الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون الانتخابي بين ازدواجية السلطة والاحتكار الحزبي

محسن أبو رمضان

2006 / 12 / 12
المجتمع المدني


تعددت المبادرات والاقتراحات من أجل المساهمة في تجاوز حالة الاستعصاء في بنية النظام السياسي الفلسطيني بين كل من الرئاسة ومجلس الوزراء وامتداداتهما السياسية المجسدتين بحركتي فتح وحماس .
وقد كانت كافة قوى شعبنا وفاعلياته المختلفة تتمنى أن تتكل تلك المساعي بالنجاح ومنها الحوارات الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني (الأسرى ) ، كما كانت تتمنى الوصول إلى قواسم مشتركة سواءً بالاتفاق على أركان تلك الحكومة من القوى السياسية أو من الكفاءات الوطنية أم كليهما معاً في سبيل التصدي للأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية القائمة وبهدف وقف حالة الاستنزاف واستعادة المبادرة على المستويات المختلفة ضمن القناعة العامة بضرورة ترتيب الجهود الداخلية بوصفها خشبة الخلاص ليس فقط لتجاوز حالة الاحتقان والاستنزاف بل كذلك العمل على استعادة مكانة القضية الوطنية من جديد على أرضية تساهم بالتخلص من الاحتلال وضمان حق شعبنا بالحرية والاستقلال .
ومع الأسف فقد تم إعلان توقف الحوارات الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية الأمر الذي أدى إلى تعميق حالة الاحتقان الداخلي من جديد ، وقد برزت عدة أسباب وراء هذا التوقف والوصول إلى طريق مسدود ، منها ما هو سياسي ومنها ما هو مواقعي " المحاصصة " في التوزيعات الوزارية ، تلك الأخيرة التي أدت إلى ردود فعل سلبية بين القوى و الفاعليات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص التي شعرت بالاستبعاد والإقصاء والتهميش في الوقت الذي يدور به الحديث عن الشراكة السياسية الشاملة في مواجهة التحديات الخارجية واستحقاقات الوضع الداخلي أيضاً .
من هنا فقد برز أن أزمة الحكومة ليست أزمة فنية أو دستورية، حيث قام الرئيس بتشكيل لجنة سميت لجنة الخيارات ، من أجل فحص الاحتمالات الدستورية لتجاوز الأزمة .
اعتقد أن الأزمة هي بنيوية شاملة ، وهي صراع على السلطة وقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية بعد ذلك أي على قيادة ( منظمة التحرير الفلسطينية )، وإذا كان شعبنا بكافة قواة وفاعلياته قد اختار الطريق الديمقراطي " صندوق الاقتراع " لحسم التباينات والاختلافات بالرؤى والتوجهات ، فإنه من الأنسب استخدام نفس الطرق والآليات بهدف حسم أزمة التشكيل الحكومي الذي يعتبر التعبير الجلي عن أزمة المكانة والموقع والمنافسة على تبوء المركز القيادي في تركيبة الحركة الوطنية الفلسطينية بمجملها .
وعليه فمن المناسب وأمام تعثر الحوارات وتوقف المبادرات الأخرى ، التفكير الجاد من قبل منظمات المجتمع المدني ومعها العديد من الكتاب والمهنيين والشخصيات المجتمعية والأكاديمية ، بالقيام بمبادرة قادرة على تجاوز حالة الاستعصاء والأزمة البنيوية عبر التقدم بحلول جذرية، تعتمد المشاركة وتؤكد على التعددية وتنهي حالة المحاصصة ، وتكرس مبدأ الحضور الشعبي والجماهيري في سياق صياغة النظام السياسي الفلسطيني على أسس من الديمقراطية والمشاركة الواسعة.
إن الاقتراح الأكثر عملية يكمن بالدعوة لإجراء انتخابات مبكرة وجديدة للسلطة التشريعية التي تشهد حالة من الشلل والتعطل جراء التنافس بين القوتين الرئيسيتين ( حماس وفتح ) ولكن من خلال التجربة فإنه من الجدير بالتفكير هو إعادة صياغة القانون الانتخابي ليعتمد التمثيل النسبي الكامل والذي هو اقرب إلى العدالة والإنصاف حيث أنه يمنع هدر الأصوات ويكرس التعددية السياسية ويعطى لجميع القوى ذات الحضور الجماهيري بالتمثيل في مقاعد البرلمان ، كما أنه ينهي حالة الاستحواذ عبر استبدال احتكار حزبي باحتكار حزبي آخر ، فمن المعلوم أن استحداث منصب رئيس الوزراء والصلاحيات التي أسندت له عبر تعديل أجزاء من القانون الأساسي عام 2003 ، تمت لأسباب سياسية ، حيث حينها رغبت القوى الدولية ، بإضعاف سلطة الرئيس ياسر عرفات ، كما لوحت بشعارات الإصلاح واللامركزية ، ليس ايماناً بها بل كأدوات ربما تساعد على تمرير الحلول السياسية التي كانت مقترحة في حينه ، حيث أننا أدركنا جميعاً المغزى السياسي وراء تلك المقترحات ، حينما لم تعد القوى الدولية تعير اهتماماً إلى منصب رئيس الوزراء ، خاصة بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في يناير 2005 ، الأمر الذي يشير إلى أن هذا الاستحداث لم يكن استجابة طبيعية لتطورات البناء الداخلي والقانوني والإداري الفلسطيني بقدر ما أنه جاء استجابة لبعض الضغوطات الدولية لتجاوز المزيد من الضغوطات في حينه .
من هنا فبالضرورة التفكير الجاد من جديد باتجاه إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بحيث ينهى التعارضات ما بين صلاحيات الرئاسة ومجلس الوزراء ، كما بالضرورة ان يساهم هذا النظام في منع الاحتكار الحزبي الأمر الذي سيرخى بظلالة على تركيبة المجتمع وفق رؤية حزبية محددة ،وليس وفق رؤية جماعية وديمقراطية شاملة عبر ضمان تمثيل كافة القوى والفاعليات في تركيبة السلطة التشريعية .
لقد آن الأوان للبحث عن حلول جذرية وبرؤية وطنية فلسطينية قائمة على ضمان التعددية والمشاركة ومنع الإقصاء والتهميش، إن ذلك يكمن في قانون التمثيل النسبي الكامل ، مع إلغاء منصب الرئيس ، حيث أن رئيس الوزراء يصبح صاحب الصلاحيات التنفيذية الرئيسية إذا كان يرئس الكتلة الأكبر في المجلس التشريعي ، وإذا استطاعت تلك الكتلة سواءً بمفردها أو بالتحالف مع الكتل الأخرى في تكوين الوزارة التي يمنحها الثقة أعضاء المجلس التشريعي .
وقد أبرزت التجربة أن القانون الراهن الذي يجمع بين الدوائر والتمثيل النسبي لم يساعد على تعزيز التعددية والمشاركة ولم يكن منصفاً بالمفهوم النسبي ، حيث أن فوز أحد المرشحين في صوت إضافي في دائرة ما أو في زيادة 30% عن نسبة منافسه يؤدي إلى حرمان عدد كبير من الأصوات وهدرها ، الأمر الذي لا يحدث في إطار التمثيل النسبي الكامل والقائم على عدد الأصوات جميعها بدون هدرها أو إضاعتها كما هو الحال في الدوائر .
كما أن قانون التمثيل النسبي الكامل يساهم في تنشيط الحياة الحزبية ، ويعمق التفاهمات بين القوى الصغيرة لاجتياز نسبة الحسم ، أما بالنسبة للمستقلين فبامكانهم تشكيل كتلة انتخابية والمنافسة وفق برنامج محدد ، خاصة أن السبب الرئيسي والذي كان يساق وراء اعتماد نظام الدوائر إلى جانب التمثيل النسبي أن الدوائر تعطي المجال للمستقلين للتمثيل البرلماني بالوقت الذي لم يحدث هذا في الانتخابات الأخيرة ، حيث لم يفز أياً من المستقلين الحقيقيين ، حيث أن الذين فازوا كانوا مرشحين لإحدى الكتلتين الرئيسيتين حماس أو فتح ، كما أن المستقلين الذين فازوا كانوا مدعومين وبصورة علنية من واحدة من تلك القوتين ، والمثال البارز على ذلك دائرة غزة التي فاز بها المستقلون المدعومون فقط من حركة حماس الأمر الذي يشير إلى بهتان الحجة التي كانت تبرر نظام الدوائر بأنه يعطى المجال للمستقلين كما أسلفنا .
وعليه فإذا اتفقنا إن الأزمة بنيوية ،فهي بحاجة إلى حلول جذرية وبآليات ديمقراطية .
ولقد آن الأوان لمنظمات المجتمع المدني بأن تلعب الدور الريادي ، وتخرج من دائرة الانتظار والترقب للاعبين السياسيين ، وذلك عبر آليات للضغط والتأثير والقدرة على الحشد والتأثير بالثقافة العامة وبصناع القرار ،بهدف وقف حالة الاحتقان ، وبالعمل على استعادة المبادرة التي تبدأ بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني الذي يتجسد محوره الأساسي بالسلطة التشريعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار