الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخ الكوني بين الواقع والخيال

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2024 / 6 / 22
المجتمع المدني


الفكرة رائعة لكن هل ممكن أن يتخلّىٰ الإنسان عن هُويّته المحليّة؟.
في رحلة الإنسان المستمرّة نحو الفهم العميق لوجوده ومكانه في الكون، يبرز مفهوم (الأخ الكونيّ) بوصفه فكرة فلسفيّة تؤكّد علىٰ ضرورة التآخي بين البشر عامّة . هذا المفهوم يدعونا للتأمّل في العلاقة التي تربطنا بالعالم الأكبر، ومدىٰ تأثيرها علىٰ رؤيتنا لأنفسنا وللآخرين.
فكرة الأخ الكونيّ تفتح آفاقاً جديدة للتّفكير في الإنسان ليس فقط بوصفه ذاتاً معزولة داخل إطار اجتماعيّ محدود، بل بوصفه جزءاً من نسيج كوني أكبر. هٰذه الفكرة تتجاوز الحدود الجغرافيّة والثّقافيّة والدّينيّة، لتشمل كلّ النّاس الموجودين علىٰ الأرض بغض النظر عن هوياتهم العرقية والعقائديّة ، بل قد تتعداه إلى الشعور بالمسؤولية تجاه الكائنات الحية والنجوم والمجرات. الإنسان في هذا السياق ليس مجرد كائن محدود بالزمان والمكان، بل هو جزء من حركة كونية دائمة ومستمرّة.
تستدعي هذه الفكرة الفلسفية التأمل في مفهوم الانتماء. الإنسان يشعر بالانتماء إلى أسرته، مجتمعه، بلده، لكن (الأخ الكوني) يدعوه إلى توسيع دائرة الانتماء لتشمل الكون بأسره. هذا الانتماء الأوسع يعزز الشعور بالوحدة مع الطبيعة والكائنات الأخرى، ويعزز فهمنا لمسؤوليتنا تجاه البيئة والكائنات الحية التي نتشارك معها هذا الكوكب.
من منظور الفلسفة الوجوديّة، يمكن أن يُنظر إلىٰ الأخ الكوني بوصفه طريقة لتجاوز العدميّة والإحساس بالعزلة الوجوديّة. عندما يدرك الإنسان أنّه جزء من كيان أكبر، تكتسب حياته معنىٰ أعمق، ويشعر باتصال روحيّ مع الكون. هٰذه الفكرة تفتح الطّريق نحو تحقيق الذّات والارتقاء الروحيّ، حيث يصبح الفرد مُدركاً لدوره وتأثيره في الكون.
أمّا من منظور الأخلاق، فإنّ مفهوم الأخ الكوني يحثّ علىٰ تبنّي قيم التعايش والسلام والتعاون. عندما ندرك أن كلّ كائن في الكون هو أخ لنا، فإنّ ذلك يعزّز الشّعور بالمسؤوليّة المشتركة والتّضامن. لا يمكننا النّظر إلىٰ الآخرين كغرباء أو أعداء، بل كأخوة يتشاركون معنا في الرّحلة الكونيّة. هٰذا الفهم العميق يرسخ قيم التّسامح والمحبّة والاحترام المتبادل.
يجب أن نتذكّر أنّ للفكرة مايؤيّدها في المدونة الإسلاميّة. قال تعالىٰ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}(الممتحنة: ٨) .وقال الإمام علي ع:(النّاسُ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْـخَلْقِ).
علاوة علىٰ ماتقدّم ، يدعو الأخ الكوني إلىٰ تبنّي نظرة شموليّة وشجاعة للعالم. فبدلاً من التّركيز علىٰ الاختلافات والتّفرقة، يمكننا التركيز علىٰ ما يوحّدنا بشر وككائنات حيّة. هٰذا المفهوم الفلسفي يشجّع على التفكير في الإنسانيّة ككلّ، والعمل من أجل مستقبل مشترك يتّسم بالازدهار والدّيمومة.
يمكن القول ـ أخيراًـ إنّ مفهوم الأخ الكونيّ يشكّل دعوة عميقة للتأمّل والتّفكّر في موقعنا في الكون، وكيف يمكن أن نتفاعل مع بعضنا بطرق تعزّز الانسجام والتّكامل. إنّه يفتح لنا أبواباً جديدة لفهم الذّات والعالم، ويحثّنا علىٰ العيش بحبٍّ وتفهّم وتقدير للكون بكلّ ما فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين


.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!




.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا