الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوح ونمرود،أحيدان والقدس

حسيب شحادة

2024 / 6 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نوح ونِمْرود، أحيدان والقدس
Noah and Nimrod, Ahidan and Jerusalem
بقلم إبراهيم فيّاض ألطيف (1903-1983)
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


בנימים צדקה (כתב וערך), אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים. מכון א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים–חולון, 2021, כרך א’ עמ’ 45–47.

نوح

وُلد نوح بن لمك في الشهر الأوّل، في شهر الربيع، ومسقط رأسه شنعار. في يومه الرابع عشر ظهر نجم المذنّب في السماء وعامود نار من المساء إلى الصباح، أُعجوبة كانت.

أتى شيوخ الأرض ورؤساء الأسباط إلى آدم أبيهم وقالوا له: قُل لأبنائك ما هو حُكم هذا النجم وما عمله؟ أجاب آدم: سيأتي فيضان على الأرض ليهلكَها، ويغرق كلّ حيّ وكلّ البشر، كلّ أشجار الغابة ستُقلع، وستُمحى جميع الحدائق والبساتين، ويقفر كلّ شيء، بلا سكّان.

عندما كبُر نوح، سلّمه آدم ثلاثة كُتب: كتاب الأعاجيب. كتاب النجوم، وكتاب الحروب. بارك آدمُ نوحا: ستخرج منك ثلاثة شعوب، ومنها ستتفرّع كلّ الشعوب واللغات، وخصام يقع بينها طوالَ الوقت؛ إذا علا سبط، سقط الثاني وصار عبدا له. وهكذا، سترتوي الأرض من الدماء حتّى يحلّ يوم السلام لكلّ حيّ.

تعلّمنا أنّ نوحًا الصدّيق هو التاسع، بعد آدم أبينا وأبي البشر، وظهرت يومَ ولادته علاماتٌ عجيبة، ولا أحدَ عرف سببَ ذلك، خرِبتِ الأرض أمامَ الله. لم يكن في ذلك الجيل إنسان قادر على محبّة أخيه، وفعل الجميعُ المحرّمات. لا أحدَ درى ما يفعله.

قصّ عليّ أحد الخبَراء المعاصرين في المدراش/التفسير، قصّة طريفة عن نوح عليه السلام وهي: عندما كان أبونا آدم في جنّة عدن متمتّعًا هناك، لم يعرف لا الخير ولا الشرّ، وفي الوقت ذاته، تعلّم سرّ الاسم الصريح، يهوه، من الملائكة، بعد أن أذِن له ربّ العالمين. والله اشترظ عليه بألّا يعلّمه لأيّ من نسله، باستثناء واحد تظهر على جبينه عندَ الولادة علامة.

حينما خرج آدم من جنّة عدن، وأخذ يفلح الأرض، بدا له أنّه سيكون هناك فيضان عظيم وهائل في العالم، وستمتلئ الأرض بالماء وتموت كلّ البشر، مخلوقات هذا العالم.

تذكّر آدمُ أنّ ثمّة عهدًا بينه وبين ربّه بألّا يقضي على البشر أجمعين. آنذاك، وُلِد له ابنان، قايين وهابيل. وولد له ابن ثالث وسمّاه شث. وفي كلّ مرّة نظر فيها آدم إلى شبه وصورة ابنه، ما وجد على جبينه العلامة التي ذكرها الله.

لذلك عرف آدم أنّ ابنه لم يكن مقدّرًا له/مُعدًّا أن يعرف ”سرَّ الاسم“. وُلد لهم الكثير من الأحفاد وأبناء الأحفاد،انوش، قينن، مهلّليل، يرذ حنوك الذي سار مع الله وفقد، وبعد ذلك مثوشلح ولمك. ولم يرَ آدم على جميعهم العلامة التي توقّعها. تعجّب آدم جدًّا وقال في نفسه ”ليس القادر انسانا فيكذب“ [العدد 23: 19، في الأصل: האם وفي التوراة לא؛ اُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربيّة لتوراة السامريّين. المجلّد الثاني: سفر اللاويّين سفر العدد وسفر تثنية الاشتراع. القدس: الأكاديمية الوطنيّة الإسرائيليّة للعلوم والآداب،2001، ص. 312–313]. هرِم آدمُ جدًّا بمُرور الوقت، وأيقن أن لا مناصَ من الموت، ومنذ خروجه من جنّة عدن، عرف آدمُ هذه الضربة المحزنة.

فجأةً، جاء الأحفاد وبشّروا آدمَ أنّ ابنًا وُلِد للمك. خرج آدم ونظر إلى قُبّة السماء فرأى عجائبَ وعلاماتٍ في السماء. أظلم العالَم وكسفتِ الشمس. جاء آدمُ إلى بيت لمك وطلب رؤية المولود. رأى العلامة التي انتظرها سنواتٍ طويلةً على جبينه وقال: ”هذا يسلّينا من اعمالنا ومن شقاء ايدينا من الارض التي لعنها الله“ [تكوين 5: 29؛ اُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربيّة لتوراة السامريّين. المجلّد الأوّل: سفر التكوين وسفر الخروج. القدس: الأكاديمية الوطنيّة الإسرائيليّة للعلوم والآداب، 1989، ص. 22–25].

كبُر نوح، أخذ بالفلاحة، غرس الأشجار والكروم، ولم ينتبه لأعمال الناس حولَه، بل ثابر في عِبادة الهه، وطلب من الأقارب التقرّب من عبادة الباري، في كلّ مكان وصله. ولكن لا أحدَ منهم سمِع وأخذ بعبادة الله. عزم الله على القيام بثورة في العالم. أنزل على السكّان فيضانًا عظيمًا لإغراق الجميع. بقي نوح ومَن معه في السفينة/فُلْك فقط، بنوه وزوجاتهم وزوجته، للحفاظ على الذُّرّيّة/السلسلة التي خرج منها النبيّ الكبير، موسى بن عِمْران.

أمره الله أن يصنع سفينة/فُلْكًا واستغرب كلّ جيرانه من منظرها/منظره. صنع نوح سفينة كبيرة لتتَّسعَ له ولعائلته، ولكلّ أصناف الطيور والحيوانات والدبيب والبهائم. بكتابتي هذه اِستعنت بالتوراة، بسفر الأساطير وبشرح سفر التكوين/السفر الأوّل بقلم الحكيم سلامة بن مرجان الدنفي من القرن الثامن عشر.

بناء صهيون = چفنه = القدس/أورشليم

في أيّام نوح بن لمك، قام رجُل مِقدام اسمه أحيدان بن برد، من بني توبل/توبال قايين، وبنى قلعة عالية على تل مرتفع، وأطلق عليها اسم صهيون، ووضع في القلعة حجرًا مربّعًا كبيرًا وعاليًا منحوتًا ونقش عليه نُقوشا.

كلّ من جاء وشاهد الحجر عن بُعد، تعجّب جدّا. وُلد لأحيدان ابنُ اسمه أسور، وهو أتمّ بناء صهيون بعد موت أبيه وحصّنها بسور حولَها.

عُرِفت في تلك الأيّام في بابل، چفنه ابنة نعمه، بجمالها الفاتن الفريد، ولم تكن هناك حينذاك أيّة فتاة تفوقُها جمالًا. بعث أسور بن أحيدان ملائكةً إلى بابل، وأخذوا چفنه زوجةً لابنه. أقام أسور أربعةَ تماثيل في القلعة، واحد من الذهب ، وواحد من الفضّة، وواحد من النحاس، وواحد من الخشب الأسود، ووُضعت على التماثيل حجارة مرصّعة بشكلَي القمر والشمس، فارتفعت وانبثقت مثل أنوار السماء إضاءة.

عيّن أسور أربعمائة كاهن لخدمة التماثيل. وأهدى كلَّ هذا الهيكل لچفنه، وحوّل اسم قلعة صهيون لبيت چفنه أي أورشليم/القدس. أتى جميع أبناء ذلك الجيل إلى ذلك المكان لعبادة آلهتهم والسجود للتماثيل. بقي عامود الهيكل قائمًا حتّى أيّام إقامة المسكن في شيلُه، في العام 261 لدخول بني إسرائيل أرض ميراثهم.

نِمْرود

انتمى نِمْرود إلى أُسرة نوح الصدّيق، من نسل ابنه الثاني حام، كما ورد في التوراة: ”وبنو حام كوش … وكوش
اولد نمرود هو ابتدأ للكون جبارًا قنوصًا في عالم الله… وكانت اولى مملكته بابل“ [تكوين 10: 6, 8, 9, 10؛ اُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربيّة لتوراة السامريّين. المجلّد الأوّل: سفر التكوين وسفر الخروج. القدس: الأكاديمية الوطنيّة الإسرائيليّة للعلوم والآداب، 1989، ص. 40-43]، وميخا المتنبىء سمّى بابل أرض نِمْرود.

يذكر معلّمونا بأنّه ألقى إبراهيم بأتون النار: وأسقط إبراهيمَ أبانا في أتون النار.

تروي أُسطورة من العصور الوسطى، بأنّ نمرود البطل، كان قد مكث أيضًا في قرية بلاطة المجاورة لمدينة نابلس، بجانب الشارع المؤدّي إلى القدس. كتب الجغرافيّ المسلم، ياقوت الحموي، في سنة 1250 بالتقريب عن قرية بلاطة: واليهود، أي السمرة، يقولون هنا ألقى نِمْرود بن كنعان إبراهيمَ بالنار. في الواقع، يقول العلماء إنّ ذلك حدث في بلاد بابل، العراق، والله وحده عالم بالحقيقة.

أحدُ الرحّالة العرب، الذي زار البلاد في العام 1689، يقول بأنّه شاهد في نابلس بنايةً قديمة شبيهة بالسرداب، مطمور قسم منها تحت الأرض: ويقال إنّ نمرود/النمرود مدفونٌ فيها؛ وإلى اليوم يُشار إلى المكان المسمّى ”النمرود“، وبداخله مَقبرة آبائنا في حارة راس العين بنابلس. وقد أطلق العربُ اسمَ نمرود، على تلّ قديم في سهل بيسان بالقرب من ضفتي الأردن. وسُمّيت كذلك باسمه قلعة منذ القرون الوسطى، قلعة نمرود في شمالي البلاد، في مرتفعات الجولان، المطلّة على فضاءات سهل الحولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خامنئي و الرئيس الإيراني .. من يسيطر فعليا على الدولة؟ | الأ


.. مناظرة بايدن-ترامب .. ما الدروس المستخلصة ؟ • فرانس 24 / FRA




.. #فرنسا...إلى أين؟ | #سوشال_سكاي


.. المناظرة الأولى بين بايدن وترامب.. الديمقراطيون الخاسر الأكب




.. خامنئي يدعو الإيرانيين لمشاركة أكبر بالانتخابات | #غرفة_الأخ