الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبراهيم و الأضحية

أيمن الساسي

2024 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يرى ابن عربي في كتابه فصوص الحكم أن ابراهيم أخطأ في تفسير حلمه، فأخذ بظاهره، و هذا الأخذ بالظاهر هو نتيجة لقصور معرفي، " و قال الله تعال لابراهيم حين ناداه أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ و ما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك، لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، و الرؤيا تطلب التعبير "

بالتالي وقع إقحام الكبش في القصة، لتجاوز خطإ إبراهيم.

الحلم في غالبه الأعم هو تشويه للواقع، فهو إما تعبير عن هواجس، أو رغبات مكبوتة... هو لغز، وجب فك رموزه لمعرفة حقيقته.

لحلم إبراهيم ركيزتان الاولى هي التضحية، و الثانية هو الابن.

التضحية هي تعبير عن التوبة، و طلب المغفرة، و الاسلام ممن يتبنى هذا المعنى، فيورد مثلا القاسم الأصبهاني في " كتاب الترغيب والترهيب حديثا عن فضل الاضحية ".... يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك....".

أما الابن فيعتبر إمتداد للأب، رؤية نجدها في القرآن في سورة مريم "... فَهَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنۡ ءَالِ يَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِيّٗا "، أو في حديث اخرجه مسلم " إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث.....أو ولد صالح يدعو له "

لذلك فالابن هو رمز للأب و بالتحديد لفترة عمرية من فترات إبراهيم.

هنا نصل إلى نتيجة مفادها أن الحلم ما هو إلا تعبير عن أرق، خوف ابراهيم من ذنب اقترفه في صغره.

ليتحول السؤال حول هذا الذنب، ماهو ؟

و أبدأ هنا من العقاب الذي تعرض له ابراهيم، عن خطأ اقترفه عند تحطيمه للأصنام و هو الحرق، كما يورد القرآن.

تحدد سورة الصافات زمن الأحداث بالليل " فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ "، و هنا سأفترض أن كل هاته الاحداث من تحطيم للأصنام و الحرق، ما هي إلا حلم راود ابراهيم، في ظل غياب أي دليل تاريخي.

يرى بعض علماء الدين أن فترة ابراهيم تزامنت مع الملك حمورابي، و بالعودة لشريعة حمورابي نجد فصلا يحدد ما يوجب الحرق كعقوبة " المادة (157) من قانون حمورابي: اذا نام سيد في حجر امرأة بعد والده (بعد وفاة والده) فعليهم ان يحرقوا كليهما ".

فالنار الملقى فيها إبراهيم هي نار الشهوة المحرمة، فهو يشتهي أمه، و البرد و السلام في تلك النار ما هما إلا مشاعر التمتع و الإرتياح لتلك المشاعر، حتى أن ابراهيم لم يكن يرى أن الإله رافض لهاته العلاقة فهو من رماه فيها.

لكن والده منافس له على هاته المرأة، و لا حل إلا في التخلص منه.

يقدم ابراهيم على قتل إخوته و إلصاق التهمة بأبيه الذي يعاقب بالقتل، هكذا نفهم حادثة تحطيم الأصنام ( قتل الأخوة ), و ترك الكبير ( الأب ) للاشارة إليه عند السؤال عن الفاعل..

إضافة إلى أن القرآن لا يخفي العلاقة المتوترة بين ابراهيم و أبيه، نتيجة لعدة خلافات، منها الفكرية....

أذكر هنا أن كل تلك الأحداث ماهي إلا حلم، يعبر عما يجول في خاطر إبراهيم...

القرآن حينما يصور شخصية إبراهيم فى تلك الفترة، يقدمها كسخصية مضطربة، عنيفة ( الرغبة في القتل )، قلقة، تنشد السلام و الاطمئنان " ... قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي.... " سورة البقرة.

يبدوا أن فترة التغيير في حياة ابراهيم بدأت بالايمان بدين جديد، غير له أفكاره، أولوياته، نظرته للحياة... و للثبات على موقفه الجديد هجر قومه و بلاده، إلى مكان جديد.

لكن هجرته لم تمحي شعوره بالذنب من الشهوة المحرمة، التي ظلت تؤرقه، رغم توبته منها.

فيكون عيد الإصخى دعوة للتفكر، التأمل و التوبة....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية