الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة الحجيج المصري في الاردن ...من المسؤول؟؟؟

وليد حكمت

2006 / 12 / 12
المجتمع المدني


لقد قدر لتلك المدينة المنسية-مدينة معان- أن تقع على امتداد طرق الحج والتجارة منذ آلاف السنين . مدينة صغيرة هادئة فيها صفاء الصحراء وينع الواحات الصحراوية الألوان فيها لها بهجة خاصة تكتسبها من وهج الشمس وصفاء الجو والخاطر,,كان يرتادها بحسب المعلومات التاريخية أربعون ألف من الحجيج كل عام من شتى بقاع الأرض فينيخون رواحلهم أربعة أيام بلياليهن في الذهاب والإياب يمتارون خلالها من المدينة ويتزودون بالمؤن والحاجيات ويستجمون ويعلفون دوابهم ويتناشدون الأشعار ويتناقلون الأخبار استعدادا لمتابعة سفرهم الطويل الشاق.....

مع مرور الزمن نشأت في تلك المدينة عادات إيجابية ارتبطت ارتباطا مباشرا بقدوم الحجيج بمواكبهم التي تبشر بالخير والبركة وتبشر أيضا بنشاط الحركة التجارية وسعة الرزق ووفرته, فبرزت لدى سكان المدينة بعض العادات الاجتماعية نتيجة للاحتكاك السنوي المستمر بقوافل الحجيج فكانت عادات إطعام الحجيج وسقايتهم واستقبالهم بحفاوة تنسيهم عناء السفر وفرقة الأهل والأحباب

تقلصت تلك العادات والممارسات مع مرور الزمن بسبب تغير العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها التطورات السياسية لاحقا فأضحت المدينة معزولة إلا من القليل الذي لا يشكل قيمة أو عرف أو رافد, إذ أن الحجيج الذين يمرون بحافلاتهم ويدفعون المكوس المترتبة عليهم سرعان ما يتابعون طريقهم دون أن يكون الأمر كسابق العهد, وتقتصر القوافل الحالية على الاخوة المصريين بالدرجة الأولى وغيرهم من باقي الدول العربية والآسيوية الذين يفضلون ركوب الحافلات بحسب قدراتهم المادية المتدنية..

لقد اصبح الحجيج المصري يعاني اكثر من غيره سواء في تلك المدينة أم في غيرها كميناء العقبة الذي يحشد فيه آلاف المصريين لأجل الانطلاق إلى معان فالمدورة فالسعودية وفي معان قد يقيمون ليالي بحسب استيعاب الحدود السعودية والأردنية ....

قبل شهرين تقريبا تكدست جموع الحجيج المصري في مدينة حجاج معان انتظارا للسماح لهم بالانطلاق إلى العقبة فالعودة إلى مصر الا ان تدافع وتراكم الأعداد في مدينة العقبة الأردنية مع غياب الخدمات والتنسيق والمتابعة أدى لحدوث الكثير من الإصابات والإشكاليات وبعض الوفيات بحق اولئك الحجيج الأمر الذي شكل ظاهرة قائمة كل عام ومستمرة استمرار موسم الحج ... ولكنني سأعرج على وضع الحجيج المصري في معان ومأساتهم التي عانوا فيها الأمرين جراء الإهمال الشديد من قبل بلدية معان والمسؤولين الحكوميين , في تلك الأجواء الباردة أصيب العشرات من اولئك الناس وغالبيتهم من العجزة وكبار السن من النساء والرجال فحق علينا إسعافهم وتقديم التسهيلات لهم احتراما لسنهم وآدميتهم وعروبتهم وشفقة على ما يلاقونه في سفرهم من مشاق ومصاعب ابتداء من الحصول على اذن الحج وانتهاءا بالعودة وسط الكثير من الحواجز والمعيقات البيروقراطية المتخلفة في كلا البلدين...

البرد القارس أقسى ما عاناه الحجيج المصري أثناء احتباسه لبضعة أيام في معان ليست بالقليلة , مما أدى إلى تفشي الأمراض في أوساطهم بسبب البرد واسباب اخرى ,, لقد سبق أن دفعوا المكوس في القدوم والإياب ولكنهم لم يتلقوا الخدمة المطلوبة بل وجدوا اللامبالاة والإهمال والازدراء من قبل المسؤولين الأردنيين والمصريين في آن واحد.

هرع مجموعة من شباب المدينة وقاموا بحملة لجمع التبرعات لأولئك المحتاجين وعابري السبيل وانشؤوا مركزا صغيرا متنقلا يقوم على تقديم الوجبات الغذائية مجانا وبقدر المستطاع وتحمس الناس لذاك الأمر فساهموا في التبرع حتى تمت تغطية احتياجات مئات الحجاج من المصريين ومد يد العون لهم في حين استضاف العديد من السكان بعض الحجيج في منزله لحين المغادرة... لقد كانت حالة الحجيج المصري سيئة للغاية وكل ذلك ناتج عن تقصير الحكومة الأردنية التي لا هم لها سوى حلب وامتصاص أولئك العجزة المساكين وناتج أيضا عن تقصير الحكومة المصرية التي تلفظ ابناءها إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم ولا تبالي...

قبل سنوات أسست مجموعة من شباب مدينة معان نشاطا خيريا أسموه سبيل مدينة معان لضيوف الرحمن – وهو لا زال قائما كل عام في رمضان فقط- حيث يقوم هؤلاء الشباب بجمع التبرعات من المحسنين وعمل وجبات مجانية للمسافرين المتجهين الى السعودية في شهر رمضان وقسم آخر يقوم بتوزيع الوجبات على فقراء المدينة في محاولة لمعالجة الفقر المدقع الذي تعانيه المدينة وسكانها في ظل غياب دورالدولة ومؤسساتها في تلك المجالات.

في هذا العام استطاع شباب هذا المشروع الخيري أن يقدموا 500 وجبة يوميا لفقراء المدينة مكونة من العناصر الغذائية اللازمة أهمها اللحوم , بالإضافة إلى قيامهم بواجب الضيافة بحق المسافرين القادمين من شمال الأردن ومن دول أخرى حيث قاموا بنصب خيمة كبيرة لاستقبال الضيوف واطعامهم من الذ الاطعمة والاشربة واطيبها.

كما عملوا على استقطاب المئات من طلاب جامعة الحسين ووفروا لهم وجبات مجانية يومية محاولين ان ينقلوا الصورة الحقيقية لتلك المدينة التي تنبض بالخير والجود.

لم يرق للسلطات تلك النشاطات الخيرية التي ربما تسهم في تحسين صورة المدينة التي تعمل الدولة على تشويهها من خلال وسائل الإعلام فحاولت مرارا وتكرارا منع قيام هذا السبيل فباءت بالفشل ثم اتبعها محافظ المدينة بمحاولة أخرى لتجيير هذا المشروع الشعبي الخيري لصالح مؤسسات الدولة وذلك من خلال الضغط على القيادات الانتهازية الرسمية لاجل ارتياد هذا السبيل والعمل على تجييره لصالح السلطات ولكن وعي الشباب حال دون تحقق تلك الأهداف الأنانية التي يراد بها باطل وان كان ظاهرها حسنا....

معاناة الحجيج المصري سنوية أسبابها إهمال السلطات الأردنية والمصرية وعدم الالتفات الى متابعة شؤون الحجيج فهم متابعون لشؤون حجيج السياحة الذين يوفرون لهم الأمن والشرطة والحراسات المشددة ويعتنون بهم أيما عناية









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية