الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف المثقفين العلمانيين العراقيين من ثورة تموز 1958

سلمان رشيد محمد الهلالي

2024 / 6 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المقدمة
تعد ثورة تموز 1958 من اهم الاحداث السياسية المفصلية في تاريخ العراق الحديث والمعاصر . وهذه الاهمية لاتكتسب من تاثيرها السياسي في تغيير نظام الحكم الملكي الى الجمهوري وتداعياتها الاقليمية والدولية فحسب , وانما الى طبيعة التحولات الاجتماعية والاقتصادية الجذرية التي صاحبت تلك الثورة ومن الايام الاولى لها . وقد ايد تلك الثورة ودعمها جميع المثقفين العراقيين من المفكرين والمنظرين والكتاب والاكاديميين والادباء والفنانين العلمانيين , بسبب معارضتهم ورفضهم للنظام الملكي الذي اعتبروه نظاما اقطاعيا ورجعيا وعميلا للاستعمار وتابعا للدول الغربية اولا , وخلفيتهم الفكرية والايديولوجية والثورية التي يحملونها ثانيا , والقرارات الاصلاحية والراديكالية التي اتخذها قادة الثورة من قبيل الاصلاح الزراعي والغاء قانون دعاوى العشائر ثالثا .
وقد حصل جدل كبير ونقاش في الاوساط الثقافية والاكاديمية والسياسية في البلاد حول الاصطلاح الحقيقي والموضوعي لطبيعة الحدث الجذري والتاريخي الذي حصل يوم الرابع عشر من تموز 1958 , وهل هو ثورة شعبية ام انقلاب عسكري ؟
في الواقع لااحد ينكر ان الحدث الاساسي الذي اسقط النظام الملكي هو انقلاب عسكري محدود وسريع , قام به جماعة ينتمون لتنظيم الضباط الاحرار السري , ادى الى قتل العائلة المالكة والسيطرة على مقاليد الحكم والسلطة واعلان الجمهورية العراقية , الا ان هناك عاملين جعلتا ماحصل يوم الرابع عشر من تموز 1958 من انقلاب عسكري الى ثورة هو :
العامل الاول : التاييد الشعبي والاجتماعي والسياسي الشامل لهذا الحدث , والدعم المطلق من قبل قطاعات الشعب المتنوعة , قد جعل اغلب المؤرخين والكتاب والادباء يطلقون عليه تسمية الثورة .
الثاني : التغيرات الجذرية في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية في البلاد , والتحولات الفكرية والثقافية الكبيرة التي قامت بها الحكومات الجمهورية , والقطيعة الكاملة مع النظام الملكي التقليدي , كلها صنفت ضمن الاحداث التقدمية التي تقوم بها عادة القوى الثورية وتحمل بالتالي صفة الثورة . وقد دعم هذا الوصف بعض الكتاب فقد اعلن المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون (ان ثورة 14 تموز العراقية هى الثورة الوحيدة في العالم العربي) . فيما اكد حنا بطاطو (يجب ان لايقتصر حقل الرؤية عندنا على مستوى احداث 14 تموز , بل يشمل ايضا ما تلاها , والواقع ان القاء نظرة سريعة على الاثار اللاحقة يكفي لجعلنا نعرف اننا امام ثورة اصيلة ....) واما عبد الكريم قاسم فقد برر تحرك الجيش العراقي لاسقاط النظام الملكي بالقول (اننا رجال الجيش جميعا كنا نشعر ان الظلم والاستعباد والاستغلال وكبت الحريات وصل الى منتهاه , ولم تكن عند الشعب القوة الكافية التي تذود عنه هذا الظلم , ولو كنا نعتقد ان باستطاعة الشعب ان يزيل هذا الكابوس من الظلم لما تدخلنا تدخلا مسلحا , ولكننا عرفنا ان الشعب اعزل مغلوب على امره , ولذلك ركبنا هذا المركب , واضطررنا الى التدخل حتى نصون حقوق الشعب) .
وتعد النخبة المثقفة في العراق من اهم الفئات التي ايدت ثورة تموز 1958 ودعمتها بجميع قراراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها , سواء اكان في الكتابات الفكرية والمؤلفات السياسية والنصوص الادبية والاعمال الفنية وغيرها .
ينقسم هذا البحث فضلا عن المقدمة والخاتمة والهوامش والمصادر الى ثلاث محاور وهى : المحور الاول عن السمات العامة لموقف المثقفين العراقيين من نظام العهد الملكي والركائز السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يستند عليها . والثاني عن موقف المفكرين والمنظرين والكتاب والاكاديميين من ثورة تموز . والثالث عن موقف الادباء العراقيون من تلك الثورة والاراء والنصوص التي اعلنوها بهذا الصدد .
اولا : السمات العامة لموقف المثقفين العراقيين من العهد الملكي (1921-1958)
يمكن القول ان موقف المثقفين العراقيين من نظام الحكم الملكي ليس نسيج واحد من الاراء والتقييم او المعارضة والموالاة . فقد كان هناك تباين وتناقض بين تلك التوجهات والمقولات, يرجع بالاساس الى طبيعة الرأي السياسي والنزعات الايديولوجية والمطارحات الذاتية والشخصية التي يحملها اولئك المثقفين . ولايمكن الاحاطة بجميع تلك الاراء والمقولات والمتبنيات الفكرية والادبية والسياسية التي طرحها المثقفون العراقيون عن العهد الملكي , الا انه يمكن ادراج السمات العامة لهذه المواقف التي انقسمت الى معسكرين :
الاول : المثقفون المحافظون اليمينيون
الثاني : المثقفون الثوريون اليساريون
الاول : المثقفون المحافظون اليمينيون : وهم المثقفون التقليديون والليبراليون والديمقراطيون المتاثرين بالتوجهات الغربية والنزعات التغريبية الذين دعموا النظام الملكي ونادوا باصلاحه , دون احداث تغيير جذري يؤدي الى اسقاط ذلك النظام وانهياره في اتون التطرف والفوضى والانقسام . وقد تبلور هذا المعسكر مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وتعيين فيصل بن الحسين ملكا على العراق الذي اعتبروه حدثا مهما مفصليا في تاريخ العراق الحديث , ودفعة الى الامام في تشكيل الوعي والتقدم والتحضر , وان الواجب المفترض على المثقفين وجميع الفئات المستنيرة تأييد تلك الدولة ودعمها في بسط سلطتها وترسيخ نفوذها وهيمنتها في مواجهة قوى ما قبل الدولة من قبيل العشائرية والاسرية والطائفية والاثنية والدينية وغيرها . فقد اعلن شاعر الثورة العراقية الكبرى عام 1920 محمد مهدي البصير تاييده للملك فيصل في قصيدة حملت عنوان (فيصل في عالم الخيال) جاء فيها :
ليحيا الامير لنا الامير فيصل شريف النجار كريم النسب
وكذا الامر مع الشاعر الرصافي الذي نظم قصيدة في تموز 1921 مطلعها :
مد النقيب الى الامير يد المعاضد والنصير
فليخز كل مشاغب في القوم يلهج بالشرور
وليحيا مولانا النقيب حياة مولانا الامير
فيما كان محمد رضا الشبيبي هو الذي كلف بنقل موافقة العراقيين في الفرات الاوسط والجنوب على ترشيح فيصل على عرش العراق لوالده الشريف حسين في الحجاز . واما سليمان فيضي في البصرة فقد تنصل عن دعم صديقه طالب النقيب , لان الثوار والشعب والحكومة المحتلة اجمعت على تاييد فيصل لعرش العراق . كما دعم فيصل العديد من المثقفين والكتاب في الصحف من قبيل رزوق غنام في جريدته (العراق) وعبد الغفور البدري في جريدة (الاستقلال) وابراهيم حلمي العمر في جريدة (لسان العرب) وغيرهم . كما دعمه ايضا ناجي السويدي الذي نضم اجتماعا كبيرا في بغداد في حزيران 1921 من اجل استقبال فيصل . كما ظهرت مواقف صريحة بهذا الصدد من محمد الصدر الذي اعلن تاييده لتتويج فيصل ملكا على العراق (شرط ان تكون لدولة عراقية مستقلة دستورية) والزهاوي وكاظم الدجيلي وعبد الحسين الازري ومحمد باقر الحلي ومحمد باقر الشبيبي وعلي البازركان , الامر الذي جعل طالب مشتاق يعلن صراحة (ان معظم المثقفين - وفي مقدمتهم زعماء الثورة - رشحوا فيصلا لعرش العراق) . كما نعاه العشرات من المثقفين عند وفاته عام 1933 , فقد نشر محمد عبد الحسين كتابا حمل عنوان (ذكرى فيصل الاول) . واما الملك فيصل من جهته فقد كان رجلا مسنيرا ومعتدلا ومقدرا للثقافة والمثقفين . فقد عين العديد من المثقفين في الوزارات او ترشيحهم ضمن مجلس النواب او في المديريات والمناصب العليا في الدولة , من قبيل محمد الصدر والجواهري ومحمد رضا الشبيبي والسيد عبد المهدي ومحمد باقر الشبيبي وعلي الشرقي والرصافي وهبة الدين الشهرستاني ومحمد حسن ابو المحاسن وفهمي المدرس وغيرهم . وقد شهدت فترة حكمه (1921 – 1933) اعلى نسبة من تعيين المثقفين والادباء في مناصب الدولة العراقية .
وقد اكد اولئك المثقفون ان الاختلالات والسلبيات التي واكبت تلك الدولة مثل الاقطاع والاستئثار بالحكم من قبل الضباط الشريفيين والتبعية للغرب والطائفية والعنصرية , وانسياب الطبقات القديمة كالشيوخ والسراكيل والاغوات للمؤسسات الدولة والبرلمان وغيرها , يمكن اصلاحها تدريجيا , ومع مرور الزمن , او من خلال خطوات تشريعية برلمانية او قرارات تنفيذية او قوانين حكومية . وقد استخدم هؤلاء المثقفون اسلوب الدعم والتاييد للنظام الملكي من جانب والنقد التدريجي والدعوة للاصلاح من جانب اخر , وقد ادرجوا تلك الاراء في مؤلفاتهم ومقالاتهم واشعارهم . فمن تلك الاختلالات التي ادرجها اولئك المثقفون وطالبوا باصلاحها قضية الاقطاع وسوء احوال الفلاحين . فقد حمل محمد باقر الشبيبي الوزارات العراقية المتعاقبة مسؤولية عدم ايجاد حل حقيقي لمشكلة الاراضي الزراعية في العراق , فيما اطنب محمود احمد السيد في وصف حالة الفلاح الماساوية بالقول (انهم ضحايا رخيصة تاكلها الاوبئة والامراض ,حتى ان واحد منهم رايته يحسد حمارا لشيخ من شيوخ القبائل كان ياكل الشعير في اصطبله) . كما دعا محمد رضا الشبيبي المجلس النيابي الى اتخاذ التدابير الخاصة لحمل الحكومة الى عدم الاضرار بالفلاح . فيما اكد حمدي الباجه جي الى ضرورة مراعاة الفلاحين الذين تقوم على اكتافهم ميزانية الدولة , واما علي الشرقي فقد دعم تاسيس جمعيات فلاحية (واعتبرها صيغة متقدمة اعتمدتها العديد من الدول المتقدمة) , كما عبر العيد من الشعراء من امثال الجواهري وعلي الشرقي واحمد الصافي النجفي عن حالة البؤس التي يعانيها الفلاح بقصائد عديدة لايمكن ادراجها لكثرتها , الا ان المفارقة ان جريدة (الامل) التي يحررها الرصافي قد عكست الموضوع كليا , فقد اكدت الصحيفة (ان الملاكين يعانون من جور الفلاحين ,وان الفلاح يسرق وينهب ويهرب والملاك هو من يدفع الضريبة) , حسبما تحدث به ثابت عبد النور امام مجلس النواب عندما اشار الى ان الملاك هو المظلوم وان الحديث عن الفلاح فهو حديث وهم وخرافة .
فيما بادر قسم منهم الى القيام بالنقد والدعوة للاصلاح من خلال مجلس النواب الذي انتخب فيه العديد من اولئك المثقفين والكتاب المستقلين . فقد اكد عبد الكريم كنه (ان الاستمرار بتعطيل الحياة الحزبية يجعل من يهوى السياسة ينحرف الى مجالات خطيرة في العراق . لهذا لابد من التنفيس عن الناس لفسح المجال لهم في تنظيم النقابات والاحزاب , وان تنظيم الحياة البرلمانية يمكنها في استعمال سلطاتها للتعبير بحرية عن امال الناس ومشاكلهم) .
ورغم تلك الدعوات الاصلاحية للنظام السياسي التي تصب بالاخير في صالح هذا النظام وترسيخه وازالة النقمة الشعبية التي اخذت بالتصاعد مع مرور الوقت وانسياب الافكار الثورية واليسارية وتزايد مستوى الوعي والتعليم في البلاد , الا ان الطبقة السياسية الحاكمة وقفت بالضد من تلك الدعوات وحاربتها ومارست ضدها جميع سبل القمع والاعتقال والنفي والتخوين , وعرضت الكثير منهم الى الطرد والفصل من الوظيفة . فبعد تشكيل نوري السعيد لوزاراته الثانية عشر (3 اب 1954 – 17 كانون الاول 1955) اصدر المراسيم الخاصة بتعطيل الصحف وحل الاحزاب والجمعيات وغيرها , قرر مجلس الوزراء في تشرين الاول 1954 اقصاء سبعة من الاكاديميين عن العمل في الجامعات العراقية وهم (طلعت الشيباني وروز خدوري وعبد الله البستاني وفيصل السامر وصلاح خالص وصفاء الحافظ وابراهيم كبة) , فيما اصدرت وزارة المعارف قوائم بفصل (415) استاذا جامعيا ومدرسا وطالبا , الامر الذي جعل مجموعة من الاساتذة والكتاب تقديم عريضة الى رئيس الوزراء نوري السعيد اكدت بان العراق يعاني (ازمة فكرية حادة ليس مصدرها اختلاف الاراء والافكار فحسب , بل وانما هذا الجو الخانق الذي لايسمح بوجود اية حركة فكرية ايضا , فاختفت المجلات وندرت الكتب واصبح المتعلمون في هذا الجو المعتم دون ان يستطيعوا ايجاد السبيل لحل مشاكلهم الفكرية) , وحملت توقيع العديد من الشخصيات الثقافية والاكاديمية اهمهم (علي الوردي وابراهيم كبة وصلاح خالص وعبد الجليل الطاهر وعبد الوهاب البياتي وفيصل السامر وعبد الملك نوري ومحمد حديد وحسين جميل وصفاء الحافظ ويوسف العاني ومحمد حسن الصوري) . وفي اعقاب ازمة السويس عام 1956 رفع جماعة ايضا من المثقفين عريضة الى الملك فيصل الثاني كان مطلعها (نحن فريق من ابناء هذا الشعب (من رجال التعليم العالي خاصة) نرفع لمقامكم السامي هذه العريضة يحدونا الى ذلك شعور عميق بالتبعات الجسام الملقاة على عواتقنا في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ امتنا ) , وقد اكدت العريضة على ثمان مطالب سياسية وثقافية وتربوية وجامعية , وحملت توقيع العديد من الاكاديميين والكتاب ابرزهم (علي الوردي وعبد الرحمن البزاز وفاضل حسين وفيصل الوائلي ومهدي المخزومي) . كما قامت السلطة باعتقال كامل الجادرجي ومحمد صديق شنشل وفائق السامرائي وحسين جميل بعد عودتهم من القاهرة لمشاركتهم في المؤتمر الشعبي , وحكم على الجادرجي بالسجن لمدة ثلاث سنوات , وصدرت احكام متفرقة بحق الاخرين .
كما بادر في اذار 1958 اربع واربعون اكاديميا ومثقفا وسياسيا عراقيا الى تقديم مذكرة الى رئيس الوزراء نوري السعيد يطالبون باصلاح الاوضاع السياسية المتدهورة في العراق , واعادة الحياة الحزبية وتحقيق رغبات الشعب , والتحرر من ميثاق بغداد , واطلاق الحريات الدستورية , وكان من ابرز الموقعين على المذكرة (محمد مهدي كبة وحسين جميل وصديق شنشل وعبد الشهيد الياسري ومحمود الدرة وهديب الحاج حمود وفيصل الوائلي وفؤاد الركابي وناجي شوكت ومحمد رضا الشبيبي ومحمد حديد وجمال عمر نظمي وعبد الرحمن البزاز وفائق السامرائي وعبد الله البستاني) .
واستخدم العديد من المثقفين الادباء اسلوب التهكم الشعري على الحكومة والوزراء خلال العهد الملكي , واتهامه بالتبعية والتقصير , اشهرها ما ادرجه الشاعر محمد باقر الشبيبي في نقد الحكومة وتبعيتها للانكيز بقوله :
قالوا استقالت في العراق حكومة فضحكت اذ قالوا ولم يتاكدوا
الحكم حكمهم بغير منازع والامر مصدره هم والمورد
المستشار هو الذي شرب الطلا فعلام ياهذا الوزير تعربد
واما الرصافي فقد كان اكثر تطرفا في نقد الملك والحكومة بعد اقصائه عن المناصب العليا في الدولة العراقية , وتميز شعره بالنقد الصريح للملك نفسه منها قوله :
لنا ملك وليس له رعايا واوطان ليس لها حدود
واجناد وليس لهم سلاح ومملكة وليس لها نقود
لقد تبلور خلال اواخر العهد الملكي نمطين من التوجهات السياسية : النمط الاول الحكومي والسلطوي والذي يقف بوجه الاصلاح والتقدم والحريات السياسية وعرقلة الديمقراطية الذي يجسده بقوة نوري السعيد , الذي وصفت فترة نفوذه وحكمه بين عامي (1954-1958) بانها اقرب للديكتاتورية والاستئثار بمقدرات الدولة . والنمط الثاني ويمثله المثقفون المعتدلون الذي اعتقدوا ان النظام يواجه اختلالات خطيرة في بنيته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , وان الاصلاح هو حاجة ملحة للتطور والاستقرار وسحب البساط عن المتطرفين والراديكاليين الذي يريدون اسقاط النظام وتغييره جذريا .
الثاني : المثقفون الثوريون اليساريون : وهم المثقفون الذين تاثروا بالتوجهات الايديولوجية والراديكالية الوافدة سواء اكانت شيوعية متطرفة او قومية يسارية , وينادون باسقاط النظام الملكي والركائز الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يستند عليها , واقامة نظام سياسي جديد يعتمد في طروحاته الفكرية على التوجهات الاشتراكية والشمولية والاحزاب الطليعية . وقد تبلور هذا المعسكر مع تاسيس الخلايا الشيوعية في مطلع الثلاثينات والتاسيس الرسمي للحزب الشيوعي العراقي , وان كانت دعوته لاسقاط النظام الملكي غير صريحة او علنية في ذلك الوقت , الا انها ازدادت تطرفا وتمددت شعبيا بعد الحرب العلمية الثانية . كما ساهم اليسار القومي الذي تبلور بعد الثورة المصرية عام 1952 في الدعوة والتحريض المباشر والصريح ضد النظام الملكي . وقد استخدم هؤلاء المثقفون اسلوب التظاهر والاصطدام والاحتجاج ضد الحكومة , تصاعدت وتيرها الى التحريض وبث الاشاعات وتوزيع المنشورات وتنظيم الخلايا السرية سواء اكانت في الجامعات والمدارس او الثكنات العسكرية من جانب اخر . وتجلى هذا واضحا في التظاهرات التي اندلعت ضد معاهدة بورتسموث عام 1948 والاحتجاجات الطلابية عام 1952 والتظاهرات الشاملة بعد ازمة السويس عام 1956 وغيرها . وقد ايد المثقفون اليساريون والثوريون جبهة الاتحاد الوطني التي تشكلت عام 1957 والتي ضمت الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقلال العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي في مطالبها وخطواتها , رغم انها لم تدعو لاسقاط النظام الملكي الحاكم .
واجهت الحكومة العراقية المثقفون اليساريون بشراسة وحزم اكثر مما واجهت المثقفون المحافظون اليمينيون , حيث اقرت رسميا قوانين جرمت الانضمام للاحزاب البلشفية والشيوعية والاباحية وغيرها من المسميات . واتخذت تلك الملاحقات صور عديدة , ابتدأ من الاعتقال والسجن والفصل من الوظيفة , وانتهاء بالنفي واسقاط الجنسية والاعدام . وقد اعتبر سامي شوكت (الشيوعيين في العراق دعاة ماجورين للمفوضية الروسية) ويعزى سبب هذا التشدد من قبل النظام الملكي الحاكم ضد المثقفين اليساريين ,ليس بسبب انضمام اغلبهم للاحزاب الثورية والمحظورة مثل الحزب الشيوعي العراقي والتنظيمات التي انشقت عنه فحسب , بل لان الدعاوي والمتبنيات الراديكالية التي يدعو لها تتسم بالخطورة والتحريض الصريح والخطير ضد النظام الملكي , والركائز الاجتماعية والفكرية والاقتصادية التي يستند عليها من قبل الاقطاع والشيوخ والعلاقة المتميزة مع الدول الغربية وعلى راسها بريطانيا وامريكا . لذا ليس من المستغرب ان نجد ان حالة الاعدام السياسي الوحيدة في العهد الملكي كانت ضد القيادات الشيوعية في بغداد عام 1949 , فقد اعدم فهد في ساحة المتحف بالكرخ وحسين محمد الشبيبي في باب المعظم وزكي بسيم في باب الشرقي ويهودا صديق في ساحة الامين .
فقد استخدم المثقفون اليساريون والثوريون الركائز الثلاث التي استند عليها النظام الملكي الحاكم مجالا للهجوم والسخرية والنقد وهى :
1 - العلاقة مع الدول الغربية والراسمالية الكبرى واهمها بريطانيا والولايات المتحدة . فقد هاجم قاسم حسن الراسمالية التي راى فيها سبب كل الازمات عند (العمال العاطلين والحروب والمنافسة التجارية والاستعمار) واعتبر الطبقية من الاختلالات الخطيرة في المجتمع بقوله (وقد ثبت ان الدولة التي تسيطر على الانتاج والتوزيع والاستهلاك تجعل الامة منقسمة الى اقلية ثرية واكثرية ساحقة جاهلة وجائعة .... لذا فان تقليل الفروق الفردية الاقتصادية يضع حجر الاساس لتحقيق سيادة الشعب) . كما هاجم السياب معاهدة بورتسموث عام 1948 بين العراق وبريطانيا في قصيدة مطلعها
اني اكلت مع الضحايا في صحاف من دماء
وشربت ماترك الفم المسلول منه على وعاء
اني شببت مع الجياع مع الملايين الفقيرة .... فعرفت اسرارا كثيرة
وكذا الامر مع الشاعر حسين مردان الذي عبر عن رفضه للمعاهدة شعرا بقوله
ماكنت اؤمن بالنضال وحقه لولا بقية زمرة لاتقهر
ويل لشعب لايثور اذا راى هذا التراب يدوسه مستعمر
2 – الشيوخ والاقطاع . فقد كتب القاص محمود احمد السيد في مقال حمل عنوان (فلاحنا) ان الاوضاع المعيشية الكارثية التي يعيشها الفلاح ما هى الا نتيجة لنظام اجتماعي سيىء نحن في اشد الحاجة الى اصلاحه , وان الفلاح لايظلمه رؤساه فحسب , بل يظلمه كذلك النظام العتيد الذي يؤيد الرؤساء والشيوخ . وقد عبر الجواهري عن اشكالية الاقطاع وسكوت الحكام عنه بقوله :
الا قوة تستطيع دفع المظالم وانعاش مخلوق على الذل نائم
تعالت يد الاقطاع حتى تعطلت على البت في احكامها يد حاكم
فيما كان الشاعر محمد صالح بحر العلوم اكثر صراحة في نقد السلطة وانتشار التخلف لاجتماعي والاقتصادي بقوله
فالظلم منتشر والعدل مندرس والزيغ متبع والحق مهضم
ومجلس فيه اخشاب مسندة بلاحراك فاين النفط والضرم
واما فؤاد الركابي فمن جهته وجه نقدا لاتفاقية النفط بين العراق والشركات الاجنبية بقوله (ان الشباب يرفض بشدة اتفاقية النفط ويدعو لاحباط المشاريع الاستعمارية كافة والقى محاضرة على طلبة كلية الاداب عام 1952 عن تاميم النفط داعيا الى تاميم نفط العراق اسوة بتجربة ايران .
3 – رجال الدين والطائفية . فقد نشر الدكتور علي الوردي عام 1954 كتاب (وعاظ السلاطين) اتهم فيه رجال الدين صراحة بالتعمية على افعال السلطة الحاكمة وتبرير اعمالها غير العادلة وتخدير الناس عن الثورة والنهضة ضد السلطة . كما وجه الشيوعيون من جانبهم هجوما صريحا على الدين نفسه , وعلى رجال الدين والطقوس التي يروجون لها , حتى ان جماعة الاهالي اعلنت انها (لاتتفق مع الاشتراكية – ولاسيما الشيوعية – في محاربة الدين) . واما الطائفية السياسية فقد اخذت جانبا مهما في نقد المثقفين للنظام السياسي الملكي , فقد عبر الجواهري عن هذه الاشكالية بقصائد عده , اهمها ماذكره في رثاء (رائد الوطنية العراقية) محمد جعفر ابو التمن بقيصدة مطلعها :
قسما بيومك والفرات الجاري والثورة الحمراء والثوار
ذعر الجنوب فقيل كيد خوارج وشكا الشمال فقيل صنع جوار
وخاطب الثوار في منطقة الفرات الاوسط الذين قاموا بثورة العشرين بقوله :
موطني شقوت .... وابناء السقوط سعدوا
يا اخوتي كل الذي ..... املتموه بدد
نصيبكم من كل ما ...... شيدتموه النكد
والمفارقة ان اولئك المثقفون في بدايات العهد الملكي هاجموا هذه الركائز الثلاث قبل مهاجمة النظام السياسي الحاكم , على اعتبار ان هذه الركائز بعيدة عن السياسة وتدخل ضمن القضايا الاجتماعية والاقتصادية والحرية الفكرية , فيما يدخل الهجوم الصريح ضد النظام الملكي السياسي ضمن خانة التحريض الصريح , والهجوم المباشر الذي يعرض صاحبه للملاحقة القانونية والفصل والنفي والاعتقال . الا انه السنوات الاخيرة من العهد الملكي - وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية - قد شهد هجوما مباشرا من قبل المثقفون اليساريون ضد النظام الملكي , ودعوا صراحة لاسقاطه وتغيره . فقد نشر غائب طعمة فرمان عام 1957 كتاب (الحكم الاسود في العراق) .
ثانيا : موقف الاكاديميين والمفكرين والكتاب من ثورة تموز 1958 .
تميز موقف المثقفون العراقيون بصورة عامة من ثورة تموز 1958 بالتاييد المطلق والدعم الشامل , سيما بعد ان وصلت هذه النخبة المثقفة في اواخر العهد الملكي الى قناعة تامة بان اصلاح النظام السياسي قد اصبح من المستحيلات , بعد استئثار الطبقة السياسية بالسلطة ورفضها الاصلاح التدريجي وتقييد التعددية الحزبية والتملص من الديمقراطية والتبعية للمعسكر الغربي والراسمالي , وان الحل بالتغيير الجذري والثوري الشامل الذي يطيح بالعائلة المالكة والركائز الاجتماعية والاقتصادية الني يستند عليها من قبيل الاقطاع والشيوخ والطائفية بالسلطة والحكم . كما ان التجربة المصرية في ثورة تموز 1952 قد شجعت العراقيون بصورة عامة والضباط بصورة خاصة على امكانية تقليدها وتطبيقها في العراق , خاصة بعد القرارات الثورية التي قامت بها من قبيل اسقاط النظام الملكي واعلان الجمهورية واصدار قانون الاصلاح الزراعي والغاء الاقطاع وتاميم المؤسسات الاقتصادية والقرارات الاشتراكية وغيرها .
وبعد اعلان ثورة تموز 1958 واسقاط النظام الملكي واعلان الجمهورية العراقية سارع الاكاديميين والمفكرين والكتاب العراقيين بتاييدها واعلان الدعم الشامل لها , سيما بعد ان اعلن الضباط حزمة من القرارات الثورية , اهمها الاصلاح الزراعي وتحديد الملكية واطلاق سراح المعتقلين السياسيين واعادة الضباط والموظفين المفصولين والانسحاب من الاتحاد الهاشمي والاعتراف بالجمهورية العربية المتحدة والانسحاب من المنطقة الاسترلينية واطلاق الحياة الحزبية والتعدية السياسية وحرية الصحافة والانسحاب من حلف بغداد , وغيرها من القرارات التي طالما نادى بها المفكرون والاكاديميون والكتاب في مؤلفاتهم ومقالاتهم . الا ان الاختلاف والتمايز هو ان موقف المفكرين والمنظرين والاكاديميين قد تميز بالموضوعية ولاعتدال بالقياس الى موقف الادباء الذي تميز بالتطرف والعاطفة . وكان من اهم تلك المواقف عند المفكرين والاكاديميين هو موقف استاذ علم الاجتماع في كلية الاداب الدكتور علي الوردي , الذي وصف ماحصل في العراق بعد ثورة تموز (بالهزة) واكد ان تلك (الهزة نبشت من المجتمع العراقي ماكان مدفونا ,واوضحت ماكان غامضا ,وقد يصح القول بانها اعطتنا من الدروس بمقدار مااخذت من الضحايا) . وارجع الوردي بواعثها البنيوية واللاشعورية الى نوازع قديمة ترجع الى العهد العثماني . فقد اكد (ان الشعب العراقي في العهد العثماني يعاني تنازعا شديدا بين فئاته المختلفة , ولكن تنازعه ذاك كان قائما على اساس العصبية القبلية او البلدية او الطائفية ومااشبه , ثم مرت بعد زوال العهد العثماني فترة امدها اربعون عاما تقريبا ,والظاهر ان تلك الفترة لم تكن كافية لان ينسى الشعب تنازعه القديم , فلما حلت به الهزة في عام 1958 عاد الشعب يتنازع من جديد ..... وظهر التنازع الجديد وهو مصبوغ بطلاء من الشعارات والمبادىء الحديثة , غير انه كان في اعماقه يحتوي جذوره القديمة , وهو في الواقع غير قادر ان يتخلص منها , اذ هى كامنة في اللاشعور تحاول الانفجار عند سنوح الفرصة) . كما امتدح الوردي مواقف عبد الكريم قاسم الحيادية بالقول (ان الرجل اعلن غير مرة انه فوق الميول والاتجاهات , واعتقد انه صادق فيما قال . ولكني مع ذلك لا استطيع ان اعد موقفه هذا خاليا من الدقة والحراجة . انه ليس قائد حزب , انما قائد بلد تتصارع فيه الاحزاب , وهو اذن معرض للحيرة اكثر من تعرض اي قائد حزبي لها , وكلما تاملت في حراجة موقفه هذا شعرت بالثقل الهائل الموضوع على عاتقه . ساعده الله , انه لايستطيع ان يتجاهل اهمية الحماس الشعبي في تاييد الثورة التي تكاثر عليها الاعداء , وهو لايستطيع كذلك ان يجاري هذا الحماس الى الدرجة التي اندفع بها المتعصبون المتسرعون بين يديه من جهة . البلد يحتاج الى استقرار ومن جهة اخرى ثورة تحتاج الى تاييد ولابد للرجل من ان ينظر في هذه الجهة تارة وفي تلك الجهة تارة اخرى) . كما اثنى الوردي على الزعيم قاسم بالقول (اني اشعر بالعجز في سياسية صف واحد من الطلاب حين يشتد الجدل بينهم فكيف بالرجل وهو يقود ثورة كبرى كثورة 14 تموز ,وفي مجتمع كالمجتمع العراقي . ومهما يكن الحال فاننا يجب ان ننحني رؤوسنا اعترافا بما وهب الرجل من مهارة في قيادة سفينة البلد بين هاتيك الامواج المتلاطمة) .
الا ان المفارقة ان مدح الدكتور الوردي لشخص الزعيم عبد الكريم قاسم قابله نقدا صريحا وظاهرا لمرحلة حكمه التي تميزت – كما قلنا – بالصراعات السياسية والحزبية والايديولوجية بين التيارات الفكرية والتوجهات السياسية في البلاد , اتخذ ابعادا خطيرة من الاحتراب التصفوي والاقتتال الدموي والانبعاث الشعبوي والغوغائي في المجتمع العراقي , راح ضحيته الالاف من الاشخاص المتحزبين منهم والابرياء المستقلين , انعكس بصورة او باخرى على خلخلة مفهوم الدولة , فقد اكد الوردي (اشتد الصراع الحزبي عندنا هذه الايام واخذ كل حزب يشتم خصومه وينسب اليهم التطرف والطيش واقتراف الجرائم , وقد ضاعت الحقيقية العلمية في هذا الصراع العنيف . وفي رايي اننا ينبغي ان لانتمادى في شتائمنا الحزبية بحيث نغفل عما يختفي وراء الاحزاب من طبيعة اجتماعية , فالحزب الذي ينسب الاعمال الفظيعة الى خصومه لايدري انه هو نفسه قد يقوم بها - او بجزء منها على الاقل - لو سنحت له الفرصة الملائمة , فهو يعيش في نفس المجتمع الذي يعيش فيه خصومه , وهو اذن مصاب بنفس العلل التي اصيب بها من يعيشون في مثل ظروفه ) . وذكر الوردي ان القضية ليست قضية احزاب بقدر ما هى قضية مجتمع مازوم ومتخلف (انها ليست مشكلة احزاب بمقدار ماهى مشكلة مجتمع مريض تعاودت عليه الادواء والمصائب على مدى اجيال متعاقبة , ونحن اذ نهمل النظر اليها من هذه الناحية , قد نساعد في تكرارها في بلدنا مرة بعد مرة ) . وبين الوردي ذلك صراحة بالقول (مما يلفت النظر ان بعض مفكرينا في عهد الثورة اخذوا يمتعضون من الاشارة الى الغوغاء , اعتقادا منهم ان الغوغاء جزء من الشعب , او هم الشعب ذاته , وهذا خطا من شانه ان يؤدي الى عواقب اجتماعية ضارة . الواقع ان الشعب غير الغوغاء , فارادة الشعب تتمثل في القرارات الهادفة الرصينة التي تنبعث من مصلحة الاكثرية , اما الغوغاء فكثيرا ماتظهر اصواتهم بشكل هياج محموم لارادع له ولاهدى فيه) .
اما المنظر الماركسي زكي خيري فقد اكد ان ثورة تموز 1958 هى ثورة ديمقراطية وطنية ضد الحكم الاستعماري الاقطاعي الملكي . الا انه اعتبرها (ثورة برجوازية ديمقراطية من حيث علاقات الانتاج والعلاقات الاجتماعية , وليست ثورة اشتراكية , لانها لاتهدف الى محو الملكيىة الخاصة لوسائل الانتاج الخاصة . ومن هذا المنطلق فان الثورة لاتهدف الى تصفية الراسمال الوطني , بل الى تقويته , لان التناقض بين العمال والراسماليين الوطنيين في هذه المرحلة تناقض جزئي , تناقض داخل الشعب , فالبرجوازية الوطنية المعادية للاستعمار هى الان جزء من الشعب , ولكن هناك تناقضا خلاف هذا في الريف , فهو تناقض عميق وحاد ولايقبل المصالحة بين الفلاحين والاقطاعيين , ولايمكن ان تحل الا بتصفية بقايا الاقطاع) . وقريب لهذا الراي ماذكره صلاح خالص حول الهيمنة البرجوازية على الثورة بالقول(نحن حين نحارب ايديولوجية منهارة متدهورة منبثقة من مصالح اقلية ضئيلة , لانريد ان تحل محلها ايديولوجية طبقة اخرى مستغلة , وانما نطمح الى ان تنبثق هذه الايديولوجيا من اعماق مصالح الشعب) .
واما المنظر الليبرالي كامل الجادرجي , فرغم اعلانه صراحة للرئيس المصري جمال عبد الناصر ابان لقائه معه بالقاهرة في ايلول عام 1956 بانه لايستطيع العمل مع العسكر (وليس العسكريين العراقيين بل جميع العسكريين) , وان تجربة الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي عام 1936 ومشاركة الجادرجي بحكومته والاشكالات التي حصلت فيما بعد مع زعيم الانقلاب , ما زالت حاضرة في ذاكرته , الا ان جنوح نوري السعيد نحو الاستئثار بالسلطة وتقييد الحريات العامة وتعليق الحياة الحزبية واعتقال الجادرجي في تشرين الثاني عام 1956 والحكم عليه بالحبس الشديد مدة ثلاث سنوات , جعله يغير من مواقفه نسبيا , وسمح لقيادات حزبه بالاتصال مع الضباط الاحرار حول سبل الاطاحة بالنظام الملكي , والمشاريع المستقبلية المقترحة حول مصير البلاد وغيرها . حتى انه كان على علم بتلك التحركات وهو في السجن , وبعد اطلاق سراحه في حزيران 1958 اخذت الاتصالات منحى اكثر توسعا , حتى ان الجادرجي علم بموعد الثورة تحديدا في اي يوم يكون .
رحب كامل الجادرجي بالثورة منذ اللحظات الاولى , واعرب شخصيا عن تاييدها (واتصل هاتفيا بوزارة الدفاع صبيحة يوم الرابع عشر من تموز طالبا التحدث مع قادة الثورة او احد المسؤولين) . كما اشار الى تاييده الثورة فيما بعد بالقول (ان داري كانت حافلة بمختلف طبقات الشعب الذين هرعوا الى تلك الدار قبل ان يتم النصر , فكنت ابارك الثورة واؤيد القائمين بها في خطاباتي التي القيتها على الجماهير) . واكد ايضا (يمكننا ان نقول بان ثورة الرابع عشر من تموز ثورة شعبية لم يقم بها الجيش الا بدور الطليعة , مما لايمكن نكران فضله في هذا الشان . اي ان الشعب العراقي برمته في الحقيقة هو مصمم ثورة 14 تموز) . الا ان تاييد الجادرجي للثورة او زعيمها عبد الكريم قاسم لم يستمر طويلا . اذ طالب سرعان ما طالب اعضاء حزبه الانسحاب من الحكومة , الامر الذي جعل الرجل الثاني في الحزب محمد حديد وبعض القادة والاعضاء من الانشاق وتاسيس حزب جديد هو (الحزب الوطني التقدمي) المؤيد بقوة للثورة وزعيمها عبد الكريم قاسم . وقد اتهم احد الكتاب الجادرجي بالتحفظ على خطوات قاسم واعماله الى صدمته بعدم اعطائه منصبا كبيرا في مجلس السيادة او زعامة الدولة العراقية الجديدة لما يملكه من تاريخ عريق بالتنظير والمواجهة للنظام الملكي , واخذ يطالب بانسحاب العسكر للثكنات وتسليم السلطة للمدنيين , رغم اجواء الانقسام والاحتراب السائدة في المجتمع العراقي وبين القوى السياسية وخاصة الشيوعيين والقوميين , وقد وصل اسلوب الاستهزاء من قبل الجادرجي لعبد الكريم قاسم ان اخذ يطلق عليه التسمية الساخرة التي وصفه بها جمال عبد الناصر وهى (اننا) , للدلالة على خطبه التي يكرر فيها هذه المفردة . وروى القاص ذو النون ايوب ان الجادرجي قال له في احدى اللقاءات (زعيمكم عبد الكريم قاسم يساوي صفرا في قيادة الجيش , صفرا في الزعامة السياسية , صفرا في قيادة الجمهورية) .
فيما دعم المفكر نوري جعفر ثورة تموز 1958 واعتبرها (حدا فاصلا بين عهدين عهد ملكي فاسد قديم وعهد جمهوري عادل حديث) مؤكدا (ان الدولة العراقية في عهدها الملكي البائد امتدادا للحكم العثماني الممقوت , من حيث ذهنية الحاكمين , ومن حيث اساليبهم في الحكم من الناحية العملية) . ونشر بهذا المسار مقالين حول الثورة في مجلتي (المعلم الجديد والفكر) .كما نشر جعفر كتابا عن ثورة تموز بعنوان (الثورة مقدماتها ونتائجها) استعرض فيه مفهوم الثورة واراء المفكرين والفلاسفة فيها من امثال جون لوك وهيغل وكارل ماركس . واكد ايضا (ان الثورة الحقيقية بدات في اذهان افراد الشعب عندما اخذ المتظاهرون من ابناء الشعب ينادون بسقوط الملكية المنهارة قبل بضعة اعوام) . فيما توسع الدكتور فيصل السامر في تاييده لثورة الرابع عشر من تموز 1958 الى الجوانب السياسية والثقافية من خلال تنظيره وكتاباته التي تروج للعهد الجمهوري الجديد من جانب وافكاره الماركسية والاصلاحية من جانب اخر , فقد نشر في مجلة (المعلم الجديد) مقالا حمل عنوان (نحو سياسة تعليمية جديدة) دعا فيها الى تاسيس مناهج تربوية جديدة تعتمد الواقع الجديد في العراق بعد الثورة , وبلورة رؤية متكاملة تستمر من (5 – 10) سنوات , مع التركيز على المسارات الفنية والادارية في حاجات المدارس العامة . واكد ايضا (بان بان ثورة تموز المجيدة ليست بالحدث الهين الذي يمر عابرا بحياتنا ثم تعود الامور الى مجراها الطبيعي كان لم يكن شيء , وانما يصح القول بانها كانت كأية ثورة , نتيجة شروط اجتماعية معينة ومختلفة , وانها كانت تعبيرا عن هذه الشروط ونتيجة لها) .
واما المنظر الماركسي الدكتور ابراهيم كبة فقد دعم ثورة تموز بقوة وعين وزيرا للاقتصاد باول وزارة عراقية بعد الثورة , كما نظر لها بكتاب مستقل حمل عنوان ( هذا هو طريق 14 تموز) اكد فيه (ليس هناك ادنى شك في ان ثورة 14 تموز المجيدة كانت حصيلة شروط موضوعية وذاتية داخل المجتمع العراقي . اي انها كانت حصيلة تفجير تناقضات النظام الاقتصادي الاجتماعي في العراق , ودك اداتها القمعية السياسية المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي . وهذه الثورة العظيمة كانت بصورة موضوعية جزء لايتجزا من الثورة العربية العامة من جهة , ومن الثورة العالمية المعاصرة ضد النظام الامبريالي من جهة اخرى . واما من ناحية الشروط الذاتية للثورة - اي من ناحية القيادة السياسية والعسكرية التي تاخذ على عاتقها اسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد - فقد بدات تكتمل وتنضج قبيل تاريخ الثورة , عندما نجحت القوى السياسية والوطنية في تاليف (جبهة الاتحاد الوطني) في بداية 1957 بعد مخاض طويل وعسير , وعندما تم الاتصال بوسائل مختلفة بين عناصر الجبهة ومنظمة الضباط الاحرار لغرض تفجير تلك الثورة العظيمة) . فيما اكد كبة في مقال له في مجلة (المثقف) عام 1959 بان ثورة تموز (ثورة برجوازية , ومعنى ذلك ان اهدافها وانجازاتها لاتخرج عن نطاق العلاقات الاجتماعية الراسمالية , ولاتهدف اية اهداف اشتراكية او شيوعية . انها تستهدف النفوذ الاستعماري وتدك ركائز الرجعية - وخاصة الاقطاع والفئات العميلة من البرجوازية العليا - ورفع مستوى الشعب وطبقاته الوطنية الاربع : طبقة الفلاحين , والطبقة العاملة , والبرجوازية الصغيرة, والبرجوازية الوطنية) . واما الكاتب الشيوعي باقر ابراهيم فقد اكد (ان ثورة 14 تموز حققت منجزات كبيرة للعراق بعربه وكرده واقلياته القومية والشعب العربي كله , ولقوى التحرر والديمقراطية في العالم . وكانت منجزاتها الوطنية والقومية والاجتماعية لصالح الشعب الكادح) . كما دافع ابراهيم عن السلوكيات التي قامت بها الثورة ومنها تجميد المؤسسات البرلمانية بالقول (لقد مسخ العهد الملكي وشوه النظام الدستوري والبرلمان والحياة الحزبية العلنية ,وافسح المجال لانتعاش الاحزاب الثورية السرية التي لم تعرف الماثر النضالية الباسلة فقط , بل عانت الامراض والتشوهات الناجمة عن تقاليد العمل السري البعيد عن الرقابة الشعبية . واذا كانت هى تركة العهد الملكي للعهد الجمهوري , فان العهد الاخير بعد ثورة 14 تموز 1958 كان عليه ان يواصل تحرير العراق اقتصاديا بعد تحريره سياسيا , وكذلك ان يؤدي استحقاق اقامة حياة دستورية مستقرة للعراق , وحينما نتحدث عن مطالبة نظام عبد الكريم قاسم بضرورة الاسراع باقرار الحياة الدستورية , فلايفوتنا ان نربط الاستعجال بتحقيق هذه الطموحات المشروعة بواقعية الفترة الكافية لاداء ذلك الاستحقاق) .
واما القيادي في الحزب الوطني الديمقراطي وصاحب التوجهات الليبرالية محمد حديد فقد اكد (ان ثورة 14 تموز كانت حتمية على الرغم مما وقع ذلك . ان حلف بغداد اصبح في عهد نوري السعيد الاخير هو الموجه للسياسة العراقية العامة , وبسببه الغيت اجازات جميع الاحزاب وعطلت صحفها والصحف الاخرى غير الحزبية التي كانت تنقد الحكومة , وحددت حرية حرية الاجتماع والتظاهر) . واما عبد الكريم قاسم فكان موقفه من العراقيين جميعا موقف المساواة بين المواطنين من اي عرق او دين او طائفة , وفي عهده شعر المواطنون ان ليس هناك تمييز في التعامل معهم . وكان شديد الاهتمام بالوضع الاقتصادي ورفع مستوى الطبقات الدنيا) . فيما وصف فؤاد عارف سياسة عبدالكريم قاسم خلال الثورة بانها (قائمة مع الشعب على اساس عراقيتهم بغض النظر عن كل شكل من اشكال التمايز الجغرافي او القومي او حتى السياسي .... وانه كان رجلا عراقيا له صفات العراقي . وكان انسانا بسيطا بكل معنى الكلمة) . واما القيادي الشيوعي عزيز الحاج فقد اعتبر الثورة نتيجة حتمية للانسداد السياسي خلال العهد الملكي بالقول (ان ثورة العراق انفجرت في ظروف واوضاع خاصة . وكان لامفر منها لانسداد سبل التحول السلمي التدريجي منذ منتصف 1955 . فلو امكن تحقيق التغيير سلميا وعلى خطوات وباصلاحات متدرجة , لكانت النتائج افضل , واحتمالات ردود الفعل السلبية اقل) . وقد وصف الحاج عبد الكريم قاسم بالقول (ان عبد الكريم قاسم لم يكن كاملا , وله عيوبه واخطاؤه , وتخبط بعض مواقفه , ولكنه كان الزعيم الاكثر شعبية وقربا من الشعب , والانقى اخلاصا له , وكان مع محمد حديد الاكثر واقعية سياسية بالنسبة لمجموع القوى السياسية حينئذ , ساعيا للاعتدال والمرونة جهد الامكان) .
واما الكاتب اليساري هادي العلوي فقد ربط بين توجهات عبد الكريم قاسم وسلوكه الشخصي والاداري مع الثورة بالقول (بان حالة عبد الكريم قاسم لاتقترن بموقف تقدمي , لانه لم يكن مثقفا , وانما هو زعيم عسكري وسياسي . ولم تكن له اتجاهات يسارية ضاغطة , بل هو وطني بالمفهوم العام . واما خروجه من ربقة الطائفية فهو يرجع الى عاملين :
الاول : تكوينه الاخلاقي المتين . والاخلاق عندما تتبلور كقيم ضاغطة لدى الفرد تتغلب على النزعات العقائدية والايديولوجية الضارة او تخفف من تاثيرها .
الثاني : خلفيته العائلية . فقد ولد لاب سني وام شيعية , وكان كلا الابوين فاضلا ومحمودا في محيطه . فعبد الكريم نشا في عائلة متوازنة طائفيا , وهى عائلة فاضلة) . واما الدكتور فالح عبد الجبار فقد انتقد ثورة تموز لانها ارتكست نحو الاستئثار والفردية وغياب المؤسسات الديمقراطية والبرلمانية والدستورية بالقول (بان ثورة تموز في جانبها السياسي قوضت كل التراكم الحضاري الذي سبقها , منذ بدا الاصلاحات العثمانية في القرن التاسع عشر وحتى اخر يوم في عمر المملكة العراقية اواسط القرن العشرين . وهو تراكم اسس لتدهور الحضارة الحديثة . فاولا ثمة الدستور الذي تحول في اخر الجمهورية الى نص ينبع من ارادة الحاكم . وثانيا هناك البرلمان الذي تحول الى مجرد دائرة لتعيين الاتباع . وثالثا هناك اقتصاد السوق الحديثة الذي انهار تماما . ورابعا حكم القانون وخامسا مبدا المواطنة , وقد بلغ تدهور المؤسسات بعبادة شخص الحاكم وتقديسه وشخصنة السلطة , اي حصرها بمزاج وارادة ونزق وهوس فرد واحد . هذه الرحلة العجفاء رحلة العودة القهقري بدات رغم كل النوايا الحسنة في تموز 1958) .
واما القيادية الشيوعية نزيهة الدليمي فقد وصفت الفريق الركن عبد الكريم قاسم بالقول (انه كان مهذبا جدا وذا اخلاق عالية وحضارية , ولم اسمع منه كلمة نابية قط . وكان نصيرا للفقراء وذوي الدخل المحدود يسعى لخدمتهم ورفع مستواهم المعيشي . وقد تألمت للمصير الذي انتهى اليه الزعيم عبد الكريم قاسم والمذابح والتصفيات التي جرت في صفوف الشيوعيين والوطنيين , ولم يكن قائد ثورة 14 تموز يستحق ذلك المصير المؤلم بعد اسس النظام الجمهوري ,وحارب الاستعمار بصلابة ,وخدم الفقراء بصدق ,وسعى للارتقاء بمستوى العراق الى مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات) .
المفكر التقدمي عبد الفتاح ابراهيم الذي اسس حزبا داعما للثورة باسم (الحزب الجمهوري) فقد اكد (ان ثورة الرابع عشر من تموز - وهى الثورة الاصيلة - اعظم حدث في الشرق الاوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية . اولا , لانها اخرجت الاستعمار من قلعته الرئيسية في هذه المنطقة المركزية التي تؤلف حلقة الوصل بين بين اوربا واسيا . وثانيا , لان هذه الثورة اطلقت الشعب العراقي الذي كابد الظلم والطغيان مدى قرون , فوعى ويلاته ومساوئه حتى كان تصميمه على الخلاص من الظلم والطغيان جزءا اصيلا من كيانه . وثالثا , لان ثورة الرابع عشر من تموز تعبر في الواقع عن اماني شعوب الشرق الاوسط كله - العربية وغير العربية - اذ تقوم باسس سليمة وقويمة وبالمحتوى الذي كشف عنه قائده الامين ,وتنسجم كل الانسجام مع حركة التحرر في الشرق الاقصى) . كما وصف ابراهيم ثورة 14 تموز 1958 (بانها ثورة وطنية تحررية ضد الاستعمار , وانها ثورة تقدمية ضد الاقطاع والرجعية , وثورة شعبية تعتمد الديمقراطية والقومية المتحررة) . مقيما خطوات عبد الكريم قاسم الثورية والشعبية بالقول (لقد درست بامعان كل خطب الزعيم عبد الكريم قاسم , وكل احاديثه مدى مدى عام , وخرجت بهذا الراي : ان الرجل على يقين من بيت الداء (الاستعمار), وانه يؤمن بالشعب ايمانا مطلقا , وانه امتاز بذلك عن سواه من الوطنيين) .فيما وصف حسن العلوي ثورة تموز بانها (عمل تعرضي ضارب امتد على حصون القرون الوسطى ,فاحدث في جدرانها الحجرية فتحات ومنافذ وتحرش باصول موروثة ,وتطاول على مراكز النفوذ الاستراتيجي لبريطانيا ,وسببت خسائر كبرى لحاملي اسهم شركة نفط العراق من الفرنسيين والهولنديين والامريكان ,وكسر قيود الفلاحين واقام علاقات اجتماعية جديدة في الريف والمدينة . فهل سيكون بعيدا عن فعل الثورة رد فعل المصالح المتضررة ؟) . واما الدكتور فاضل حسين العضو السابق بالحزب الوطني الديمقراطي فقد اكد ان التوجه السياسي للضباط الاحرار هو الفكر القومي والديمقراطي التقدمي , وان اكثر الضباط الصغار ينتمون الى الطبقة الوسطى من الشعب العراقي , فيما ينتمي الجنود الى طبقة العمال والفلاحين , وبالتالي فهم يشاركون الشعب الامه واماله , ويتواصلون في الاطلاع على ماتنشره الاحزاب المعارضة للنظام الملكي ,والعمل على تحقيق رغبات الشعب في ايجاد الحكم الصالح . لذا فقد تضمن البيان الاول للثورة الذي اذيع في صبيحة يوم الرابع عشر من تموز على المضامين الاربعة الاتية :
1 – ان الثورة قامت بمؤازرة المخلصين من ابناء الشعب والقوات المسلحة .
2 – ان الجيش من الشعب واليه .
3- يجب ان يعهد الحكم الى حكومة تنبثق من الشعب .
4 – يقوم الحكم الصالح القادم بتاليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية .
واما المنظر القومي سعدون حمادي فقد اكد (ان ثورة الرابع عشر من تموز جاءت ضد القوى الاستعمارية التي كرست التجزئة , وتاكيدا قوميا لوحدة النضال العربي ووحدة القضية القومية , ونصرا للوحدة العربية بالذات) .
ثالثا : موقف الادباء العراقيون من ثورة تموز 1958 .
يعد الادباء التقدميون واليساريون في العراق من المبشرين الاوائل للثورة في البلاد . فاذا كان المفكرون والاكاديميون والكتاب يحذرون من الثورة التي تطيح بالنظام السياسي الملكي , ويدعون الى الاصلاح الشامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ,فان الادباء اليساريون العراقيون تميزوا بانهم كانوا يبشرون صراحة بالثورة ,ويدعون لها في قصائدهم وكتاباتهم , رغم ان تلك الدعوات لم تذكر النظام الملكي في العراق صراحة وبالاسم الحقيقي , وانما كاطار ومصطلح ومفهوم عام , واغلبها كان ترجمة لكتابات وقصائد عالمية من دول المعسكر الشرقي بخاصة والاشتراكية بعامة , حتى اصبحت مفردة الثورة ايقونة الادباء والمثقفين , ولاتخلو قصيدة من ذكرها والتبشير بها . (فسرديات الثورة في العراق الثقافي لم تكن وليدة الرابع عشر من تموز, فمعظم مواضيع الادب والفن العراقي قبل هذا الوقت تدور حول هذه الفكرة التي كانت تحوم في فضاء الادب والفن وخاصة الشعر) . وبرز من جراء ذلك مصطلح او مفهوم (المثقف الثوري) الذي ينادي بالتغيير الجذري والثورة على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي , وبرز بقوة في عقد الخمسينات عند الشيوعيين واليساريين بعامة (ففي بلد مثل العراق استطاع الحزب الشيوعي خلال والخمسينات ان يكون اكثر الاحزاب جاذبية عند المثقفين والمتعلمين) , الا انه وبعد قيام ثوة تموز 1058 تحول هذا المثقف الثوري الى مهادن او تابع للسلطة الجمهورية ومروج لها ومبرر لاعمالها وسلوكها , بل وموظف في مؤسساتها التربوية والاعلامية (فالمثقف العراقي بعد تاسيس الدولة العراقية الحديثة تعلم ان يكون مثقفا نقديا ومعترضا في الميدان السياسي . وهكذا يلوح امامنا بعد 14 تموز عصر جديد , يصبح فيه ارتباط المثقف بالسلطة جزءا من وظيفته الثقافية) .
يعد الشاعر الجواهري من اهم الادباء الذين رحبوا بثورة تموز 1958 . وكان في حينها يسكن في لواء العمارة , ويشرف على ادارة ارض زراعية كبيرة حصل عليها من الحكومة العراقية . وما ان سمع بالثورة واسقاط الملكية واعلان الجمهورية حتى سافر مباشرة الى بغداد , والقى قصيدة في تمجيد الجيش العراقي بعنوان (جيش العراق) نشرتها مجلة (الفكر) ومطلعها :
سدد خطاي لكي اقول فاحسنا فلقد اتيت بما يجل عن الثنا
فلقد دفعت بما نظمت قرائحا ولقد عقدت بما نثرت الالسنا
كما نشر قصيدة اخرى بعنوان (باسم الشعب) كان مطلعها :
عصفت بانفاس الطغاة رياح وتنفست بالفرحة الارواح
واصبحت العلاقة بين رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم والجواهري مثالا للتمايز والترابط , حتى عد بانه من اكثر الشخصيات المقربة من الزعيم في العراق . كما اعاد الجواهري اصدار جريدته (الرأي العام) في تشرين الثاني عام 1958 التي روجت للثورة وايدت جميع قراراتها الثورية والاصلاحية , واهمها قانون الاصلاح الزراعي , ووقفت بقوة وحزم واصرار على مواجهة المعارضين من القوميين وغيرهم . وانتخب الجواهري رئيسا لاتحاد الادباء العراقيين ونقيبا للصحفيين , ولكن العلاقة مع الزعيم عبد الكريم قاسم لم تستمر طويلا , اذ سرعان ما اصابها النفور والتوتر والقطيعة لاسباب عدة , اهمها المقال الذي نشرته جريدة (الراي العام) التابعة للجواهري , وفيه انتقدت الشرطة العراقية لاضطهادها بعض الفلاحين في لواء العمارة , الامر الذي اثار غضب الزعيم قاسم , ومن ثم سفر الجواهري الى خارج العراق .
واما الشاعر عبد الوهاب البياتي فقد ايد ثورة تموز بقوة ونشر الكثير من القصائد والابيات الشعرية في مدحها , جمع الاغلبية منها في ديوانه (اشعار في المنفى) روجت للثورة والحرية والتفاؤل والعدالة التي ستحققها للعراق . فقد خاطب حبيبته بالقول :
فاستيقظي حبيبتي ... فاننا احرار...
كالنار , كالعصفور , كالنهار...
فلم يعد يفصل مابيننا , جدار.
كما نشر في الاشهر الاولى من الثورة قصيدة مطولة بعنوان (12قصيدة للعراق) تميزت بالتبشير بالفكر الماركسي الذي يحمله , منها قوله :
يااخوتي العمال.. المح وجه العالم الجديد في عيونكم....
في اعين الاطفال...
في قصائد (برشت)....
في اقوال (لينين)....
وهى تلهم الاجيال.... وتصنع الرجال .
كما اصدر ديوان (المجد للاطفال والزيتون) في نهاية عام 1958 الذي احتوى العديد من مضامين التفاؤل بالثورة والترويج لها والتبشير بالرموز الشعبية واليسارية والثورية, الامر الذي جعل احد النقاد يعلن على (انحيازه الماركسي الذي لم يتخل عنه الى نهاية حياته والذي جعل منه بحق شاعر الطليعة اليسارية الماركسية) . كما عمل البياتي في المؤسسات الاعلامية لحكومة الثورة , حيث عين مديرا للتاليف والترجمة والنشر في وزارة المعارف , وملحقا ثقافيا في السفارة العراقية في الاتحاد السوفيتي , واستمر في منصبه هناك حتى عزله من قبل الحكومة العراقية التي تشكلت بعد انقلاب شباط 1963.
واما الشاعر محمد صالح بحر العلوم فقد كان معارضا مزمنا للنظام الملكي , واعتقل عشرات المرات وحكم بالسجن والفصل من الوظيفة بسبب ميوله ومواقفه اليسارية والشيوعية . وقد رحب بثورة تموز 1958 التي كرمته حكومتها بتعيينه خبيرا في وزارة المعارف براتب مقداره (60) دينار . كما انتخب عضوا في اتحاد الادباء العراقيين الذي تراسه الشاعر الجواهري . وزار العديد من الدول الشيوعية والاشتراكية ومدحها بعشرات القصائد جمعها في ديوان بعنوان (اقياس الثورة) . منها قصيدته (الى المجد) مطلعها :
صبرت وفي دمي الفائر شموخ على ضعة الفاجر
واحببت من اوجه النضال مقارعة القيد والاسر
وقصيدة نظمها في النجف بعنوان (النجف تحيى ثورة 14 تموز) مطلعها :
هب الغري يحضن المجد الاغر بين ذراعيه ويلثم الظفر
وعمت البهجة غاب ثورة غالب ابراج الطغاة وانتصر
كما القى قصيدة حيا فيها مؤتمر عقد في الاتحاد السوفيتي في تشرين الاول 1958 مطلعها :
خذوا تحية شعب قارع الهوانا فعانق النصر في تموز ميمونا
خذوا التحية من اعماق ثورته حقيقة تتحدى المستغلينا
هذي مواهبنا للناس نمنحها وخدمة الناس من اغلا امانينا
واما الاديب صلاح خالص فقد دعم ثورة تموز اعلاميا وثقافيا . حيث اعاد اصدار مجلة (الثقافة الجديدة) اليسارية التقدمية التي اوقف صدورها النظام الملكي عام 1954 , وعين مديرا لدائرة البعثات وساهم بتاسيس اتحاد الادباء العراقيين الذي اختار الجواهري رئيسا له , وانتخب ضمن الهيئة الادارية المركزية واشرف على اصدار مجلة ادبية تقدمية سميت (الاديب العراقي) .
فيما كان الشاعر بدر شاكر السياب اكثر الادباء ترحيبا بهذا الحدث المفصلي الذي طالما بشر به في قصائده واشعاره, ونظم بهذه المناسبة قصيدة من (30) بيتا من الشعر العمودي مدح فيها الجيش العراقي والزعيم عبد الكريم قاسم بعنوان (يوم ارتوى الثائر) مطلعها :
بشراك هذا سحاب الذلة انقشعا وانفك عن ساعديك القيد وانقطعا
والجيش ماكان الا سور امته والرافع الجور عنها كلما وقعا
والجيش ما كان الا سر قائده هذا الذي حرر الاعناق اذ طلعا
عبد الكريم الذي اجرى بثورته ماء ونورا كغيم ممطر لمعا
الا ان هذه القصيدة لم ينشرها بالصحف والمجلات , الا في عام 1961 بعد تعينه في مصلحة الموانىء في البصرة خلال الاحتفالية التي اقيمت بالذكرى الثالثة لقيام الثورة . واعيد الى وظيفته الاصلية كمدرس اللغة الانكليزية في اعدادية الاعظمية بعد مرحلة الفصل السابقة خلال العهد الملكي . كما امتدح السياب الزعيم عبد الكريم قاسم في اربع قصائد عمودية , كان مطلعها حسب الترتيب الزمني :
1 - هب في الفجر هبوب العاصفات قدر حطم ابواب الطغاة
2 - ربيع شبابنا عادا بفخر لف بغدادا
3 - اطل فرش الليل نارا وانجما ونور افقا كان لولاه مظلما
4 - عبد الكريم اغثني هدني الداء وحطمتني ارزاء واعباء
واما الشاعرة نازك الملائكة فقد رحبت بثورة تموز 1958 بقصيدة مطلعها :
جمهوريتنا .. فرصتنا ... ياحرقة اشواق وحنين
نحن عطشنا لك اعواما
جعنا وسهرنا ... غذيناها احلاما
والان ملكناها دفقة ضوء ... ويقين ...
الا ان المواجهة التي حصلت بين القوميين وعبد الكريم قاسم ادت بالملائكة الى الانحياز لصف القوميين الناصريين , واللجوء الى مصر والعيش هناك , بل والانضمام للرابطة القومية التي تشكلت لمواجهة عبد الكريم قاسم . ونشرت بهذا الصدد قصيدة في مدح عبد السلام عارف نظمتها بعد اعتقاله وسجنه بتهمة محاولة قتل الزعيم عبد الكريم قاسم بعنوان (وردة لعبد السلام) مطلعها :
في جداولنا في شفاه روابينا ... ريبة و ظلام
و سؤال تحرق ملء أغانينا .... أين عبد السلام؟
و العروبة تسأل اين أضعناه؟ .... صوتها محزون
هل نقول لها اننا قد رميناه ..... في ظلام السجون؟
كما هاجمت الشيوعيين بسبب انحيازهم الواضح لعبد الكريم قاسم في الصراع مع القوميين في قصيدة بعنوان (ثلاث اغنيات شيوعية) مطلعها :
اذا نزل الليل هذه الروابي فقم يارفيق
نراقبه من ثقوب الدجى في السكون العميق
لعل الظلام يعد مؤامرة في الخفاء
ويحبكها مع ضوء النجوم وصمت المساء
فهذه الروابي وذلك الطريق .. وهذا الدجى ... كلهم عملاء
وكذا الامر مع الشاعر كاظم جواد , فقد رحب بالثورة , لانها فتحت الابواب للمغتربين والمهاجرين بالعودة للعراق بقوله :
انا عائد في الطريق الطويل اغني الربيع
فقد ولدت في السهوب المراعي وهام القطيع
هنا الفجر يغفو وراء التلال كطفل وديع
فيما كان الشاعر علي الحلي قد رحب بالثورة ,لانها اعادت العراق لمحيطه العربي حسب شعره :
اي افق اطل منه الصباح عربيا يمور فيه الكفاح
مشرقا في جباها العز طلقا ولكم هدى المدى الممراح
واما الشاعر احمد الصافي النجفي , فبالرغم من ترحيبه بثورة تموز 1958 , متوقعا الخلاص من سيطرة الاستعمار والعملاء والخونة – حسب تعبيره – الا انه (كان يفكر بالمستقبل الدامي الذي ينتظر العراق , لان ماحدث قد اخذ يؤشر لحقبة ديكتاتورية تسلطية لايعرف كيف سيخرج منها هذا البلد) .
واما الشاعر سعدي يوسف فقد كان يوم قيام الثورة في مصر , والقى قصيدة بعنوان (من اجل ان تعيش جمهورية العراق) في مؤتمر الطلبة العراقيين لدعم الجمهورية العراقية الذي عقد في القاهرة يوم 20 /7 كان مطلعها :
اننا لانرهب الموت ... ولكن ياجميع الشرفاء
ياجميع الاصدقاء ... ارفعوا اصواتكم من اجل شعبي
اننا نطلب من اعماقكم صيحة حب .... ورصاصة
اننا نصرخ كالبحر بقلب القاهرة
اننا ندعوك من اجل العراق ...
وتميزت الشاعرة لميعة عباس عمارة بان وصفها لثورة تموز غلبت عليه العاطفة ونظمت قصيدة بعنوان (14) مطلعها :
احب كل اربع وعشر ... لانها ليلة تم البدر
شعرية توحي ارق الشعر ... ثورتنا على قيود الغدر
وعيدنا العظيم عيد النصر ... اغنية لكل شعب حر
كما القت قصيدة بعنوان (تحية للبطل) ترحيبا بالثورة التي انهت الطغيان – حسب وصفها , كان مطلعها :
من كل موتور على البركان متلويا في قبضة الطغيان
جن الهتاف فمزقت اصداؤه حجب الهوان وذلة البهتان
اليوم يعلم كل فرد انه بشر ويدرك قيمة الانسان
وقريب لهذا الوصف , ربط الشاعر عبد اللطيف اطيمش ثورة تموز مع العاطفة الشخصية بقصيدة بعنوان (تموز وغربة عينيها) مطلعها :
يا اهازيج بدربي ... ياشذى في قلب شعبي
انثري ضحكتك العطشى ... بارجاء بلادي
ولتكن ضحكة طفلة ... قبلتها الشمس غفلة
شمس تموز ...
وعبر الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد تقديره لثورة تموز من خلال زعيمها عبد الكريم قاسم الذي مدحه بقصيدة بعنوان (لعبد الكريم والاطفال الضاحكين) مطلعها :
اخي الحبيب ... طويت سنين عذابي الرهيب
اغني ليوم ارى وجنتيك
طويت سنين كفاحي الاليم
اغني ليوم كهذا العظيم
للفجر .... لعبد الكريم ....
واما القاص ذو النون ايوب , فقد اكد ان الثورة قد انفجرت بسبب الضغط وانعدام الحريات بكل انواعها , فكرية كانت ام فنية ام سياسية , وما دامت الجمهورية قد ولدت من بذرة الحرية , فهل يمكن ان تنمو بغذاء يسممها , وكيف تعيش بنظام يقوض اركانها , هل يمكن للجمهورية الحرة ان تتغذى على نظام الاستبداد الذي ولدت لمقاومته ؟
فيما كان الشاعر خالد الشواف اكثر وضوحا في تاييد استخدام القوم بالثورة بقصيدة بعنوان (امنت بالقبضة السمراء) منها :
امنت بالقبضة السمراء لوحها هجير تموز والثارات والغضب
امنت بالقبضة السمراء مؤمنة تهوى فتتحطم الاصنام والنصب
امنت بالقبضة السمراء قائدة خطى الملايين للفجر الذي رقبوا
واما الشاعر الكردي عبد الله كروان فقد ربط سقوط النظام الملكي بسقوط الاصنام بقصيدة مطولة حملت عنوان (الصنم وسادن الاصنام) احتوت قصائد صغيرة متعددة منها قصيدة بعنوان (14 تموز) منها :
حطمت الصنم .. ودفنت سادن الصنم
وهزمت الشيطان العجوز
اذ ولى .... دون وعي وشعور
تاركا وطني ...
والان انا لا اعبد الصنم .... واحيا حرا عزيزا باسلا ...
الفنان المسرحي يوسف العاني الذي عين سكرتيرا لفرقة المسرح الحديث , فقد اكد بان الثورة العراقية لم تكن وليدة يومها ,وبنت ساعتها , بل كانت حدثا تاريخيا حتميا , سبقه نضال طويل دام ,وتبناه شعب مكافح عنيد عبر سنوات طويلة من الكفاح المرير , وحققه جيشنا الباسل وقادته الابطال . فالثورة لم تكن الا تعبيرا بليغا عما يدور في اعماق هذا الشعب من مشاعر الحقد والسخط والاستنكار , من واقع مر وظروف قاسية صاغها الاستعمار واذنابه ليحققوا اغراضهم الاستعمارية الرعناء , وليستنزفوا دم هذا الشعب وقوت هذا الشعب .
وكذا الامر مع الشاعر رشدي العامل الذي ربط ين الثورة والقوة والدم بقصيدته التي حملت عنوان (الحرف والدم) منها :
يا ايها الشاعر ...
ان الشمس في الطريق
يمسكها الاطفال في بغداد
يصنعون منها نجوما تملا العراق
وشارة بيضاء في سواعد الرفاق
وطلقة سوداء في عيون الرفاق
جنود امريكا اذا امتدت الى العراق . ...
واما الشاعر النجفي عبد الامير الحصيري , فقد امتدح الثورة بزعيمها عبد الكريم قاسم بقصيدة مطلعها :
ايها الشعب انت شمس تتلالا وعبد الكريم مثل الهلال
يعكس النور والعزيمة والعدل ويقضي على الدجى والضلال
واما الاديب اليهودي مير بصري فقد اكد بان الزعيم عبد الكريم قاسم قام بثورة 14 تموز , فقضى على الملكية واعلن قيام الجمهورية , تجاذبته التيارات المختلفة ذات اليمين وذات اليسار , من وطنية وقومية وناصرية وشيوعية وبعثية , فحافظ على توازنه بصعوبة بالغة ومهارة عجيبة , كالسالك على الحبل الممدود في الهواء . كان رجل عزم وايمان . وهو انسان عاطفي سريع التاثر كثير الرافة والحنان , نزيه مخلص لاتغره المادة ولايستهويه الترف والثروة , ولكنه كان ثرثارا كثير الكلام مزهوا بنفسه هائما بالمجد . وكان رؤوفا بالاقليات الكثيرة التي يزخر بها العراق , فقد اعترف بحقوق الصابئة واليزيديين والاكراد والتركمان والاثوريين , والغى قانون اسقاط الجنسية على اليهود العراقيين .
وكذا الامر مع الشاعر محمد مهدي البصير , فقد عبر عن ترحيبه بالعهد الجديد بالقول (بان ابرز ظاهرة في ثورة الرابع عشر من تموز التي طرب لها فؤادي وامتلاء نفسي لها رضا وغبطة , هو رغبة رجال الثورة المسلحة في ان يخدموا الشعب خدمة جليلة) .
الاستنتاجات
بعد اعادة قراءة بحث (موقف المثقفين من ثورة تموز 1958 في العراق) نخرج بالعديد من الاستنتاجات منها :
1 – ان السياق العام لموقف النخبة المثقفة في العراق من ثورة تموز 1958 هو التاييد المطلق لها .
2 – ان المثقفين لم يطرحوا اشكالية هل ان ماحدث يوم الرابع عشر من تموز 1958 هل هو ثورة ام انقلاب عسكري ؟ لانهم كانوا مجمعين على ان ماحصل كان ثورة وليس انقلاب .
3 – ان التلازم بين الثورة والزعيم عبد الكريم قاسم في اعلان المواقف السياسية كان السمة البارزة في موقف المثقفين .
4 – ان التبشير بالثورة كان هو الخطاب السائد عن المثقفين الادباء خلال العهد الملكي .
5 – ان الاصلاحات الراديكالية والقرارات الثورية التي قامت بها الثورة كانت من اهم الاسباب التي عززت الثقة بها من قبل المثقفين العراقيين .
6 – ان الاجماع بين المثقفين الليبراليين والشيوعيين والقوميين على تاييد الثورة كان يمثل السمة السائدة في الحكم والتقييم .
7 – شكلت الثورة المصرية عام 1952 ركيزة من التقليد والانبهار عند اغلب المثقفين العراقيين وامكانية تقليدها في البلاد .
8 – ان السمة الظاهرة لموقف المفكرين والكتاب هو العقل والتنظير , فيما يغلب على موقف الادباء هو العاطفة والانبهار .
9 – ان الشعر والقصائد الشعرية كان يشكل الجانب الاكبر من تعبيرات المثقفين الادباء من الثورة .
10 – ان اغلبية مواقف المثقفين من الثورة كانت للشيوعيين واليساريين العراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!