الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تحول مرعب
عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
2024 / 6 / 30
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
تحولات مرعبة
في السادس من حزيران/يونيو عام 1998 وهو العيد الوطني للسويد، كنت بين بضع مئات من سكان ستوكهولم جرى الأحتفال بنا في مبنى بلدية العاصمة ك "سويديين جدد"، بعد حصولنا في ذلك العام أو آواخر العام الذي سبقه على الجنسية السويدية.
كأنسان ذو انتماء فكري يعلي الأممية وأخوة البشر على الأنتماءات الأخرى كنت أشعر بالأرتياح أن يجري الأحتفال بي كمواطن في بلد أقمت فيه نحو ستة أعوام، بعد أن عشت مطاردا في وطني الأم، الذي تذوقت في معتقلاته صنوفا من التعذيب، ربما لم يكن لها مثيل في البلدان الأخرى. انتابني إحساس بأن كرامتي التي لم أفرط بها رغم التعذيب والملاحقة قد انتعشت ووجدت بيئة تحترمها وتصونها. إحساس بأن الأنسانية تمضى في إرتقائها نافضة الأفكار والممارسات البغيضة التي ترفض المساواة بين الأجناس والأعراق، وتصنف البشر على أساس لون بشرتهم، أو معتقداتهم، وتبجل بعض الأجناس والأعراق ومعتقداتها، وتتعامل مع أخرى بازدراء وأحتقار، ترجم في بعض المراحل مساع للتصفية والإبادة، لما صنف عنصريا بأعراق متدنية تحمل مخاطر تلويث الأجناس الراقية التي لها الحق في هندسة الحياة على كوكبنا الأزرق.
كانت فقرات الحفل الذي أقيم في ذات الفناء الذي يقام فيه الحفل السنوي للحاصلين على جائزة نوبل، في مختلف الحقول، ممتعة جدا، مزجت بين الفن السويدي وفنون شعوب القارات الأخرى، ارتفع في إحداها موشح "لما بدى يتثنى" بتوزيع هارموني أوركسترالي، بما أشعرني باحترام منحدري الأثني وثقافتي، الأم الثقافة العربية.
اليوم في ذات الشهر الذي أمتلأت فيه بتلك الأحاسيس الجميلة قبل أكثر من ربع قرن، وفي مرحلة الشيخوخة، يعاودني الشعور بالأغتراب في المجتمع الذي منحني شعورا بالأطمئنان والأنتماء، في الوطن الذي أعتبرته من كل قلبي انه وطني الثاني.
عدت غريبا مع تعاظم شعبية التوجهات السياسية التي تعتبر أن مواطنة السويدي ذو الأصول الأجنبية ليست حقا أنسانيا لا يمكن مناقشته فضلا عن إلغائه، أنما هي هدية لغريب، يمكن حرمانه منها في حال لم يبد ولاءً كاملا لما يسمى بالقيم السويدية القائمة على ما يوصف ب "الثقافة المسيحية"، ويقبل إهانة معتقدات المجتمعات التي انحدر منها، واعتبار الأحتجاج على ذلك تطرفا يتعارض مع حرية التعبير، توجهات تعتبر إبداء السخط على جرائم الأبادة الجماعية في فلسطين، معاداة للسامية ودعما للأرهاب.
خلال ربع قرن، نضى المجتمع السويدي عنه ثوب التسامح والتعددية الثقافية، والوقوف إلى جانب القضايا العادلة التي تنصف المرأة والطفل، والمضطهد فكريا وسياسيا وعقائديا، وعاد إلى أرتداء ثوب التفوق العرقي - الثقافي. الأمر الوحيد الذي بقى المجتمع السويدي متفقا عليه وعلى دعمه، هو إعلاء قضية المثلية الجنسية، حقوق المثليين والمتحولين جنسيا. أما قضايا حقوق الأنسان الأخرى، فقد عادت إلى الأرتباط بلون بشرته، ومعتقده، تتقلص كلما دكن لونه، وتتسع بمقدار بياض بشرته وزرقة عينه. حتى قتل الاف الأطفال، وتشريد وتجويع وترويع مئات الآلاف منهم، ما عاد يهم المواطن السويدي العادي، كون الأطفال الضحايا ليسوا بيضا بما يكفي، وكون آبائهم وربما أمهاتهم يعتنقون المعتقدات الخطأ.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل يصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً عن الشريك الجنسي مستقبلاً؟ |
.. أمن وسلامة قوات اليونيفيل بلبنان في خطر متزايد
.. إسرائيل: هل يفتح عرب 48 جبهة في الداخل؟ • فرانس 24 / FRANCE
.. هل تفشل العملية الإسرائيلية البرية في الجنوب اللبناني؟
.. بوتين: العلاقات مع إيران -أولوية- بالنسبة لروسيا