الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل تشهد جبهة الشمال على الحدود اللبنانية حرباً واسعة ؟.
أسامة خليفة
2024 / 6 / 29القضية الفلسطينية
أسامة خليفة
باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
لم تبق الحرب في جبهة الجنوب اللبناني على ذات المستوى الذي بدأته في 8 تشرين الأول /أكتوبر الماضي،
وتواصل التصعيد المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، مما أثار مخاوف دولية وإقليمية من اندلاع حرب واسعة ستكون تداعياتها كارثية ليس على لبنان فقط بل على إسرائيل والمنطقة كلها.
تصاعدت المخاوف بعد تصريحات نتنياهو بعزم إسرائيل على شن حرب واسعة مدمرة على لبنان، بعد الانتهاء من حرب غزة، أو انتهاء العمليات الكبرى في القطاع، وتخفيض العمليات المكثفة في رفح، يقول نتنياهو إن حرب غزة ستنتقل إلى مرحلة العمليات المكثفة أو إلى العمليات التمشيطية أو الانتقال إلى المرحلة «جـ». فالحرب في غزة تقترب من نهايتها، وسيتم تقليص القوات في منطقة رفح، وإعادة انتشارها، وبالتالي الاستعداد للحرب الشاملة في لبنان بإرسال المزيد من فرق الجيش إلى الشمال.
وفق محللين سياسيين أن حال رفح وغزة بات شبه منتهٍ على المستوى العسكري دون تحقيق إنجازات، ويريد نتنياهو وضع حد لها بإعلان النصر على حركة حماس وتفكيك كل كتائبها، رغم أن المقاومة في الأونة الأخيرة استعادة عافيتها وقدراتها القتالية، بل في العلم العسكري المقاومة في الحرب غير المتناظرة تبقى قادرة على استمرار القتال، وتعمل رغم خسائر تقدر بأكثر من النصف.
يريد نتنياهو استمرار الحرب والانتقال من ساحة إلى أخرى هرباً من مأزقه الداخلي الذي برز رغم التفاخر بالوحدة الداخلية أثناء الحرب، حيث يتعرض وشركاؤه من اليمين المتطرف إلى مأزق داخلي يتفاقم يوماً بعد يوم نتيجة الانقسامات الحادة، والتظاهرات التي تطالب بإسقاط حكومته وبإجراء انتخابات مبكرة، واشتداد الصراع بين القيادتين السياسية والعسكرية، وانسحاب الوزير السابق بيني غانتس من مجلس الحرب، وإعلان رئيس الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفي استقالته بسبب إخفاقه في 7 تشرين أول/أكتوبر في توقع شن حركة حماس عملية «طوفان الأقصى»، وسط توقعات استقالات أخرى منتظرة للفشل الذريع في إدارة الحرب في غزة.
في المأزق الخارجي ينتظره إصدار مذكرة اعتقال، هو ووزير دفاعه يوآف غالانت، من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لدوره في عملية الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وبدل أن يمنعه هذا من توسيع نطاق الحرب في لبنان يعتمد على الدعم والتغطية الأمريكية في الاستمرار في جرائمه، وشن هجوم حين يحصل على الضوء الأخضر من واشنطن.
فيما توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم استمرار الوضع عند الحدود الشمالية لإسرائيل على المنوال الحالي نفسه، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس: إنه «لا يمكن السماح لحزب الله بمواصلة مهاجمة أراضينا ومواطنينا وسنتخذ القرارات اللازمة قريباً». فيما أكد الجيش الإسرائيلي في المقابل: أنه أقر خطة لعملية موسعة في لبنان، إذا اقتضت الحاجة.
وتتواصل هجمات حزب الله من لبنان، وتتصاعد وتتزايد كماً ونوعاً، بإدخال مسيّرات انقضاضية، وتصدي الدفاعات الصاروخية لطائرات F 15 الإسرائيلية، والتسبب بالحرائق التي اندلعت في شمال فلسطين المحتلة، ونزوح سكان 28 مستوطنة ممن يعيشون على مسافة تصل إلى 2 كم من الحدود مع لبنان، الأمر الذي أثار التوقعات أن خطر الحرب والتصعيد يرتفع بالاقتراب من شهر أيلول/ سبتمبر، فإسرائيل تريد تنفيذ المنطقة العازلة عند الحدود تمهيداً لإدخال سكان الشمال للمدارس في أيلول/ سبتمبر المقبل، وسبق لإسرائيل الإشارة إلى أنها قد تزيد حدة الأعمال العسكرية إذا أخفقت الدبلوماسية في السماح لسكان المناطق الواقعة على حدودها الشمالية بالعودة إلى منازلهم بأمان. ولكن اندلاع حرب شاملة يعني أن أعداداً جديدة من النازحين الإسرائيليين عن منازلهم سيتضاعف، ولن تكون الحكومة الإسرائيلية قادرة على التعامل مع أزمة النزوح الواسع، ففي حال اندلاع الحرب، فإن كامل مساحة إسرائيل لن تكون بمنأى عن صواريخ حزب الله، وقال السيد حسن نصر الله: «يعرف العدو جيداً أننا حضرنا أنفسنا لأسوأ الأيام»، مضيفاً: «عليه أن ينتظرنا براً وجواً وبحراً».
حقيقي أنه لا يمكن للوضع في شمال فلسطين على الحدود اللبنانية أن يبقى على حاله، فهو مرتبط بالحرب على غزة وستذهب الأمور باتجاهين، إما حل شامل وفق شروط المقاومة، ووقف إطلاق نار دائم والانسحاب الكامل من القطاع، أو التوجه نحو حرب واسعة النطاق على جبهات عدة، عبر اندلاعها فجأة بقرار أحمق من نتنياهو، أو بتوسيع تدريجي للعمليات العسكرية قد يؤدي إلى حرب شاملة بالتدحرج نحوها عبر تصعيد جزئي يتلوه جزئي يعجز الضبط عن الحد من وتيرته، أو بارتكاب خطأ في عملية عسكرية يُظن أنها محدودة لكن نتائجها وتفاعلاتها قد تفوق ما خطط له، بتجاوز الحسابات الدقيقة لتحديد تطوراتها ومن ثم يتطلب الرد عليها بالمثل. بالإضافة إلى أن تطورات ساحة المعركة في غزة قد تؤدي إلى انزلاق الوضع على الحدود اللبنانية إلى حرب شاملة، إن احتمال الحرب بين حزب الله وإسرائيل يتزايد مع تلاشي فرص التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس. مع أن المحللين يرون أن الحرب في غزة طالما هي مستمرة ستبقى حرب الشمال على الحدود اللبنانية محدودة بقواعد الاشتباك مع تصعيد خطابي إعلامي دون القيام بالأفعال، فمازالت إسرائيل تعطي الجهود الدبلوماسية أولوية على أي عمل عسكري، وتدعو إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وابتعاد المقاومة الاسلامية إلى وراء نهر الليطاني.
إسرائيل غير قادرة على شن حرب على حزب الله دون مساعدة كاملة من الولايات المتحدة، بل يعتقد كثيرون أن هذه الحرب قرارها في واشنطن، وحسب الإعلام الإسرائيلي أن المبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكستين مبعوث الرئيس الأمريكي ، قد حذر المسؤولين اللبنانيين من أن الولايات المتحدة ستدعم أي هجوم إسرائيلي إن لم يوقف حزب الله هجماته على شمال فلسطين المحتلة لإجبار حزب الله على التراجع عن الحدود، وإلا فإن إسرائيل يمكن أن تشن هجوماً محدوداً، تؤدي إلى تمركز لقوات عسكرية إسرائيلية داخل الحدود اللبنانية، مواقف الإدارة الأمريكية تشي بأنها يمكن أن تستوعب عملية عسكرية محدودة تقوم بها إسرائيل.
فشلت مهمة عاموس هوكشتاين، واستمر الوضع على حاله بعد جولاته ما بين بيروت وتل أبيب، واستمرت الدبلوماسية الأمريكية كعادتها مخادعة وداعمة لإسرائيل دعماً مطلقاً، تطلق التهديدات للبنان، وتعبر عن القلق بشأن التصعيد على الحدود، لكنها بقيت تؤكد على استمرار دور الدبلوماسية الأمريكية في محادثات مكثفة لمحاولة تجنب تصاعد الصراع إلى فقدان السيطرة، وتصبح حرب الطوفان حرباً إقليمية، و تتسع المواجهة وتمتد لتضم أطرافاً أخرى، تسير هذه الدبلوماسية وراء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي تفضل الآن الحل الدبلوماسي مما يشي بخوفهم من قدرات «حزب الله» التي تظهر عبر عملياته العسكرية التي تؤكد قدرة الحزب على استهداف كافة المواقع الإسرائيلية.
إن وقعت الحرب فإن «حزب الله» يملك قدرات تجعله قادراً على تحديد الأهداف وإصابتها بدقة، وإذا شنت عليه الحرب فهو مستعد لها، ووفقاً لتقارير استخباراتية أمريكية وإسرائيلية، قام الحزب بتخزين ذخائر وصواريخ موجهة منذ سنوات، تعجز القبة الحديدة عن التصدي لها، كما تعجز عن اكتشاف الطائرات المسيرة وإسقاطها، وهذا ما أكدته مسيرة الهدهد بما حمله من معلومات تشير إلى أن هذه المرة ستكون بنيته التحتية خصوصاً الحيوية منها تحت مرمى نيران المقاومة، إذا أقدم على ما أسماه إعادة لبنان إلى العصر الحجري، فالعدو مردوع مسبقاً، وبكل الأحوال حكومة الحرب الإسرائيلية لا يمكن لأحد أن يأمن جانبها بسبب حماقتها ودمويتها، ورغبتها في استعادة استراتيجية الردع التي تآكلت بعد عملية طوفان الأقصى.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تونس: ملايين الناخبين يصوتون لاختيار رئيسهم الجديد وقيس سعيّ
.. هل تباغت إسرائيل أميركا بضرب منشآت إيران النووية؟
.. خليل العناني: هناك تغير إقليمي قادم وأمريكا لم تعد قوة عظمى
.. غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
.. الكوفية حاضرة في مهرجان وهران الجزائري