الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى أقول لمحمود سعد لا يوجد حد للردة

جمال البنا

2006 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صدقني أيها القاريء اذا قلت ان ما نحن في حاجة إليه، وما يعد أهم من تعديل المادة 76 ومن توارث السلطة، ومن الخصخصة، ومن كل ما تسيل به صفحات الجرائد والمجلات هو ثورة فكرية تعيد الي المسلمين الايمان بعقولهم.



فلا فائدة من أي اصلاح اذا لم يعمل الانسان عقله. لأن هذا معناه ان تسود الخرافة والكذب والادعاء وأن يظن السيء حسنا والمنكر معروفا وأن يهدر الاصلاح على مذبح الجهالة والغباء ويصبح كأن صبحه ليل ورؤية لعمي.



ومنذ ألف عام ابطل المسلمون اعمال عقولهم عندما اغلقوا باب الاجتهاد واصبح عليهم ان يقلدوا كالقرود. فانطمس العقل المسلم واحاطت به غشاوات الف عام فغطته واصبح المسلمون كالانعام، بل هم أضل، لان القرآن وصف بعض أولئك هم الغافلون.



ان المسلمين اسعد حظا من الأمم الأخري، فلا يوجد في كتابهم المقدس ظل لخرافة، ولا عداوة لعقل بل فيه الحث علي العقل والفكر والتدبر وابتغاء الحكمة.



ولكن هذا القرآن اصبح مهجورا - فقد سلط عليه اعداء الإسلام وحاشية السلطان الألوف من الاحاديث الموضوعة تفتئت عليه، وتأتي بأحكام مناقضة له، بل وتبتر منه مئات الآيات بدعوي النسخ وتعيد اسباب نزولها الي مناسبات واهية أشبه بقصص الأطفال.

***



في الموضوع الحالي "موضوع الردة" الذي أراه امتحانا لعقول المسلمين والذي كتبنا منه في عدد الخميس الماضي من هذه الصحيفة فناقشناه مرة اخري في التليفزيون يوم الجمعة الماضي جلسنا في استراحة ضيوف برنامج اليوم السابع التابع لتلفزة mbc في انتظار دورنا نشاهد البرنامج الذي يسبقنا وكان عن احد الذين ذهبوا للحوار مع الدنماركيين وتعريفهم بالاسلام. الرجل الذي لا يعرف إلا الاسلام السلفي وليس لديه ما يبرزه إلا ما يقدمه عمرو خالد الي جمهوره وهو لا يعرف نفسية ومدي عقلانية الدنماركيين فلا هو يعرف الاسلام المتحرر، ولا هو يدرك نفسية الدنماركيين فكيف يتم الحوار؟!



علي كل حال ليست هذه هي القضية.



القضية هي موضوع الردة الخالد الذي اعتبره امتحانا للايمان بالحرية والعقل..



دخلنا فقال لي الاستاذ محمود سعد مقدم البرنامج: استاذ جمال انت لا ترى ان هناك حدا للردة فما دليلك؟! قلت: دليلي الآيات العديدة التي تقرر حرية الاعتقاد. فسأل زميلي وهو شيخ أزهري واستاذ باحدى كليات الأزهر.



فتح الشيخ كتاب الفتح الرباني لمسند الامام احمد بن حنبل الذي صنفه الشيخ الوالد رحمه الله وقال انه يقرأ من الكتاب الذي وضعه والد جمال البنا. وسرد منه حديثا عن معاذ بن جبل عندما زار مجموعة من المسلمين فرأي رجلا مقيدا فسأله عنه فقالوا له كان مسلما فارتد فأبي ان يجلس حتي يقتل الرجل وقال قضي رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتل من ارتد.



رددت عليه بحديث مماثل، ولكنه عن عمر بن الخطاب الذي قال له احد جلسائه: انهم قتلوا رجلا ارتد فقال هلا ادخلتموه جوف بيت فألقيتم اليه كل يوم رغيفا ثلاثة ايام واستتبتموه لعله يقوم أو يراجع أمر الله. اللهم اني لم اشهد ولم آمر ولم ارض اذ بلغني. وهو ما يخالف حديث معاذ بن جبل.



علي ان الأحاديث لا تغني شيئا امام القرآن. وقد اعتقد مفكر من افضل المفكرين الاسلاميين ان عدم تحديد القرآن حدا للردة لا يعني عدم وجوده لان الله سبحانه وتعالي قد خول لنبيه ان يسن لأمته فيما ليس فيه حكما. وقد امر الله بطاعة رسوله فمن قبل عن الرسول صلي الله عليه وسلم، فبفرض الله قبل.



نقول ان هناك فرقا. فعندما يذكر القرآن الردة ولا يقرر لها عقوبة دنيوية وانما عقوبة أخروية، فمعني ذلك انه قرر حرية العقيدة وبالتالي لا يجوز للرسول ان يأتي بحكم يخالف ذلك. وانما يكون للرسول ان يحكم فيما لم يذكره القرآن. اما ما ذكره القرآن فانه بالطبع يلتزم به.



والموضوع بعد هذا كله ليس موضوع نصوص فحسب وانما هو موضوع عقل. وهو يتعلق بحرية الفكر التي اثبتت تجارب البشرية منذ ان حكمت اثينا علي سقراط بالموت، وما تلا ذلك في اربعة اركان الارض وعلي اختلاف العصور من محاولات كبت حرية الفكر وباءت كل هذه الجهود بالفشل وما أدت هو انها اخرت التقدم البشري. وما ان تحررت البشرية من القيود التي وضعتها الكنيسة او الحكام علي الفكر حتي تقدمت أوروبا وخفقت انجازاتها. وجدت نفسي في واد والشيوخ "وعامة المسلمين" في واد آخر. أتكلم بلغة وهم يتكلمون بلغة ثانية أتكلم بالعقل، بالمنطق وبالتاريخ، ويأتونني بالعنعنة عن فلان وآتيتهم بالقرآن.. ويأتونني بقيل وقال.



هل تحررنا من الايمان بالعزي ومناة ووثننا البخاري ومسلم؟ هل وصلنا الي درجة نفضل القيود علي الحرية ونتنكر للبديهيات ونأخذ بالروايات؟ هل انحط ايماننا بالاسلام بحيث نتصور ان الدفاع عن الاسلام انما يكون بقتل المرتد؟



الإسلام يا عالم قوي بعقلانيته، وهو يزدهر في مناخ الحرية. والإسلام قيم، والقيم لا تزيد ولا تنقص ولا يزيدها إيمان المؤمنين ولا ينقصها جحد الجاحدين. وقد قال الله "فمن اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها".



فمتى بالله تؤمنون وإلى القرآن تعودون؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا