحرف الناس عن نهج الدين واستهوتهم مظاهر الحياة الغربية ، وكثير من المجلات والصحف ابتغاء وفرة الربح والدخل، فانحرف الشباب وفسدت روابط الأسرة)( الرحيلي ، 1424ه ص 36)153
اعتقد كثير من المنتسبين إلى الإسلام الأفكار الكافرة، كالفكرة الشيوعية، أو القومية البعثية، أو العلمانية، أو غير ذلك من الفلسفات الضالة... قد ألجأ الهجوم الفكري هذه المدارس إلى مواقف دفاعية غريبة عن الإسلام، إذ جردته من كثير من أحكامه الصريحة) (الرحيلي 1424ه ص 97)154
يصور الشيخ محمد عبده أهداف تفكيره بقلمه الخاص فيما يلي:
وارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين:
- الأول: تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفها إلى ينابيعها الأولى
- وهناك أمر آخر: كنت من دعاته، والناس جميعا في عمى عنه، وبعد عن تعقله، ولكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه )(البهي، ص97)155
الشيخ محمد عبده واحد من أولئكم الزعماء الذين وصفوا بالزعماء الوطنيين (وهم في واقع الأمر زعماء مقاومة الاستعمار الغربي، ومعارضة النفوذ الأجنبي في دائرة العالم الإسلامي العربي!! وهو لا يقل في التأثير على التوجيه القومي عن مواطن معاصر له مثل مصطفى كامل، صاحب تلك الحركة التي اتجهت إلى مقاومة الاستعمار الإنجليزي مباشرة في مصر، ورئيس الحزب الوطني السياسي في السنوات العشرة الأخيرة، من حياة الشيخ محمد عبده...)(البهي، بدون ت ص99)156
وكان من رأي مصطفى كامل (أن التعليم العالي، والتعليم الجامعي على الأخص، هو وسيلة إيجاد الوعي الوطني، أما إيقاظ الشعور الإسلامي، وربط مصر بالعالم الإسلامي الخارجي على أساس من التذكير بتعاليم الإسلام، فقد وكل أمره إلى الصحافة، على أن تسهم أيضا في تقوية الوعي الوطني المصري)(البهي، بدون ت ص99)157
الشيخ محمد عبده بتوفره على ما عرف منسوبا إليه باسم (الإصلاح الديني قد خلق مدرسة، مدرسة فكرية، ودينية، وعلمية، وتربوية تتجه لمقاومة الاستعمار الغربي نفسه اتجاها غير مباشر، ولا تقل وزنا في تحقيق هذا الهدف عن ذلك النشاط القومي السياسي)(محمد البهي، بدون ت ص100)158
نشأ الشيخ عبده في هذا الجو( واتصل في تربيته بـكتاب القرية ثم بالأزهر، وكتاب القرية والأزهر، كلاهما يعني بالإسلام الأول يعنى بتحفيظ القرآن وهو المصدر الأول للإسلام، والثاني يعنى بتدريس شروح القرآن وبمدارس المسلمين الفقهية والكلامية والأصولية، كما يعنى باللغة العربية في قواعد إعرابها وفي وصف أسلوبها...)(محمد البهي، بدون ت ص100)159
اتجاه الفكر الإسلامي: ففكرة الجامعة المصرية (وجدت أولا لخدمة القضية المصرية، وهي قضية التحرر من الاستعمار الغربي، وتفكير الجامعة، هو نوع من التفكير يتجه إلى مقاومة الاستعمار الغربي عن طريق تخريج أحرار في التوجيه غير خاضعين لنظام التعليم الرسمي) (محمد البهي، بدون ت ص101)160
يقول المستشرق الإنجليزي جب في تحديد هذين الاتجاهين: إن النتائج التي أعقبت نشاط الشيخ عبده اتجهت بعده إلى اتجاهين متقابلين: مهما كانت نظرات المشجعين للعلمانية في البلاد الإسلامية إلى القانون والسياسة، فموقفهم التوجيهي يمكن أن يخلص:
- في الرفض العام لتعاليم القرون الوسطى في الإسلام! كسلطة لا تعقيب عليها.
- وفي الاحتفاظ بالحرية الإنسانية في تقدير الأشياء، وفي كون العقل وحده هو الفيصل في ذلك وليس الإسلام!!
- ومن جانب آخر تكون حزب ديني، يسمي نفسه بـالسلفية، وهو يتفق مع الاتجاه العلماني في رفض سلطة تعاليم القرون الوسطى، ولكن مع قبول القرآن والسنة، كأساس للفصل في الحقائق الدينية، وهؤلاء السلفيون في مقابل المجموعة العظمى من علماء الأزهر يعتبرون مصلحين، وفي مقابل المجددين أو العلمانيين: يرفضون مذهب الحرية العقلية الذي هو وليد الغرب، وكان زعيم هذا الاتجاه الإصلاحي السلفي تلميذ الشيخ عبده محمد رشيد رضا السوري الذي توفي سنة 1935م فالتجديد إذن -في رقعة الشرق الأدنى- منذ بداية القرن العشرين: هو محاولة أخذ الطابع الغربي، والأسلوب الغربي في تفكير الغربيين، سواء في تعبيرهم عن الدين، أو في تحديدهم لمفاهيمه ومفاهيم الحياة التي يعيشونها، أو في تقديرهم للثقافات الشرقية الدينية والإنسانية) (البهي، بدون ت ص156)161
العقل المصري (معنى ذلك أن العقل المصري قد اتصل من جهة بأقطار الشرق القريب الشام وفلسطين والعراق اتصالا منظما مؤثرا في حياته ومتأثرا، واتصل من جهة أخرى بالعقل اليوناني منذ عصوره الأولى اتصال تعاون وتوافق، فالمسلمون إذن فطنوا منذ عهد بعيد إلى أصل من أصول الحياة الحديثة وهو: أن السياسة شيء والدين شيء آخر، وأن نظام الحكم وتكوين الدول فإنما يقومان على المنافع العملية، قبل أن يقوما على شيء آخر) (البهي، بدون ت ص157 وص160)162
وعلى المسلمين تعلم فن الخطابة لمواجهة الغزو الفكري :(وللخطابة مجالاتها التي لا يمكن لأي فن أدبي آخر أن يغني عنها بحكم طبيعتها التي تلازمها على مدى العصور)163 الخطابة علم له أصول وقوانين، من سار في طريقها عد خطيبا، ويجب على الخطيب أن يكون ملما بسياسة الناس، وما يجب لكل طبقة من المعاملة، وما يلزم لكل نوع من الناس من خطاب، وعليه أن يكون عليما بروح الجماعة دارسا لأخلاقها فاهما لما يسيطر عليها، ولذا كان علم الخطابة صلته قوية بعلم الاجتماع)164 والخطبة من جانب الخطيب مقدرة على التصرف في فنون الكلم، مرماها التأثير في نفس السامع ومخاطبة وجدانه وأغراضها الدعوة إلى الصلاح والإصلاح، وإقامة الحق العدل، ونشر الفضائل، وتسكين الفتن، وفض المشكلات، وتهدئة النفوس الثائرة، وإثارة النفوس الفاترة، ترفع الحق، وتخفض الباطل، هي صوت المظلومين، وواعظ الظالمين، ولسان الهداية، والغرض هنا الإشارات إلى مجمل الأغراض، وسوف يزداد الأمر بيانا من خلال الحديث عن أنواع الخطب وخصائص)3
فطرة تلائم الخطابة: (يستحب أن يكون الخطيب فصيحا طلق اللسان، ثابت الجنان، ذكي القلب، وأن تكون مخارج الحروف عنده صحيحة)165
قراءة كلام البلغاء:( ودراسته دراسة متعرف لمناص التأثير، وأسرار البلاغة، ومتذوق لما فيها من جمال الأسلوب وحسن التعبير، وجودة التفكير ، والاطلاع على كثير من العلوم التي تتصل بالجماعات: كالاقتصاد والشرع، والأخلاق، والاجتماع، وعلم النفس، والمعتقدات، والثروة الكثيرة من الألفاظ والأساليب: الخطابة تحتاج إلى أن يعبر عن المعنى الواحد بعدة عبارات، وأساليب متغايرة، ضبط النفس واحتمال المكاره: يستحب للخطيب أن يتذرع بالصبر، وضبط النفس، والسيطرة على أعصابه ومشاعره، كما عليه أن يقضي على كل مظاهر الاضطراب والانفعال والوجل؛ لأن ظاهرة الاضطراب والوجل تورث في الخطيب الحيرة، والحيرة تسبب له التلعثم والارتباك)166
وإذا أراد الخطيب أن يكون بارعا فعليه أن يعتني (بحفظ عبارات البلغاء قديما وحديثا، كما يجب على الخطيب مطالعة الكتب الفكرية والأدب ية فهي عامل آخر لارتقاء أسلوبه، وجودة تعبيره، أما الارتياض على الإلقاء فيبدأ بتعويد اللسان عند النطق على إخراج الحروف من مخارجها، ثم قراءة كل ما يستحسنه بصوت مرتفع، ولهجة متزنة، مصورا بصوته معاني ما يقرأ بتغيير النبرات، وبرفع الصوت وخفضه، ثم بإلقاء الموضوع بينه وبين نفسه متصورا أنه أمام جمهور، ثم بإلقاء الموضوع أمام من يثق بهم من إخوانه، ثم بإلقاء الموضوع في محيط لا يعرفه فيه أحد) 167
الخطيب المفوه يلحق بحجته (ويسبق إلى غايته، فيعلو سلطانه، ويتسع ميدانه، ولهذا فإن القائد المحنك يتميز فيما يتميز بذرابة لسانه وحسن خطابه، فيكون خطيبا مصقعا ولسنا مفوها، ولئن كانت الخطبة في بعض مساريها أو مساراتها طريقا للمجد الشخصي، فإنها في نبل غايتها وعظيم أثرها طريق للنفع العام والإصلاح الشامل)168
والخطابة مظهر حضاري للمجتمع الراقي المستنير،( يعلو قدرها، ويروج سوقها برقي المجتمع، وانتشار الثقافة فيه، كما أنها تخبو حين ضعفه وذلته، وثمت جانب في التأثير آخر ينبغي مراعاته،)169
ومن صفات الخطيب: الخطيب الناجح هو الذي يحرص على الاستعانة بالله في كل الظروف والأحوال فهو يستعين بالله في الإعداد، وحسن الأداء، وجمال الإلقاء) 43
حضور البديهة: (لتسعفه بالعلاج المطلوب إن وجد من القوم إعراضا، والدواء الشافي إن وجد منهم اعتراضا، وقد يلقي الخطيب خطبته فيعقب بعض السامعين معترضا، أو طالبا الإجابة عن مسألة، فإذا لم تكن البديهة حاضرة يجيب الخطيب إجابة سهلة موثقة وإلا ضاعت الخطبة، وآثارها)170
حسن الهيئة: (يجب على الخطيب أن يراعي الهيئة الحسنة في زيه، ويهتم بكل ما يجعل هيئته حسنة، وأن تتزن حركاته، وعليه أن يبتعد عن الحركات سواء باليد أو الرأس أو غير ذلك، التي تجعل منه ممثلا رخيصا ومثارا للضحك والتندر)171
الخطب الثقافية: (وهي ما يلقى في النوادي الثقافية والأنشطة العلمية والجامعية، وهي في العادة تتخذ مسارا ثقافيا وأدبيا وعلميا واجتماعيا وتوجيهيا بما يبتعد عن الأغراض السياسية والقضائية والوعظ، وتعلو النبرة فيه بما يعرف بالمعارك الأدب ية، حسب اتجاهاتهم الأدب ية، شعرا ونثرا وتليدا وجديدا، وهو في العادة خطاب لطبقة مثقفة متأدبة ذات تميز ثقافي خاص)172
المواعظ والإرشاد: (وهذا هو محل البحث والنظر والتفصيل هنا، وهذا النوع يتجلى في أبهى صوره وكامل هيئته وانتظام شكله في خطب الجمعة المنبرية، وهي خطب أسبوعية دورية تتخذ أغراضا عدة وترمي إلى مقاصد متنوعة نشير في هذا التعريف إلى نماذج منها، إذ من المعلوم أن هذه المقاصد والأغراض تتجدد وتتنوع حسب حاجات الناس وتغير الأحوال وتقلب الظروف ودواعي التذكير)173
من أغراض الخطب المنبرية: (تثبيت العقيدة وتقوية الإيمان، الدعوة إلى الإسلام والدفاع عنه وبيان مزاياه، خطب الإصلاح ومحاربة المنكرات، وخطب ذات موضوع خاص أو مسألة مفردة من مسائل الإسلام كالصلاة والصوم وحقوق الوالدين والجوار وحرمة الزنا والخمر والسرقة ونحو ذلك، مما مقصد التذكير والوعظ والتعليم ونحو ذلك)48
والخطيب الموفق (هو الذي يحرص على حفظ أكبر قدر من الحكم والأمثال ليستشهد بها في مواضعها، السياسة والتيارات الفكريةـ يجب على الخطيب أن يطلع على أحداث الناس وقضايا الساعة، ويقدم للناس فهم الإسلام في شتى ميادين الحياة)174
الخطب المنبرية وطريقة بنائها:( تبنى الخطبة عادة من ثلاثة أجزاء: المقدمة والموضوع والخاتمة، وهى عناصر لا يصرح بها أثناء الكتابة أو الإلقاء، كما أنها عناصر متداخلة متناسقة، يبلغ الترابط بينها جودته حسب مقدرة الخطيب وغزارة علمه وخبرته فتنتظم أجزاء الخطبة ويحكم تركيبها، وهذا الانتظام والإحكام يجعل المعاني واضحة والمقاصد ظاهرة، ويضمن للمتحدث حسن الإصغاء من سامعيه وكمال الانتباه من جالسيه، وقد لا يلزم مراعاة هذه الأجزاء في كل خطبة لكن خطبة الجمعة غالبا ما تحتاج إليها نظرا لأنها خطبة طويلة غير قصيرة)175
المقدمة: ينبغي أن يهتم الخطيب بمقدمته وافتتاحيته، والمقصود أن يكون في صدر الكلام ما يدل على غاية المتحدث، على أن من المعلوم أن خطبة الجمعة تفتتح بحمد الله والثناء عليه والشهادتين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون في هذه الألفاظ من حسن الانتقاء ما يدل على موضوع الخطبة ومقصودها، ومعروف عند المتقدمين من السلف -رحمهم الله- أن ما لا يبتدأ بالحمد فهو الأجذم الأبتر، وما لم يزين بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المشوه)176
الموضوع: وهو مقصود الخطبة الأعظم، وقد أشرنا في الكلام على أنواع الخطب إلى معظم مقاصد خطبة الجمعة، وقد يكون من المناسب التصريح به في مبتدأ الخطبة كأن يقول: أريد أن أحدثكم عن كذا، إذا كان من قضايا الساعة التي يخوض فيها المجتمع ويتطلع إلى كلام شاف فيها، وقد لا يحسن التصريح به، إما لأنه شائك أو يوجب انقسام الناس، وفي هذه الحالة ينبغي أن يدخل إليه الخطيب دخولا متدرجا، ويتناوله تناولا غير مباشر، ليأخذ السامعين بتسلسل منطقي فيصل إلى مبتغاه باعتدال وتوازن متحاشيا الإثارة والانقسام، ومن ثم يبلغ الخطيب غايته من تهيئة النفوس إن كانت عنه معرضة وإليه غير مقبلة أو كان حديثا في غير ما تألفه نفوسها)177
أما ما يخص التعريف والإيضاح: (فلا يقصد به ما يعتني به الباحثون المختصون من اللغة والاصطلاح، ولكنه يكون بذكر الصفات والخواص والمزايا لذات الموضوع وقد يكون الاستعارات والتشبيهات وضرب الأمثال والإجمال ثم التفصيل وبالصلة والتضاد والتقابل،. وقد يكون إعادة لعناصر الخطبة بأسلوب مغاير -كما أسلفت، وبطريقة جامعة واضحة ذات تأثير قوي، هذا ما يتعلق في بناء الخطبة وثمت مسائل لا يسع الكاتب إغفالها من أجل استكمال التصور الشامل عن الخطبة وحسن إعدادها وهي مسائل ثلاث: وحدة الموضوع، الجدة والتغيير، طول الخطبة)178
المصادر والمراجع للفصل الأول
1.مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م ص67
2. نفس المرجع ص69
3. نفس المرجع ص69
4. نفس المرجع ص70
5. دور منظمات المجتمع المدني في التحول الديمقراطي في مصر 2011 ... https://democraticac.de/?p=46938
6. نفس المرجع
7. مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م ص75)8
8. مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م ص76)9
9. مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م ص 77)10
10. مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م صص116)11
11. مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م ص116)12
12. مالك بن نبي، أملات المحقق: (إشراف ندوة مالك بن نبي)الناشر: دار الفكر-دمشق سورية الطبعة: ط1: 1979م ص75)13
13. مفهوم الدولة - The Concept of State - الموسوعة السياسية
https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9
21..نفس المرجع
22.نفس المرجع
23..نفس المرجع
24. نفس المرجع
25.محمد المبارك، الوحدة الإسلامية، الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: السنة العاشرة، العدد الرابع ص 43
26. نفس المرجع ، ص 44
27. نفس المرجع، ص46
28. نفس المرجع ،ص47
29. نفس المرجع ص48
30. نفس المرجع ص48
31. نفس المرجع ، ص59
32. نفس المرجع ،ص59
33. نفس المرجع ، ص51
34. نفس المرجع ،ص54
35. نفس المرجع ،ص54
36. نفس المرجع ،ص55
37. نفس المرجع ،ص445
38. نفس المرجع ،ص445
39. نفس المرجع ،ص445
40. نفس المرجع ،ص445
41. نفس المرجع ،ص445
42. نفس المرجع ،ص464
43. نفس المرجع ،،ص464
44. نفس المرجع ،ص464
45. نفس المرجع ص483
46. نفس المرجع ،ص464
47. ، نفس المرجع ص464
48.موضوع.كوم https://mawdoo3.com
49. نفس المرجع الإدارات اللامركزية بين التاريخ والواقع الراهن، الاسم : مروان سمور الفرق بين الدولة والحكومة21 أيلول (سبتمبر) 2020 https://www.politics-dz.com
50.نورهات حفطارو- الإدارات اللامركزية بين التاريخ والواقع الراهن - مركز الفرات للدراسات20/06/2019
https://firatn.com/?p=1271
51. نفس المرجع
52. نفس المرجع
53. نفس المرجع
54. نفس المرجع
.54.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي، العلمانية وموقف الإسلام منها، الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: العدد 115 - السنة 34 -1422 هـ ص335
56. نفس المرجع، ص335
57. نفس المرجع ص374
58. نفس المرجع ص394
59. نفس المرجع، ص394
60. مظهر محمد صالح، العولمة الموازية والتطرف الايديولوجي2023 / 1 / 18 موقع الحوار المتمدن
61.. نفس المرجع
62. نفس المرجع
63. نفس المرجع
64. محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر: مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة ص 342
65. نفس المرجع، ص 334
66 نفس المرجع، ص342
67. Bruckner P.، Le chantage à l’islamophobie، Le Figaro، 5 Novembre 2003 .
68.رضوان السيد، التعايش والتعارف في الإسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص14
69. نفس المرجع، ص34
70. يحيَىٰ ولد البراء التعايش والتعارف في الإسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص892
71. نفس المرجع، ص907
72. نفس المرجع، ص910
73. نفس المرجع، ص91
74.عبد الرحمن المطرودي نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام الناشر: الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات ص 50
75. نفس المرجع، ص 51
76. نفس المرجع، ص25
77.. التعايش والتعارف في الإسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص20
78. نفس المرجع ، ص20
79. محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر، مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة، ص97
80.نفس المرجع، ص98
محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر، مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة، ص
81- فن المقال الصحفي في أدب طه حسين عبد العزيز شرف الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ص 48
82- نفس المرجع، ص48
83- نفس المرجع، ص 45
84- نفس المرجع، ص 46
85- نفس المرجع، ص 64
86- نفس المرجع، ص65
87- نفس المرجع، ص65
88- محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر، مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة بدون ت ص99
89. محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر، مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة، ص100
90. نفس المرجع، ص100
91. نفس المرجع، ص101
92. نفس المرجع، ص155
93. نفس المرجع، ص156
94. نفس المرجع، ص157
95. نفس المرجع ص157
96. نفس المرجع ، ص 43
97. نفس المرجع ص 43
98. نفس المرجع، ص 44
99. نفس المرجع، ص 47
100. نفس المرجع، ص 48
101. نفس المرجع، ص 49
102. نفس المرجع، ص 51
103. نفس المرجع، ص 52
104. نفس المرجع، ص 55
405. نفس المرجع، ص55
106- كمال طيرشي باحث جزائري، ، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر نقلا عن وجيه قانصو، التّعددية الدينية في فلسفة جون هيك، المركز الثقافي العربي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 2007، ص 193
107- نفس المرجع نقلا عن Kant، Conflit des Facultés in œuvre-philosophies ш،paris، Gallimard، 1986،p807.
108- كمال طيرشي باحث جزائري، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر نقلا عن Ibid، p808.
109- Kant، La religion dans les-limit-es de la simple raison، p 27.
110 – نفس المرجع نقلا عن زهير الخويلدي، نظرة كانط الفلسفية للدين، صحيفة حريات، قسم قضايا فكرية، بتاريخ: 24 ماي 2013، السودان، http://www.hurriyatsudan.com
111- نفس المرجع نقلا عن فريديريك نيتشه، عدو المسيح، ترجمة جورج ميخائيل ديب، دار الحوار، بيروت (لبنان)، ط2، ص 40
112- المصدر نفسه، ص 41
113- نفس المرجع نقلا عن محمد المزّوغي، المسألة الدينية عند كانط، موقع الأوان الإلكتروني، الأربعاء 02 يونيو 2010http://www.alawan.org/article7720.html
114- جاك دريدا، الدين في عالمنا، ص 20
115- نفسه، ص 18
116- نفسه، ص 20
117- نفسه، ص 18
118- نفسه، ص 19
119- نفس المرجع ، جامعة الجزائر نقلا عن محمد المزوغي، الدين في حدود العقل أو التنوير الناقص، ص 59
120- محمد المزوغي، الدين في حدود العقل أو التنوير الناقص، ص 60
121- نفس المرجع نقلا عن ايمانويل كانط، الدين في حدود مجرد العقل، ص 187
122- ايمانويل كانط، الدين في حدود مجرد العقل (مصدر سابق)، ص 36
123- نفس المرجع نقلا عن كمال بومنير، مدخل إلى قراءة فلسفة فلتر بنيامين (دراسة ونصوص)، منشورات الاختلاف (الجزائر)، منشورات ضفاف (بيروت)، دار الأمان (الرباط)، ط1، 2013، ص 67
124- نفس المرجع نقلا عن كانط، الدين في حدود مجرد العقل ، ص 30
125- كمال طيرشي باحث جزائري، ، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر نقلا عن كانط، المصدر نفسه، ص 32
126- نفس المرجع نقلا عن كانط، الدين في حدود مجرد العقل، ص 33
127- نفس المرجع نقلا عن مجموعة مؤلفين، فلسفة الدين: مقول المقدس بين الأيديولوجيا واليوتوبيا وسؤال التعددية (مرجع سابق)، ص 358
128.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي حصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (35) العدد (121) 1424ه ص 337
129.نفس المرجع، ص 338
130. نفس المرجع، ص 339
131. نفس المرجع، ص 339
132. نفس المرجع، ص 339
133. نفس المرجع، ص 342
134. نفس المرجع، ص 381
135.عبد العزيز بن عبد الله بن باز الغزو الفكري ووسائله الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: السنة الخامسة عشر - العدد التاسع والخمسون - رجب - شعبان - رمضان 1403هـ 115
136. نفس المرجع، ص 116
137. نفس المرجع، ص 116
138. نفس المرجع، ص 117
139. نفس المرجع، ـ ص 117
140. نفس المرجع، ص117
141. نفس المرجع، ص117
142.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي حصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (35) العدد (121) 1424ه ص344
143. نفس المرجع، ص344
144.محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر: مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة ص160
145. نفس المرجع، ص160
146. نفس المرجع، ص161
147. نفس المرجع، ص180
148. نفس المرجع، ص181
149. نفس المرجع، ص182
150.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي حصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (35) العدد (121) 1424ه ص 352
151. نفس المرجع، ص 357
152. نفس المرجع، ص 360
153. نفس المرجع، ص 360
154. نفس المرجع، ص 36
155. نفس المرجع، ص 364
156.محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، الناشر: مكتبة وهبه، الطبعة: العاشرة ص99
157. نفس المرجع، ص99
158. نفس المرجع، ص100
159 . نفس المرجع، ص100
160. نفس المرجع، ص101
161. نفس المرجع، ص156
162. نفس المرجع، ص160
63.عبد المقصود، عبد العاطي محمد شلبي، عبد المعطي، الخطابة الإسلامية، الناشر: المكتب الجامعي الحديث الطبعة: 2006 ص 11
164.نفس المرجع ص 8
165.حميد، صالح بن عبد الله منهج في إعداد خطبة الجمعة، الناشر: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية 1419 ه ص 8
166.عبد العاطي محمد شلبي، عبد المعطي عبد المقصود، الخطابة الإسلامية، الناشر: المكتب الجامعي الحديث الطبعة: 2006 ص 11
167. نفس المرجع ص 12
168. نفس المرجع ص 12
169.حميد، صالح بن عبد الله منهج في إعداد خطبة الجمعة، الناشر: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية 1419 ه ص 9
170. نفس المرجع ص 10
171.عبد المقصود، عبد العاطي محمد شلبي، عبد المعطي، الخطابة الإسلامية، الناشر: المكتب الجامعي الحديث الطبعة: 2006 ص 13
172. نفس المرجع ص 15
173. نفس المرجع ص 17
174. نفس المرجع ص 17
175.حميد، صالح بن عبد الله منهج في إعداد خطبة الجمعة، الناشر: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية 1419 ه ص 10
176. نفس المرجع ص 10
177.عبد المقصود، عبد العاطي محمد شلبي، عبد المعطي، الخطابة الإسلامية، الناشر: المكتب الجامعي الحديث الطبعة: 2006 ص 17
178.حميد، صالح بن عبد الله منهج في إعداد خطبة الجمعة، الناشر: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية 1419 ه ص 22
178. نفس المرجع ص 22
179. نفس المرجع ص 22
180. نفس المرجع ص 22








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي