الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتانة التاريخ وصناعة الأقزام

داود السلمان

2024 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صنع لنا التاريخ شخصيات هائلة، واضفى عليها طابع المروءة والبسالة، وهي في القاموس الإنساني لا قيمة حقيقية لها، ولا تمت بأي صلة للأخلاق الإنسانية، والمعايير الاعتبارية. شخصيات أقل ما نريد أن نطلق عليها تسمية، هزليّة، أقزام تتحرق وفق غريزة التسلط الاستعلاء، وترهيب البشر، والعبث بكرامة الإنسان وسلب حقوقه، تحت مسميات لا تصمد أمام الرأفة والأناة والرفق، فعلت الأفاعيل واستهزأت بقيمة الإنسان وكينونته، فراحت تقتله وتهتك عرضه وتبيح دمه، وتفعل به ما تروم، وما تريد. الشخصيات هذه صدّق بوجودها الكثير- يا للأسف الشديد- وأعدّها حقيقة ساطعة لا غبار عليها، و وجودها ضرورة تاريخية، تغيّر المسار بما يرغب إنسان اليوم، الذي أيقن بترهات التاريخ واباطيله، بما فيهم دعاة الثقافة، والوعي، والمعرفة، والفلسفة، وحملة رماد التاريخ لذره في عيون المعارض لأفكارهم البالية، وعقليتهم الساذجة الهشة، وتفكيرهم المحدود، حتى انبطح الكثير أمام هذا الزيف، فطفق يستنهض التاريخ ويغرف من نفاياته التي تزكم الأنوف، ويفرّ منها الإنسان السويّ الذي يأبى شم روائح العفونة، والأولى به شم الرياحين.
التاريخ كتبته أيادٍ مُقربة من السلطان، هدفها التملق والحصول على المكاسب، المادية والمعنوية، غير ملتفتة إلى التاريخ ذاته، وما سيكتبه عنهم ويفضحهم، وما يذكره عن سيرة أناس لطخت أياديها بتسويد صفحات ملأتها بالأكاذيب والترهات والاباطيل. والساذج، الساذج من يصدق بالتاريخ، وما جاء به من تناقضات، وظلم وتعسف، وحكايات يرفضها العقل والمنطق السليم، ويبني عليه مستقبله الذي هو مستقبل شعوب، وآمال أمم تريد النهوض إلى الأمام، لتتصل بالركب الحضاري الذي تتسابق عليه الدول العظمى، كالصين وكورية الشمالية واليابان والألمان والولايات المتحدة الامريكية.
الدول العظمى هذه تنظر إلى الأمام، كي تصنع المستقبل الزاهر لمواطنيها، ونحن ننظر للخلف، نستقرأ التاريخ ونتصفح سيرة شخصيات لا ندرك حقيقة وجودها، إدراكا مبني على العقل، بهدف أخذ العبرة منهم، لنصنع مستقبل من وهم، وأمل ضارب جذوره بمهب الريح، فتقدمت الدول تلك، ونحن تأخرنا الف سنة ضوئية.
حان اليوم الذي يجب أن نغيّر فيه نظرتنا للتاريخ، التاريخ نقرأه فحسب للتسلية وقتل الفراغ، مع احتفاظي بكلمة "فراغ" لأنّ الإنسان المعاصر ليس لديه فراغ، فهو: يصنع وينتج، ويفكّر ويبتكر. الذي يشعر بالفراغ هو العاجز المتكاسل، والذي ليس له قابلية على النظر للأمام بعمق، ليصنع ما يصنعه الآخرون وينتج كما ينتجون، كي يشعر بقيمته الانسانية، وبوجوده في هذا الكون الشاسع، لا يأكل كالحيوان، وينام كالحيوان الأصم، ويجتر كما يجتر، أليس نيتشة طالب بالإنسان المتفوق السوبرمان، ما عناه ذلك الفيلسوف هو أقرب ما نعنيه نحن، لا عين ما قاله ذلك الألماني المتكبر المغرور.
وللمقال بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض