الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاطمة ابراهيم جائزة ابن رشد للفكر الحر

محمد زكريا السقال

2006 / 12 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في 8 / 12 / 2006 الساعة الخامسة مساء في برلين كانت قاعة ,, معهد غوته ،، تغص بالمحتشدين من عرب وألمان ودبلوماسين من أجل تتويج السيدة فاطمة ابراهيم بجائزة ابن رشد للفكر الحر. توزعت الكاميرات في ارجاء القاعة وانتشر أعضاء المؤسسة بين الضيوف يطلقون الابتسامات ، وينظمون الأجواء. حركة هادئة تعطي للجو انطباع رصين ومهيب. الجمهور يتطاول برأسه ينظر للمنصة المعدة بإتقان ... المقاعد... أدوات الصوت... باقة الزهور... كأس الماء. تواجد الأخوة السودانيون بكثرة، فخورون، وجهوهم تتلألأ مثل قطوف العنب وسط المقاعد. والسفير السوداني الجديد بينهم، وما أن اعلن عن الترحيب بالسيدة فاطمة ابراهيم حتى انقلب الجو الهادىء الرصين وعلا التصفيق. وقف الجمهور وامتد التصفيق لفترة طويلة والشجرة السودانية الجميلة تنحني بتواضع لجمهورها ويشتد التصفيق. تبكي السيدة ابراهيم تحيي الجمهور بدموع الفرح دموع الأم. أربكت، ولم تعد تدري أتجلس من أجل إلقاء كلمتها وهي لا تعطى فرصة من وقوف الناس وتصفيقهم. بصعوبة عاد للقاعة هدوئها، وابتدأت السيدة فاطمة ابراهيم تسرد شريطا لحياة طويلة من النضال والعراك تحمل فيه قضية المرأة السودانية من خلال حملها لقضية السودان وتحرره وسيادته وتحديثه ووحدته.
تاريخ طويل وكبير والمرأة السودانية والسودان صليب يدمي ظهر فاطمة ويحملها الكثير من العذاب والمتاعب من اعدام الشفيع زوجها المناضل النقابي الى الاعتقال والإقامة الجبرية وللنفي.
هل يمكن اختصار حياة هذه السيدة الفاضلة بمقال؟ وهل تفي هذه السطور بحقها؟ أشك .ففاطمة ابراهيم التي يفخر السودان والمرأة العربية بها تعتبر بحق علم من أعلام النضال التحرري في المنطقة العربية. لايمكن لأحد تجاهل هذه التجربة الرائدة التي انطلقت مبكرا بمواجهة الاستعمار الذي شكل بوابة الوعي للانخراط بمواجهة سياسة التجهيل التي أراد الاستعمار فرضها من خلال فرض حدود تعليم المرأة لتقتصر على التدبير المنزلي والخياطة والاهتمام بالأولاد. الأمر الذي وقفت بمواجهته فاطمة لتقود اضراباً مفتوحاً اجبر السلطات على اعادة النظر في القرار وسمح للمرأة السودانية بالتعليم ونيل الشهادات مثلها مثل الرجل. انبرت فاطمة لتطور بنضال المرأة حيث ادركت اهمية الاعلام فمن صحيفة حائط تحررها وتكتب بها عن حقوق المرأة إلى بناء الاتحاد النسائي ونشره في ريف السودان وحث المرأة على العلم والعمل ليصبح اتحاد النساء السوداني من أهم المؤسسات التي تنادي وتناضل من أجل نيل المرأة السودانية حقوقها السياسية والاجتماعية. حرصت السيدة ابراهيم على استقلالية الاتحاد السياسية وابعاده عن صراع الأحزاب والحركات مما اكسبه قوة ودورا في انتزاع الكثير من الحقوق، من فرض التعليم والمساواة بالأجور وحق الحضانة المأجورة، وإالغاء الزواج المبكر وكثير مما كان يقبع فوق كاهل المرأة من اضطهاد مصحوبا بالجهل والتخلف. عملت السيدة فاطمة وزميلاتها من اجل ان تصل المرأة السودانية لحقوقها، محطات كثيرة غطت أكثر من نصف قرن من حياة السودان السياسية. كانت السيدة فاطمة ابراهيم جزءاً اساسيا فيها تناضل وتدفع ثمن نضالها حصارا واعتقالا ونفيا. فالسيدة التي فازت بعضوية البرلمان السوداني والتي ناضلت من أجل ان يكون صوت المرأة مسموعا وحقوقها حاضرة، حوربت من الكثير من التيارات الدينية العصبوية التي تتعلق بقشور الدين، ومن السلطات التي تريد سيادة مصالحها وسلطتها. وحيث تفشل سياسة الترغيب وشراء الذمم والضمائر مع السيدة فاطمة التي رفضت مناصب كثيرة في الدولة ـ منصب وزير ـ وكثير من الاغراءات تمارس عليها سياسة القمع وكم الأصوات والحصار والاعتقال والتشريد.
اليوم تكرم مؤسسة ابن رشد للفكر الحر السيدة فاطمة ابراهيم، وفاطمة تكرم ابن رشد بحضورها والحدث يعطي استثناء للجائزة التي سبق وقدمت لكثير من المبدعين العرب. الاستثناء هنا تكريم امرأة مناضلة نسائية، سياسية وحقوقية من الطراز الرفيع وهذا يضفي على جهود مؤسسة ابن رشد بريقا حضاريا، بأن تهتم بقضايا المرأة وتصطف إلى جانب حقوقها، وأن تكون هذه المرأة فاطمة ابراهيم شجرة السودان الضاربة في الأرض وفي ظل هذه الهجمة من الردة والجهل والتخلف، فهذا موقف حضاري عملي من الواقع لابد من التنويه به. دين معنوي للسيدة فاطمة قدمت مؤسسة ابن رشد قسطا منه بانتظار المؤسسات العربية الأخرى لتسديد اقساطها الكثيرة للرموز والأسماء التي وقفت صامدة في خندق الأمة ومستقبلها وحريتها، وفاطمة تحتل القمة بلا شك. فشكرا لمؤسسة ابن رشد ، وأطال الله عمر فاطمة احمد ابراهيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إحدى الحاضرات منى الحركة


.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك




.. سلوى جرادات وهي فلسطينية من رام الله


.. دراسة: النساء يعشن أطول من الرجال لكن بأمراض أكثر!




.. أول مكتب عقاري بإدارة امرأة في مقاطعة الرقة