الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام . . . دِين تحوُّل إِلى مُؤسسَات (1)

علي جواد

2024 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أبشعَ جريمةٍ ارتكبتْ في التاريخِ بحقِ الإسلامِ والمسلمينَ هيَ عمليةُ صبِ الدينِ الإسلاميِ في قالبٍ يدعى المؤسسةَ الإسلاميةَ ، حيثُ تحولتْ عقيدةً ضخمةً وحجم هائلٍ منْ المفاهيمِ الروحيةِ إلى قوانينَ وشروطٍ والتزاماتٍ وولاءاتٍ وتعصبٍ وعنصريةٍ لمنْ يمثلُ شخوصُ هذهِ المؤسساتِ الإسلاميةِ وليسَ انتماءٌ لعقيدةِ أوالى دينٍ . الإسلامُ دينَ تحولٍ إلى هيئةٍ إداريةٍ تنظيميةٍ أوْ إلى منظومةٍ نفعيةٍ ، ولوْ تمعنا في أحداثِ التاريخِ لوجدنا أنَ كلَ الصراعِ كانَ يدورُ حولَ مناصبَ هذهِ المؤسسةِ والقتالِ والحروبِ منْ أجلِ منفعةٍ أوْ أخذٍ أوْ الاحتفاظِ برئاسةٍ أوْ قيادةٍ .
ومما يتبادرُ إلى الذهنِ منْ ضمنِ ما يتمُ طرحهُ منْ تبريراتٍ لهذا التحولِ هوَ لغرضِ تقديمِ خدماتٍ للناسِ ! أوْ لغرضِ تحديدِ وضبطِ الهيكلِ الاجتماعيِ للوسطِ الإسلاميِ ! أو كما يرددُ على مسامعِ الناسِ أنَ النصَ القرآنيَ يحتاجُ إلى مفسرِ خبيرٍ وفقيهٍ حتى يشرحَ للناسِ رموزا وكوداتِ والغازَ النصوصَ القرآنيةَ ! وهذا الخبيرُ يجبُ أنْ يتجددَ ويستمرُ ويتواجدُ في كلِ وقتٍ وزمانٍ ! ودائما نجدُ أنَ هذا الخبيرِ أوْ الفقيهِ أوْ الفقهاءِ مواكبونَ لعصرهمْ ويحاولونَ بشكلٍ مضنٍ ومستميتٍ إثبات أنَ النصَ القرآنيَ يتضمنُ أعجاز علميٍ ومواكبٍ للعصرِ ودائما هناكَ اكتشافٌ علميٌ أوْ معنى لغويٍ مخفٍيا عنْ السابقينَ وتمَ اكتشافهُ على يدِ الخبراءِ المعاصرينَ! ! !
ونرى أنَ منْ يسيطرُ ويديرُ هذهِ المؤسسةِ أوْ الإدارةِ النفعيةِ أوْ الخدميةِ مجموعةً منْ الأشخاصِ يتراوحُ ويتفاوتُ مستواهمْ العلميُ والاجتماعيُ ولا يوجدُ أيُ مقياسٍ أوْ شرطٍ ممكنٍ وضعهُ لتحديدِ منْ يحقُ لهُ أنْ يصبحَ منْ النخبةِ الإداريةِ التي أصبحتْ تمتلكُ القداسةُ والحصانةُ ضدَ الانتقادِ والمساءلةِ ولا يمكنُ الاعتراضُ أوْ رفضِ وعدمِ قبولِ ما يصدرُ عنْ هذهِ المؤسساتِ الإسلاميةِ بلْ حتى لا يمكنَ التشكيك في هؤلاءِ الأفرادِ الذينَ تحولوا إلى النخبةِ والصفوةِ الاجتماعيةِ الأكثرِ رقيا وعلوا منْ بقيةِ الطبقاتِ الأخرى
نناقش هنا موضوعَ حصولِ تشويهٍ لكينونةِ الإسلامِ وتغيرٍ في الرسالةِ السماويةِ الدينِ في تحقيقِ العدالةِ والكرامةِ للبشرِ والتعبدِ للخالقِ ، وتحولتْ الرسالةُ إلى مبادئَ وشعاراتٍ يدافعُ عنها وينادي بها طبقةٌ معينةٌ منْ الناسِ كأنهمْ هم الأوصياءِ على الإسلامِ وهمْ المخولونَ في اتخاذِ القراراتِ عنْ بقيةِ المسلمينَ ، وأحاطَ هؤلاءِ النخبِ أنفسهمْ بتسمياتِ وتشكيلاتِ هيَ أشبهُ بالأسوارِ التي تعزلُ هذهِ النخبِ وتحميهمْ وتميزهمْ عنْ بقيةِ الناسِ
ما نراهُ الآنَ هيَ عمليةُ وضعِ وحشرِ مفهومِ الدينِ في قالبٍ يسمى بمصطلحِ المؤسسةِ ، ولكيْ نفهمَ ما هوَ التحولُ المقصودُ بهِ هنا ، يجبَ أولاً فهمُ تعريفِ كلٍ منْ الدينِ والمؤسسةِ

الإسلامَ دين يعتمدُ على النصوصِ والتعاليمِ السماويةِ والاعتقادِ والتسليمِ بما تمَ تنزيله على منْ اختارهُ الخالقُ لنقلِ الرسالةِ السماويةِ ، وهوَ خاتمُ المرسلينَ وأخرَ حلقةً بينَ السماءِ والأرضِ ولا توجدُ بعدَ النبوةِ صلةَ أوْ وسيلةِ خطابِ بينَ الإلهِ وبينَ البشرِ ، سوى خطابِ اللهِ -عزَ وجلَ- معَ الناسِ وهوَ القرآنُ الكريمُ وخطابُ المسلمِ معَ ربهِ وهوَ الدعاءُ والتضرعُ.
الإسلامُ هوَ دينٌ سماويٌ ومنْ أحدِ أهمِ الأديانِ الخمسةِ الرئيسةِ التي يتعبدُ بها البشرعالميا ، وتوجدَ أديانٌ أخرى كثيرةٌ جدا يصلُ عددها إلى الآلافِ لكنَ حواليْ 84 % منْ سكانِ العالمِ ينتمونَ إلى واحدةٍ منْ أكبرِ خمسِ مجموعاتٍ ، وهيَ المسيحيةُ ، الإسلامُ ، الهندوسيةَ ، البوذيةَ والأديانِ الشعبيةِ أوْ الدينيةِ أوْ غيرِ المنتمينَ إلى دينٍ .
تعريفُ الوكيبيديا للدينِ بشكلٍ عامٍ هوَ مجموعةٌ منْ الأنظمةِ الاجتماعيةِ والثقافيةِ ، بما في ذلكَ السلوكياتُ والممارساتُ ، والأخلاقُ ، والمعتقداتُ ، ووجهاتُ النظرِ، والنصوصُ ، والأماكنُ المقدسةُ ، والنبواتُ ، والأخلاقُ ، أوْ المنظماتِ ، والتي تربطُ الإنسانيةُ عموما بالعناصرِ الخارقةِ للطبيعةِ والمتساميةِ والروحيةِ.
على الرغمِ منْ عدمِ وجودِ إجماعٍ علميٍ حولَ تعريفِ ما يشكلُ الدينُ على وجهِ التحديدِ .وقدْ تحتوي أوْ لا تحتوي الأديانُ المختلفةُ على عناصرَ مختلفةٍ تتراوحُ بينَ العناصرِ الإلهيةِ ، والقداسةُ ، والإيمانُ ، والكائنُ أوْ الكائناتِ الخارقةِ للطبيعةِ
أما المؤسسةُ فهيَ عبارةٌ عنْ مجموعةٍ منْ الأشخاصِ يعملونَ معا لتنفيذِ عمليةٍ تجاريةٍ أوْ تحقيقِ هدفٍ معينٍ تشملُ الأمثلةُ الشائعةُ للمؤسساتِ الاجتماعيةِ هيَ الأسرةُ والدينُ والتعليمُ والحكومةُ،
تلعبَ المؤسساتُ الاجتماعيةُ دورا مهما في تشكيلِ المعاييرِ والقيمِ الإنسانيةِ والعرقيةِ للشعوبِ وللمجتمعاتِ على سبيلِ المثالِ الأسرةُ هيَ مؤسسةٌ اجتماعيةٌ تلعبُ دورا حيويا في التنشئةِ الاجتماعيةِ للأطفالِ وهيَ المؤسسةُ المهمةُ لجعلِ الإنسانِ إنسانا ؟ تعتبرَ مؤسسةَ الأسرةِ بشكلٍ عامٍ المؤسسةِ الاجتماعيةِ الأساسيةِ ، والأسرةُ هيَ الوحدةُ الأساسيةُ في المجتمعِ والمؤسساتِ الاجتماعيةِ الخمسِ الكبرى في علمِ الاجتماعِ هيَ الأسرةُ والتعليمُ والدينُ والحكومةُ ( السياسيةَ) والاقتصادِ ، وعناصرُ المؤسسةِ هيَ رأسُ المالِ ، العملُ ، التكنولوجيا ، التنظيمُ والإدارةُ. . .

الحكومة هِي نَوْع مِن المؤسَّسات اَلتِي تُدير وتنظِّم أو تُسيْطِر على الجوانب السِّياسيَّة والتِّجاريَّة والتَّعْليميَّة لِلشُّعوب ، والْحكومة تَتَشكَّل مِن مَجمُوعة أَنظِمة وقوانين يسْتخْدمهَا الأشْخاص والْمسْؤولين الَّذين يُحدِّدون ويتحكَّمون فِي البلد ، وَغايَة عمل الحكومات هُو الحفَاظ على القانون والنِّظام بِاسْتخْدام السُّلْطة والْقوَّة القانونيَّة المخوَّلة
أَمَّا مَفهُوم الدَّوْلة فيعْتَبر أَكثَر اِتِّساعًا مِن الحكومة ، حَيْث إِنَّ الدَّوْلة تَعتَبِر كِيانًا شاملا يَضُم كُلُّ المؤسَّسات فِي جميع القطاعات وَيضُم كُلُّ أَعضَاء المجْتمع تَحْت تَصنِيف مُواطنين ، وَهذَا يَعنِي أنَّ الحكومة لَيسَت إِلَّا جُزْءًا مِن الدَّوْلة أيْ أنَّ الحكومة هِي الوسيلة أو اَلآلِية اَلتِي تُؤدِّي مِن خِلالِهَا الدَّوْلة سُلْطتَهَا والْحكومة هِي بِمكانة عَقْل الدَّوْلة . وعنْد مُرَاجعَة التَّاريخ نَجِد أنَّ هُنَاك اَلكثِير مِمَّن أخذ على عَاتقِه مُهمَّة تَحوِيل الإسْلام إِلى مُجرَّد مَنهَج يَستعْمِل لِتصْنِيف وَتنظِيم النَّاس اِجْتماعيًّا أو تمَّ اِعتِبار أنَّ الإسْلام شَكْل مِن أَشكَال المؤسَّسات اَلتِي تسْتعْملهَا الدُّول لِإدارة المؤسَّسات اَلتِي يَتَشكَّل مِنهَا الهيْكل الإداريُّ الحكوميُّ

يتبع....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية