الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلتي أكبر من مشكلتك

ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)

2024 / 6 / 16
المجتمع المدني


مشكلتي أكبر من مشكلتك .. مشكلتي أكبر مشكلة في العالم .. لا أحد يستطيع أن يواجهها ويبقى متوازن. هكذا صرخ بصوت عال ومتحشرج وتكاد الدموع تسقط من عينيه وهو ينتفض ويهز يديه بعصبية. وما كان من محدثه إلا أن لزم الصمت وتركه يصرخ بصوت عالٍ، ثم طلب منه أن يهدئ وغادره. كان يفكر أن يقول له شيئا لكنه احتفظ بكلامه لنفسه. إن صمت الآخرين لا يعني خلو حياتهم من المشاكل كبيرة كانت أو صغيرة، فقد يكون هذا الصمت تقديرا من الصامتين لمشاكل الآخرين التي يجهلونها وربما هم يفسرون قول الشاعر؛ "لا تشكو للناس جرحا أنت صاحبه .. لا يؤلم الجرح إلا من به ألم".
كثير منا يرى الأمور بهذه الشاكلة فيعظم مشكلته أو مشاكله ويصغر مشاكل الآخرين أو لا يراها. وهي حالة تكاد أن تكون طبيعية مرتبطة بشخصية الإنسان، لاسيما من يفتقد الخبرة والتجربة في الحياة ولا يملك من الحكمة شيئا. ويمكن أن يكون هذا التصرف والإحساس نوع من الأنانية المفرطة حين يطالب الإنسان بالتزام معين يستصعبه، فيدعي أنه مشغول بمشاكله الكبيرة والكثيرة.
الحياة لا تخلو من المشاكل البتة .. بل لا حياة بدون مشاكل. كلنا لدينا مشاكل، لديك مشاكلك ولدي مشاكلي. أما أيهما أكبر، فذلك لا معيار له ولا مقياس. كل منا ينظر إلى مشكلته غير مهتما بمشاكل الآخرين التي لا تعنيه. كل واحد منا يعتقد إن مشكلته أكبر المشاكل التي يواجهها البشر والتي لا يصمد أمامها أحد. فكل واحد منا يغني على ليلاه، فيرى مشاكله ولا يرى مشاكل الآخرين، أو يراها بمستوى أقل بكثير من المشاكل التي يواجهها. وهو محق في ذلك ضمن حدود عالمه ومخطئ وغير محق إن عَممَ الأمر وحكم به على الآخرين أو قارن نفسه بهم.
معظم مشاكلنا حدثت وتحدث بسبب أفعالنا أو كلامنا أو قراراتنا أو طبيعة استجابتنا لما نرى أو نسمع أو نتأثر به، فتتكون بناء على رد افعال المتأثرين بما نفعل أو نقول وهو ما لم نكن نحسب حسابه. قد تحدث بعض المشاكل بسبب تأييدنا أو رفضنا لشخص ما أو جهة ما، فنخسر اشخاص أو جهات معارضة لمن أيدنا أو مؤيدة لمن رفضنا. وفي جميع الأحوال، نحن من أسس للمشكلة أو ساهم في وجودها أو لم يفعل شيئا عند تكونها. وبهذا يكون تحمل نتائج ما نواجه من مسؤوليتنا نحن وليست مسؤولية الآخرين.
فإذا كان الحال كذلك، لماذا نشتكي مشاكلنا ونعتذر عن التزاماتنا بحجة كبرها أو كثرتها؟ هي مشاكلنا التي حدثت بسبنا ونحن من يتحمل نتائجها. ولأن الأمر مرتبط بالطبيعة البشرية، فلن تتبدل أحوال هؤلاء الأشخاص المشتكين والصارخين والمتذمرين مما هم فيه إلا بشيء من الخبرة في الحياة ومستوى من الحكمة والتخلي عن الأنانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟