الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين التشخيص و العلاج:هل سيباشر المسلمون الحركة للأمام

نجيب المدفعي

2006 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مقالة للأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط بعنوان (لماذا تأخر المسلمون و تقدم غيرهم؟) يطرح مفهوم تحسين نوعية معيشة الإنسان في الحياة الدنيا كفكرة محورية لحركة المجتمعات. ويشير الأستاذ الشبوط إلى غياب هذه الفكرة في المجتمع الإسلامي.

و يعطي مجموعة من العوامل تراكمت على مدى عمر هذا المجتمع كانت السبب في تخلفه لاحقا. إلا أن العديد من الأسئلة يمكن أن تـُطرح بهذا الصدد. مثال ذلك، هل أن مجتمعات في جنوب شرق آسيا، كإندونيسيا و ماليزيا، هي مجتمعات إسلامية؟ و إذا كانت كذلك فما الذي جعلها تتعامل مع مفهوم تحسين معيشة الإنسان برؤية (حداثوية)؟

يمكن القول أن الطبيعة الاجتماعية لأي مجموعة بشرية هي التي تحدد الطريقة التي يمكن قراءة الإسلام ـ أو أية عقيدة ـ من خلالها. فالإسلام عقيدة تتعامل مع كل مناحي الحياة، في طيف يمتد ما بين المراوحة (اجترار الماضي) و السير قـُدما (الريادة). فما الذي يجعل مجتمعات جنوب شرق آسيا تقرأ الإسلام قراءة مختلفة عن مجتمعات الشرق الأوسط، و العرب منهم على وجه التحديد.

قد تكون الصحراء، التي أفرزت ثقافة بدوية، ألقت بظلالها على طريقة قراءة الإسلام و استلهام القيم التي تلائم هذه الثقافة. و ليس المقصود هنا قدْح البداوة، و لكنها سياقات سلوكية تلائم مجتمعات توطنت بيئة معينة. و هي إن كانت صالحة لمكان و زمان معينين، قد لا تكون صالحة لأماكن و أزمنة أخرى. فالمجتمع الذي يعيش في مناطق زراعية أو مدنية لن يجد حلولا لمتطلباته الأوسع في ما هو متاح من سياقات في الثقافة البدوية. و علينا الإقرار بأننا مجتمعات ما زالت تتبنى الثقافة البدوية كمنطلق لسلوكياتها.

و كذا فهْمُ الإسلام، فالمجتمع الزراعي أو الصناعي سيواجه معضلات شرعية لم يتطرق إليها الفقيه الأول، وبالتالي تبرز الحاجة للاجتهاد و استنباط الأحكام الشرعية لمستجدات لم تخطر ببال الصحابة و التابعين. وهنا خلق الفقهاء أزمة بغلقهم لباب الاجتهاد و الاكتفاء بما قاله الأولون. عندها يصل المجتمع إلى حالة من الاستعصاء، فإما اعتزال المجتمعات البشرية الأخرى أو الانفضاض عن الفكر الإسلامي بصيغته الجامدة هذه لعدم قدرته على تقديم الحلول للناس في ما يعترضهم من مشاكل يومية.

حـُولت العديد من الممارسات الاجتماعية البدوية إلى ثوابت " دينية "، و أضفيت عليها القداسة. فطاعة ولي الأمر ـ مثلا ـ واجبة دينيا، صلـُح هذا الولي أم فسد أو أصابه العته، لأنه رب الأسرة أو زعيم القبيلة و لا يجوز للناس أن يولوا أمرهم من هو أدرى منه بشؤونهم الدنيوية. أضف إلى ذلك عدم وجود آلية ـ في الثقافة البدوية ـ تربط بين المنجز الفردي و المردود الاقتصادي (الدافع المصلحي)، و هو ما يمكن أن " يحول الإنسان إلى الاستجداء إذا كان مقتنعا بأن مستوى الحياة الذي توفره له هذه المهنة كافيا له "، كما يقول الأستاذ الشبوط.

إن التغلب على العوامل التي سببت تأخر المسلمين ( والعرب منهم على وجه التحديد)، يتطلب كما يقول الأستاذ باسم محمد حبيب:" الوصول إلى حقيقة العلل التي أصابت جسدنا الثقافي، لأن تجميل تلك العلل أو إظهارها بشكل مخفف لا يخدم هدفنا بشيء، ناهيك عن كونه نوعا من المراوغة غير المحببة، و لعل السبب الذي يكمن وراء ذلك نابع من الخوف من الردود والمشاكل التي تواكب أو تعقب أي دعوة إصلاحية " في مقاله الذي عقب فيه على مقال الأستاذ الشبوط (لماذا لم يدرك المسلمون أسباب تأخرهم؟).

يمكن القول إن تشخيص حقيقة العلل لا يستلزم الكثير من إعمال الفكر، لكن الجهد المطلوب ينصب على مدى القدرة على التحرك و دخول منطقة العلل هذه، و المملوءة بالألغام الأيديولوجية المتزمتة التي تستمد شحناتها المتفجرة من " القداسة الدينية " المؤسسة على خلفية بدوية و ليست إسلامية. و هو ما يصفه الأستاذ باسم حبيب بـ " الخوف من الردود و المشاكل".

نحن بحاجة لنشر ثقافة "النقد" أولا، و عدم تحديد سقف لمن يريد أن " يـُبدع " ثانيا. إن تقييد المبدع بحيز أيديولوجي يقمعه، سيبقينا نقرأ الإسلام من زاوية " المراوحة " لا " السير إلى الأمام".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم