الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا تاريخ حنوك

حسيب شحادة

2024 / 6 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


This is the History of Enoch
جمع وكتب بالعربيّة الكاهن الأكبر عبد المعين صدقة (1927-2010)
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


בנימים צדקה (כתב וערך), אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים. מכון א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים–חולון, 2021, כרך א’ עמ’ 42–44.

مؤلِّف كتاب الأساطير (مدراش سامريّ على التوراة من القرن العاشر للميلاد على أبعد حدّ) مجهول الهُويّة، كتب حين كبُر حنوك بن يرذ وصار عمره ثلاثة عشر ربيعًا شرع بتعلّم كتاب الأعاجيب، الذي تسلّمه آدم من الملائكة. كان هذا الكتاب منقوشًا على أربعة وعشرين حجرًا من المهاء/الجَزْع. اثنا عشر حجرًا لأيّام الرضا (رحوته) والاثنا عشر حجرًا الأُخرى لأسباط إسرائيل ولتاريخ عُبّاد الإله العلّي، الحجارة كانت موشّاة بصدر أهرون الكاهن. حجارة الرضا الاثنا عشر هي للآخرة، للدولة الثانية.

تربّى حنوك على يد شيخه آدم الأوّل، بحسب قول صاحب كتاب الأساطير. عندما سمِع آدم عن فساد أبناء قايين، ذهب إليهم من مكان سكناه، البادان (6 كم شمالي نابلس). ذهب الاثنان، آدم وحنوك إلى ساحات المدينة، لأنّ لمك بن متوشال/متُوشائيل انتقل إلى هناك، بعد قتله لجدّه قايين.

هناك قرأ آدم الأوّل على ذُرّيّته كتاب الأعاجيب، الذي يمدح شرف بني إسرائيل ويتنبّأ بالأعاجيب التي ستحصل لهم، قبل انتصارهم المظفّر على أعدائهم، ثمّ إقامة الدولة المستدامة.

كما قصّ آدمُ عليهم، عن الشرف والبهاء اللذين سيحظى بهما، مطيعو الله العظيم، وماذا ستكون آخرة كلّ المؤمنين به من جهة، وغير المؤمنين من جهة ثانية. آخرة غير المؤمنين، الإبادة والضياع لفشلهم في الحياة.

رفض بنو قايين الاستماعَ لتحذير آدمَ الأوّل، ولكلّ ما قاله لهم. غادر آدمُ وحنوك ابن حفيده بجزع شديد، وعادا إلى البادان. وعندما رأى حنوك ردّ فعل أبناء قايين، عرف جزاءهم وجزاء كلّ من لا يُطيع وصايا إلهه، أمّا هو فآمن بكلّ ما تعني هذه الكلمة من معنى، بكلّ ما قاله لهم آدم شيخه. هو لم يترك آدم ولو للحظة واحدة. كان ابنَ خمس وستّين سنةً عندما ذهب مع آدمَ للقاء أبناء قايين، وكان قد أولد ابنه مثوشلح.

جالسَ حنوك آدمَ الأوّلَ وعبدا الله، وسار في طريق خالقه. وهو أقام مذبح جدّه في جبل جريزيم، وتنسّك لإلهه. كرّس نفسَه لعبادة الله ثلاثمائة سنة كاملة كما ورد: ”وسلك حنوك في طاعة الله بعد ايلاده مثوشلح ثلاثمائة سنة“ [تكوين 5: 22؛ اُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربيّة لتوراة السامريّين. المجلّد الأوّل: سفر التكوين وسفر الخروج. القدس: الأكاديمية الوطنيّة الإسرائيليّة للعلوم والآداب، 1989، ص. 23].

لكن مَرْقِه [مرقه عمرم سيرد، القرن الرابع للميلاد، Marcus باللاتينيّة، فيلسوف، أعظم شاعر ليتورجيّ، لقّب بمؤسّس الحكمة، أوّل الحكماء، ونعته المؤرخ السامريّ أبو الفتح بينبوع الحكمة. بحساب الجمّل يساوي اسمه الاسم משה أي 345، ولا يجوز لدى السمرة تسمية أحد بالاسم موسى لعظمة كليم الله، انظر تثنية 34 : 10. عرف مرقه بعمله الشهير الميمر أو السفينة بالآراميّة وأصدره بن حاييم في العام 1986 مشفوعًا بترجمة عبريّة وتعليقات لغويّة. في العام 2015 صدرت ترجمة عربيّة للميمر بأحرف عبريّة، بقلم الكاهن الأكبر عبد المعين صدقة. هنالك ترجمة بالإنجليزية بقلم John Macdonald]، رضوان الله عليه، كتب أنّ حنوك عاش ثلاثمائة وخمسًَا وستّين سنة لأنّه أُغْوي في آخر حياته لعبادة الأوثان.

في هذه الفترة، وُلِد لمثوشلح ابنٌ سمّاه لمك، ثمّ ولد للمك في الشهر الأوّل ابن سمّاه نوحا. وعندما بلغ من العمر أربعة أيّام، أظهر الله آيةً/معجزة في السماء كعلامة. رأى السكّان الآية ووجِلوا جدّا. ذهبوا بسرعة إلى آدمَ أبيهم، إلى مدينة بادان، المسماة آدم المدينة، للاستفسار عن هذه الظاهرة.

كتب مؤلِّف كتاب الأساطير - قام آدمُ بوفرة حكمته، وبشّر بمجيء الطوفان. ووعدهم آدم وعدًا قاطعًا أنّه، طالما أنّ حنوك حيٌّ يُرزق، فلن يخرّبَ الطوفان الأرض.

في يوم وفاة حنوك أتى جميعُ أبناء آدمَ إلى أبيهم الأوّل، إلى آدم، إلى المكان المسمّى ”سفره“ أي جبل جريزيم، مقابلَ نابلس، ووجدوه ينوح على وفاة حنوك، والنائحون معه هم أبناؤه شث وانوش وقينن ومهلّليل، يرذ أبو حنوك ومثوشلح ابن حنوك.

مات حنوك يوم أربعاء. كان البكاء على موت حنوك شديدًا، فوصل نبأ وفاته إلى أحيدن بن توبل قين الساكن في حبرون/الخليل. وكان أحيدن ورعًا وخبيرًا بسفر العجائب. جاء مسرعًا إلى المدينة سفره، على جبل جريزيم للمشاركة في الحداد على حنوك، ورثائه الذي أقامه آدم وبنوه.

حفر كلّ المتجمّعين قبرَ حنوك بمكان يُدعى يسكر (= عسكر، عين سكر)، الكائن شرقيّ جبل عيبال مقابلَ جبل جريزيم، بيت إيل. ومعنى الاسم عيبال هو الحِداد/الحزن لأنّه كان مكانًا مخصّصًا لدفن الأبرار الصدّيقين.

جبل جريزيم هو ملجأ الثقات/الأُمناء الصالحين. وقد دُفن كلُّ واحد منهم، على بعد ألفي ذراع منَ المكان الذي كان يعيش فيه. والنار الحارقة لم تلمس جسده البتّة.

هذه أعمال حنوك التي قرّبته من الله، سبحانه وتعالى:
أ) استقامتُه، أمانته، المحافظة على دينه.
ب) اشترك مع آدمَ بجولة إقناع بني قايين وبوعظهم أخلاقيّا.
ج) إقامة مذبح جدِّه آدمَ، وتقديم القرابين عليه.
د) عبادة وحدانيّة الله، كشيخه آدمَ تماما. لم يكن هنالك من بلغ ذُروة عبادة حنوك لله، سوى نوح.
هـ) مسيرته في طريق ملائكة الله بتنسّكه، مدّةَ ثلاثمائة سنة، أي ثلاثة أضعاف مدّة تنسّك آدمَ الأوّل.

صفوة القول، أُخصّص بضع كلمات لتفسير الآية/العدد عن حنوك ”إذ تولّته الملائكة“ [تكوين 5: 24؛ اُنظر حسيب شحادة، ن. م./نفس المصدر ص. 22–23]. لا يمكن تفسير هذه الآية بأنّ حنوك لم يمُت، وبأنّ معنى الآية غير مرتبط بالمرّة بالموت. معنى الآية يرمز إلى السير برفقة الله، بطريقه وصوْن أحكامه ووصاياه. معنى الكلمة ואיננו/وفُقد [ن. م.] هو الدالُّ بجلاء على الموت الطبيعيّ. كان هذا الموت الطبيعيّ الأوّل، بعد قتل قايين لهابيل وبعد لمك لقايين.

في النهاية، قُبر حنوك بحضور عدد كبير. حتّى الملائكة اشتركت بجِنازته، كما اشتركت لاحقًا بجَنازة موسى بن عِمْران، عليه السلام. ذُكِر أنّ موسى مات مثل حنوك، وقيل عن حنوك أيضًا ”لم تكلّ عيناه ولم تذهب طراوته“ [تثنية 34: 7؛ اُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربيّة لتوراة السامريّين. المجلّد الثاني: سفر اللاويّين سفر العدد وسفر تثنية الاشتراع. القدس: الأكاديمية الوطنيّة الإسرائيليّة للعلوم والآداب،2001، ص. 626-627]. بالنسبة إلى والديه وشيوخه مات شابًّا بعُمْر مجموعه ثلاثمائة وستّون عامًا فقط، عليه السلام.

أعود وأذكر أنّ مَرْقِه كتب أنّ حنوك، في آخر حياته، عبد آلهة أُخرى، ولذلك قُصِّرت سنوات حياته بأكثرَ من جميع آبائه والآباء بعده إلى نوح.
هذه أسماء الصالحين/الصدّيقين الذين بكوا/ناحوا عليه وذكر عمرهم وقت الرثاء:

آدم كان ابنَ 887 سنة.
شث بن آدم كان ابنَ 755 سنة.
انوش كان ابنَ 652 سنة.
قينن/مالك كان ابنَ 562 سنة.
مهلّليل كان ابنَ 492 سنة.
يرذ كان ابنَ 427 سنة.
مثوشلح ابنه كان ابنَ 67 سنة.
آدم كان ابنَ 222 سنة عند ولادة نوح. وكان عمر آدم الأوّل زمن الطوفان 822 سنة. هذه التواريخ مستمدّة من التوراة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرسم على جدران الشاحنات في باكستان | عالم السرعة


.. موريتانيا: تنافس حاد بين روسيا والصين والغرب | الأخبار




.. حرب غزة.. صياغة جديدة لاتفاق الهدنة | #ملف_اليوم


.. كيف يؤثر ارتفاع الحرارة على البنية التحتية لشركات الكهرباء؟




.. ارتدادات المناظرة الرئاسية الأميركية الأولى لا تزال تنعكس سل