الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو (الجزء الثاني)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 6 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن مناقشة هذا التجذر الحيوي للسلطة يغذي عددا معينا من الاستخدامات المعاصرة لفوكو. كما أنه يلقي الضوء على التأويل الذي اقترحه دولوز، منذ نشر "إرادة المعرفة"، لهذا التمفصل بين السلطة والحياة، من خلال إعطاء هذه الأخيرة أولوية وجودية بالنظر إلى السلطة.
لكن، إذا كان هذا النقاش يتجه إلى بلورة المشاكل التي يطرحها الفهم الفوكوي للجسد، فذلك لأنه يخفي صعوبة ثالثة، وهي صعوبة النظام السياسي. فالإمكانية المفتوحة من قبل المسلمة الحيوية هي بالفعل إمكانية سلطة الأجساد؛ أي أنها لا ترتبط فقط باستثمار الأجساد من قبل السلطة، بل باستثمار مضاد للسلطة من قبل الأجساد.
في الواقع، من دون هذه المادية المتمردة للأجساد، كيف يمكننا تصور مقاومة السلطة التي لم يفشل فوكو في تناولها؟
هذه النظرة العامة الأولى يجب أن تكون بمثابة خط إشكالي لفهم أفهوم الجسد عند فوكو. باختصار، يتعلق الأمر بمعرفة بأي معنى يمكن أن نقول، مع فوكو، إن السلطة "تصنع جسدا" و"تصنع أجسادا ". لذلك فإن طموح هذا المقال هو قبل كل شيء الكشف عن مصطلحات التمفصل بين الجسد والسلطة في نص فوكو، من أجل توضيح إحداثيات هذه الإشكالية. ل
لقيام بذلك، نود أن نتساءل بشكل خاص عن أفهومي الفرد والذات، اللذين يظهران أثناء استثمار السلطة من قبل الأجساد. إذا كانت هذه المقولات نتاج دمج أولي للسلطة، فإنها بالفعل يمكن أن تصبح داعمة للمقاومة المبذولة انطلاقا من الجسد، ولكنها تمر أيضا عبر أشكال أخرى من التفردنات وأشكال أخرى من التذويتات.
- التشريح السياسي: الفرد والجسد المادي للسلطة
الإجراء الأول الذي قام به فوكو في ارتباط بالتحديد الجسدي للسلطة تمثل في إعادة تقييم الاستعارة العضوانية الكامنة وراء فكرة "جسد السلطة". ضد هذه الصورة المقامة على مماثلة بين الجسد الفردي والجسد الدولتي، أراد فوكو أن يثبت جسدية واقعية للسلطة. يتعلق الأمر إذن بالنسبة إليه بأن يدفع، أولا، بأن "الجسم السياسي" يجب أن يفهم بمعنى تشريحي، مثل "مجموعة من العناصر المادية والتقنيات التي تصلح كأسلحة، كرافعات، كقنوات للتواصل، وكنقط ارتكاز لعلاقات السلطة والمعرفة التي تستثمر الأجساد البشرية"، وثانيا، بأن السلطة لا تزاول وفق شكل "أساسي" (capitale) وسيادي، بل تمارس على مستوى "زغبي" (capilaire) للأفراد أنفسهم. إن الإثبات المفاهيمي لجسدية السلطة والافتراض التاريخي لانتقال طرقها في الممارسة، من "رأس" الجسد السياسي حتى "الزغبات" التي يحاك منها، هما منذئذ الأطروحتان الرئيسيتان اللتان دافع عنهما فوكو قي "المراقبة والمعاقبة"، كما في الدروس التي ألقاها في بداية السبعينيات".
(يتبع)
المرجع: https://journals.openedition.org/philosophique/1782








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا اتفاق بين زعماء دول الاتحاد الأوروبي على تقاسم المناصب ال


.. ما موقف الأحزاب الفرنسية ومقترحاتهم من الهجرة في حملاتهم الا




.. لتطبيع العلاقات.. اجتماع تركي سوري في قاعدة روسية| #الظهيرة


.. حارس بايدن الشخصي يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح




.. وول ستريت جورنال: لا وقت للعبث بينما يحرق حزب الله شمال إسرا