الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أهل الذمة وضلال الله
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
2024 / 6 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الأشياء الواضحة للعيان ولا تقبل الشك أو الجدل هو أن كل بشر وكل مجتمع وكل دولة كفرت أى أبتعدت عن الإيمان بالله الواحد، ومنظومتها المجتمعية من وجهة نظر الله والمؤمنين به أنهم مجتمعات فاسدة وشعوبها فسدت أخلاقها ولن يقف معهم وإلى جانبهم الله، لكن رغم ذلك الأعتقاد الراسخ والثابت جميع تلك البلاد تطورت وتقدمت شعوبها بدون الإيمان بالله وبدون ممارسة الطقوس اليومية من صلوات والدعاء ولعن غير المؤمنين، وبدون مزاولة طقس رفع الآذان اليهودى للصلاة وممارسة طقس الوضوء اليهودى فى كل صلاة يقيمونها مثل صلاة الفجر أو الظهر أو العشاء، أستطاع هؤلاء الغير مؤمنين بفكرة الإله السماوى وبدون الحاجة إلى الأديان وصاحبها الله أن يحققوا التقدم التكنولوجى والصناعى والإجتماعى، أستطاعت شعوبها المتعلمة الرافضة لله أو الإيمان به أن تكون فى مقدمة الشعوب التى تهتدى فى طريق حياتها بأنوار عقولها الإنسانية.
هذه الفقرة تحتاج التوقف أمامها لأن المؤمنين بالأديان والله من أهل الكتاب وأهل الذمة ما زالوا يعيشون فى ظلام عقولهم الغيبية، تلك العقول السلفية التى سجنها الله وجعلها تعيش على أوهام أفكار تم تدوينها فى عصور الجهل والحروب والغزوات والإستعماريين، تلك الأفكار والممارسات المأخوذة من أساطير المصريين والسومريين والآشوريين والبابليين والهنديين وغيرهم من شعوب العالم الذين صنعوا حضارات، وصنعوا آلهتهم بالطريقة التى لا تؤثر سلبياً على ضرورة الوعى بأهمية العمل وأستخدام العقل فى الإبداع والإختراعات العلمية والتفوق البشرى، ولم يهملوا حياتهم الحقيقية بالممارسات الدينية والطقوس وتكفير الآخر والإعتداء على حريته فى الإيمان أو عدم الإيمان، لكنهم ورغم ذلك فالمؤمنين بالإسلام والمسيحية واليهودية يشاهدون الفرق بين الحق والباطل، بين حقيقة أن الإنسان موجود وهو صانع تقدمه ومستقبله، لكن من يعيش على الإيمان بالباطل أى يؤمن ويصدق بقصص وأساطير باطلة لأنها غير موجودة، وعقولهم التى لا تفكر إلا فى الله وضمائرهم راضية بنعمة الله بالجنة المكسب الخيالى لكل مؤمن!!
فشل الله فى تنفيذ كلامه ووصاياه التى وضعها الرسل والأنبياء على لسانه وصدق المؤمنين بهم كلامهم وإنه من عند الله الإله، بل صدقوا أن هناك إله أرسلهم إليهم يعيش فى السماء لكى يتركوا الذنوب والخطايا ليعبدوه حتى يغفر لهم، لكننا بنظرة فاحصة ومتمعنة سنجد أن الله لم يفشل لأنه غير موجود وإلا سيكون هذا الفشل بمثابة طعنة حادة يوجهها المؤمنين به الذين فشلوا فى إثبات طريق الله الحقيقى، وفى الوقت ذاته نجح غير المؤمنين بالله فى إثبات أن إلههم [ العقل] فى الحقيقة أعظم وأذكى من الله، لأنهم نجحوا فى إثبات نجاحهم فى تحقيق التقدم والرفاهية وعملوا وفعلوا كل شئ عكس ما نهى الله عنه المؤمنين به، وأثبتوا بذلك فشل فكرة الله والرسل والأنبياءوالتى كانت وراء تخلف المجتمعات والعقول التى تؤمن بكتب الأديان الغيبية حتى الآن.
لذلك لا يلتفت المؤمنين إلى أن إيمانهم بالله لم ينتج عنه إلا إستمرار تخريب وتدمير مجتمعاتهم وحياتهم اليومية التى لا وجود للأخلاق الإنسانية فيها، بل أخلاقهم أسوأ من أخلاق الذين يكفرونهم ويتهمونهم بأن سلوكياتهم فاسدة والدليل أن الفاسدين حسب كلام رجال الدين نجحوا فى تحقيق ما عجز عن تحقيقه الله بمؤمنيه، لأن الجهل سيطر على مجتمعاتهم ورؤوسهم وأنتزع حق إتخاذ القرار لصالح خالق السموات والأرض حسب أعتقادهم.
هل كل هذه الحقائق التى طمسها أهل الإيمان هى من الجرائم والبلاوى والمصائب المسكوت عنها والغير قابلة للتفكير فيها بأمر الدين والفقهاء والساسة؟؟
هل هناك أختراق إرهابى وهابى لكلام الله فى الإسلام ويدفع المسلمين ليتحكموا فى عبادات غير المسلمين؟
كيف تؤمن بالله ثم تطبق شريعة العهدة العمرية بكل ما تعنيه من معانى مبتذلة وعدم احترام للآخر وإزلال لإنسانيته؟؟
بل تدعوه باسم الله إلى القيام بأعمال تحقيرية غير أخلاقية؟ أى إله يطالب المؤمنين به بفعل ذلك ؟؟؟
أهل الذمة أو أهل الكتاب التى أطلقها الله على شعبه هل هى جريمة بشر أرتكبها محمد والصحابة والمؤمنين به؟
أم هى جريمة الله التى فتح الطريق بهذه التسمية وفصل عنصرى بين أهل الكتاب والمسلمين؟؟
عملية إتهام الله لأهل الكتاب بالتحريف لكتبهم وفى الوقت نفسه لم يكفرهم؟ لماذا ترك الأمور بهذا الشكل الذى يحتمل أنهم ضالين وفى الوقت نفسه مؤمنين به بأن أعطيتهم حق أن يتحاكموا بتلك الكتب؟
ما هو السبب الحقيقى وراء تلك الأعمال المخالفة للقانون وللشرع الإسلامى التى قام بها عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص؟؟
من الذى يسمح بوقوعها وبأرتكابها فى حق المؤمنين من أهل الكتاب أهل الذمة؟
هل هى جريمة البشر المؤمنين الجدد الذين أبتكروا أساليب جديدة لتكفير المؤمنين مثلهم بالإله الواحد بأتهامهم بالشرك؟
هل حماس الحكام والمحتلين المسلمين أعطاهم الحق والحرية للمبالغة فى تكفير أهل الكتاب أو المسيحيين خاصة حتى يبرروا غزواتهم وقتلهم وأحتلال بلادهم؟
هل من يملكون سلطة تنفيذ القوانين سواء سلطات سياسية أو دينية يخلدون إلى الصمت القاتل حتى يكسبون ثواباً وتكتب لهم حسنات يدخلون بها الجنة ويرضى بها عنهم إله الجنة؟؟؟
كان من الخير والصلاح لبنى البشر أن تكون الأديان مصدر الحب والسلام والرحمة والمودة والتعايش الحقيقى فى حال كونها جاءت من عند الله الحقيقى، لكن ما رأيناه فى تاريخ الأديان يثبت أن مصادرها بشرية كتبها بشر يحب ويكره ويفزع ويندم ويهيج وينفعل ويضل ويهدى، يعذب ويرهب ويحارب ويقتل ويسفك الدماء، إنها إنفعالات ومشاعر وعواطف نصوص الأديان التى أغرقت الدول العربية فى حروب وصراعات كل دين ليفوز بأكبر عدد من المؤمنين وبخيرات المهزومين، هذه هى مبادئ شرائع الأديان وآلهتها التى تجلس على كرسيها وعرشها فى السماء تراقب تابعيها إذا كانوا ينفذون أوامره أم لا.
ألم يعلم إلهكم الله أن المؤمنين به يحتكرون الحرية لأنفسهم ويحرمونها على غيرهم من الأديان الآخرى؟
ألست معى عزيزى القارئ أن الله رآى رجال دينه يطلقون لقب أو تسمية أو صفة أهل الذمة على النصارى، ولا اعتقد ان الله فهمها بمعنى ان بن تيمية والجوزية وغيرهم كانوا يطلقون عليهم الفتاوى ويكتبون فيهم مئات الكتب وعناوينها الواضحة للعيان تبدأ بعبارة: أهل الذمة، وأعتقد أنه الله فهم وعلم أن فقهاءه ورجال دينه المؤمنين به يمدحون ويفخمون فى النصارى المسيحيين أهل مصر واطلقوا عليهم أهل الذمة، لا لا لم يكن الامر بهذه البساطة فكلمات وشروحات وتفاسير وفتاوى كتبهم لم تكن تحتوى على أحكام أهل الذمة وأنتهى الأمر، لا بل لم يكن القصد هو التفخيم لهؤلاء الكفرة بل كانوا يقصدون تحقيرهم وإشعارهم بالذل والمهانة، وكانت كتبهم تنضح بالكراهية والبغضاء لأهل الذمة الذين لا يجب إظهار المودة لهم ولو لمجرد تحيتهم وإلقاء السلام عليهم أو تهنئتهم بأعيادهم الكافرة، وهل نحن وغيرنا كثير سنفهم أفضل من عباقرة وعلماء الدين الحاكمين له فى كل عصر وآوان؟؟؟
قال فقهاء التراث أن الله يريد ذلك وأن لا يواليهم المسلم وغير ذلك من الكلام البعيد عن محبة الله أو رحمة الله أو غفران الله!!
هذه هى سلوكيات رجال الفضيلة والتقوى الذين يعكسون صورة إلههم بالحق والباطل لأنه يملك حرية أن يهدى من يشاء ويضل من يشاء! ليس حقيقياً أن يكون الإله ظالم إلى هذه الدرجة يرتكب المعاصى ويفعل ما يشاء بل ليس من حقه وحق البشر أن يضلوا غيرهم ثم نقول: أنا حر! وتحت هذه الحجة يتذرع المؤمنون برفض الآخرً فى غياب المنطق والمعقولية التى يتم بها تريد كلام محفوظ لا نفهم معناه ولا نريد لأننا ببساطة: مبسوطين كده!!
فهل نملك الجرأة لمواجهة من يصادرون أفكارنا بأسم الله ونرفض ما لا يتفق مع قناعاتنا العقلية؟
إن فعل رفض الآخر وإضلاله من الإله هو فعل خطير يسمح بالقتل المعنوى بدون رحمة بدعوى أنه حر يفعل مايشاء، لا يا إخوة أنت حر تختار كأنسان فعل الخير والشر لك الإله لا يمكن أن تصدر عنه مقولة خطيرة مثل حرية أن يقتل البشر بدلاً من هدايتهم.
وقبل أن أختم مقالى أقول أننى تكلمت على المكشوف وبصراحة وشفافية وقد ترى عزيزى القارئ أنك أمام بعض العبارات التى تعبر عن حقائق قد تصدم مشاعرك وأنفعالاتك لكنها الحقيقة، التى فضلت أن أكتبها على أهرب من مواجهتها ونظل جميعاً فى خوف من مواجهة أنفسنا ونعيش على الخداع حتى لا نجرح مشاعرنا ونجرح مشاعر الآخرين!!
فهل يمكننا أن نتساءل ببراءة وصدق:
متى يخرج الجميع من شرنقة الجهل والتخلف والعنصرية الدينية حتى يدخلوا فى عالمنا المعاصر لطلب العلم والمعرفة؟؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي