الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمامة الجواهري وشيوعية السياب

داود السلمان

2024 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


متى يشعر الانسان بقيمته الحقيقية، وبوجوده في هذه الحياة المترامية الاطراف، وأنّه يمتلك قابليات عقلية وفكرية وذهنية جبّارة، فالإنسان كائن مفكّر، لا كما عرّفه ارسطو بأنه حيوان ناطق؟. الإنسان هذا يمتلك قيّم نبيلة وكثيرة جدا، لكنه لا يشعر بجزء هام من هذه القيم، في احايين كثيرة، والسبب أنه لا يشتغل على إيقاعها الوجودي، بمعنى أن الانسان لا يحرك ذلك الايقاع، يمينا وشمالا، فهي ساكنة، والاشياء الساكنة هي ليست كالمتحركة، مثلا: القطار الواقف في المحطة هو يفترق عن القطار الذي يسير بحركة مستمرة، ذهابا وإيابا. وهنا تكمن قيمة القطار الحقيقية بحركته، كونه ينقل المسافرين من وإلى الجهة التي ينوون السفر إليها؛ والقطار الساكن هو بحكم الميت، أو الأشياء المعدومة. وبالنسبة للإنسان فأن من أهم القيّم التي يستحقها، وهي جزء هام منه: الحرية، حرية الرأي، حرية الفكر، حرية المُعتقد، وحرية المبدأ، وغيرها، وهذه الأشياء هي المعوّل عليها، والإنسان متى ما نضج فكريا ومعرفيا، ستتلألأ أمام ناظريه شمس الحرية بضوئها الساطع، فيتنازل عن كثير من القضايا التي تعلمها في بداية حياته، وباتت راسخة في ذهنه، لأنّه تيقن أن تلك القضايا تجافي الحقيقة، أو هي مرحلة لابد أن يمر بها الإنسان، ثم تصبح من الماضي، ماضيه هو، فهي جزء من تاريخه، أي الماضي الذي لن يعود.
وثمة تفاوت في عقول البشر، وحتى في طريقة الاستيعاب، وكذلك في الوعي. الإنسان البسيط استيعابه على قدر بساطة ذهنه ومعرفته لحقيقة الأشياء، فهو ينظر إليها بمنظار ذلك العقل، ويستوعبها بقدر ما يرى، بضيق أفق، لا كما يرى صاحب الفكر الفذّ، والعقل الجبار، والادراك العميق، وهم الفلاسفة ومن سار على نهجهم وطرائقهم، كالشعراء والأدباء والمفكرين والمبدعين في الفنون.
محمد مهدي الجواهري(1899م–1997م)، الملقب بـ شاعر العرب الأكبر، وهو لقب يستحقه بجدارة، فهو آخر الشعراء الكلاسيكيين، وفارس القصيدة بامتياز، تأثر بالمتنبي والمعري والبحتري وأبي تمام. وهو نجفي، والمعروف عن النجف بأنها مرتع العلم والمعرفة، قديما وإلى يومنا هذا، وكان جُل أبناء النجف يدخلون إلى حوزاتها، لأخذ العلوم فيها من: فقه ولغة عربية وعلوم قرآن وتفسير، وما شاكل، لا غير. وأما العلوم الحديثة فقد دخلت النجف في وقت متأخر، كحال بقية المدن العراقية، أي بعد تأسيس الدولة العراقية سنة 1921، بفترة طويلة نسبيا.
والجواهري، دخل الحوزة (حَوْزَة الشَّيخ: مجلسه الذي يلقي على مريديه فيه العلم، - في حوزته/ في حوزة يده: يملكه، أو عنده. حَوْزَة الإسلام: حدوده ونواهيه :-فلان يحمي حوزةَ الإسلام:-? حَوْزَة البلد: ترابه) من أوسع أبوابها، فتعلم كل تلك العلوم التي كانت تُدرس آنذاك، وحصل على مرتبة تفتح له الأبواب معترك الحياة الاجتماعية، لأنّ الذي يتخرج من الحوزة، يكون محترما ومقبولا بين الناس وله وجاهة، ومكانة مرموقة، حتى أنّه يتدخل في حلّ مشاكل اجتماعية قد تكون مستعصية. والجواهري بتخرجه لبس الجواهري العمامة كرجل دين، لكنّه كان ميله للشعر وفنونه أكثر من ميله للقضايا الدينية المحض، فقرر خلع عمامته وإلى الأبد، فصار شغله الشاغل الشعر إلى آخر يوم في حياته
بينما كان الشاعر بدر شاكر السياب(1926 - 1964)، فارس قصيدة الشعر الحر (وقيل نارك الملائكة – لا يهم) حيث وُلد في البصرة جنوبيّ العراق، وترعرع فيها واكمل دراسته، إذ حصل على شهادة عليا "دار المعلمين العالية" كلية التربية بتعبير اليوم. عايش بدر أواخر الانتداب البريطاني في العراق ومراحل ميلاد الاستقلال عام 1932، ونشأ على أفكار التحرر والثورة ومقاومة الطغيان والاستبداد.
وبسبب مواقفه في الجامعة، حُرم من امتحانات الفصل الثاني عام 1946 بتهمة تحريض الطلّاب على العصيان والإضراب.
وفي عام 1949، سُجن بسبب مواقفه السياسية المعارضة للحكومة ومُنع من التدريس 10 سنوات.
وعام 1952 زادت الحكومة من حملة الاعتقالات وأغلقت العديد من الصحف، ففر بدر نحو الكويت. فهو رجل وطني ومحب لتراب أرضه.
وكان السياب قد أنتمى إلى الحزب الشيوعي العراقي، عام 1944، ولفترة ثمان سنوات، ثم قدّم استقالته وخرج من الحزب، وتبرأ منه، وإلى الأبد حتى الممات. وثمة اقوال كثيرة توعز سبب تركه الحزب، لذلك لم أذكر في مقالي هذا أي سبب، لأنني لم اصل إلى حقيقة مطلقة تخص الأمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تجنيد يهود -الحريديم-.. ماذا يعني ذلك لإسرائيل؟


.. انقطاع الكهرباء في مصر: -الكنائس والمساجد والمقاهي- ملاذ لطل




.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم